تحليل للحرب في غزة

2023-11-04 04:35:06 أخبار اليوم - سامح عسكر

 

اليوم هو الثامن من الاجتياح البري الصهيوني لقطاع غزة، وقد حدثت تطورات عن الأيام السابقة أجملها في ما يلي:

أولا: إسرائيل عدّلت من خطتها التي فشلت في أول يومين والتي كانت تقتضي الاجتياح الشامل والهجوم من أغلب الاتجاهات، لخطة أخرى وهي الهجوم من الشمال والشمال الغربي والالتفاف على مدينة غزة من الساحل، وكذلك الهجوم من المنطقة الخالية بين معبر كارني ومخيم البريج، وهي منطقة غير سكنية خالية رآها الاحتلال نقطة ضعف في القطاع ومكان مناسب للاختراق..

 

ثانيا: الخطة الجديدة تقتضي فصل قطاع غزة إلى نصفين عن طريق الهجوم على منطقة جحر الديك والتي تقع بين غزة شمالا ومخيمي (البريج والنصيرات جنوبا) وهي منطقة غير سكنية كما قلنا، وعلى مدار الأيام التي سبقت الغزو البري كان الاحتلال ينفذ فيها أحزمة نارية كبيرة للقضاء على جيوب المقاومة فيها التي تطلق الصواريخ أو تهديد رؤوس الأنفاق..

 

ثالثا: دخلت إسرائيل بالفعل من الشمال بعد اتباع سياسة الأرض المحروقة في أحياء بيت لاهيا وبيت حانون شمالا، واتجهوا للساحل الغربي لقطاع غزة بهدف حصار مدينة غزة بالوسط من ناحية البحر والشمال، ودخلوا أيضا من منطقة جحر الديك..

 

رابعا: الذي حدث أن مناطق بيت حانون وبيت لاهيا وجحر الديك أصبحت مواضع استنزاف للجيش الصهيوني، وكما قلنا في التحليل السابق أن الغزو البري سيضع الجندي الصهيوني الذي هو بالأساس غير مدرب بشكل كاف ليصبح قريبا من جنود المقاومة الفلسطينية، وهو ما أوقعهم فرائس سهلة للمقاومة، وحتى الآن اعترف الاحتلال بوقوع 27 جندي قتيل وأكثر من 120 مصاب، وهذا الرقم وفقا لتقديرات الجبهة الداخلية فهي لا تتشكك في بيانات الجيش ولا تبحث عن أرقامه الصحيحة.. راجع مقالي عن ذهنية تعامل الإسرائيلي مع جيشه، فهو لا ينتقده أبدا أو يشكك في بياناته..

 

خامسا: خسائر الاحتلال في الغزو حدثت خلال 3 أيام الأخيرة فقط وهي المدة التي قرر فيها تعديل خطته..

 

سادسا: تقوم الجرافات الإسرائيلية بتهيئة الأرض للدبابات والمدرعات للتقدم، فبدون هذه الجرافات لن تتقدم آليات الاحتلال متر واحد، نتيجة لما أحدثه القصف منذ يوم 7 أكتوبر من دمار هائل في مناطق الاختراق شمالا وفي المنتصف.. لذا فاستهداف المقاومة لتلك الجرافات مفيد عسكريا وتأثيره على المعركة إيجابي.. فهو يعطل تقدم الجيش الصهيوني وفي ذات الوقت يسهل من عمليات جنود المقاومة لأن الجرافة هي أضعف آليات الجيوش عموما كونها غير مسلحة والقائم عليها ليس مدربا على القتال..

 

سابعا: بعد مرور 8 أيام من الغزو البري لقطاع غزة ما زالت المقاومة تضرب تل أبيب بالصواريخ، آخرها منذ قليل وهذا يعني أن المقاومة لا زالت تعمل بكل طاقتها ولم يصل الاحتلال لأذرعها القوية وأنفاقها الاستراتيجية..

 

ثامنا: نتيجة لتسرع إسرائيل في تحقيق النصر والقضاء على المقاومة ضربت أحياء سكنية مكتظة كأحياء البريج وجباليا والنصيرات، فمجزرة جباليا هدفها تهيئة هذا الحي لقدوم المدرعات الرابضة بجوار البحر لناحية مدينة غزة، ومجزرتي البريج والنصيرات هدفها إجبار سكان هذه الأحياء للنزوح جنوبا ناحية مخيمات المغازي ودير البلح..

 

تاسعا: قرار إخلاء أحياء البريج والنصيرات ضروري للاحتلال خشية صواريخ وقذائف ورصاص وأنفاق المقاومة الفلسطينية التي سوف تحاصر القوة المتقدمة في المنتصف والتي ستشق القطاع نصفين، ودون إخلاء هذه الأحياء سيصبح الجيش الصهيوني فريسة سهلة للفدائيين..

 

عاشرا: إسرائيل تخطئ خطأ كبيرا وإجراميا وهو اتباع الخطط العسكرية الطبيعية والمناسبة لأجواء الحرب المفتوحة ليصبح ذلك في مناطق سكنة وخصوصا قطاع غزة المعروف كأكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان، فتستخدم سلاح المدفعية والمدرعات والطيران ولكل هذه الأسلحة مهام مختلفة تطبقها إسرائيل بالحرف، فسلاح المدفعية وظيفته حرق الأرض وتهيئتها للقوات المتقدمة، والمدرعات للسيطرة على الأرض المحروقة لطبيعتها الحركية والخفيفة، والطيران لتمهيد الطريق من أي قوى نارية معادية، وهذا الذي أوقعهم في قصف مخيم جباليا وقتل 400 شهيد في دقائق، لأن الطيران كان يعتبر جباليا أرضا مطلوبة للتهيئة العسكرية لتقدم المشاة..

 

ولولا الغضب الدولي وفضح إسرائيل بالإعلام لأقدمت على عشرات المجازر مثل جبالبا في يوم واحد، فهدفهم إخلاء المخيم تماما ليصبح طريق الجيش الصهيوني لغزة مفتوحا..

 

حادي عشر وأخير: يمكن القول إن المقاومة الفلسطينية امتصت صدمة البدايات وهي الآن في مرحلة الهجمات المرتدة التي حيدت فيها سلاح الطيران والمدفعية.. فقرار الدخول البري لغزة كان أبرز نقاط ضعفه هو تحييد سلاح الطيران والمدفعية في حال أصبحت المسافة بين جنود إسرائيل والمقاومة (أمتار) وهو ما يحدث الآن بالفعل، وصارت القوات الإسرائيلية سواء على الساحل أو جحر الديك أو بيت لاهيا وبيت حانون (مستهدفة ومرئية).. وإيقاعها في الافخاخ والأكمنة المنصوبة إضافة لضربات الهاون صار في الإمكان..

 

عمليا دخلنا مرحلة استنزاف وقتل جنود إسرائيل ولن تنتهي هذه المرحلة سوى إما بقرار انسحاب صهيوني استراتيجي، أو ضغط دولي لوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات، أو لا قدر الله قرر الصهاينة الانتقام من هزيمتهم بعشرات المذابح في دقائق وساعات.. وهذا الخيار الأخير غير مستبعد في ظل الضغط الدولي الهائل بسحب السفراء وقطع العلاقات والانتقادات السياسية والإعلامية لإسرائيل، والمأزق الذي وقع فيه بايدن والعديد من قادة الغرب بتصويرهم كشركاء في مذابح غزة..ومآلات ذلك على حرب أوكرانيا ، ومستقبلا تايوان..

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد