أهمية الصلاة في حياة المسلمين

2024-03-17 00:02:55 أخبار اليوم/ متابعات

   

الصلاة هي أحد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأفضل الأعمال بعدهما، وقد جمعت متفرق العبودية، وهي أول ما اشترطه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد التوحيد، ولم تخل شريعة مرسل منها، وهي فرض عين؛ فدل على حرمتها، وتأكد وجوبها على كل مكلف، وكثير من المتهاونين في شأن الصلاة لا يدركون أهمية الصلاة، والآثار المترتبة على ترك الصلاة أو التهاون بها في الدنيا والآخرة، ومن أهمية الصلاة في حياة المسلمين.

 

 1- الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا} [أي: تَابُوا عَنِ الشِّرْكِ، والْتَزَموا أَحْكَامَ الإِسْلامِ] {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11].

عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه – أنَّ رَجُلًا قال - لَمَّا قَسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الغَنائِمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ! فقال: «وَيْلَكَ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ». فقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: «لاَ؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي» (رواه البخاري ومسلم).

 

 2- الصلاة أهم أمور الدين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» (صحيح - رواه الترمذي).

فالصلاة قوام الدين الذي يقوم به؛ كما يقوم الخباء على عموده.

وهَلْ يَرْفَعُ الخِبَاءَ أَلْفُ وَتَدْ ** إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِمَادٌ فِي الْوَسَطْ؟

كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه- إلى عماله: «إِنَّ أَهَمُّ أُمُورِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةَ، مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِسِوَاهَا أَضْيَعُ» (رواه مالك في "الموطأ").

 

3- الصلاة أم العبادات: كلف المصلي أن تستحوذ الصلاة عليه ظاهرا وباطنا، وتستغرق قلبه ولسانه وجوارحه، قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلً» (متفق عليه).

 فيحرم على المصلي الأكل والشرب والالتفات، بخلاف ما عدا الصلاة؛ فللصائم أن يتكلم ويتحرك، وللحاج أن يأكل ويشرب.

 

4- الصلاة أمر الله تعالى وأمره- -تبارك وتعالى- تجب طاعته، والمبادرة إلى امتثاله؛ قال تعالى: {قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31] وقال سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238].

وقد أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا – وهو القائِلُ: «جُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» (رواه البخاري).

 

5- الصلاة هي الوصية الأخيرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن أم سلمة رضي الله عنها؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول- في مرضه الذي توفي فيه: «الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»، فما زال يقولها حتى ما يفيض بها لسانه» (صحيح – رواه ابن ماجه). أي كررها حتى عجز لسانه وكسل عن نطقها.

 

6- الصلاة مرآة عمل المسلم، وميزان تعظيم الدين في قلبه: فهي المقياس الحقيقي الذي يحكم به على دين الرجل، وإذا أردت أن تقيس إيمان شخص؛ فانظر إلى مدى تعظيمه للصلاة، ومن الخطأ تزويج البنت لرجل لا يصلي؛ فقد ظلمها وظلم ذريتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَهُ عِنْدَ اللهِ؛ فَلْيَنْظَرْ مَا للهِ عِنْدَهُ» (حسن – رواه الدارقطني). قال الحسنُ البصرِيُّ رحمه الله: (يَا ابْنَ آدَمَ أَيُّ شَيْءٍ يَعِزُّ عَلَيْكَ مِنْ دِينِكَ؛ إِذَا هَانَتْ عَلَيْكَ صَلَاتُكَ) (رواه البيهقي).

 

 7- الصلاة شعار دار الإسلام: كما يرتفع حكم الكفر عن الشخص بالصلاة؛ مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا؛ فذلك المسلم الذي له ذمة الله، وذمة رسوله» (رواه البخاري).

كذلك يرتفع حكم الكفر عن البلد بظهور شعائر الإسلام وأحكامه، وفي مقدمتها الصلاة؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا غزا بنا قوما، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر؛ فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم» (رواه البخاري).

 

8- الصلاة إيمان: سمى الله الصلاة إيمانا في قوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي: صلاتكم عند البيت.

قال البيهقي رحمه الله: (وليس من العبادات- بعد الإيمان الرافع للكفر- عبادة سماها الله -عز وجل- إيمانا، وسمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تركها كفرا إلا الصلاة). وقال أيضا: (وقد ذكر الله جل جلاله الإيمان والصلاة، ولم يذكر معهما غيرهما، دلالة بذلك على اختصاص الصلاة بالإيمان، فقال: {فلا صدق ولا صلى} [القيامة: 31]، أي: فلا هو صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآمن به، ولا صلى).

 

 9- الصلاة شعار حزب الله المفلحين، وأوليائه المرحومين: فمن لم يصل فهو من حزب الشيطان الخاسرين؛. قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ} [التوبة: 71].

 

10- الصلاة هي عبودية كل الكائنات: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [النور: 41]. أي: كل له صلاة وعبادة بحسب حاله اللائقة به، وقد ألهمه الله تلك الصلاة والتسبيح، ونحن لا نعلم كيفيتها؛ كما قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]. وحَكَى اللهُ تعالى – قَولَ الملائكةِ: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات: 165]. وقال صلى الله عليه وسلم – لأصحابِه: «أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا» - ثم ذكر كيفية اصطفافهم فقال: «يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف» (رواه مسلم).

 

 11- الصلاة مدرسة خلقية: قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 19-23]. فاستثنى المحافظين على الصلاة من أصحاب الأخلاق الذميمة.

 

12- الصلاة شكر لنعم الله عز وجل: الشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة، والصلاة أعظم ما يعبر به عن شكر نعم الله علينا. لما بشر الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأقر عينه بإعطائه نهر الكوثر في الجنة، وحوضه في الموقف؛ أرشده إلى شكر هذه النعم الجليلة؛ فقال له: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. ولما أنعم الله عليه بفتح مكة؛ بادر إلى شكر هذه النعمة الكبرى، فدخل دار أم هانئ بنت أبي طالب، واغتسل، وصلى ثماني ركعات؛ شكرا لله تعالى. وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- قال: قام النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تورمت قدماه، فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا» (رواه مسلم).

 

 13- الصلاة إغاظة للكافرين، ومراغمة لأعداء الدين: يغتاظ الشيطان إذا رأى المصلي يسجد لله تعالى، وحق لإبليس أن تغيظه الصلاة، وترغم أنفه؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمى سجدتي السهو المرغمتين» (صحيح – رواه أبو داود). وفي رواية: «ترغمان أنف الشيطان» [أي: تذلانه] (حسن – رواه ابن خزيمة). وإقامة الصلاة تغيظ أعداء المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين» (صحيح – رواه ابن ماجه).

 

 14- الصلاة تحرير للبشرية: الإنسان فقير بذاته، يتطلع بفطرته إلى الخضوع والذل، والعبودية لخالقه وفاطره تبارك وتعالى، ويتحرر من أهوائه؛ فالهوى شر وثن يعبد: {أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]. وكل مخلوق سيبقى عبدا شاء أم أبى، فإن رفض الخضوع لله اختيارا؛ فسيخضع لمخلوق مثله، لا يملك له نفعا ولا ضرا، وبهذا يكون استبدل عبودية بعبودية، ولم يخرج من العبودية إلى الحرية؛ بل خرج من عبودية الله تعالى إلى عبودية الطاغوت؛ وثنا أو صنما أو بشرا، أو شمسا أو قمرا!

   

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد