2024-11-28
الانهيارات الأرضية في اليمن: كارثة إنسانية تتطلب حلولاً مستدامة
قبل شهرين تقريبا خيّمت أجواء من التوتر على العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية على خلفية الاتهامات المتبادلة بعد خروج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فيديو أثار عاصفة في البيت الأبيض، يتحدّث فيه عن قيام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بحجب صفقة أسلحة كانت مقرّرة لإسرائيل، الأمر الذي شكّل صدمة وخيبة وأثار موجة من الاستياء والغضب في أوساط الإدارة، قيل آنذاك بسبب عدم دقة المعلومات التي قدّمها نتنياهو.
إحراج واشنطن
قُرئت تلك التصريحات على نطاق واسع بكونها “تكتيكا سياسيا” من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر بالضغوط داخليا وخارجيا لتوظيف تلك الخلافات وتصديرها إلى العلن للظهور بمظهر البطل، ومن أجل تعزيز صورته قائدا صلبا ومتمنعا قادرا على توجيه الولايات المتحدة لخدمة مصالح إسرائيل، لعب نتنياهو كعادته على الجانب العاطفي مؤكدا أنه مستعد لتحمّل هجمات شخصية شرط أن تتلقى إسرائيل من الولايات المتحدة السلاح الذي تحتاج إليه في حربها من أجل الحفاظ على وجودها.
بهذه العبارات، أعاد نتنياهو إلى الأذهان خطابا متلفزا ألقاه في 25 أكتوبر الماضي، حين استدعى خلاله نصوصا دينية توراتية وتعهد بتحقيق “نبوءة إشعياء” قائلا: “سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر”.
وفي الواقع ساهمت عدة أسباب في جعل نتنياهو يحرجُ الإدارة الأمريكية بتصريحاته عن الأسلحة والضغط عليها وانتقادها بخصوص شحنات أسلحة لإسرائيل، إلى الضغط عليها ووصل الأمر إلى درجة ابتزارها وتجاوز الخطوط لقوانينها:
-يمثل العامل الديني حجر الأساس الأهم في مصادر الدعم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتؤمن الكثير من الجماعات الإنجيلية بضرورة التعجيل بسيطرة إسرائيل الكاملة على كل أرض فلسطين المقدسة، إيمانا منها بأن هذا يسرع في عودة المسيح الثانية.
ويذكر والتر راسييل مييد، الكاتب الشهير بصحيفة وول ستريت جورنال، “أن التأييد الأميركي البروتستانتي لليهود وإسرائيل وجد قبل أن يطأ اليهود الدولة الأميركية الناشئة، وقبل أن تتأسس دولة إسرائيل”.
ويرى مييد أن الأميركيين الأوائل من المتدينين البروتستانت كانوا يؤمنون بأنهم شعب مختار، وأن مسيحيتهم هي المسيحية الأفضل والأصح، وأن تأسيس الدولة اليهودية في إسرائيل يثبت أنهم شعب مختار أيضا مثل اليهود، وأن الرب يبارك أمريكا، وأنهم مباركون من الرب، وأن نجاح الإسرائيليين هو نجاح للأمريكيين.
-لا يقتصر الدعم الأمريكي لإسرائيل على البعد الديني فقط بل هو متصل اتصالا وثيقا بتأثيرات ودور اللوبي اليهودي في المشهد السياسي الأمريكي، ويعتبر البروفيسور جون مميرشايمر الأستاذ بجامعة شيكاغو، وستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، في كتابهما الشهير “اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية” أن دور اللوبي لا يقل أهمية عن البعد الديني، بل يكمل بعضهما البعض، ويخدم كلاهما الأخر.
وعرف الكاتبان اللوبي الإسرائيلي بأنه تحالف فضفاض من أفراد ومنظمات يعمل بنشاط على تسيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة في تجاه إسرائيل.
وترجع هذه الرؤية لجماعات الضغط اليهودية الفضل في العلاقة الحميمة بين إسرائيل والولايات المتحدة التي نشهدها اليوم.
ويتشكل اللوبي في جوهره من اليهود الأمريكيين الذين لا يتوقفون عن جهود تسيير السياسة الأمريكية وفق المصالح الإسرائيلية.
ولا تقتصر تلك الجهود على مجرد تمويل المرشحين الموالين لإسرائيل، بل يتعداه إلى ممارسة الضغوط على جماعات المصالح الخاصة وعلى الكونغرس والبيت الأبيض والإعلام.
وفي المقابل نجد أن الجماعات المعنية بالمصالح العربية ضعيفة وربما غير موجودة على الساحة، الأمر الذي يزيد سهولة مهمة اللوبي الإسرائيلي.
-لا يكتمل الحديث عن عمل اللوبي دون التطرق إلى واحد من أقوى الأسلحة، وهو الاتهام بمعاداة السامية. فإن أي شخص ينتقد أفعال إسرائيل، أو يتجرأ على القول إن الجماعات الموالية لإسرائيل، تؤثر في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أو حتى مجرد القول إن اللوبي الإسرائيلي سيجد نفسه موصوما بتهمة معاداة السامية.
واعتبارا من هجمات 11 من سبتمبر2001، أصبح مبرر الدعم الأمريكي لإسرائيل الزعم بأن كلتا الدولتين تواجهان تهديد “الجماعات الإرهابية” التي تنطلق من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ومجموعة من “الدول المارقة” التي تدعم الإرهابيين.
-مهما بلغت حليفتها إسرائيل أقصى درجة من القتل بوحشية في حق الفلسطينيين الأبرياء والتدمير المروع والممنهج لكل مرافق الحياة في قطاع غزة المحاصر وسط تمرّد غير مسبوق على القانون الدولي والأعراف الإنسانية، فإن الولايات المتحدة ستظل كما جرت العادة، ملتزمة بدعم الكيان الصهيوني وتفوقه العسكري الحاسم في المنطقة منذ اللّحظة الأولى من إعلان قيامه عام 1948 في حقبة الرئيس الأمريكي هاري ترومان.
-تعامل الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع إسرائيل بكونها ذخرا استراتيجيا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وحليفا حاميا لمصالحها في منطقة ملغمة بالأعداء، وبالتالي تمثل الولايات المتحدة شريان الحياة للكيان الصهيوني، فهي تزوّده بكل ما يحتاجه من موارد وأسلحة، وأي خلاف أو انقطاع مؤقت في العلاقة بينهما يقلص من أسباب الحياة عن الكيان الإسرائيلي، حيث تبدو تل أبيب ضعيفة ومهزوزة عند كل تأخير في شحنات الأسلحة.
-موقف إدارة بايدن من أحداث السابع من أكتوبر 2023 خصوصًا أنها تبنّت الرواية الإسرائيلية منذ البداية وصرحت بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأبدت تضامنها التام والكامل، بدءًا بالرئيس بايدن ووزيري خارجيته ودفاعه أنتوني بلينكن ولويد أوستن بالإضافة إلى المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية كامالا هاريس التي أعلنت عدم تأييدها فرض حظر أسلحة على إسرائيل وهو تصريح وصف بالنادر من فريق حملتها الانتخابية بشأن برنامجها في الشرق الأوسط.
ضغوط دولية
في ظل مواصلة الولايات المتحدة سقوطَها الأخلاقي المدوي دعما كليا وشاملا، وشراكة للكيان الصهيوني، وتعمّدها التعامي عن جرائمه التي فاقت حدود العقل والأعراف الدولية والإنسانية في النزاعات والحروب، وارتفاع التكلفة البشرية الباهظة في قطاع غزة الذي بات أخطر مكان في العالم بسبب الكم الهائل من القذائف، والقنابل الحارقة، والخارقة للتحصينات، أمريكيّة الصنع والمُحرّمة دوليا، المُلقاة من طائرات جيش الاحتلال، فوق رؤوس سُكان القطاع، لتحصد أرواحهم، وتحول أجسادهم أشلاءً، دون إغاثة أو دواء أو علاج للجرحى الناجين من الموت، تصاعدت الدعوات العالميّة لتقييد أو وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل ضمن سياقات سياسية وقانونية وضغوط منظمات أممية وهيئات المجتمع الدولي:
-تبنى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أمريكي يدعم خطة وقف إطلاق النار في غزة، وتطبيقا غير مشروط للصفقة المقترحة التي أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وينص مشروع القرار الأمريكي على “وقف إطلاق نار دائم والانسحاب التام من غزة، وتبادل الأسرى والإعمار، وعودة النازحين، ورفض أي تغيير ديمغرافي للقطاع”.
-تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، ودعا القرار إلى محاسبة إسرائيل على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في قطاع غزة، وذلك بأغلبية 28 صوتا مقابل اعتراض 6 دول وامتناع 13 عن التصويت.
-أوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
-تنبيه عدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، إلى احتمال انتهاك إسرائيل للقانون الدولي الإنساني خلال الحرب التي تخوضها في قطاع غزة.
وجاء في مذكرات داخلية أُرسلت إلى وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، أن أربعة من مكاتب الوزارة، وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، والسكان، واللاجئون والهجرة، والعدالة الجنائية الدولية، عبّرت عن “قلقها العميق بشأن عدم التزام” إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني في غزة وإساءة استخدام الدعم الأمريكي.
وقالت المكاتب، في مذكرتها إنه “لا مصداقية ولا يمكن الوثوق” بالتصريحات الإسرائيلية حول عدم استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية بما يتعارض مع القانون الدولي.
-توقيع رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة والنائبة الحالية نانسي بيلوسي في شهر أبريل الماضي على رسالة موجّهة من عشرات الديمقراطيين في الكونغرس إلى الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن يطالبون فيها بوقف عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل.
وحملت الرسالة توقيع 40 نائبا ديمقراطيا، وجاء فيها “بالنظر إلى الضربة الأخيرة على موظفي الإغاثة والأزمة الإنسانية التي تزداد سوءا، نعتقد أنه من غير المبرر الموافقة على عمليات نقل الأسلحة هذه”.
وأظهر دعم بيلوسي لوقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل، أن هذا هو الموقف السائد بشكل كبير داخل الحزب الديمقراطي.
ونانسي بيلوسي حليفة رئيسية لبايدن، ومن الأعضاء المخضرمين في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي.
-مساعي عشرات من مندوبي الحزب الديمقراطي إلى إجراء تغييرات في برنامج الحزب، ويخططون للضغط من أجل فرض حظر على توريد الأسلحة لإسرائيل.
وتقول المجموعة المؤيدة للفلسطينيين، التي تطلق على نفسها اسم “مندوبون ضد الإبادة الجماعية”، إنها ستمارس حقوقها في حرية التعبير خلال الأحداث الرئيسية في المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة شيكاغو الأمريكية التي تعيش على وقع تظاهرات حاشدة للمطالبة بوقف تسليح كيان الاحتلال وإنهاء الحرب على قطاع غزة.
-توقيع أكثر من 160 منظمة إنسانية وجماعة حقوقية على دعوة لفرض حظر على الأسلحة، صدرت لأول مرة في 24 يناير الماضي، وانضم موقعون جدد بعد أن قتلت غارات جوية إسرائيلية 7 أعضاء في قافلة مساعدات “وورلد سنترال كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي)، مما سلط الضوء على مخاطر العمليات الإنسانية في غزة.
-اعتبار عشرات الخبراء الأمميين أن أي نقل للأسلحة أو الذخيرة إلى إسرائيل محظور حتى إذا لم تكن الدولة المُصدرة تنوي أن تُستخدم الأسلحة في انتهاك القانون، أو تعلم يقينا أنها ستُستعمل بمثل تلك الطريقة، طالما وجد خطر واضح لذلك.
استرضاء الكيان
تحت وطأة هذه الكومة من الضغوط الكبيرة، أوهمت إدارة بايدن العالم بأنها تعمل على كبح جماح إسرائيل في إدارة الحرب على غزة إعلاميًا، بإرغامها على حماية المدنيين ومراعاة القانون الدولي والإنساني، فلجأت إلى تعليق أو إبطاء إرسال بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل وهو الإجراء الثاني من نوعه في تاريخ العلاقة بين الجانبين منذ حقبة الرئيس رونالد ريغان عام 1982 حين تم الحظر بصورة مؤقّتة على توريد طائرات.
وأتى ذلك الإجراء الأمريكي بعد سلسلة طويلة من التحذيرات التي لم تستجب لها حكومة نتنياهو لكنها عمليًا ظل تحرك إدارة بايدن مجرد كلام ولا يرقى إلى مستوى إجراء فعلي، بل عادت وتراجعت عقب جملة من الاحتجاجات في الكونغرس تمت بتحريض من اللوبي اليهودي، مؤكدة أنها لم تتخذ قرارا نهائيا بعد بشأن شحنة الأسلحة التي تم تجميدها، مع تأكيد مسؤولي الإدارة الأمريكية أن التزامهم بأمن إسرائيل ثابت ولا يتزعزع.
بل إن الرئيس بايدن طلب من كل الإدارات والمؤسسات الأميركية أن تبذل ما في وسعها لضمان أن تهزم إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتزامنت هذه الخطوة مع تقرير صدر عن الخارجية الأمريكية، بمساهمة من البنتاغون والبيت الأبيض، أكد أن شبهة مخالفة القوات الإسرائيلية القوانين الأمريكية والدولية والإنسانية باستخدام السلاح الأمريكي “ليست مؤكدة”.
وزيادة في تجهيل القرار وتمييعه لتجنب إدانة إسرائيل، زعم التقرير أن الإدارة الأمريكية لم تتوفر لديها “المعلومات الكافية” للتأكد مما إذا كانت إسرائيل استخدمت الأسلحة الأمريكية في هذه الانتهاكات.
ورغم أن هذا التقرير حاول استرضاء الكيان، والتخفيف من قرار حظر بعض أنواع الأسلحة، فإنه يتناقض مع الإقرار الصريح للرئيس الأمريكي -في مقابلته مع شبكة سي إن إن- بأن الاحتلال استخدم الأسلحة الأمريكية لقتل المدنيين بغزة.
صفقة ضخمة
على أرض الواقع كافأت الإدارة الأمريكية نتنياهو عبر تكريمه تكريم بإلقاء خطاب أمام الكونغرس في توقيت حرج يتعرض فيه لأكبر حجم من الضغوط السياسية والشعبية بالإضافة إلى التداعيات الدبلوماسية والقانونية لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
وفي ظل إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على تجاوز قواعد الاشتباك القائمة منذ 7 أكتوبر 2023 لأنه يراهن على الخيار العسكري لتحقيق أهدافه السياسية وأهداف إسرائيل الاستراتيجية، سارعت واشنطن الولايات المتحدة للموافقة على صفقة سلاح ضخمة لإسرائيل تبلغ تكلفتها أزيد من 20 مليار دولار.
وتشمل صفقة التسليح مقاتلات أميركية من نوع “إف-15″، التي توصف بأنها ملكة الأجواء. وهي مقاتلة متعددة المهام تعمل في جميع الأحوال الجوية، وهي اعتراضيه هجومية، وتعد الدول الحليفة للولايات المتحدة الأميركية من أكثر مستخدميها.
وزيادة على كل ذلك، يملك هذا النوع من المقاتلات أنظمة إلكترونية وأنظمة تحكم وأسلحة تمكنها من تتبع ومهاجمة طائرات العدو في أثناء العمل في المجال الجوي، إضافة إلى قدرتها الفائقة على المناورة والتسارع من خلال الخصائص التقنية التي تتميز بها.
وتشمل صفقة التسليح ذخائر دبابات عيار 120 ملم ومركبات تكتيكية وصواريخ “أمرام” المضادة للطائرات ومدافع هاون شديدة الانفجار.
في أول بيان بعد إعلان الصفقة الضخمة، أكد بيان لوزارة الخارجية الأمريكية أن “الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، ومن المهم للمصالح الوطنية مساعدة إسرائيل على تطوير قدرة قوية والحفاظ عليها، وأن تكون جاهزة للدفاع عن النفس”. وأوضحت أن صفقة التسليح تتوافق مع هذه الأهداف.
واعتبر باحثون أنه بإعلان هذه الصفقة الضخمة وفي هذا التوقيت تحديدا تكون إدارة بايدن قد تجاوزت عقيدة دعم الكيان الصهيوني عسكريا واستراتيجيا -رغم كل المآخذ المعلنة عليه- بوصفها حليفا عسكريا رئيسيا في منطقة الشرق الأوسط، نحو إعطائه غطاء لمواصلة جرائمه المروعة على الأرض وضدّ الإنسان الفلسطيني
تؤكد الصفقة مجددا طبيعة العلاقة الإستراتيجية-التاريخية المقدسة بين الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، وأن هذا الكيان كان وما زال وسيظل في المدى المنظور حجر الزاوية في السياسة الأميركية في المنطقة”، ولا تؤثّر في هذا التحالف أي خلافات تطفو على السطح.
دعم تاريخي
بلغة الأرقام، تعدّ إسرائيل أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ووفقا للمؤشرات الرسمية الأمريكية، بلغت المساعدات الإجمالية المقدّمة من الولايات المتحدة لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023 نحو 158.6 مليار دولار.
وحسب بيانات “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” فإنّ حجم المساعدات أكبر بكثير مما جاء في التقديرات الرسمية، إذ وصل إجمالي المساعدات الأميركية الملتزم بها لإسرائيل في الفترة ذاتها نحو 260 مليار دولار.
ومعظم المساعدات الأمريكية لإسرائيل تذهب إلى القطاع العسكري، وقد بلغ حجم المساعدات الأميركية العسكرية لإسرائيل فيما بين عامي 1946 و2023، حسب التقديرات الأمريكية الرسمية، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.
وفي السنوات الأخيرة وتحديدا سنة 2016 وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل مذكرة تفاهم ثالثة مدتها 10 سنوات تغطي الفترة من 2018 إلى 2028 وتنص على تقديم 38 مليار دولار في صورة مساعدات عسكرية و33 مليارا على شكل منح لشراء عتاد عسكري و5 مليار دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي.
كما تلقت إسرائيل 69% من المساعدات الأميركية العسكرية لها في الفترة من 2019 إلى 2023، وفقا لبيانات أصدرها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في مارس الماضي.
وتمضي إسرائيل في شراء 75 طائرة من إف-35، وتسلمت 36 منها حتى العام الماضي ودفعت ثمنها بمساعدة أمريكية، إلى جانب أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل على تطوير منظومة القبة الحديدية للدفاع الصاروخي قصير المدى، الذي طُور بعد حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وأرسلت الولايات المتحدة مرارا مئات الملايين من الدولارات إلى إسرائيل للمساعدة في إعادة التزود بصواريخ الاعتراض الخاصة بنظام القبة الحديدية، إلى جانب مساعدتها أيضا في تمويل تطوير نظام “مقلاع داود” الإسرائيلي المصمم لإسقاط الصواريخ التي تطلق من مسافة 100 إلى 200 كيلومتر.
ووفق تقارير إعلامية أن إدارة بايدن منذ السابع من أكتوبر الماضي وافقت على أكثر من 100 صفقة سلاح وسلمتها لإسرائيل بأوامر تنفيذية دون أن تمر على الكونغرس، بما فيها آلاف الذخائر الموجهة، والقذائف الخارقة للتحصينات، وغيرها من المساعدات الفتاكة.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن الرقابة العامة على المساعدات العسكرية لإسرائيل تصاعدت في أعقاب هجوم “طوفان الأقصى”.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة ظلت تحتفظ بمخزون من الأسلحة في إسرائيل منذ عام 1990، مع إعادة توجيه بعض القذائف المخزونة إلى الجيش الإسرائيلي بعد هجوم “طوفان الأقصى”.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن تفاصيل العديد من الصادرات العسكرية ليست علنية، مما يجعل من غير الواضح كم من عمليات النقل الأخيرة تمثل إمدادا روتينيا، في مقابل التصعيد الذي يهدف إلى تجديد الذخائر المستخدمة في القصف الإسرائيلي لغزة.
عجز وخسائر
برغم كل هذا الدعم الأمريكي العسكري السخي لإسرائيل، فإن الأخيرة ما تزال عاجزةً عن تحقيق أهدافها المعلنة بعد مرور أكثر من 10 أشهر من شن حربها الوحشية على قطاع غزة.
وحسب تقديرات محللين عسكريين وسياسيين فإن جيش الاحتلال يجد صعوبة في حسم قرار سير المعارك، وآليات تحرير المحتجزين لدى (حماس).
وتأتي هذه التقديرات في وقت تكشف فيه المؤسسة العسكرية عن أرقام بشأن الخسائر البشرية التي لحقت بالجيش في قطاع غزة، حيث تجاوزت حصيلة قتلاه 690 جنديا وضابطا، بينهم 330 بالمعارك البرية في قطاع غزة.
وتأتي هذه الأرقام في وقت تُتهم فيه تل أبيب بالتكتم على الحصيلة الحقيقية لقتلاها وجرحاها في قطاع غزة، بينما يقول مسؤولون إسرائيليون في أكثر من مناسبة، إن الجيش يدفع “أثمانا باهظة” في معاركه داخل القطاع، ويخوض “قتالا شرسا” مع مقاتلين فلسطينيين.
ووفق معطيات رسمية، فإن قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية، استقبل 10 آلاف و56 جنديا جريحا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، بمعدل أكثر من ألف جريح جديد كل شهر.
وقالت الوزارة إن 35% من الجرحى الجنود يعانون القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، و37% يعانون من إصابات في الأطراف.
وتؤكد هيئة البث الإسرائيلية أن 68% من الجنود الجرحى هم من جنود الاحتياط ومعظمهم من الشباب، حيث إن 51% تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما، و31% تتراوح أعمارهم ما بين 30-40 عاما.
وتابعت الهيئة أن حوالي 28% من جميع الجرحى أفادوا أن التأقلم العقلي هو إصابتهم الرئيسية.
في ظل تعقيدات الحرب يعتقد كثيرون داخل إسرائيل أنه حان الوقت لنزول الاحتلال من الشجرة”، في اعتراف ضمني أن الجيش لم يحقق أهداف الحرب، وأن حكومة نتنياهو تتخبط بشأن الحسم بملف المحتجزين.
من الناحية العملية يعتقد مراقبون أن المتابع لا يحتاج إلى أن يكون ضابطا بالجيش برتبة لكي يلمس الفجوة في الحقائق والوقائع الميدانية والتوقعات العالية المغروسة في عقلية الجمهور الإسرائيلي”.
فوفقا لما هو متداول تجدُ المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل صعوبةً في إخراج الحقيقة من حناجرها، ورغم كل العتاد العسكري الضخم، لم يتمكن جيش الاحتلال حتى الآن من إنجاز أي أهداف حقيقية تُذكر من وراء حرب غير متكافئة، والأهم أن المقاومة الفلسطينية تقف في وجه كل تلك الترسانة ببسالة وشجاعة منقطعة النظير.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
2024-10-14 03:09:27
الرئاسي والحكومة.. أسود على الجيش نعام على المليشيات
2022-11-30 09:33:59
الوطن يغرق على نغم في ضفاف النيل
2022-11-14 05:01:41
في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد