مجزرة الحوثي في رداع .. تصرف فردي أم جريمة ممنهجة؟

2024-03-21 05:07:50 أخبار اليوم / المصدر أونلاين

  

إن ما ارتكبته ميليشيات الحوثي الإرهابية من تفجير لمنازل مواطنين في رداع على رؤوس ساكنيها في التاسع من شهر رمضان المبارك لم يكن مفاجئا ولا جديدا ولا تصرفا فرديا .. إنه سلوك ممنهج مارسته الحركة الحوثية منذ حروبها الست التي دشنتها عام 2004، ولقد كانوا يوثقون جرائمهم تلك بالصوت والصورة وهم يرددون الصرخة الخمينية، ويعتبرون ذلك جهادا في سبيل الله!! وهم في ذلك يمثلون امتدادا لجرائم أئمة الهادوية عبر التاريخ منذ مؤسس مذهبهم العنصري يحيى بن الحسين الرسي أواخر القرن الثالث الهجري، وقد أصلوا لهذه الأفعال واعتبروها دينا وعقيدة وفتاواهم مبثوثة في كتبهم المتوارثة حتى اليوم، إذ ينطلقون من تكفير خصومهم واستباحة دمائهم وأموالهم ولهذا لم يتحرجوا من توثيقها وبثها عبر وسائل إعلامهم المختلفة حتى يثيروا الرعب في أوساط معارضيهم كما يزعمون.. والحديث عن هذه الجرائم وما دونوه في كتبهم فضلاً عن جرائمهم المعاصرة بحاجة إلى مجلدات.. لكننا سنكتفي وللتذكير فقط بذكر نماذج لهذه الجرائم وخلفيتها التأريخية والفكرية والعقدية.

 

جرائم ميليشيا الحوثي في هدم المنازل والممتلكات

لم تلتزم ميليشيا الحوثي بوصايا إسلامية أو قواعد دولية في حروبهم العدوانية على أبناء صعدة وبقية المحافظات اليمنية التي وصلت إليها مسيرتهم التدميرية، إذ مارسوا النهب والفيد للأموال والممتلكات وكذلك الهدم والتدمير، فقد بلغ عدد المنازل التي دمرتها ميليشيا الحوثي في صعدة وحدها خلال الفترة 2004 -2011 (327) منزلاً دمر بالكامل، و(170) منزلاً احتلتها ميليشيا الحوثي، لقد كانت ميليشيا الحوثي تمارس الانتقام بالتدمير، والنهب باسم الغنيمة والفيء بالاستيلاء، بحسب ما يرونه أكثر إيلاما لخصومهم، وأحياناً يمارسون الأمرين معا بممتلكات الشخص نفسه، كما فعلوا مع بيوت وفنادق الشيخ عثمان حسين مجلي وإخوانه ـ ففندق "كازابلانكا" المكون من ثمانية طوابق والذي يقع بمدينة صعدة قرب جامع الأمام الهادي، قامت ميليشيا الحوثي بتاريخ 23/3/2011م بتفجيره وتدميره، بصورة متعمدة، حيث فشلت محاولة التفجير الأولى جراء صلابة وقوة البناء، فتم تزويد كل طابق بـ4 أسطوانات غاز منزلي، ثم أعيدت محاولة التفجير مرة أخرى، والتي تمكنت من تدميره بأثاثه، وقد نشرت ميليشيا الحوثي صور التفجير في اليوتيوب، وهم يكبرون ويعلنون أن هذا فندق "المنافق" عثمان مجلي، وصفة النفاق تطلقها ميليشيا الحوثي على كل من عارضهم، وهذا ما كان يفعله كل الأئمة الذين حكموا اليمن، أما الفندق الآخر الذي يملكه الشيخ عثمان مجلي وهو فندق "رحبان"، فقد أحتلته ميليشيا الحوثي، واستخدموه لصالحهم، حيث حولوه إلى مركز إعلامي، ومقر لمؤسسة الشهيد زيد علي مصلح الخيرية (!!!)، وهكذا فعلوا بمنزل صدام مجلي الذي حولوه إلى محكمة رحبان التي يتبعها سجنا صغيرا، وقد تمت مصادرة منزل صدام مجلي لأنه شقيق عثمان مجلي، بعد أن استبيحت ممتلكات كافة أسرة مجلي.، وهكذا في المزارع والمحلات التجارية والممتلكات، تعاملت معها ميليشيا الحوثي إما بالتدمير أو النهب، وفي مطلع فبراير 2014 قامت ميليشيا الحوثي بتفجير بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في الخمري بمنطقة حاشد محافظة عمران، بعد معارك استمرت أسابيع، وقد تباهت ميليشيا الحوثي بتفجير بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، وذكرت بعض وسائل الإعلام التابعة لهم "أنه تم استخدام أصابع ديناميت في العملية، والتي أدت إلى تدمير البيت بشكل كامل مع الملاحق وإسطبل الخيول، مشيرة إلى أن أبناء الأحمر كانوا قد أخلوا المنزل، ونقلوا ما استطاعوا حمله، على متن سيارات شوهدت وهي تنقل الكثير من الأغراض قبل وصول أبناء قبائل حاشد المناصرين لميليشيا الحوثي إلى المنزل وإحكام سيطرتهم عليه." ، وهكذا فعلوا في حجة وفي همدان وفي أرحب وفي كل مكان وصلوا إليه.

 

أما بعد إسقاطهم للعاصمة صنعاء في 21 أيلول / سبتمبر 2014، ثم غزوهم لبقية المحافظات، فقد زادت وتيرة تفجيرهم للمنازل وتشريد أهلها، ففي الوقت الذي اتخذوا سياسة الاستيلاء على منازل معارضيهم في العاصمة صنعاء، حيث استولوا على مئات المنازل لقيادات مدنية وعسكرية وحزبية وناشطين سياسيين معارضين، استمروا بسياسة تفجير المنازل في بقية المحافظات، فقد كان أول ما يقومون به في أي منطقة يدخلونها، تحديد منازل الأشخاص الذين قرروا تفجير منازلهم، وهم إما قتلى أو مختطفين لديهم أو نازحون بسببهم في مناطق أخرى، "ويتوجه مسلحو الميليشيات للمنزل المراد تفجيره ويقومون بإعطاء مهلة قصيرة لسـاكنيه إن وجـدوا كـي يغادروه بأسـرع وقـت دون اصطحاب أي شـيء معهــم مــن محتويات المنزل وأثاثه بما في ذلك الثياب وحتى المقتنيات الشخصية مـع التهديـد بتفجيـره فـوق رؤوس ساكنيه في حال أصروا على البقاء - مثل ما حدث لأسـرة آل الحبيشي في مدينة صعدة 2011م عندما فُجر المنزل بما فيه من سكان لرفضهم الخروج منه وقتل 14 شخصاً معظمهـم نساء أطفال - ثم بعد طرد الساكنين يقـوم مسلحو ميليشيا الحوثي بمداهمة المنزل وتفتيشـه ونهب كل ما فيه من أثاث وتجهيزات والأوراق والمسـتندات المهمة التي قد يجدونها أمامهم. بعـد ذلك يأتي خبراء التفجير ليفخخوا المنزل مـن جميـع أركانـه الأربعـة بعبـوات ومتفجـرات ناسـفة أعـدت سـلفا وبطريقـة يدويـة وتتكـون مـن مـادة الــ( T.N.T ) المخلـوط بمـادة ( C4 ) مـع إضافـة بعـض المـواد التـي تعطيهـا قـوة تدميريـة أكبـر حسـب إفـادة أحـد خبـراء التفجيـر المطلعيـن علـى مثـل تلـك العمليـات، وبعـد اسـتكمال عمليـة التفخيـخ للمنـزل المـراد تفجيـره يأتـي أفـراد اخرون ومعهـم كاميـرات وتلفونـات ويجلسـون فـي أماكـن آمنـه مـن موقـع التفجيـر موجهيـن عدسـة كاميراتهـم نحـو المنــزل وأثنــاء عمليــة التفجيــر يــرددون بصــوت عالــي صرختهــم المعروفــة (المــوت لأمريــكا المــوت لإســرائيل....) ويقومون بتوثيــق عملية التفجير صوتاً وصــورة، وكأنهــم الفريــق الإعلامــي الذيــن ســوف ينقلــون عملية التفجير لوسائلهم الإعلاميــة المختلفــة ليتــم نشــر المشــهد وتوصيــل هدفهــم مــن عملية التفجير لأكبر نطــاق ممكــن لنشــر الرعــب والخــوف والهلــع للآخريــن وتحقيــق أهــداف أخــرى، وبعـد التفجيـر تتـرك ميليشيا الحوثي المنـزل وهـو كومـه تـراب وأنقـاض متراكمـة وأسـرة بقيـت فــي العــراء وحيــدة ليــس لديهــم ماوي وينتظرهــم مصيــر مجهــول مــن التشــرد والشــتات " ، وهكذا كانت المليشيات تقوم بتفجير أكثر من منزل في يوم واحد، ففي مديرية يريم محافظة إب، قامت ميليشيا الحوثي بتفجير (9) منازل بتاريـخ 18 أكتوبـر 2014م و تفجيـر( 18 )منـزلا فـي قريـة الجنادبـة بمديريـة ارحـب محافظـة صنعـاء فـي يـوم واحـد 18 أغسـطس 2015م و تفجير (20) منزلا عام 2005 في مديرية دمت محافظة الضالع خلال 3 أيام فقط ، وتفجيـر (20) منزلا فـي مديرية عتمــة بمحافظــة ذمــار فــي منتصــف شــهر فبرايــر 2017، و تفجيــر (16) منــزلا فــي قريــة "الدهيميــة" عزلــة "الســلوم" بمديريــة حــزم العديــن محافظــة إب خــلال يوميــن فقــط 27،26 ينايـر 2017م، و تفجيـر (32) منـزلا فـي منطقـة حجـور بمديريـة كشـر محافظـة حجـة خـلال أربعيـن يـوماً مـن 2 فبرايـر وحتـى 12 مـارس 2019.

 

وقد وثق التقرير الصادر عن الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل ما يزيد عن (800) منزلاً في (17) محافظة لمواطنين معارضين للمشروع الانقلابي الحوثي، قامت ميليشيا الحوثي بتفجيرها، وذلك خلال الفترة من الأول من أيلول / سبتمبر 2014 م حتى 30 حزيران / يونيو 2020، وبحسب التقرير فقد احتلت محافظة تعز المرتبة الأولى بعدد المنازل التي تم تفجيرها وتشريد الأسر منها والتي بلغت ( 149) منزلاً، تلتها محافظة البيضاء بتفجير (124) منزلاً، ثم محافظة إب بتفجير (120) منزلاً، فيما توزعت بقية المنازل التي فجرتها ميليشيا الحوثي بحسب عددها الموثق على محافظات ( حجة ، ولحج ، وذمار ، وصنعاء ، والضالع ، ومأرب ، والجوف ، وعمران ، وشبوة ، والحديدة ، وأبين ، وصعدة " كما يوضح ذلك الجدول التالي :

 

م

المحافظة

عدد المنازل المفجرة

النسبة

1

تعز

149

18.39%

2

البيضاء

124

15.30%

3

اب

120

14.81%

4

حجة

66

8.14%

5

لحج

65

8.02%

6

ذمار

55

6.79%

7

صنعاء

48

5.92%

8

الضالع

47

5.80%

9

مارب

38

4.69%

10

الجوف

34

4.19%

11

عمران

16

1.97%

12

شبوة

15

1.85%

13

الحديدة

15

1.85%

14

أبين

9

1.11%

15

صعدة

5

0.61%

16

عدن

3

0.37%

17

حضرموت

1

0.12%

ــــــــــ

الاجمالي

810

100%

 

 

على خطى الأئمة

لم تخرج ميليشيا الحوثي قيد أنملة عن سنة الإمام الهادي والأئمة من بعده في جهادهم ضد اليمنيين، وقد خاض الإمام الهادي عشرات المعارك ضد اليمنيين الذين لم يسلموا له بالملك، وما أكثر ما نقرأ في سيرته "فغدا عليه السلام، حتى وصل موضعا يقال له "كتاف" من بلد "وائلة" فنهب العسكر ما وجدوا فيه من مال وغيره، وقطع أعنابهم وخربها، ثم تقدم إلى موضع آخر يقال له "المطلاع" ففعل كما فعل بكتاف.. ومضى العسكر كله حتى نزلوا قرية "أملح" ونهبوا ما وجدوا فيها، وأقاموا أياما يخربون المنازل والآبار، ويقطعون النخيل والأعناب.. وهو يتنقل في قراها ويخربها قرية قرية، حتى طرحوا عليه.. الخ" .

 وعندما سئل الهادي عن قطع الزروع، قال "قد فعل رسول الله مثل ذلك، حيث قطع نخل بني النضير، فأنزل عليه (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليجزي الفاسقين) (الحشر:21)" .

 

هكذا ينظر الهادي لمن ليس معه من اليمنيين، كأنهم يهود بني النضير، وهو ما تفعله ميليشيا الحوثي اليوم في جميع المناطق التي وصلت إليها، حيث يقتلون اليمنيين ويهدمون منازلهم وهم يرددون الصرخة "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"!!

 

وفي سيرة الإمام أحمد بن سليمان (532ــــ 566هــ )، تتكرر مثل هذه الأفعال في صعدة وفي الجوف، وكذلك في إب في مخلاف جعفر. أما أهل جبلة فقد عرضوا فدية ليسلم الإمام بيوتهم من الهدم ومزارعهم وقد رفض الإمام ذلك لولا الحاح بعض من كان معه " وكان في مخلاف جعفر ذي جبلة ونواحيها مناكير كثيرة وكفر ظاهر، فترك الإمام حصار أشيح وتقدم فوجد القوم قد نزلوا السحول، فلما وصل إليهم اضطرب أمر اليمن وقد كان قبل وصول الإمام خاطبهم عمران بن محمد بن سبأ على دفع أربعة آلاف يصلحهم بها ويعودون، فلما وصل الإمام لم يقبلوها وأشتد أمرهم وعظمت هيبتهم وتودى أهل إب وصالحوا. وكان أهل ذي جبلة قد هربوا منها فأراد الإمام خرابها، فقال زيد أنا قد وعدنا فيها بثلاثة آلاف دينار ونحن نريدها لشيوخ العرب. فقال رجل من جنب للأمام أن الناس يريدون يحلبون وأنت تريد تذبح فلم يساعدوه على خرابها " ، وقد كان كتاب سير الأئمة وتلامذتهم يتباهون أن الأئمة أو الكبار منهم والزاهدين (!!) لم يكونوا حريصين على أخذ أموال خصومهم وأراضيهم غنيمة أو دفع الفدية مقابل عدم التخريب والهدم لمنازلهم وممتلكاتهم، بقدر حرصهم على الخراب والتدمير، لكن طمع بعض أتباعهم من " القبائل : الذين لم يصلوا إلى مستوى "أئمة الهدى ومصابيح الدجى" هم من كانوا يحولوا أحيانا بين الأئمة وبين تحقيق أهدافهم في التدمير والخراب، "فهم يريدون يحلبوا: والإمام عليه السلام يريد يذبح !! كما في النص السابق.

 

الإمام القاسم والتخريب بحجة: فهذا الإمام القاسم يكتب إلى أحد أتباعه وهو الشيخ أبو زيد فيحكي له ما فعله "المجاهدون "من أتباعه ب"المنافقين" من خصومه، مع انهم جميعا يمنيين مسلمين، يقول القاسم : " وبقية من المخذولين في بلاد وادعة صار القتل فيهم كل يوم، وقد قتل الجند المنصور إلى اليوم فوق مائة قتيل، وتغنموا منهم غنائم حسنة من السلاح والدراهم ". ثم لا يكتفي بالجريمة التي أرتكبها هو وجنوده في وادعة، بل شاء له ضميره أو شاءت له أطماعه أن ينتقل بالقتل والنهب إلى جهة أخرى، يقول : " وكذلك إذا تفضلتم أن تتقدموا الى حجور وتخربوا بيت ابن عرجاش وتنهبوا ماله، وتأخذوه خاسئا حسيرا ذليلا، خاسرا في الدنيا والآخرة وأنتم قادرون على ذلك :، ويواصل التحريض على الجريمة واستباحة أموال الناس فيقول :" وليس في تراخيكم وصيانتكم لبلاد أعداء الله فائدة فان أهل البلاد لا يحنوكم " لا يتركونكم" أن ظفروا بكم والعياذ بالله " ويواصل : " وكذلك أخربوا أموال أهل بيت مأخوذ وبيت جحوش، وسحنة أقماهم الله" أحرقهم" وبعدهم من رحمته بحق جدي محمد رسول الله" !

 

وعلى منوالهم ذهب أئمة بيت حميد الدين: فهذا الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين كان كثيرا ما يلجأ إلى هدم بيوت معارضيه بل ومن يشك بولائهم! وقد نقل المؤرخ إسماعيل الأكوع عن " العالمان عبد الله بن عباس المؤيد وحمود بن عباس المؤيد أن والدهما سمع الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين يأمر النقيب حسين بن علي العبيدي بنسف منزل عبد الله بن حسين العيني أمين الجراف بسبب وشاية بلغته عنه، كعادة المنصور مع من لا يتعاون معه أو يخلص له، فقال له عباس المؤيد ليس هناك صحة لما يشاع عن أمير الجراف فحال دون نسف بيته ، وإذا كان عباس المؤيد قد حال دون نسف منزل هذا الرجل لمعرفته به ولقرب عباس المؤيد من الإمام المنصور وثقة الإمام به، حيث "كان من أعوان الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين وولده الإمام يحيى، وقد قاد لهما جنودهما لحرب الدولة العثمانية في بعض المناطق، كما ولي لهما أعمال غربان من ناحية حاشد، فأخضع بلاد حاشد لطاعة الإمام على كره منهم" .فان آخرين ممن لم يكن هناك من يتشفع لهم قد هدمت بيوتهم على رؤوسهم ورؤس أطفالهم أو نسائهم الذين لا ذنب لهم حتى لو كان آباؤهم مذنبين، لكن هدم البيوت على رؤؤس ساكنيها كان هو أسلوب الإمام المنصور للانتقام ممن كان ينوي بهم شرا، وحين كان يقال له أن في البيوت التي يأمر بنسفها نساءً وأطفالا لا ذنب لهم، كان يجيبهم : الصغار في الجنة والكبار في النار !! .

 

وعلى منواله ذهب حفيده الإمام يحيى الذي قامت دعايته في الحرب ضد الأتراك أنهم لا يقيمون الشريعة الإسلامية وأنه يريد أن يطبق شرع الله !، وحين وصل إلى السلطة طبق على اليمنيين شريعة الأئمة الهادوية قتل المخالفين بدون رحمة وتدمير منازلهم ونهب ممتلكاتهم، وسيرة الإمام يحيى مليئة بمثل هذه الجرائم التي يعدها اتباعه من فضائله عليه السلام، لقد كان جنوده يعيثون فسادا في كل منطقة يرسلهم عليها، ومن ذلك على سبيل المثال ـــ لا الحصر ـــ ما فعلته قوات الإمام يحيى التي أرسلها بقيادة عبدالله بن إبراهيم ، ومحمد بن يوسف الكبسي إلى مدينة يريم ، فحين دخلت هذه القوات مدينة يريم في 13صفر1329ه ، عاثت فيها فسادا ، حيث نهبت البيوت والحوانيت ، ولم تبق على شيء ، حتى أخذت ما في أعناق النساء وآذانهن ومعاصمهن من الحلي ، وإذا أستعصى عليها نزعها بسهوله فانهم كانوا يقطعون الأيدي ، ويبترون الآذان بصورة وحشية تشمئز لها النفوس ، وفوق هذا فقد قتلوا ثلاثين نفسا أكثرهم من النساء والأطفال ، وقد كان العلامة يحيى بن محمد الإرياني ، شاهدا هذه المأساة التي سجل ما حدث فيها من فظائع في قصيدة بعث بها إلى الإمام يحيى ، حيث قال :

على رسلكم أهل المحابر والقلم بذا خبروا فلينقل الرقم من نظم

قفوا ريثما أملي عليكم رسالة لها الصدق خال وابن خال لها وعم

منزهة عن ذكر ليلى وزينب ومشغولة عن وصف سلمى وذي سلم

بما كان حقا في (يريم) وماجرى من القوم مما أوقع الطفل في الهرم

فلم يتركوا للمسلمين جميعهم من المال ما يجدي ببيع ولا سلم

فقد أخذوها من محب ومبغض وما فرقوا بين الصحيح وذي السقم

ومنها :

فكم من ضعيف قد أذيق بظلمهم عذابا مع التنكيل والهتك للحرم

وقطعهموا أذن الشريفة واقع لقرط حقير لا يقوم بالقيم

ثم ناشد الإمام في القصيدة أن ينزل بالمعتدين على الحرمات أقصى العقوبات ، وأن يسترد منهم ما أخذوه ، ويعيده لأصحابه ،وإذا تعذر ذلك ، فعلى الإمام أن يعوضهم من بيت مال المسلمين فقال :

وان يك قد فات الذي أخذوا بها ففي بيت مال المسلمين لنا قسم

وقد أجابه الإمام يحيى بقصيدة مماثلة .. ، فلما قرأها القاضي الإرياني وعرف أنها مغالطة خاب ظنه في عدل الإمام الذي كان مرتقبا ، وزاد في حزنه أن الإمام وعده بتعويضه وحده عما أخذت عليه تلك القبائل التي بعثها الإمام من بيته من حلي ومال وأثاث فقط ، فكتب للإمام يحي قصيدة أخرى يذكره بأنه لم يكتب له من أجل ما حل به ، وإنما من أجل الضعفاء والمساكين الذين لا حول لهم ولا طول ، والذين أخبرهم بأن الإمام سيقتص لهم من الجناة ويعوضهم ما فقدوه فقال :

ولم تملك الأطماع قلبي، ولم أقل لشيء عظيم ليت لي ذا يقدر

ولكنني آسى لأخلاف موعد وعدت به القوم الذين تضرروا

وقلت لهم: هذا الإمام مؤمل سيجزل تعويضا لكم ويوفر

ولن يخلف الوعد الذي قد أتى به وأخلافه الميعاد لا يتصور

 

ومع هذا كله فان الإمام يحيى لم ينصفهم من المعتدين ، ولا أعاد لهم ما أخذوه ، ولا عوضهم عما فقدوه ، وكيف له أن يرحم الضعفاء والمساكين ويعوضهم من بيت مال المسلمين ، وهو الذي كان يحرمهم من حقوقهم المشروعة من بيت المال وتركهم يموتون جوعا وخزائن بيت المال ـــ التي أصبحت خزائن الإمام - ملأى بالحبوب وأموال الزكاة ؟! ، لقد غضب على زوج ابنته وعامله على ( قفلة عذر) عبدالرحمن بن حسين الشامي ، لا لشيء إلا لأنه " كان يصرف بعض زكاة النواحي المنوطة به في مصارفها الشرعية (!!) فضاق الإمام يحيى به ذرعا ، وغضب عليه ، فعزل نفسه ، وأنتقل إلى صنعاء ، وانقطع للعلم "

 

وإذا كانت هذه الجرائم التي ارتكبها قوات الإمام يحي قد تمت دون أمره أو رضاه ، مع انه لم يعاقب مرتكبيها ولم يعوض ضحاياها ، فان الأمر يختلف مع من كان يعارض الإمام يحيى ، فقد كان الإمام يحيى ـــ كمن سبقه من الأئمة ـــ يأمر بهدم بيوت المعارضين تأديبا لهم ! ، ففي الأربعينيات " ولما ظهرت منشورات الأحرار ملقاة في شوارع صنعاء وتعز وذمار وإب تكشف سياسة الإمام ومظالمه، سارع الإمام يحي وولداه أحمد والحسن باعتقال كثير من الأحرار في هذه المدن ونواحيها، وأمر الإمام بهدم دار زيد الموشكي في ذمار، كما أمر ولي العهد بهدم دار جازم محمد الحروي في تعز، وحين بلغ زيد الموشكي خبر هدم داره، أنشأ قصيدة يخاطب الإمام بقوله :

لله درك فارسا مغوارا طعن السقوف ونازل الأحجار!

يامن هدمت البيت فوق صغاره شكرا، فأنت جعلتنا أحرارا

لم يبق في كفيك إلا معول تؤذي به طفلا وتهدم دارا !

شلت يداك وعطلت عن كل ما تسدي جميلا أو تشيد منارا

خرب ودمر ما تشاء فان للأحرار عزما لا يهاب دمارا

تلك البيوت سلاسلا كانت لنا حطمتها فجعلتنا أحرارا

وجعلت من أطفالنا ونسائنا وشبابنا وشيوخنا ثوارا

ساءتك عفة أهلنا في دورنا فبحثت عنهم تكشف الأستارا

سنيت في الشعب الخراب فلن ترى من بعد إلا ثورة وغبارا

 

وحين أصبح أحمد حميد الدين إماما بعد نجاحه في القضاء على الحكومة الدستورية سنة1948م، كانت أول قراراته وفتاواه أن أباح صنعاء لأنصاره من القبائل، أسبوعا كاملا، فعاثوا فيها الفساد نهبا وخرابا وتدميرا، حيث دخلت القبائل المرتزقة صنعاء " وأخذت تنهب الدكاكين، والمنازل والمتاجر وتقتل كل من يحاول الدفاع عن ممتلكاته عن طريق التفاهم، سواء أكان شيخا أم شابا أم امرأة، وتمادت في وحشيتها استنادا للأوامر التي منحها سيف الإسلام أحمد فلم تبق على شيء. ومن الغريب أن القبائل التي وصلت متأخرة ولم تجد ما تنهبه قامت بمهاجمة القبائل التي بحوزتها كمية كبيرة من المنهوبات، وعملت على نهبها بدورها، فكان كثيرا ما يتطور الأمر بصراع مسلح ضاعف من سفك الدماء، وإزهاق الأرواح وبالتالي إتلاف المنهوبات. بل الأغرب من هذا أن القبائل التي كانت تصل الى صنعاء متأخرة ولم تجد أمامها شيئا كانت تلجأ إلى الأمير الحسن والأمير العباس تشتكي لهما بأنها لم تجد ما تنهبه، فيعملان على تحرير الأوامر بالاتجاه إلى بيوت محددة لنهبها !!".

 

التأصيل الشرعي لنهب وتدمير البيوت والممتلكات

ان هذه الجرائم قد ارتكبها كثير من الطغاة قديما وحديثا، بيد أن أئمة الهادوية كانوا يزعمون أنها أعمال شرعية ودفاعا عن الدين ورحم الله الشهيد زيد الموشكي الذي هدم الإمام يحيى وولي عهده منزله ومنزل عدد من الأحرار، وكان يريد أن يقنع الناس أن ما يقوم به من هدم البيوت إنما هو غيرة على الإسلام !، فسخر الموشكي من هذه الدعاوى، وقال في إحدى قصائده مخاطبا ولي العهد أحمد:

تخاصمنا بالدين والدين موجع لأنك قد أدميت مهجته عمدا

قضى باحترام المال والعرض والدما فلم لا تجد إلا الخلاف له ردا

وما زلت في توسيع دائرة الهوى ملحا إلى أن جزت في فعلك الحدا

وإلا فهل ظلم النساء وهتكها حلال، ولو في دين من يعبد الصلدا

أتقضي طواغيت بهدم بيوتها وترويعها، والدمع يستعطف الجندا

ويرضى لك الدين الحنيف وربه تصد النساء عن قوت أطفالها صدا

وتهدم عن مرأى الديانة دورها ومن حولها الأطفال يبكونها وجدا

تركتهم والشمس ترسل نارها عليهم فلا مأوى هناك ولا سدا

فلو فتشوا عن هيكل الطهر أحمد لقوا وجههم مما فعلت بهم يندا

وان قلوب الناس أضحت مريضة لأنك حطمت الديانة والمبدأ

أليس الذي قد جئته لا يبيحه سوى الوحش، لكن ليس نعني به الأسدا

إذا ما نسى التاريخ فالذنب واضح وان ساءت الدنيا فقد رعتها كيدا

 

وهو خطاب يقال لكل الأئمة الذين مارسوا هذه الجرائم وحاولوا تبريرها باسم الدين وهو منها براء. بدءا من الإمام الهادي يحيى بن حسين الرسي الذي كان أول من قام بارتكاب جرائم نهب المخالفين وهدم دورهم ومزارعهم واستباحة دماءهم، واعتبر ذلك حقا شرعيا بل ونصرة للدين!، ثم أصبح فعله وقوله سنة للائمة من اتباعه حتى اليوم.

لقد خاض الإمام الهادي عشرات المعارك ضد اليمنيين الذين لم يسلموا له بالملك، وكان يشبه نفسه في معاركه بالإمام علي بن أبي طالب، وأحيانا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ــ وقد ذكرنا بعضا من أقواله في كتابنا " عودة الإمامة "- ورغم الفارق بين الإمام علي ومشروعية قتاله، والهادي وقتاله اليمنيين إلا أننا كنا نتمنى لو أن الهادي التزم بهدي الإمام علي في قتاله مع خصومه من أهل الشام والخوارج وغيرهم ووصاياه في هذا معلومة "لا تجهزوا على جريح ولا تتعقبوا مدبرا .. الخ" بل ليت إن الهادي وقد رفع مقامه إلى مقام النبي، التزم بتعاليمه ووصاياه في قتال الكفار المعتدين! مع أن الهادي ليس نبيا، واليمنيين لم يكونوا كفارا ولا معتدين ، ومع ذلك فعل بهم الهادي ما لم يفعله النبي والخلفاء الراشدين من بعده بالكفار المحاربين !! "، أما الهادي فقد أباح لجنوده نهب أموال اليمنيين وأمرهم بهدم مساكنهم وقطع زروعهم وقد عبر عن ذلك شعرا فقال:

وحلت لي دماؤكم بحــقٍ وإخراب السوافل والعوالي

وقطع الزرع استوجبتموه بما قد كان حالا بعد حال!

ثم أصبحت أفعاله وأقواله سنة متبعة لدى دعاة الإمامة حتى اليوم، لأن أفعاله في نظرهم دليل شرعي كأفعال النبي، وكثير من الأئمة عندما كان البعض يثير التساؤلات حول مدى مشروعية ما يقومون به ضد خصومهم، كانوا يردون عليهم مستشهدين بما فعله الإمام الهادي، وعلى سبيل المثال، فقد أجاب الإمام أحمد بن سليمان على تساؤلات البعض حول مشروعية ما قام به من هدم البيوت وحرق الثمار لمعارضيه وذلك في كتابه الذي أسماه الرد على من طعن بالسيرة قائلا : " فأما خراب فلم يقع ذلك منا إلا في دور قوم ظهر عنادهم وكانوا فيما بدا كفارا محاربين كأهل غيل جلاجل ومن يجري مجراهم، ولا شك أن للإمام أن يسطوا على دورهم التي هي دور حرب بما أمكنه من قبض واستهلاك وذلك ظاهر من الشريعة، وأما من كان عليهم من الحقوق أكثر مما هو لهم من الأملاك يكون للإمام أن يقبض على جميع ما هو لهم على وجه التضمين، فان رأى أن هلاك تلك الأموال أصلح لإظهار الشدة والنكير على الظلمة، ولقلة التمكن من الاستيلاء عليهم والخوف من أن يتركها على حالها فيقوى بها أمر الظلمة فيكون ذلك لما يراه من المصالح كما فعله أمير المؤمنين عليه السلام من تحريق طعام المحتكرين. وكما روى عن الهادي إلى الحق عليه السلام أنه أمر بقطع نخل أهل نجران وعنب علاف وخراب قرية تعرف بقرية النميص وهي لأهل علاف، وخراب قرية تعرف ببطيحة بناحية حيدان، وكان خرابها بيد أخيه عبد الله بن الحسين وذلك ظاهر مشهور لما حاربوه ونصبوا له العداوة ".

 وعلى نفس المنوال جاءت تبريرات وتأصيلات الإمام عبد الله بن حمزة، حيث أستدل على مشروعية ارتكاب الجرائم ضد خصومه بما فعله الإمام الهادي، يقول عبد الله بن حمزة :" الهادي عليه السلام خرب النخل والزرع والأعناب بنجران وغيره، وعلي عليه السلام لم يعرض لما وراء ما في العساكر، والهادي عليه السلام طلب ذلك لأنه لما ظفر بالربيعة وأخذ حصنه المعروف بجبل تلمص أخذ أصحابه يومئذ منه أثاثاً عظيماً وسلاحاً ومتاعاً وأمر بقطع الأعناب ولم يقطع الشجر على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلا على الكافر، وقد قسنا الفاسق على الكافر في الأحكام، فما المانع من قياسه عليه في الأحكام الشرعية إلا ما خصه الدليل، وقد رأيت ما يخصص الدليل أنه يتبع رأي صاحب الولاية لأن الغرض قطع مادة الفسق والعدوان فما أداه نظره إليه فعله متحرياً رضى الله سبحانه، ولما ظهر الهادي عليه السلام على بني الحارث وهرب ابن حميد أمر بقطع نخيله لما تألبت أوباشه، فسأله بنوا الحارث أن يهب نخيله فقال عليه السلام: أما النخيل فأهبه لكم وأنا أطلب نفسه وإبله فإن ظفرت بذلك فلا لوم علي لكم، وعبد الله بن الحسين عليه السلام هجم صرم على بني الحماس من بني الحارث، فاكتسح أموالهم وبيوتهم، وكذلك أغنام المهاذر وأبقارهم وإبلهم وعبيدهم من أقعتين قسمها الهادي عليه السلام أخماساً أربعة بين الغانمين وخمساً له، فلما سقطوا عليه تألفهم بالخمس ورده عليهم، وأمثال هذا كثيرة، وإذا بقي للفساق جواز المناكحة والموارثة والقبر في مقابر المسلمين وصيانة الذرية فهذه أحكام كثيرة قد بقيت للتفرقة، فلولا إجماع السلف الصالح من الأئمة لأجرينا عليهم حكم الكفار عموماً.." .

 

وفي موضع آخر يقول مبررا نهب وتدمير ممتلكات مخالفيه وغنيمة أموالهم: "... والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول تعالى: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ"[البقرة:193] ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الله سبحانه أمرنا بقتال المشركين فكان كما تقرر في أحكامهم بسفك الدماء، وسبي الذرية، والظالم عندنا على وجهين ظالم لنفسه بالمعصية وظالم للناس بالجبرية، ولا شك عندنا بمعصية من تخلف عن الإمام، وكثر سواد الجبارين، وعمر أرضهم، وسكن بلادهم بغير إذن إمامه، وإنما قلنا تكون أموالهم غنيمة فلأنها أموال أخذت على وجه التنكيل على المعصية، وكانت غنيمة دليله الفيء، وقلنا تجب فيه القسمة وهذا حكم الغنائم؛ فإن ذكر أن علياً عليه السلام لم يعرض لما وراء عسكر أهل الجمل وأهل النهر فعندنا أن أولئك بغاة، وذلك اجتهاده عليه السلام فيهم، وأهل هذا العصر فساق متهتكون ظالمون هذه أسماؤهم وهي جارية بحدوث معانيها كما حدث اسم الفساق في زمان واصل بن عطاء، ولها أحكام مخصوصة منها: جواز أخذ الأموال، وهدم الديار، وخراب الزرائع، وقطع الأشجار، ودعوى الإجماع على أنه لا يجوز تغنم ما وراء عساكرهم لا يصح؛ لأنه لا سبيل إلى العلم بذلك من إجماع العترة فكيف بالأمة، وقد انتشر الإسلام في أقطار الأرض بحمد الله، ومسألتنا هذه حادثة، والعلم باجتماع الأمة فيها على قول غير ممكن، وأكثر ما يقال في ذلك أن يقال: لم نجد هذا قولاً لأحد.

فنقول: الذي لم تجدوه أكثر مما وجدتم، والهادي إلى الحق -عليه السلام- قد فعل ذلك في نجران وعلاف، فإنه هدم المنازل، وقطع النخيل والأعناب، (وأباح الأملاك للعشائر)، وأخذ أموال المهاذر وقسمها أخماساً، وأخذ من حصن النميص أثاثاً عظيماً، وسلاحاً، ومتاعاً، وكذلك ولده الناصر، هدم مدينة باري وهي مدينة كبيرة، ومدينة الكلائج وقطابه، وأخذ أموال قُدمْ جملة، ولم يميز مال اليتامى والأرامل، وكذلك فعل عبد الله بن الحسين - عليه السلام - مع بني الحارث، أخذ أموالهم وقسمها بين الغانمين، وخرب إبراهيم بن موسى بن جعفر - عليهم السلام - سد الخانق بصعدة وكان عليه بساتين عظيمة فخربت إلى وقتنا هذا وهو داعي محمد بن إبراهيم بن إسماعيل - عليه السلام -، وما بقى من الأحكام فهي للتفرقة بين الكفار وبينهم، وهي: " جواز مناكحتهم وموارثتهم، والقبر في مقابر المسلمين، وتحريم سبي ذراريهم، ولا تغنم أراضيهم. وللإمام منعهم من بيعها إن رأى في ذلك صلاحاً للمسلمين، ولا نجيز سلب ما يواري النساء من الثياب، وأقول إن ذلك عقوبة للمستحقين ومحنة على الآخرين يعيضهم عليها رب العالمين، إلا من علم من النساء أنها راضية بما يفعل الظالمون فإنها من الغابرين، وقد فعل الله سبحانه مثل ذلك في الأمم الماضية وهو أقدر القادرين على تمييز المستضعفين والأطفال من الجبارين، ولأن ذلك معلوم لنا في سلفنا الصالحين، فإنهم فتحوا الأمصار الكبار، والمدن العظام، فلم يعلم أنهم ميزوا بين الأملاك، ولا استخبروا عن الملاك، بل جعلوا الحكم للأعم الأكثر كما ذكرنا عنهم؛ لأن من سكن في بلاد البغاة كان حكمه في جواز الأخذ والقتل حكمهم؛ لأن الحكم للأعم الأغلب، كما نقول في المسلمين إذا سكنوا دار الحرب وكانت لهم أملاكٌ هناك، وأهل زماننا ليسوا من البغاة في شيء؛ لأن الباغي هو من يحارب الإمام على أنه محق والإمام مبطل فيكون متأولاً في حربه، كما كان في الخارجين على علي - عليه السلام -، وهو معنى قوله تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا…الآية"[الحجرات:9] وهل ينكر أحداث الأحكام في المسائل إلا جاهل أو متجاهل، ولقد قال المؤيد بالله - رضي الله عنه -: ما أعلم بهذا قال قائلاً قبل يحيى - عليه السلام - فما نقصه ذلك، وقد أخذ علي - عليه السلام - المال لأجل المعصية لا غير، كما فعل في مال المحتكر، وهو يقضي بأن لصاحب الأمر النظر واجتهاد رأيه في الحوادث، ولهذا فإنه - عليه السلام - عف عن دور أهل البصرة مع البغي وخرّب دار جرير بن عبد الله وغيره. فأما فساق زماننا وظلمتهم، فما معهم من الإيمان إلا مجرد الشهادة، فبعض اليهود ينطق بها من دون التزام أحكام الشريعة فلم يخرج بذلك من حكم اليهودية ولا دخل في حكم الإسلام، ولا تطهر أدناسهم إلا ما ذكرنا من استئصال شأفتهم وتعميم الحكم فيهم في هذه الدنيا لتعذر التمييز فيهم. فأما الغرامة للمستضعفين عماّ أخذ منهم المجاهدون لتعذر التمييز فهو مبني على الإمكان وسعة المال، فإن لهم فيه حقاً وإن لم تهلك أموالهم، فإن قلَّت الأموال وجب (الإيثار للمجاهدين) ودفع الضرر الأعظم واطلاع منار الحق، والناصر للحق - عليه السلام - لم يرُع أهل قلعة شالوس وهم فتكوا في أمانه ولم يطعن عليه بذلك أحد من أهل العلم، ولسنا نتعمد النساء والأطفال بالقتل ولا نجيزه، ولا ندين الله به، وكيف وقد قال تعالى: "وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى، أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"[النجم:37،38].

 

ويجوز للإمام أن يعفو عن الفاسقين والكافرين، كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه، وفعله أمير المؤمنين علي - عليه السلام - يوم الجمل في مروان بن الحكم وغيره، وعلي - عليه السلام - لم يهدم في البصرة داراً، ولا فتح باباً، ولا اتبع منهزماً، وهدم بعد ذلك منازل على مجرد البغي، وحرق طعام المحتكر، ولم يقل له لم أحدثت حكماً ولم سميت اسماً؟ وفيما ذكرناه مما لم يذكره آباؤنا - عليهم السلام - مزيد فائدة وبيان حكمٍ نرجو أن يكتب لنا الأجر بذلك" .

 

وقد فعل ذلك الهادي عليه السلام في نجران وعلاف فإنه هدم المنازل، وقطع النخيل والأعناب، وأباح الأملاك للعساكر، وأخذ أموال المهادر من أفقين الإبل والبقر والغنم والعبيد، وقسمها أخماساً، وبهديه اهتدينا، وعلى تأسيسه بنينا، ولو خالف اجتهادنا اجتهاده عليه السلام لما اعتدينا .

ويقول أيضا [ خراب دور بني محمد ]

وسألت: "ما الحجة على جواز خراب دور بني محمد بروحان وبيعها بمال بني همام وقد أقبل الكل وتاب وامتثل المراسم؟ الكلام في ذلك : إن الدليل على خراب منازلهم كفرهم بالله تعالى وكون دارهم دار حرب يجوز تحريقها وهدمها وتغريقها، وأصحابهم حكمهم كحكمهم ولكن لا يمنع الشرع من صلح بعض الكافرين وحرب الفريق الآخر، وقد فعل ذلك رسول اللهً صالح بني مدلج وسواهم من العرب، وحارب قريش وسالمهم في بعض الحالات.

 

فأما القوم فلا صحة لتوبتهم، وكيف تصح توبتهم والكفار بين أظهرهم من المطرفية الكفرة الأشرار الذين بدلوا نعمة الله كفراً، وأحلوا قومهم دار البوار، جهنم يصلونها وبئس القرار، ابن برية وأصحابه ساكنون في الجهة إلى تصدير كتابنا هذا في شهر شوال سنة عشر وستمائة، وعلى أن القوم عليهم من الحقوق الواجبة التي لا يجوز ترك المطالبة بها وتضمينها من أتلفها، وهي تستغرق أموالهم ومنازلهم، وللإمام أن يهدم كما فعل علي عليه السلام في دار جرير بن عبدالله البجلي، فإنه هدمها وسوابقه في الإسلام لا تنكر، ومجال حروب القادسية عليه وعلى قومه، وقال رسول الله ً: ((من خير ذي يمن)) فما عسى أن يكون بنو محمد روحان، وأين سوابقهم في الإيمان، ومن المراسم عليهم طرد المطرفية الأشرار فما نفوهم إلى الآن فأي توبة لهم، وأي صلاح لهم، وإنما هذه مسائل الأشرار الذين يريدون لبس الحق بالباطل، وتكدير سلسال الحق بزردي الباطل .

 

هدم دور اليتامى والأرامل

كان الأئمة يقومون بهدم قرى بأكملها وفيها بيوت أرامل ويتامى ومستضعفين، وحين كان البعض يعترض عليهم، كانوا يردون أن ذلك جائز، وان من هدم منزله وهو برئ فان الله سيعوضه يوم القيامة !، وكان علماؤهم يدافعون عن هذه الأفعال، كما فعل الهادي بن إبراهيم في تبرير أفعال الإمام صلاح بن علي ( ت 793ه)، وقد نقل دفاعه وتبريره الشرفي في كتابه دولة بني رسول فقال : " قال السيد العلامة الهادي بن إبراهيم -رحمه الله- في كتابه المسمى (كريمة العناصر في الذب عن سيرة الإمام الناصر): وذلك أنه اعترض على الإمام -عليه السلام- من يدعي العلم باعتراضات لا تقدح في حق الأئمة، فأجاب عنها السيد المذكور بما تضمنه هذا الكتاب المبارك، وجملتها عشرون اعتراضاً.

ومما قال السيد المذكور -رحمه الله تعالى-: في الاعتراض بخراب دار اليتيم ومن لا ذنب له في جملة دور يأمر الإمام بخرابها على العموم من باب العقوبة ومن وجه غير ذلك، واعلم أن هذا الاعتراض من جملة وساوس يلقيها الشيطان والجهل في قلوب إخوانهما، قال: ونحن نتكلم على هذا الاعتراض بما يكون لكل غلة سقا ولكل علة شفا. قالوا: كيف يجوز هدم دار اليتيم ومن لا ذنب له من الأرامل والضعفاء والله تعالى يقول:{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الإسراء:15].

 

قلنا: هذا السؤال وارد على الأئمة الهادين، وقد اعترض به بعض إخوانكم الجاهلين لأحكام رب العالمين ووجه الاعتراض إلى الإمام المنصور بالله -عليه السلام- ونحن نذكر جوابه -عليه السلام-، قال -عليه السلام-: أقول أن ذلك عقوبة على المستحقين ومحنة على الآخرين يعيضهم عليها رب العالمين، وقد فعل الله [مثل] ذلك في الأمم الماضين وهو أقدر الأقدرين على تمييز المستضعفين والأطفال من الجبارين ولأن ذلك معلوم لنا من سلفنا الصالحين فإنهم فتحوا الأمصار الكبار والمدن العظام، فلم يعلم أنهم ميزوا بين الأملاك ولا استخبروا عن الملاك بل جعلوا الحكم للأعم الأكثر وأمثاله في الشريعة كثير. الهادي -عليه السلام- قد أخذ جفاة وأملح وهدم قرية النميص ونجران وهدم المنازل وقطع الكروم ولم يعرف منه -عليه السلام- تمييز ولا طلب ذلك وكان عسكره يغيرون فيأخذون الأموال، ولم يعلم منه بحث ولا سؤال عن ذلك، وكذلك ولده الناصر -عليه السلام- هدم مدينة باري وهي مدينة كبيرة والكلابح وقطابة وأخذ أموال قُدَمْ جملة ولم يميز مال اليتامى والأرامل المستضعفين وخرب الهادي -عليه السلام- بلاد الربيعة خراباً عاماً ولم يعلم منه -عليه السلام- بحث عن أملاك اليتامى وأموال الأرامل والضعفاء. والإمام أحمد بن سليمان -عليه السلام- خرب غيل جلاجل وهدم قرى على العموم وهي بلاد واسعة قدر مسير ثلاثة أيام كما قال الإمام أحمد بن سليمان -عليه السلام- في قصيدته المشهورة.

أجليتهم عن أرضهم وبلادهم ... ولعلها تأتي ثلاثُ مراحلِ

وحصونهم معدودة معروفة ... مائتان قد حُسبِت وأي معاقلِ

وقد أخرب الإمام القاسم بن محمد ( ت 1029ه /1620م ) قرية الوعلية في المحابشة وحين عاتبه العلامة أحمد بن محمد الشرفي (ت 1055ه‍/ 1645م)، باعتبار أن هدم القرية قد ألحق أضرارا بأطفال ونساء ومن لا ذنب لهم، رد عليه مبررا ومؤصلا فعلته الشنيعة مستندا إلى أفعال الأئمة من قبله، وقد ذكر المؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي (ت1077 ه‍/1666م) جواب هذا الإمام على الشرفي، وننقله هنا بنصه: "قال السيد العلامة أحمد بن محمد نفع الله به: وله عليه السلام جواب علي وقد كتبت إليه في شأن خراب الوعلية، وهي قرية من قرى الشرف الأعلى، فقال في جوابه ما لفظه بخط يده الكريمة بعد البسملة: بلغ كتاب السيد المقام، الفاضل العلامة، شمس الدين: أحمد بن محمد بن صلاح يسر الله أمره وشرح صدره، وأتحفه بشريف السلام ورحمة الله وبركاته، وعرفنا ما ذكره من النصيحة وترك خراب الوعلية، وأن فيها من لا ذنب له، فاعلم أنه بلغنا أنهم آووا السدني وآخر معه ولاقوه، وأضافوا، ووقف في بيت الشرايف ولم ينكر عليهم أحد، ولا نبهّوا عليكم، ولا فعلوا شيئاً مما يجب حتى دخلوا كحلان المأخوذ المحروب إن شاء الله...إلخ. وهذا الكتاب إلى السيد نفع الله بهما في النهضة الأولى في عام سبع وألف[1598م]، وأخرب الله هذا الحصن المذكور على يده عليه السلام عام أربع أو ثلاث وعشرين[وألف] وهو على ذلك إلى الآن، وقد أرسلنا على أهل الطرق وفيهم من الضعفاء مثل الذي في مهبط الشيطان، ومغرس الفتنة، وبالهادي عليه السلام وبغيره من الأئمة اقتديت فإن الإمام إبراهيم بن موسى بن جعفر أخرب سد الخانق بصعدة وكان يسقى لطائفة من الناس فهم من الضعفاء كالذين بالمؤتفكة، وكذلك الهادي عليه السلام قطع أعناب أملح ونخيلها من بلاد شاكر، وفيهم مثل من ذكرت، وكذلك أيضاً قطع أعناب حقل صعدة بوادي وعلان ونخيل بني الحارث بنجران، وولده الناصر عليه السلام أخرب أرض قدم كلها ولم يسأل عن بيت يتيم ولا أرملة، ولا ضعيف، وفي سيرة الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام أنه أخرب العادية في بلاد ظليمة، وأشياء مذكورة في مثل ذلك كثيرة، وكذلك الإمام أحمد بن سليمان عليه السلام أخرب صعدة القديمة، وغيرهم من سائر الأئمة عليه السلام، والإمام المنصور بالله عليه السلام نص على ذلك نصاً، وإمامنا الإمام الناصر لدين الله خرب قرية في الكريش يقال لها: الجند والعصرة في بني محمد، وعزان بني أسعد، وقاهر في بلاد المداير، ولم يسألوا عن بيت يتيم ولا أرملة. واحتج الإمام الحسن عليه السلام على ذلك بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وهي حجة الأئمة عليهم السلام، ومما يحتج به أيضاً أنا روينا بالإسناد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمالي أبي طالب عليه السلام أنه قال: ((إن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه إني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألف من شرارهم، وستين ألفاً من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لن يغضبوا لغضبي)). وفي الأمالي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن الله أمر أن يخسف بمدينة أو يعذب -السهو من عندي- فقالت الملائكة: إن فيها يا رب العابد الفلاني أو فلان العابد-السهو من عندي- فقال الله تعالى: اسمعوني ضجيجه فإنه لم يغضب لغضبي)). وفي الأمالي عنه أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ما من قوم يكون بينهم من يعمل فيهم بالمعاصي فلم يأخذوا على يده إلا عمهم الله بعذاب)). وهؤلاء هل أنكروا منكراً، أو هاجروا؟ هم بين أهل المعاصي يرون ويسمعون، ثم كان في هذه الأيام ما أدخلوا أهل الفساد إلى بين الشرائف يا منكراه يا منكراه. انتهى بلفظه من خطه عليه السلام" .

 

دفاع علماء الهادوية المعاصرين عن جرائم الحوثي

هذا التراث الممتلئ بجرائم الأئمة في هدم وتدمير بيوت مخالفيهم، هو ما جعل علماء الهادوية المعاصرين يغضون الطرف عن ما يفعله الحوثي لأنه يستند إلى ما فعله الأئمة ، وأي إدانة لأفعاله هي إدانة بالضرورة لائمة الهدى ومصابيح الدجى ! ، ولهذا فان أقصى ما فعلوه أن يعبروا عن عدم رضاهم عن تدمير المنازل لكن دون الإشارة إلى حرمة ذلك وعدم جوازه بل أن هناك محاولات لتبرير ما يقوم به الحوثي ، كما فعل العلامة الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري عندما سؤل عن تفجير الحوثيون لمنزل خصومهم ، فأجاب : " أنا لست موافقا على تفجير منازل الخصوم ، لكن هناك مقرات ومساكن بنيت على باطل ، وعندما تم تفجير منازل بيت الأحمر في عمران نزلت حاشد من فوق الحمار ، بمعنى " ترهبون عدو الله وعدوكم " "

 

هذا طبعا قبل أن يصلوا صنعاء في 21 سبتمبر 2014، أما بعدها فقد كانوا ـ ولا زالوا ـ يعتبرون ما يقوم به الحوثي جهادا مشروعا ضد من يطلقون عليهم "المنافقين" وهم كل من يعارض الحوثي ويرفض مشروعه.

للاطلاع على الدراسة مع المراجع من خلال الملف التالي:

مجزرة الحوثي في رداع تصرف فردي أم جريمة ممنهجة

 

* زايد جابر (كاتب وباحث)

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد