"إسرائيل” معزولة.. الحلفاء متوجّسون من سلوكها وشرعية الحرب في غزة

2024-04-01 03:32:41 أخبار اليوم _بوابة تونس / أسامة بالطاهر

 

  

من الملاحظ أنّ تحذيرات حلفاء الاحتلال له باتت أكثر وضوحا وأنّ عزلته أصبحت تتزايد يوما بعد يوم بسبب مخاوف داعميه.

 

هذا ما خلص إليه تقرير لصحيفة الغارديان البريطانيّة، فقد أشار إلى أنّ سماح الولايات المتحدة بتمرير قرار وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، كان تحذيرا واضحا.

 

وبيّن أنّ المخاوف والشكوك تزايدت في أماكن أخرى.

 

ولفتت التقرير إلى العزلة التي كان يبدو عليها المبعوث الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة جلعاد إردان، أمام مجلس الأمن للتنديد بقرار وقف إطلاق النار الذي تم إقراره للتو.

 

وأضاف التقرير: “بدا كأنّه شخصية أكثر عزلة من أيّ وقت مضى في القاعة”.

 

الخطوط الحمراء تتلاشى

يقول التقرير إنّ القرار الأخير لم يتضمّن إدانة لحركة المقاومة الإسلامية حماس والذي كانت تعتبره واشنطن بمثابة خط أحمر، بالإضافة إلى ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن الأسرى.

 

وبيّن أنّه بعد ما يقرب من ستة أشهر من القصف المستمر، واستشهاد أكثر من 32 ألف شخص في غزة والمجاعة الوشيكة، سُمح لهذه الخطوط الحمراء بالتلاشي، وأبقت السفيرة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد، يدها ثابتة عندما دعا الرئيس إلى التصويت ضد القرار.

 

واعتبرت الصحيفة أنّ الرسالة كانت واضحة: “لقد انتهى وقت الهجوم الإسرائيلي، ولم تعد إدارة بايدن مستعدّة للسماح لمصداقية الولايات المتحدة على المسرح العالمي بالزوال من خلال الدفاع عن الحكومة الإسرائيلية التي لم تستمع إلى نداءاتها لوقف الهجوم وقصف المناطق المدنية وفتح البوابات أمام كميات أكبر من المساعدات الإنسانيّة”.

 

مواقف الحلفاء تتغيّر

ولفت التقرير إلى أدلّة جديدة تشير إلى أنّ الغرب بدأ في تغيير موقفه خلال الأيام القليلة التالية، على الأقل من حيث خطابه.

 

وأورد التقرير إعلان وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، الثلاثاء، أنّ برلين سترسل وفدا لتذكير إسرائيل بوضوح بالتزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف، وأنها حذّرت إسرائيل من المضي قدما في الهجوم المخطط له على مدينة رفح، في أقصى جنوب غزة.

 

واعتبرت الصحيفة أنّ في ذلك تغيّرا ملحوظا في لهجة دولة كانت ثاني أكبر داعم ومورد للأسلحة للكيان المحتلّ.

 

وبالتزامن مع ذلك، كان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون يزيد من انتقاداته لإسرائيل، وخاصة بسبب منعها المساعدات إلى غزة .

 

ولكن في الوقت نفسه كان حريصا للغاية على التساؤل حول ما إذا كانت وزارة الخارجية تصدّق أنّ حكومة بنيامين نتنياهو تنتهك فعلا القانون الإنساني الدولي.

 

ولفتت الصحيفة إلى أنّ محاولة تحقيق هذا التوازن خلقت توتّرات حقيقية وواضحة بشكل متزايد داخل الحكومة البريطانية، وحزب المحافظين.

 

تغيّر المواقف دون تأثيرات

وشدّد تقرير الغارديان على أنّ هذا التحوّل الواضح في المواقف الدولية لم يغيّر شيئا حتى الآن بالنسبة إلى 2.3 مليون شخص محاصرين في غزة إذ لم يتوقّف القصف والقنص.

 

وقالت الصحيفة: “ربما يقوم الساسة بإعادة ضبط حساباتهم، ولكن ليس بالسرعة الكافية بالنسبة إلى من هم على خط النار”.

 

وذكّرت بأنّه خلال الـ48 ساعة بعد أن أشاد مجلس الأمن بتمرير قرار وقف إطلاق النار، استشهد 157 شخصا في غزة.

 

فقد استشهد 18 منهم، وبينهم تسعة أطفال وخمس نساء على الأقل، عندما تم قصف منزل مليء بالنازحين في شمال رفح.

 

وغرق 12 شخصا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية التي أسقطتها الطائرات في البحر.

 

وأشار التقرير إلى ما أوردته صحيفة واشنطن حول شحنات جديدة من الأسلحة الأمريكية المدمّرة لـ”إسرائيل”، بما في ذلك 1800 قنبلة MK84 زنة 2000 رطل، بعد أربعة أيام فقط على قرار مجلس الأمن.

 

علاوة على ذلك، أوضحت إدارة بايدن لحلفائها أنّ التهديد بوقف إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل واعتماده وسيلة ضغط، هو أمر غير مطروح على الطاولة، على الأقل في الوقت الحالي.

 

وقال بايدن في مناسبة لجمع التبرّعات يوم الخميس الماضي: “لا يمكنك أن تنسى أنّ إسرائيل في وضع حيث وجودها ذاته على المحك”.

 

ولكن في المملكة المتحدة، هناك شعور متزايد بأنّ القضايا القانونية، والمسائل ذات الصلة بمبيعات الأسلحة، لا يمكن تجنّبها، أو التهرّب منها، لفترة أطول، وفق الصحيفة.

 

فقد نقلت صحيفة الأوبزرفر عن رئيسة لجنة الشؤون الخارجية لحزب المحافظين، أليسيا كيرنز – قولها إنّ وزارة كاميرون تحصّلت بطريقة قانونيّة على إحاطة مفادها أنّ “إسرائيل” انتهكت القانون الإنساني الدولي، لكنها اختارت عدم نشرها على الملإ.

 

وبيّنت الصحيفة أنّ هذا الادّعاء من شأنه أن يثير الخوف في لندن وواشنطن، لأنه يضرب في قلب واحدة من أكثر القضايا حساسية في الدبلوماسية الدولية.

 

لندن وواشنطن في ورطة

تقول الصحيفة: “ليس من الصعب أن نفهم السبب وراء غموض وزارة الخارجية وكاميرون، فوجود مثل هذه الإحاطة، وأيّ اعتراف علني بها، من شأنه أن يثير سلسلة من المتطلّبات على الوزراء، ليس أقلها واجب وقف جميع مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل”.

 

وأضافت: “وفي الواقع، حتى لو أشارت الإحاطة إلى وجود “خطر” في قيام إسرائيل بانتهاك المعاهدة، فسيتعيّن عليها وقف الصادرات”.

 

وأشارت إلى أنّ البعض ذهب إلى القول إنّ المملكة المتحدة ستضطر إلى التوقّف عن تبادل المعلومات الاستخبارية مع الولايات المتحدة التي قد تقوم بتسليمها إلى “إسرائيل”.

 

وبيّن تقري الغارديان أنّ العديد من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين يخشون من عزم كاميرون على إعلان حظر على بيع الأسلحة للكيان المحتلّ.

 

غير أنّ كامرون نفى وفي اجتماع للجنة 1922 للنواب المحافظين، الإثنين، تفكيره في أيّ شيء من هذا القبيل، على الرغم من أنّ مسؤولي وزارة الخارجية يقولون إنّ الأمر ليس مستبعدا إذا نفّذ الاحتلال تهديده بمهاجمة رفح.

 

وأوضحت الغارديان أنّ لهجة لندن قد تتحوّل إلى نغمة أكثر انتقادا لإسرائيل، ولكن خلق الحيّز السياسي لمضاهاة ذلك بالانفتاح بشأن الإحاطة القانونية المقدّمة، ومن ثم اتّخاذ الإجراءات اللازمة، سوف يكون أمرا أكثر صعوبة.

 

“إسرائيل” في عزلة؟

تقول الصحيفة: “تعرّضت إسرائيل لانتقادات شديدة، لكنها ما تزال بعيدة كل البعد عن كونها منبوذة”.

 

وأشارت إلى إصرار نتنياهو ومجلس الوزراء الحربي على المضيّ قدما في هجومها على رفح، حيث لجأ أكثر من مليون مدني نازح، متجاهلين التحذيرات الأمريكية بأنّ ذلك سيكون “خطأ” من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية على الأمن الإسرائيلي.

 

وبيّنت الصحيفة أنّ المسؤولون الأمريكيون يقول إنّهم سيستخدمون الاجتماعات لتقديم مخطّط بديل لمكافحة التمرّد ضد حماس في رفح.

 

وذلك عبر التركيز على الغارات الدقيقة على كبار الشخصيات في حماس.

 

وفي المقابل، يعترف المسؤولون بأنّه ليست لديهم أيّ وسيلة لإجبار “إسرائيل” على أخذ الاقتراحات على محمل الجد.

 

وأشار التقرير إلى أنّ الرأي العام الإسرائيلي ما يزال حتى الآن منيعا إلى حد كبير أمام الضغوط الأمريكية وغيرها من الضغوط الدولية.

 

وبيّنت أنّ نسبة التأييد للحرب في غزة حاليا تقارب الـ80%.

 

والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى آمال واشنطن في احتواء الصراع هو أنّ الـ70% من الدعم الشعبي الإسرائيلي لعملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب الله في لبنان، وهو الأمر الذي تمكّنت واشنطن من إحباطه حتى الآن.

 

واعتبرت الصحيفة أنّ غياب الردع في توبيخات المجتمع الدولي سبب في تعزيز شعور التحالف الإسرائيلي الحالي بالحصانة من الرأي العام العالمي.

 

واستطردت قائلة: “إلّا أنّ ظهور مجاعة واسعة النطاق، أو الهجوم على رفح، قد يؤدّي إلى ردود فعل أكثر حدة من جانب أصدقاء “إسرائيل” وخصومها”.

 

وبيّنت أنّ هناك دلائل تشير إلى أنّ الضرّر الحقيقي الذي لحق بمكانة “إسرائيل” العالمية قد يتفاقم بمرور الوقت، وربما تكون له عواقب بعيدة المدى.

 

الشباب الأمريكي يقلب المعادلة

ولفتت الصحيفة إلى أنّ التحوّل المحتمل الآخر الذي يخلّف عواقب طويلة الأمد على مستقبل “إسرائيل” يتلخّص في المواقف المتغيّرة للشباب الأمريكيين، الذين تخلّى العديد منهم عن ردود أفعال آبائهم المؤيّدة لإسرائيل، وجعلوا من غزة قضية تتعلّق بالتصويت الاحتجاجي في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي.

 

فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في الآونة الأخيرة أنّ 63% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما لا يوافقون على العمل العسكري الإسرائيلي، كما فعل 55% من المشاركين في الاستطلاع.

 

ونقلت الصحيفة قول الناشط اليهودي الأمريكي التقدّمي راي أبيلا: “إنّنا نشهد لحظة غير مسبوقة من الوعي الجماعي حول الاحتلال المستمر وظروف الفصل العنصري في إسرائيل وفلسطين”.

 

وتابع: “لم يسبق لي أن رأيت هذا المستوى من الناس يخرجون باستمرار إلى الشوارع. لسنوات عديدة، كان بوسعك أن تقول: “يمكنك أن تكون تقدّميا إلّا في ما يتعلق بفلسطين”. لم يعد بالإمكان قول ذلك بعد الآن”.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد