إلى متى ستبقى حقوق وحريات المواطنين في اليمن مرهونة لأجندات الميليشيات؟

2024-08-19 01:33:47 أخبار اليوم_ بلقيس نت

   

تُظهر التطورات الأخيرة مأساة المجتمع المدني الذي يعاني من الانتهاكات المستمرة من قِبل الميليشيات. حيث تتعرض هذه الحقوق لحملات قمع منهجية، واعتقالات تعسفية، وإغلاق قسري للمنظمات، ومنع الفعاليات، وإغلاق الفضاء العام. هذه المشاهد المؤلمة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الواقع اليومي في بلد أنهكته الحرب.

يعكس هذا التغيّر انتهاكاً صارخاً للحريات الأساسية للمواطنين، إذ يمتد تأثيره السلبي ليقوض أي أمل في تحقيق السلام والاستقرار، مما يُركّز المجتمع اليمني في حالة من الشلل والعجز. ويتجاوز هذا الأمر الصراع على السلطة ليشمل صراعاً حول الهوية والرؤية المستقبلية لليمن.

تسعى الميليشيات، التي تتحرك وفق أجندات سياسية وأيديولوجية ضيقة، إلى فرض رؤاها بالقوة، مما يؤدي إلى قمع أي صوت مستقل أو معارض. هذا السلوك لا يُضعف المجتمع المدني فحسب، بل يُهدد مستقبل اليمن بشكل شامل.

تكرار السيناريو

أشار الدكتور عادل دشيلة، الباحث السياسي، إلى أنه كان لدينا نظام دولتنا الموحد، مع رئيس واحد ومنظومة مؤسساتية ومدنية تعتبر مقبولة. ولكن منذ أن ظهرت ميليشيا الحوثي الإرهابية، تم تدمير كل ذلك، وتحولت المناطق التي تحت سيطرتها إلى مناطق مغلقة.

وأضاف: يسعى المجلس الانتقالي إلى تكرار نفس السيناريو الذي اتبعته ميليشيا الحوثي، فعلى من أسس المجلس الانتقالي ومن وضع السلطة في يد الحكومة، السيطرة على مجريات الأمور. لذا، يصح القول إن المجلس الانتقالي يعادل ميليشيا الحوثي من حيث النهج.

وتابع: "في الجنوب، هناك ممارسات خاطئة للانتقالي، وهناك فهم للعملية السياسية على أنها مؤسسة مدنية أو إنسانية لخدمة أهداف المجلس الانتقالي".

وأردف: "الخطاب المزدوج للانتقالي تجاه مجلس القيادة الرئاسي، ومؤسسات الدولة، كان واضحا، بأن هؤلاء عبارة عن ضيوف في هذه المنطقة، وليسوا مؤسسات دولة".

وزاد: "الانتقالي يسعى للاستحواذ على السلطة والثروة بالقوة العسكرية، إلا أنه غير قادر على فرضها بالقوة، كما فعلت ميليشيا الحوثي في المناطق الشمالية، في الوقت الراهن".

وقال: "من أوجد لنا هذا العبث في المناطق المحررة هو التحالف، ومن أوجد لنا ثمانية رؤساء هو التحالف، ومن أوجد ميليشيا الانتقالي هو التحالف".

وأضاف: المجلس الانتقالي هو من ضمن الأسباب التي أدت إلى وقف العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي، وهو ما يعني أن الانتقالي يتخوّف من الانتصار على المشروع الحوثي؛ لأنه يرى أن ذلك سينهي مشروعه".

وأشار إلى أن "عيدروس الزبيدي قال، في إحدى مقابلاته، إنه مستعد أن يتحاور مع الحوثي، إذا كان سيفرض القوة في الشمال، وهو في الجنوب، ولهذا هو لم يستطع أن يفرض مشروعه بالقوة العسكرية، إنما يحاول أن يظهر نفسه على أنه الممثل الوحيد والشرعي لأبناء المناطق الجنوبية".

- طبيعة المجلس

يقول الصحفي عبدالعزيز المجيدي: "إن تصرفات المجلس الانتقالي لها علاقة بطبيعة المجلس نفسه، فهو تأسس باعتباره ممثلا للتيار الانفصالي في المناطق الجنوبية، وأيضا في سياق دعم إقليمي، من أجل الحصول على مكاسب وامتيازات المناطق التي تم السيطرة عليها بعد طرد ميليشيا الحوثي".

وأضاف: "الانتقالي مُخلص لفكرة أنه هو القوة العسكرية الأساسية الموجودة في الجنوب، التي تشكلت بدعم التحالف العربي، ويعتقد أن القوة العسكرية هي الأداة المثلى التي عليه استخدامها لفرض أجندته وإرادته على الآخرين، وهو ما تم تكريسه بشكل عملي من خلال السيطرة على السلطة في عدن، وبقية المحافظات الجنوبية الأخرى".

ويرى أن "الانتقالي يعبِّر عن هذا المنزع؛ لأنه جاء بدرجة رئيسية وفقا لهذا السياق، وعمليا فهو يرفض الأطراف الجنوبية الأخرى، التي لديها لغة مختلفة وصوت مختلف عن المجلس الذي يطالب حصرا بفرض الانفصال".

وتابع: "الملاحظ أن المجلس الانتقالي وقادته يتحدثون دوما عن الخيارات التي يطالبون بأن تكون في سياق أي مفاوضات قادمة، تتعلق بتقرير مصير الجنوب".

وأردف: "الانتقالي يقرر مسبقا بالنيابة عن الجنوبيين، وفي ظل الدولة اليمنية القائمة، باعتبار أن الكيان القائم لا يزال كيان الجمهورية اليمنية، يذهب الانتقالي لممارسة ما يعتقد بأنها دولة جنوبية خالصة تقع تحت سيطرته وسيادته الكاملة، وأن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة هم مجرد ضيوف لديه".

- مكرمة الانتقالي!

يقول نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح: "ميليشيا الحوثي تسيطر على الشمال، وتفرض كامل سلطاتها دون أن يجرؤ أي مكون من مكونات الشرعية من القوى الشمالية على مزاحمتها في هذه المناطق".

وأضاف: "المجلس الانتقالي يسيطر على محافظات الجنوب، كما قلتم، وهو كما تعلمون بأنه قد أتاح للقوى الشمالية النازحة من صنعاء أن تأتي وتستقر في عدن، مع أن الانتقالي بإمكانه أن يمنعها ويأمرها بالمغادرة إذا أراد، لكنه لم يفعل ذلك، ووقف موقف الشهامة، وقاسمها في مؤسسة الرئاسية، وفي الحكومة، وفي العاصمة عدن".

وتابع: "تقاسم الانتقالي السلطة مع القوى الشمالية هي مكرمة منه، وموجّهة بشكل أساسي لمساعدة هذه القوى على أن تخوض حربها ضد ميليشيا الحوثي، وأن تعمل على تحرير الشمال، وليس مقاسمة المجلس الانتقالي والجنوب في إدارته وإدارة ثرواته، وممارسة أي نشاط سياسي في إطار الجنوب".

وأردف: "ما يتعلق بالطرف الشمالي، في مجلس القيادة الرئاسي، فإن ما هو مسموح لمجلس القيادة والحكومة، من جانب الطرف الشمالي، هو ممارسة كل نشاط موجّه ضد ميليشيا الحوثي، وحشد الطاقات والجهود في هذه المعركة، ونحن معهم بشكل مؤقت، بالإضافة إلى التسيير المؤقت لشؤون الخدمات وإدارة المعارك".

وزاد: "لكن -للأسف- يبدو أن هناك من يعتقد بأنه يتذاكى على الجنوبيين، وأن هذه العودة ستتيح له ممارسة نشاط حزبي، أو سياسي، أو إعادة إحياء مشروع ما يسمى بالوحدة اليمنية في الجنوب، وهو أمر مرفوض بالمطلق".

                       

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد