جريمة اغتيال إسماعيل هنية.. التداعيات والأبعاد والدلالات

2024-08-03 03:13:18 أخبار اليوم / بلقيس نت

   

"اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بغارة إسرائيلية، استهدفت مقر إقامته في طهران"، بهكذا خبر استيقظ العالم العربي والإسلامي، يوم الأربعاء، منددا وأد أحد رموز أحد رموز المقاومة الفلسطينية، منذ سنوات.

إيران، التي تدعي بأنها سترد على جريمة اغتيال هنية، لطالما انكشفت تهديداتها بأنها سرابية، وأكثر من التهديد فهي تستجلب الموت عبر مليشياتها في المنطقة، دون رد حقيقي ومباشر على إسرائيل.

نعي جماهيري وعالمي للقيادي في حركة حماس، إسماعيل هنية، الذي قضى نحبه بعد ساعات من مشاركته احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، فيما تتواصل ردود الفعل المنددة من دول وكيانات سياسية وفصائل متعددة.

بحسب مراقبين، تبدو سياسة التصعيد الإسرائيلية، خلال اليومين الماضيين، خطيرة، ويمكن أن تنذر بإشعال المواجهة في المنطقة بشكل يؤدي إلى عواقب وخيمة.

- الآثار

يقول الباحث الفلسطيني، محمود الخطيب، في حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة بلقيس: "هناك انعكاسات لهذا العمل الغادر، على الشعب الفلسطيني، على صعيد المعنويات، فلا يمكننا إنكار أن هناك حالة من الإحباط والشعور بالضعف والخذلان".

وأضاف: "منذ عشرة أيام، القصف الإسرائيلي مستمر، ولم يتوقف في غزة ولبنان وسوريا والحديدة، واليوم في طهران، وهذه الصورة التي تعطي انطباعا هزيلا عن حالة الأمة العربية والإسلامية، والتي تنعكس بشكل كبير على أهلنا في غزة".

وتابع: "عقب عملية الاغتيال باشرتُ بالتواصل مع الأهل في قطاع غزة، للاستفسار عن الوضع النفسي والمعنوي، وبلا شك أن هناك حالة من الإحباط، ليس حزنا على استشهاد إسماعيل هنية -القائد الشهيد الذي تمنى الشهادة ونالها ونحن سعداء لأجله-، إنما بسبب رؤية هذا المشهد الضعيف والمخزي الذي يملأه الخذلان والنفاق والتواطؤ والخيانة".

وأردف: "هذا الخذلان يُشعر أهلنا في فلسطين بأنهم وحيدون في هذه المعركة، -وهم ليسوا كذلك-، ويشعرهم بأنهم تُركوا ليواجهوا مصيرهم، إضافة إلى أن القائد الشهيد إسماعيل هنية، قد قدَّم الكثير مما يجعل هذا الشعب يحبّه ويتخذه قائدا لهذا المشروع، وفقدانه كبير جدا".

واعتبر أن "اغتيال الشهيد هنية لن يؤثر على مسار المقاومة"، موضحا أنه "لو كان سيؤثر، لأثر اغتيال الشيخ أحمد ياسين، في عام 2004م، وبعدها في أقل من شهر، تم اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، وقبلها وبعدها الكثير من القادة والنُّخب والمفكرين والسياسيين والإعلاميين والمقاومين، وما زالت مسيرة المقاومة مستمرة".

وأكد أن "اغتيال قائد سيولد مكانه ألف قائد"، مشيرا إلى أنه "لولا اغتيال الشيخ أحمد ياسين لما بزغ نجم الرنتيسي، ولولا اغتيال الرنتيسي لما بزغ نجم إسماعيل هنية، وهكذا الدائرة تدور".

وأشار إلى أن "إسماعيل هنية قال ذلك بنفسه، حين قال: توقعوا أن تروني شهيدا فاستمروا ولا تأبهوا بذلك، كلنا مشاريع شهادة، فإذا كان المشتري هو فلسطين والمسجد الأقصى، فإن هذا الثمن رخيص جدا".

وقال: "إذا نظرنا إلى الأمر في سياق أوسع يمكننا رؤية أن إسرائيل قد تغولت في هذه الفترة، خصوصا منذ السابع من أكتوبر، لا سيما بشكل أكبر منذ أسبوعين، حيث زادت حِدة العمليات العسكرية في قطاع غزة بشكل كبير".

وأضاف: "المتابع للتفاصيل في قطاع غزة يدرك تماما، أن هناك تحولا كبيرا في مسار الصراع بقطاع غزة، وفي مسار العمليات، حيث قام المحتل الصهيوني بزيادة الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، وحصر المساحة الجغرافية التي يسمح للمواطنين الفلسطينيين البقاء فيها كـ مناطق آمنة إلى 14% من مساحة القطاع، الذي لا تبلغ مساحته سوى 360 كم مربع".

وأشار إلى أن "المساحة ضيقة جدا، يقطنها الآن ما يزيد عن مليوني فلسطيني، أُجبروا على البقاء في خيامهم إلى درجة أن بعضهم لا يجد المكان الذي يستطيع أن يقيم فيه، حتى وإن وجدت خيمة للعيش داخلها".

- توغل إسرائيلي

يقول الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمن: "حادثة اغتيال القيادي في حماس، الشهيد إسماعيل هنية، تبيّن مدى هشاشة النظام الإيراني، خصوصا الهشاشة الأمنية، وهذا ما أعلنه المدعي العام للعاصمة الإيرانية طهران، عندما طالب بمتابعة الذين قاموا بإعطاء معلومات عن تواجد الشهيد إسماعيل هنية".

ولفت إلى أنه "سبق وأن وزير الداخلية الإيرانية، علي يونسي، أعلن بأن إسرائيل توغلت في داخل النظام الإيراني بشكل كبير"، محذِّرا المسؤولين الإيرانيين بأخذ الاحتياط في هذا الجانب.

وأضاف: "النظام الإيراني تفاجأ بالنسبة لهذا الأمر، وما كان بالفعل يعتقد أن إسرائيل تقدم على هكذا عملية في داخل العمق الإيراني، وفي اليوم الأول".

وتابع: "علينا أن نعرف ما هي الأسباب التي أدت إلى هذه العملية، وأسباب توقيتها، ودلالاتها، ونحن نعرف أن نتنياهو في مأزق كبير، لذلك هو بحاجة لإنقاذ نفسه، ولهذا كانت هذه العملية إنجازا له".

وأردف: "نتنياهو يدرك بأنه إذا ما تمت الصفقة مع حماس سيتم محاسبته، لذلك هو بحاجة إلى عرقلة موضوع الصفقة، وهذا الاستهداف يصب في صالح نتنياهو، وفي نفس الوقت يستطيع نتنياهو الضغط على الولايات المتحدة، فيما يخص الدعم الأمريكي لإسرائيل، خصوصا بعد مجيء هاريس".

وزاد: "نتنياهو، خلال هذه الفترة، يحاول أن يضغط على الديمقراطيين؛ لأنهم يعرفون أنهم في هذا التوقيت، بحاجة لدعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يحاول جر الديمقراطيين لمواجهة النظام الإيراني".

وقال: "هناك عدة أسباب وأبعاد لهذه العملية، لكن في نهاية المطاف، فالهشاشة الأمنية في إيران، هي كانت أكبر العوامل لارتكاب هذه الجريمة".

- تخادم إيراني - إسرائيلي

يقول الأستاذ الجامعي المتخصص في الحقوق والحريات والقانون الدولي العام، د. طارق شندب: " استهداف إسماعيل هنية داخل طهران يشير إلى أن هناك اتفاقا ما تم على حساب الشعب الفلسطيني، فالاستهداف داخل طهران، ليس سهلا أن يقوم به الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: "هذه العملية تطرح أكثر من علامة استفهام، وبحاجة إلى تحقيق جدي وحقيقي، لمعرفة من باع دماء الشعب الفلسطيني، ودم الشهيد إسماعيل هنية".

وتابع: "لا يمكن لأي عاقل أن يقبل بأن يقال إنه تم استهداف إسماعيل هنية داخل طهران، دون أي معلومات مقدمة من قادة النظام الإيراني".

وأردف: "بغض النظر عن ذلك، نحن اليوم أمام مشهد كبير من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وبحق قادة المقاومة الحقيقيين داخل فلسطين".

ويرى أن "العلاقة الإيرانية - الإسرائيلية هي تخادم واختلاف مصالح، والآن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن، كما دفعه الشهيد إسماعيل هنية".

وزاد: "في هذه العملية، الإعلام العسكري يقول إن إيران هي من تعاونت مع إسرائيل لاستهداف الشهيد إسماعيل هنية حتى يثبت العكس، والجميع يدرك أنه لا يمكن استهداف شخصية كإسماعيل هنية، وهو ضيف لدى الرئاسة الإيرانية، ولدى الحرس الثوري الإيراني، وداخل طهران، بهذه السهولة، لولا التنسيق الأمني المشترك".

وقال: "لا ننسى أن التاريخ اليوم يعيد نفسه بين الصفويين والصهاينة، الذين دائما ما كانوا يتعاونون فيما بينهم، ونحن الآن أمام قضية فلسطينية تُباع ويُشترى بها، والشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن، كما دفعه الشعب اليمني، والشعب العراقي، والشعب السوري".

وأضاف: "ما نسمعه من هتافات من ما يسمى بمحور المقاومة ضد أمريكا وإسرائيل هو فقط للإعلام، لكن في الحقيقة أن العلاقة بينهم أكبر من ذلك، ولا ننسى كيف حاربت أمريكا بكل قوتها الحكومة اليمنية الشرعية؛ لمنعها من إعادة السيطرة الشرعية على الحديدة، وهو مثال بسيط على مدى التعاون بين ما يُطلق عليه زورا بمحور المقاومة، وبين الصهاينة والغرب".

                             

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد