حرب الحوثيين على المنظمات الإنسانية.. ما تأثيرها على معيشة اليمنيين؟

2024-02-13 02:46:36 أخبار اليوم_ المجهر

 

  

تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا ضغوطاتها على المنظمات الإنسانية الدولية والأممية، بالتزامن مع استغلالها للقضية الفلسطينية في تنفيذ الأجندة الإيرانية، وسط تحذيرات من تدهور الوضع الإنساني الكارثي في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح منذ انقلابها قبل تسع سنوات.

 

وفي 20 كانون الثاني/يناير المنصرم، أبلغت ميليشيا الحوثي، مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن، ومن خلاله جميع المنظمات الإنسانية، بأن أمام موظفيها الأمريكيين والبريطانيين مهلة شهر (حتى 20 فبراير الجاري) للاستعداد لمغادرة البلاد.

 

وجاء الإخطار بعد الضربات الأمريكية البريطانية المشتركة، التي استهدفت مواقع لميليشيا الحوثي، لردعها عن مواصلة استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، التي تقول الميليشيات المدعومة إيرانيًا ارتباطها بإسرائيل أو متوجّهة إليها، تحت مزاعم مساندة غزة التي تتعرض لجرائم إبادة جماعية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر الماضي.

 

تجويع اليمنيين

يتحدث مدير حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء "فهمي الزبيري"، لـ"المجهر" قائلا: إن ميليشيا الحوثي تسعى إلى عزل اليمن عن العالم بممارساتها وانتهاكاتها المتواصلة ضد المنظمات الإنسانية والإغاثية وتهدف إلى مضاعفة تجويع اليمنيين بعد تسع سنوات من نهب مرتباتهم، وتزايد أعداد الجوعى واتساع رقعة الفقر بشكل مفزع، حيث تفيد التقارير الدولية بأن 21 مليونا بحاجة إلى مساعدات عاجلة وطارئة.

 

ويضيف، أن الممارسات الحوثية ممنهجة لتجويع اليمنيين لتمرير مشاريعها الخاصة بالفكر السلالي الطائفي الذي يتناقض مع الدستور اليمني والقوانين النافذة.

 

ويؤكد الزبيري أنه ليس غريبا على ميليشيا الحوثي هذه الممارسات غير القانونية ضد المنظمات الدولية ومنها الاعتداء وخطف موظفيها وفرض شروط على عملها، لكن ما يدعو للاستغراب صمت المنظمات الأممية وعدم اتخاذ مواقف جادة تجاه الانتهاكات التي تتعرض لها.

 

خطوة انتقامية

تعتقد رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات المحامية هدى الصراري، أن السبب وراء طلب ميليشيا الحوثي من المنظمات الدولية مغادرة الموظفين حاملي الجنسية الأمريكية والبريطانية مغادرتهم لليمن يعود إلى الخسارة الكبيرة التي منيت بها ميليشيا الحوثي وآخرها تشييعهم 11 جنديا، قتلوا في الضربات الأخيرة على مواقع عسكرية كانت تستخدمها الجماعة لمهاجمة السفن في البحر الأحمر.

 

وتضيف الصراري لـ "المجهر"، أن الخطوة الحوثية ناتجة عن موقف أمريكا وبريطانيا من هجماتها وقرصنتها في البحر الأحمر، بالإضافة إلى تصنيف الحوثيين كـ"جماعة إرهابية" والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال أيام قليلة.

 

وتشير إلى أن "الجماعة الحوثية لم تتوقع تلك المواقف الحازمة ولم تعهدها من قبل، حيث ما كانت الأخيرتان تلوحان بالتهديد الذي عادة لم ينفذ، لكن بعد معرفة الخطر الحقيقي للحوثيين والذي لا يدع مجالا للشك بأنها أحد أهم محورا للممانعة في الوقت الحالي، فهم بالنسبة لإيران الأقل كلفة وتحقيقا لرغبات إيران بالمنطقة".

 

تحذيرات دولية

مطلع الشهر الجاري، أفاد تقرير دولي بأن سبع محافظات تخضع لسيطرة ميليشيا الحوثي، ستواجه أسوأ حالات انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأشهر المقبلة.

 

وذكرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ( USAID ) في تقريرها الأخير، أنه يتوقع أن تنزلق محافظات: عمران وحجة والحديدة والجوف والمحويت وصعدة والأجزاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي في تعز، إلى مستوى حالة الطوارئ أو أسوأ، بين فبراير ومايو 2024، وفقاً لتحليل أجرته شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة.

 

ويؤكد حقوقيون، أن الميليشيات الحوثية لا تفكر بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، بقدر ما تحرص على تنفيذ أجندتها السلالية وأجندة إيران التوسعية.

 

وأشاروا إلى أن الخطوات الحوثية ضد المنظمات، تنذر بانقطاع المساعدات الإنسانية وانهيار الوضع المعيشي للشعب، لاسيما في ظل استمرار الجماعة في مصادرة حقوق المواطنين، وتصاعد عمليات النهب والجبايات.

 

تبعات خطيرة

وعن تبعات خطوة ميليشيا الحوثي بطرد العاملين في المنظمات الدولية، أكدت الصراري أن ثمة تبعات خطيرة بالفعل على المستوى المتوسط والبعيد، خاصة لو دخل توصيف الميليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية حيز التنفيذ ومن الدرجة الأولى.

 

وتؤكد "الأمر سيقع بآثار كارثية على المساعدات الإنسانية التي تدخل لليمن عبر المنظمات الدولية وسيؤثر ذلك على الأزمة الإنسانية التي تعتبر الأسوأ في العالم وستغلق مكاتب المنظمات الإغاثية والإنسانية وسيتوقف الإمداد الغذائي والبرامج الداعمة للفئات الهشة".

 

وتضيف الصراري أن ذلك سيصعب مسألة التحويلات المالية عبر العالم لليمن، علمًا بأن المحرك الأساسي للاقتصاد في اليمن هم المغتربون وتحويلاتهم لليمن، كما سيصعب دخول أي مساعدات أو بضائع، وفعلا سيعزل اليمن وسيعامل اليمنيين بشكل سيء في كل مطارات العالم أو على الأقل سيخضعون لمعاملة أكثر تشددا بسبب هذا التوصيف.

 

عبث بالمساعدات

 يؤكد مدير حقوق الإنسان بأمانة العاصمة "فهمي الزبيري"، أن ميليشيا الحوثي تمارس العبث بالمنح والمساعدات الغذائية منذ وقت مبكر، وتستخدمها في المجهود الحربي وتعزيز الحرب في البلاد".

 

ويشير إلى أن "بعض المنظمات كشفت عن تجاوزات ميليشيا الحوثي، وهو ما أزعج الميليشيات التي تسارع إلى إحكام قبضتها كليًا على أعمال المنظمات الإنسانية في مناطق سيطرتها.

 

ويرى الزبيري، أن إصرار ميليشيا الحوثي في طرد ومضايقة العاملين في المنظمات الأممية، يشكل خطرا وتهديدا على حياة المواطنين خاصة الأطفال والنساء، ويفاقم من سوء الأزمة الإنسانية، لاسيما بعد توقف أعمال منظمة الغذاء العالمي نتيجة الفساد والتضييق على أنشطتها ونهب أموال المعونات الدولية.

 

الحرب على المنظمات

حرب ميليشيا الحوثي على المنظمات الأممية والدولية ليس جديدا، حيث تواجه المنظمات ضغوطًا كبيرة من قِبل الميليشيات، وعمليات قمع في محاولة لتطويع عملها بما يخدم أجندتها، وفي الوقت ذاته التزمت العديد من المنظمات الصمت إزاء جرائم ميليشيا الحوثي ونزلت عند رغبات ومطالب الميليشيات، فيما فضل البعض الآخر المغادرة إلى عدن.

 

وأواخر نوفمبر الماضي، نقلت منظمة فريدريش إيبرت الألمانية، Friedrich Ebert ، مكتبها في اليمن من صنعاء الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي إلى العاصمة المؤقتة عدن، على خلفية المضايقات التي تلقتها، ومنعها من ممارسة أنشطتها.

 

وجاء نقل فريدريش إيبرت الألمانية لمكتبها، بعد يومين، من مغادرة نائب رئيس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة "سفير الدين السيد"، العاصمة صنعاء إلى عدن.

 

وفي 24 أكتوبر الماضي، أبلغت ميليشيا الحوثي أسرة" هشام الحكيمي" مدير الأمن والسلامة لدى منظمة "رعاية الأطفال"، بوفاته في السجن بصنعاء، بعد نحو شهرين على من اختطافه، لكن الحكومة المعترف بها ومنظمات حقوقية اتهمت الميليشيات بتصفيته في السجن، وهي حادثة قوبلت بإدانات واسعة من منظمات وجهات دولية وإقليمية وأممية.

 

ومطلع أغسطس الماضي، اختطفت الجماعة "مبارك العنوة" أحد موظفي المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن، من إحدى النقاط في محافظة إب، وعملت على إخفائه قسرا.

 

كما تواصل ميليشيا الحوثي اختطاف ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة (اثنان محتجزين منذ نوفمبر 2021، وآخر منذ أغسطس 2023)، و(11) من موظفي السفارة الأمريكية لدى اليمن والوكالة الأمريكية للتنمية المحليين "السابقين، الحاليين"، منذ قرابة عامين، وإخفائهم قسرا في ظروف غامضة، ودون أن توجه لهم أي تهم، أو السماح لهم بمقابلة اسرهم، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، وفق تصريحات لمعمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة المعترف بها دوليًا.

 

وأكد معمّر الإرياني أن هذه الأعمال الإرهابية هي نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها عن القيام بواجباتها، وتساهلها في التعامل مع ميليشيا الحوثي الإرهابية، وتدليلها، وغض الطرف المتواصل عن الجرائم والانتهاكات المروعة التي ارتكبتها بحق اليمنيين، والذي دفعها للتمادي أكثر.

 

ودائما ما تطالب الحكومة اليمنية، المنظمات الأممية والدولية بنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، معلنة تقديم كافة التسهيلات للمنظمات الأممية والدولية للعمل من العاصمة المؤقتة بما يؤدي إلى حياديتها وعدم تدخل الميليشيات في عملها.

    

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد