فوضى البحر الأحمر وسلوك ميليشيا الحوثي تقود باليمنيين نحو أزمة غذائية قبل شهر رمضان المبارك

2024-02-12 02:32:19 أخبار اليوم_ يمن مونيتور

 

  

في مثل هذه الأيام يستعد اليمنيون لشهر رمضان المبارك، ليس فقط السكان بل التُجار ورجال الإغاثة فتمتلئ السفن في الموانئ اليمنية بالمواد الغذائية المستوردة.

 

لكن ذلك لم يحدث بَعد بسبب متغيرات في البحر الأحمر بعد هجمات ميليشيا الحوثي على الشحن، والهجمات الأمريكية البريطانية المضادة، والتي تجعل انجراف البلاد نحو أزمة غذائية أمراً حتمياً كما تقول منظمات إغاثة وتجار وخبراء اقتصاد.

 

وتعتبر مدينة الحديدة رابع أكبر مُدن اليمن من حيث الكثافة السكانية، وكان الميناء الحيوي للبلاد يتعامل مع 80% من المساعدات التي تدخل اليمن في الشهر السابق لرمضان لكن مع فوضى البحر الأحمر يبدو أن المساعدات والبضائع تتضاءل مع توقف منظمات عن إرسال المساعدات أو تقليصها.

وقال مستوردا يمنيا لـ”يمن مونيتور”: إنها أسوأ الأعوام مع تردد السفن عن شحن بضائع إلى اليمن وارتفاع تكاليف الشحن.

 

وهو ما يعني صيام اليمنيين طوال النهار والجوع طوال الليل. وهو نهج يبدو أنه سيكون سائداً خلال رمضان هذا العام.

 

ومع عسكرة الحديدة من جديد، فقد اليمن أحد أهم شرايين الحياة الغذائية، وتعني الجولة الحالية من الصراع أن الشعب اليمني من المرجح أن يعاني من انعدام الأمن الغذائي أكثر من أي وقت مضى.

 

ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، فإن أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من مستويات الأزمة والطوارئ من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك 2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية و1.3 مليون أم حامل ومرضعة.

 

ومع تراجع المساعدات الإنسانية، وارتفاع الأسعار وتدهور الأمن، يتعرض عدد أكبر من الناس لخطر المجاعة وسوء التغذية أكثر من أي وقت مضى. وهذا لا يشكل ضغطاً على سوق المواد الغذائية التي تعاني بالفعل في اليمن فحسب، بل إن الخدمات الطبية تكافح للتعامل مع حالات سوء التغذية.

 

والأسبوع الماضي حذرت منظمات الإغاثة العاملة في اليمن من ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير التسليم بسبب هجمات البحر الأحمر التي تشنها ميليشيا الحوثي والتي تهدد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

 

تضييق على الإغاثة

وقال مسؤول إغاثة في صنعاء لـ”يمن مونيتور” إن منظمته تلقت إخطارات من منظمات تدعم مشاريع إغاثة في أوروبا بتوقف الدعم حتى إشعار آخر.

 

ولفت إلى أن الأمر مرتبط بالهجمات في البحر الأحمر، حيث أبلغت خارجيات الدول الأوروبية بوقف تمويل مشاريع إنسانية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.

 

لكن مسؤولاً في منظمة أخرى قال لـ”يمن مونيتور” إن تساؤلات من المنظمات الموجودة في أوروبا حول علاقة المنظمة وموظفيها بميليشيا الحوثي وإن كان الحوثيون يحصلون على أي تمويل. مضيفاً: وعلى الرغم من أن منظمتنا بعيدة عن ميليشيا الحوثي إلا أن مسؤولي الارتباط في تلك المنظمات أبلغونا أن المشروع الحالي قد يكون آخر مشروع حتى تتغير سياسة بلادهم.

 

في يناير/كانون الثاني منحت ميليشيا الحوثي الموظفين الأمميين الأجانب 30 يوماً لمغادرة الأراضي الخاضعة لسيطرتها.

وزادت حملات الملاحقة من “المجلس الأعلى للإغاثة (سكشما)” للمنظمات في مناطق سيطرة الجماعة والحد من عملها والتضييق عن العاملين في قطاع الإغاثة.

 

وقال المسؤولان الإغاثيان إنهما تعرضا لاتهامات بالعمالة والخيانة وبيع أسرار البلاد للأجانب! وقال أحدهما: كانت هذه الاتهامات في فترات متباعدة في الماضي لكن الآن بشكل شبه يومي توجه لنا هذه الاتهامات.

 

أزمات تموينية قبل رمضان

من الناحية الاقتصادية يبدو الوضع أكثر سوءاً، إذ تصاعد الفوضى في البحر الأحمر أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري وارتفاع أقساط التأمين.

 

وتقول ميليشيا الحوثي إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي الذي يشن عدواناً وحشياً على قطاع غزة. وساهمت هجمات ميليشيا الحوثي وزيادة الوجود الأمريكي والغربي في البحر الأحمر لشن هجمات على الجماعة المسلحة منذ يناير الماضي في تحويل كثير من سفن طرقها بعيداً عن جنوب البحر الأحمر. ويقول خبراء الاقتصاد إنه رغم حديث ميليشيا الحوثي عن استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل إلا أن تكاليف الشحن إلى اليمن ارتفعت ما يعني ارتفاع الأسعار بما في ذلك المواد الغذائية .

 

وقال المستورد في مناطق ميليشيا الحوثي إن جبايات الجماعة وارتفاع الشحن، وضعف الحصول على العملة الصعبة أدت إلى مصاعب كبيرة للتجار والمستوردين، بما في ذلك التأمين الحكومي لخفض تكاليف الشحن.

 

وفشلت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في تأمين مبلغ 50 مليون دولار كوديعة تأمينية في نادي التأمين في لندن، سبق وتعهدت بها لخفض تكاليف الشحن البحري للسفن إلى الموانئ في المحافظات المحررة شرق وجنوب البلاد والتي ارتفعت خلال الحرب إلى 16 ضعفاً. فيما ارتفعت تكاليف الشحن إلى موانئ سيطرة ميليشيا الحوثي منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

وقال الباحث والصحافي الاقتصادي وفيق صالح لـ”يمن مونيتور”: لا شك أن تصاعد الصراع في البحر الأحمر وما نتج عنه من ارتفاع تكلفة الشحن البحري وارتفاع أقساط التأمين، إضافة إلى عزوف العديد من شركات الشحن عن العبور في البحر الأحمر وباب المندب، له تأثيرات مباشرة على سلاسل الإمداد إلى الموانئ اليمنية، ويؤدي إلى حدوث إشكاليات كبيرة في آلية تدفق السلع والبضائع إلى السوق المحلية.

 

وعادة ما يسبق تجار اليمن شهر رمضان المبارك بزيادة نسبة الاستيراد للسلع والمواد الغذائية –يقول صالح- لذلك فإن “الأزمات الحاصلة الآن في سلاسل الإمداد إلى الموانئ اليمنية ، تضع إشكاليات وصعوبات أمام تدفق السلع”.

 

انهيار العملة ورواتب الموظفين

ويشير وفيق صالح إلى أن ذلك يعود “إلى ارتفاع تكلفة النقل البحري وبسبب عزوف عمالقة الشحن البحري عن العبور في البحر الأحمر وخليج عدن، هذا الأمر ينذر بحدوث اختناقات وأزمات تموينية، في السوق المحلية بالإضافة إلى حدوث فوضى في أسعار السلع والبضائع”.

 

وقال إن على الحكومة المعترف بها دولياً والقطاع الخاص البحث عن حلول من الوقت الراهن، لهذه الأزمات المحتملة، و”ضمان عدم وقوع أي نقص في المواد الغذائية والسلع الأساسية خلال شهر رمضان في السوق المحلية، وبالشكل الذي يضمن استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها”.

 

ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن “مايثير المخاوف حقا أن هذه الأزمات المتفاقمة في سلاسل التوريد، تأتي بالتزامن مع انهيار قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وهي إشكالية أخرى تواجه التجار والمستوردين، إذ أن الاضطراب المستمر في سعر الصرف، يقلص من حجم الاستيراد والإنتاج ويؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي بشكل عام”.

 

وإذا كان الموظفون الحكوميون في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً يتسلمون رواتبهم والتي أصبحت أقل من 70$ في الشهر فإن الوضع في مناطق ميليشيا الحوثي يبدو أكثر سوءاً معظم الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي لم يتسلموا رواتبهم منذ سنوات. وبعد 07 أكتوبر/تشرين الأول أصبح مطالبة الموظفين بأي مستحقات مالية جزء من دعاية الجماعة بانتمائهم للعدوان الأمريكي.

 

فأي رمضان ينتظر اليمنيين هذا العام؟!

     

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد