عوامل الابتعاد عن المنهج القرآني والهدي النبوي

2024-04-03 00:25:01 أخبار اليوم - متابعات

  

البعد عن المنهج القرآني، والرسالة النبوية التي كلف بها رسول الرحمة والهداية ﷺ للعالمين له أسبابه وآثاره، تجري به سنة الله في عباده وتقدير الخلق؛ من ترتيب النتائج على مقدماتها، واتباع المسببات لأسبابها، وقد تكون هذه أسبابها فكرية، أو نفسية، أو أخلاقية، وقد تعود إلى الأثر الوراثي والبيئي، أو طبيعة الحياة التي يحيياها صاحبها أو غير ذلك.

ويمكن أن نجمل عوامل البعد عن الهداية النبوية والرسالة القرآنية في عدة أسباب وعوامل، ومنها:

- عدم استخدام الإنسان مواهبه في التفكر في آيات الله

قال تعالى: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (البقرة: 171). فهم صم لا يسمعون الحق وعمي لا ينظرون إلى آيات الله في أنفسهم وفي الآفاق حتى يتبين لهم الحق. وقال تعالى: (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) (الفرقان: 44).

فشبه أكثر الناس بالأنعام، والجامع بين النوعين التساوي في عدم قبول الهدى الإيماني، والانقياد له، وجعل الأكثرين أضل سبيلا من الأنعام، لأن البهيمة يهديها سائقها فتهتدي، وتتبع الطريق، فلا تحيد عنها يمينا ولا شمالا، والأكثرون يدعوهم الرسل، ويهدونهم السبيل فلا يستجيبون، ولا يهتدون ولا يفرقون بين ما يضرهم وبين ما ينفعهم والأنعام تفرق بين ما يضرها من النبات والطريق فتجتنبه وما ينفعها فتؤثره.

فبين المولى سبحانه عدم انتفاعهم بآيات الهدى، وقال تعالى: (فما لهم عن التذكرة معرضين *كأنهم حمر مستنفرة *فرت من قسورة) المدثر: 49 ـ 51″، فهم قد نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم، وحياتهم.

- ثقل الذنوب والمعاصي

إن من أسباب الضلال حسب سنته سبحانه وتعالى ارتكاب الذنوب والمعاصي، وذلك أن الذنوب سبب في صدأ القلب، وتكون الران عليه، والذي يمنع من دخول الإيمان إلى قلب صاحبه، قال تعالى:" كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" (المطففين: 14) . أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الران الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا ثم إن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها،

ثم إن الذنوب والمعاصي سبب في مرض القلوب، لأن صحتها تكون بمعرفة الله، وطاعته، والإنابة إليه، والتزام أمره، ومحبته، والتوكل عليه، وإفراده بالعبودية دون سواه، فإذا تتابعت هذه الذنوب، وتكاثرت، اشتد مرض القل، ثم لا تزال الذنوب بالقلب حتى تغلب عليه فيموت بالكلية، ومن مات قلبه، فإنه لا ينتفع بالهدى ولا الإيمان ولا يسمع ولا يعقل ولا يبصر.

- غواية الشيطان

من أسباب الضلال المهلكة طاعة الشيطان، والذي نذر نفسه، وبذل عمره لإغواء بني آدم. قال تعالى: (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين* إلى يوم الوقت المعلوم* قال رب بمآ أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين) (الحجر: 36 – 40). وقد أمر الله عز وجل بالحذر منه، واستفراغ الجهد في معاداته، وبين أنه عدو لدود وظاهر لبني الإنسان قال تعالى: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) (فاطر: 6).

وقد جاء القرآن الكريم كاشفا مداخل الشيطان، وخططه في إضلال بني آدم في غير ما آية، ومجمل هذه الخطط والمداخل ما يلي:

1. الأمر بالسوء والفحشاء والقول على الله بغير علم

قال تعالى:"يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين * إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"(البقرة: 168 ـ 169).

2. تزيين الأعمال الباطلة والمحرمة

قال تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولـكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) (الأنعام: 43). وقال سبحانه وتعالى: (وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) (غافر: 37).

وتزيين الشيطان للناس أعمالهم على قسمين: فردي وجماعي، فالفردي كما في الآية السابقة من تزيين الشيطان لفرعون عمله، وأما التزيين الجماعي كما في قوله تعالى: (وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين) (العنكبوت: 38).

3. الوعود والأماني الكاذبة

قال تعالى: (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا * يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) (النساء: 119 ـ 120).

- الاستهواء

من الناس من يضله الشيطان بعد أن كان قد عرف الإيمان وذاقه، وقد صور الله حالة هذا الذي استهواه الشيطان بعد أن كان مؤمنا، فيقول الحق تعالى: (قل أندعومن دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين) (الأنعام: 71).

- الموالاة

من الناس من يتخذ الشيطان وليا ونصيرا من دون الله، يلتجئ إليه ويدعوه، قال تعالى: (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) (الأعراف : 30)

وقد قضى الله عز وجل، فيمن تولى الشيطان أن يضله عن الصراط المستقيم ويهديه إلى الجحيم. قال تعالى: (ويتبع كل شيطان مريد * كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) (الحج : 3 ـ 4).

- الاستحواذ

يبين الله سبحانه وتعالى حال فريق من الذين يضلهم الشيطان، وهؤلاء الذين يستولي عليهم استيلاء تاما، ويغلب على عقولهم، وقلوبهم بوسوسته، وتزيينه حتى يتبعوه في كل ما يأمرهم به، ويصبحون أداة طيعة للشيطان، فينسيهم ذكر الله بقلوبهم وألسنتهم. قال تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون* استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) (المجادلة: 18 ـ 19).

كثيرة عوامل البعد عن المنهج القرآني والطريق النبوي في الحياة الدنيا، فالجهل، واتباع الظن، وطاعة الشيطان، والغفلة، والتعصب، والعناد، والاستكبار، واتباع الهوى، وحب الدنيا والاغترار بها، والاستهزاء بآيات الله ورسله والمؤمنين، كلها عوامل تجعل الإنسان بحالة ضياع، وخلاف ذلك هو طاعة الله والتزام أوامره واجتناب نواهيه، والأمر بالمعروف، واحتساب النية الخالصة في كل عمل، والسعي في حاجات الناس، وأداء المعروف، كلها عوامل تجعل الشيطان ومنهجه في واد والإنسان في واد يرضي الله، ويقود لطاعته ورحمته ورضاه.

  • الجزيرة
               

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد