مانشيت حرب غزة.. يساهم بشكل كبير في رفع معنويات المقاومة والمتابعين العرب والمسلمين ..

الرجل الثاني بعد أبو عبيدة من هو الدويري؟

2023-11-18 08:48:38 أحبار اليوم /أنيس العرقوبي

 

 

للحرب حكايات مرعبة ومروعة خاصة تلك التي تتعلق بتفاصيل معاناة الناس اليومية المتراوحة بين الانتظار المر للموت القادم من المجهول والرجاء الملازم للخوف لكنه يحمل أيضا عزيمة تجعلهم يتوقون إلى حياة.

 

وقيل أيضا إن للحرب رجالا تُخلَّد أسماؤهم وأفعالهم ما بقيت ذكرى الحدث فهم يصنعون الفوارق بجرأتهم ومواقفهم على الرغم من أن أكثرهم لم يشاركوا في جولاتها ومعاركها.

 

في هذا التقرير، لن نتحدث عن أناس يقودون الملحمة على الأرض مثل عناصر المقاومة الذين لا نعرف أسماءهم ولا سيرهم الذاتية ولن نسرد مناقب الملثم أبو عبيدة، الذي أصبح أيقونة الحرب بعد أن قلب الدنيا رأسا على عقب وأوقف الاحتلال على رجل واحدة برفعه إصبعا واحدا.

 

والمؤكد أن الحرب تكتسي أثوابا متنوعة وتتحكم في تفاصيلها عديد القوى، فمنها من يخوضها مباشرة بالالتحام مع العدو، وكثيرون يشاركون في أطوارها من بعيد وبما ملكت أياديهم وعقولهم من أدوات (مقاطعة حشد الدعم إعلام..).

 

وكلما أمعنت في الحرب الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية وركزت في تفاصيلها ستكتشف وجها آخر للحرب غير المرعب الظاهر للعيان.

 

رجل من الحرب

 

في بورتريه سابق لرجل من الحرب الدائرة، سلط موقع بوابة تونس الضوء على إحدى أيقونات المقاومة غير المسلحة في قطاع غزة جاء بعنوان “عن الدحدوح واغتيال الصحفيين.. الاحتلال يُحاصر الحقيقة” استعرض فيه قصة وائل الدحدوح مراسل شبكة الجزيرة ومدير مكتبها التي أثارت وجعا كامنا لدى قطاع واسع من الصحفيين العرب، بعد استهداف عائلته ومواصلة عمله رغم مصابه الجلل.

 

وبعيدا عن أرض المعركة وبطولات أهل غزة، يخوض أفراد، معاركهم بأدواتهم الخاصة مع جعل عديد المتابعين يشيدون بمجهوداتهم الداعمة للمقاومة بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام.

 

وفي الآونة الأخيرة، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع اسم الخبير العسكري الأردني فايز الدويري الذي يحلل تفاصيل المعارك الدائرة بين الاحتلال والمقاومة على شبكة الجزيرة القطرية.

 

ويقول ناشطون عرب في منصات التواصل إن تحاليل الدويري، التي تحمل في طياتها نفسا مقاوما جعلته أيقونة ثانية بعد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، مشيرين إلى أنّه يساهم بشكل كبير في رفع معنويات المقاومة والمتابعين العرب والمسلمين على حد سواء من خلال معطيات واقعية وعلمية ترتكز على قراءة لمسار المعارك وفق ترتيب تحليلي عسكري.

 

ومنذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة في الـ9 من أكتوبر الماضي، أسر الدويري المشاهدين العرب وجعلهم ينتظرون وصلة تحاليله على شبكة الجزيرة.

 

ويقول متابعون إن انتظارهم يعكس حاجة المشاهد العربي إلى سرد منطقي يفصل لهم مجريات المعارك على الأرض وذلك في وقت كثفت فيه وسائل الإعلام الغربي وبعض الدول العربية المطبعة من تبني رواية المحتل ودعايته المزيفة.

 

ويحافظ اللواء الدويري على الخيط الرفيع الجامع بين السرد الواقعي والتحليل المنطقي من أجل تبيان استنتاجات وتوقعات لكل خطوة قد يخطوها المحتل في حربه البرية على قطاع غزة، ما جعله محط الأنظار والمتابعة وكذلك الإشادة.

 

ويقول الكاتب الصحفي كمال زكارنة إن “الدويري أبدع وأظهر قدرات فائقة في القراءة والتحليل والتقييم والتوقعات والفرضيات العسكرية والسياسية، وهو يتابع الحرب العدوانية الأمريكية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي”.

 

وتابع في مقال معنون بـ”اللواء فايز الدويري رجل بجبهة”: “قدم إلى المشاهد والمستمع والمتابع والمراقب الفلسطيني والأردني والعربي والعالمي، تحليلا وافيا شافيا مقنعا لسير المعارك عسكريا وما يوازيها سياسيا من انعكاسات وارتدادات على قطاع غزة والقضية الفلسطينية والمنطقة عموما”.

 

وتأكدت قدرات الدويري على تفكيك خطط قوات الاحتلال، عن طريق تحليل تمركزها وتحركاتها النشطة في قطاع غزة، ونجح في توقع استراتيجية القوات الإسرائيلية إذ كشف في وقت مبكر أن مستشفى الشفاء أخذ بعدا رمزيا، ولذلك سيحاول الكيان “فبركة” ما يسميها أدلة على وجود مركز عمليات عسكرية تابع للمقاومة داخل التجمع الطبي.

 

من هو الدويري؟

 

نال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء فايز الدويري، شهرة واسعة في الوطن العربي بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وذلك بعد ظهوره على قناة الجزيرة.

 

فايز الدويري هو لواء متقاعد ولد في 3 مارس 1952 في بلدة كتم في محافظة إربد بالأردن.

 

وتدرج في المراحل الدراسية حتى التحق بالكلية العسكرية وبعد إتمام الدراسة العسكرية بين عامي 1972 و1973، تخرج فايز الدويري برتبة ملازم ثان، والتحق بسلاح الهندسة الملكي.

 

شارك فايز الدويري في عملية نزع الألغام على الحدود الأردنية السورية ثم التحق بالقوات اليمنية في الفترة بين 1977 و1979 للمساهمة في تحصينات باب المندب وبناء معسكر خالد في الحديدة.

 

في عام 1979، انضم إلى جامعة اليرموك لدراسة إدارة الأعمال ومنها إلى كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية مدة عام، ثم أرسل في بعثة إلى القيادة العامة في باكستان للمشاركة في دورة دولية هناك.

 

عمل بعد عودته، مدرسا في كلية القيادة والأركان مدة 4 سنوات ثم تولى منصب مدير سلاح الهندسة الملكي الأردني، ثم قائدا لكلية القيادة والأركان الأردنية برتبة لواء، قبل التقاعد.

 

بعد التقاعد، التحق اللواء فايز الدويري بالجامعة الأردنية، وحصل على درجة الدكتوراه في فلسفة التربية

 

مكامن قوة الدويري

 

باعتباره عسكريا متمكنا من الخطط التكتيكية الحربية النظامية وغيرها كقتال الشوارع، أظهر اللواء فايز الدويري، خبرة فائقة في سرد حيثيات المعارك وأطوارها والخداع بمعنى أنّه يكشف الغطاء عن الجبهة التي يديرها الكيان الإسرائيلي، فيما يُبقي تحركات المقاومة طي الكتمان بغرض المباغتة وإحداث الصدمة.

 

ويعي اللواء المتقاعد أن الخداع هو جانب لا يقدر بثمن من استراتيجية تحقيق النصر، وهو أداة من أدوات القوى الضعيفة تسليحا، في مقارعة أخرى أكثر عتادا وعدة.

 

ويرمي الدويري من خلال تحليله العسكري -الذي يبدو أنه أغاظ المحتل- إلى إخلال توازنات القوات الإسرائيلية وإعادة خلط أوراقها من خلال كشف تحركاتها وفضحها للمقاومة في مقابل عرض ما أنجزته كتائب القسام دون التطرق إلى نواياها وما تخفيه من مفاجآت.

 

وتُحسب للمحلل العسكري قدرته على التحكم في نفسه وهو يحلل العمليات العسكرية وسط أسئلة صحفيي الجزيرة ويتخذ الاحتياطات اللازمة خوفا من أن يتسرب خطأ من شأنه أن يؤثر في أداء عمل المقاومة وقدراتها وتحكّمها وسيطرتها، في إدارة المعركة.

 

من جهة أخرى، فإن التحليل المضموني لتحاليل الدويري والحركي عند وقوفه أمام شاشة العرض يؤكد أن الرجل ملم بشكل كبير بقدرات المقاومة وما يمتلكه الاحتلال من خطط تكتيكية وهي نتاج اطلاعه على التطور العسكري الإسرائيلي وحدوده ضمن تحليل معاركه السابقة.

 

ويكثر الدويري من مصطلحات عسكرية كالهجوم وخرق الدفاعات والالتفاف والتأمين والمباغتة وإحداث الصدمة.. جزءا من خطته الاتصالية التي تخفي في طياتها جانبا أساسيا وهو اتصالي خاص بالمقاومة إذ يعرض لها ضمنيا تفاصيل عن قياس المسافات ومسح الأرض لتقدير قوة العدو ومعرفة جغرافيته وأماكن وجوده.

 

وليس مغالاة إن قال المتابعون إن الدويري، يلعب دورا محوريا في سير العمليات القتالية على الأرض إذ تزود تحاليل اللواء المقاومة بالمعلومات لوضع استراتيجيات جديدة للمعركة وهي متغيرة ومتحركة بحركة العدو.

 

فنوعية التكتيكات الحربية تحدد نوع المواجهات وفي حالة المقاومة ينصح الدويري بتنفيذ هجمات سريعة وخاطفة والإغارة على بعض المواقع والنقاط القتالية تجنبا للقصف الإسرائيلي الذي يعتمد استخدام قوة نيران عالية تتبعها عمليات توغل مباشر.

 

ويعلم اللواء أن جمع المعلومات الاستخباراتية الشاملة حول كل التفاصيل المتعلقة بالعدو، وساحة المعركة وحالة الأفراد المقاتلين، جزء هام من طريق النصر.

 

وإلى جانبه مهمته التحليلية، يحمل الدويري لواء الإعلام الحربي المناهض للدعاية الإسرائيلية حيث سمحت له فرصة البروز على الجزيرة بدحض جميع الروايات المزيفة التي ساقها الكيان خلال عمليته البرية واستطاع إدارة الجبهة الإعلامية بكل اقتدار لاقت إشادة واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

 

إن كلمات الدويري التي تحمل الهم العربي بين طياتها كما قال سابقا في تصريح لقناة الحوار – لا أحد يزايد على حبي لفلسطين ولو كان فلسطينيا- أزالت غشاوة عمن به عمى وقتي تسبب فيه ظلام المواقف العربية الرسمية، وأبانت الوهم الذي تخبطنا فيه لأكثر من 70 عاما.

 

وصدق متابعو الدويري حين أعادوا تغريد تحليله الشهير حول بيت العنكبوت الوهن الذي صورته لنا الأنظمة قبل الغرب، أنّه قوة لا تقهر.

 

وقال الدويري: “كنا نعيش في ضبابية وفي غياب الوعي العربي.. 70 عاما فيها 5 هزائم رئيسية للجيوش العربية تخرج كتائب القسام بعشرة آلاف مقاتل تحدد نقاط الضعف والوهن رغم تسيير أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا جسورا جوية وإرسال حاملات طائرات من أجل إعادة توقيف الكيان على قدميه”.

 

وأردف: “غزة كأنها تحارب العالم بمفردها.. أين كنا منذ 70 عاما لم نكتشف حقيقة أن هذا الجيش يُقهر”.

   

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد