مناهج مفخخة ومعلمون بلا رواتب

2023-07-25 08:42:53 أخبار اليوم _المصدر أونلاين

 

عام دراسي جديد ينطلق في اليمن، وهو عام دراسي تاسع في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي على محافظات عدة شمالي البلاد، دمرت خلالها المدارس والعملية التعليمية برمتها، وحرصت على وأد التعليم إلا ما كان في خدمة مشروعها السلالي، ووسيلة لتعبئة وتحشيد المزيد من المقاتلين في صفوفها.

ومع تدشين العام الدراسي الجديد (2024 - 1445)، شهدت عموم المدارس الحكومية والخاصة بمناطق سيطرة الميليشيات، إقبالاً ضعيفا، في ظل تخوف أولياء الأمور من تعليم أطفالهم في مدارس فخختها الميليشيات بمناهج متطرفة وحولتها إلى مراكز للتعبئة والتحشيد.

يقول المواطن "نبيل شمسان" وهو مواطن في أربعينيات العمر، ينتمي إلى محافظة ذمار وسط اليمن، إنه "لن يسجل أولاده الثلاثة (جميعهم قصّر) في المدرسة للعام الدراسي الحالي"، مرجعاً سبب ذلك إلى "التغيير الكبير الذي قامت به ميليشيا الحوثي في مناهج التعليم بمناطق نفوها".

ويضيف ": "الحقيقة التي يجهلها أغلب السكان البسطاء في هذه المناطق، أن المدارس في زمن الحوثيين تحولت إلى معسكرات لا أكثر"، ويتابع: "الحوثيين ما عد خلوا لنا حالنا، تركنا لهم المدارس الحكومية وألحقنا أبناءنا في المدارس الأهلية وتحملنا تكاليفها لكنهم فرضوا مناهجهم المستحدثة على هذه المؤسسات وأرسلوا مشرفيهم إليها وأجبروها على اعتماد الاختبارات التي تأتي من قبلهم من أجل بث سمومهم داخل مجتمعنا بالقوة".

واختتم حديثه بالقول: "بدل ما تخسر وتربي لك أعداء من داخل أسرتك، نخليهم يبزغوا (يعملون في جمع القات)، ونستفيد منهم حتى يسهلها الله"، مشيرا إلى أن "عدداً كبيراً من أولياء أمور الطلاب، قرروا أن لا يلتحق أبناؤهم بالمدارس مجددا لذات الأسباب".

من جانبه يقول المعلم "ن. ت"، وهو المدرس في إحدى المدارس الحكومية بمحافظة حجة (شمال غربي البلاد) إنه تفاجأ من الإقبال الضعيف جدا للطلاب في اليوم الأول لتدشين العام الدراسي الجديد، مشيراً في حديث لـ"المصدر أونلاين" إلى أنهم اضطروا لجمع عدد من الفصول الدراسية في فصل واحد بسبب قلة الطلاب.

وأضاف المعلم الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أن "الأمر ليس كالعادة، حيث كانت المدارس تشهد إقبالا لا بأس به في الأيام الأولى ويزداد العدد في الأسبوع التالي للتدشين"، مؤكدا أن "عدد الطلاب المسجلين في المدرسة التي يعمل فيها حتى يوم الأحد لم يتجاوز ثلث ما تم تسجيله العام الفائت من مختلف الصفوف الدراسية".

وأعرب "ن . ت" عن استغرابه الشديد من هذا الإقبال غير المتوقع، خصوصا وأن المؤسسة التي يعمل بها تقع وسط مدينة حجة حيث الكثافة السكانية، وتساءل: "إذا كانت هذه الأعداد في المدن فكيف في أرياف المحافظات".

وبين الإصرار الحوثي على فرض مناهج الميليشيات المحشوة طائفيا، وعزوف أولياء الأمور عن تعليم أبنائهم، يقول عدد كبير من المدرسين إنهم لن يعودوا إلى المدارس مجددا لتعليم الطلاب، خصوصا في ظل استمرار انقطاع المرتبات وتدهور أوضاعهم الاقتصادية.

ونتيجة لسياسة القمع التي انتهجتها ميليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة في العام 2014، فر العديد من الكوادر التربوية المؤهلة إلى مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً، ولجأت العديد من المدارس الواقعة بمناطق سيطرة الميليشيات إلى الاعتماد على طلاب في المرحلة الثانوية لتغطية جزء من الفراغ في فصول الطلاب، مقابل مبالغ زهيدة يتم تجميعها من الطلاب الملتحقين بالصفوف الدراسية.

إلى جانب ذلك فرضت الميليشيات عناصر تابعة لها ليست مؤهلة ولا تملك شهادة ثانوية أو حتى أساسية، لتدريس الطلاب.

وفي السياق يقول أحد المعلمين في محافظة إب، إن المبالغ التي يتقاضونها من أولياء الأمور زهيدة جدا ولا تتناسب مع متطلبات الوضع الراهن، ولهذا لجأ وزملاءه إلى العمل في المجالات الشاقة كـ: "البناء، النجارة، الحدادة، الحمول، بعد الخلاطة، والزراعة، وفي مجال الباعة المتجولين أحياناً، وسواقة الدراجات النارية، والاغتراب، مؤكداً أنهم لن يتركوا أعمالهم من جديد من أجل العودة للتدريس، ما دامت الأوضاع على حالها.

المواطن "صادق علي" والذي يعمل في مجال التنظيف بصنعاء قال إن أطفاله الخمسة (3 إناث، 2 ذكور) لن يستمروا في مواصلة تعليمهم، مشيرا إلى أن 3 منهم يساعدونه في تغطية احتياجاتهم اليومية من خلال بيع المياه والمناديل على المارة في الشوارع.

ويعيش نحو 200 ألف معلم في مناطق نفوذ ميليشيا الحوثي دون رواتب، منذ أن قطعتها الميليشيات في العام 2016، تحت مبرر نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وترفض الميليشيات تسليم رواتبهم وغيرهم من الموظفين الحكوميين رغم الإيرادات الضخمة التي تجنيها الميليشيات منذ سنوات.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد