لصوصية صنعاء... إجراءات حوثية تنذر بأزمة تموينية

2023-02-14 01:09:39 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

  

تتخوف الأوساط التجارية اليمنية من أزمة تموين غير مسبوقة، جرَّاء قرار الانقلابين الحوثيين منع دخول البضائع المستوردة عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، وتوجيههم تحذيراً نهائياً وأخيراً للتجار في مناطق سيطرتهم، يُلزم باستيراد البضائع عبر ميناء الحديدة فقط.

جاء قرار ميليشيا الحوثي، بمنع التجار من الاستيراد عبر ميناء عدن، بعد سنوات من فشلها في تحويل الاستيراد من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وقيامها بغلق الطرق الرئيسة التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتهم.

وفي السياق، أفادت مصادر في الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء، وأخرى تعمل في ما يسمى بوزارة الصناعة التابعة لسلطة الانقلابين الحوثيين: إن هذه الوزارة، وبناء على تعليمات أحمد حامد، مدير مكتب مجلس حكم الانقلابين، وجهت «إنذاراً نهائياً» للتجار، ألزمتهم فيه بعدم الاستيراد عبر ميناء عدن.

ونقلت المصادر أن الوزارة قالت إن على التجار تحويل وارداتهم من البضائع إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات، وذلك بعد أن تجاهل التجار إنذارات سابقة، ومحاولات لإقناعهم بوقف استيراد البضائع عبر المواني الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب المصادر نفسها، فإن سلطة الانقلاب كانت قد اجتمعت مع قيادة الغرفة التجارية بصنعاء، وطلبت منها إلزام التجار بالاستيراد عبر ميناء الحديدة، وعرضت منحهم تخفيضات في الرسوم الجمركية تصل إلى 50 في المائة، إلا أن التجار أبلغوها صعوبة ذلك، وأن الشركات الملاحية ترفض فتح خط ملاحي إلى الحديدة، وأن مبالغ التأمين على البضائع والسفن ستكون مرتفعة جداً بسبب المخاطر المحيطة بالميناء، لوقوعه بالقرب من خطوط المواجهات مع القوات الحكومية، إلا أن ممثلي الانقلابيين أبلغوهم أنهم سيوفرون خطاً ملاحياً، ما أثار المخاوف من أن تكون هذه الشركة إيرانية.

هذه الخطوة سبقها قيام ميليشيا الحوثي بمنع دخول أعداد كبيرة من ناقلات البضائع في المنافذ الجمركية التي استحدثتها في مديرية نهم بمحافظة صنعاء، وفي محافظات البيضاء وذمار وتعز، بقصد تأخير تلك البضائع وزيادة تكاليفها، لإرغام التجار على القبول بعرضها. كما شكا تجار من قيام ممثلي الميليشيا في تلك المنافذ بالعبث بالبضائع تحت مبرر التفتيش، وتركها عرضة للشمس؛ خصوصاً المواد الغذائية ومنتجات الألبان المعرضة للتلف.

المصادر حذرت من حدوث أزمة تموينية في مناطق سيطرة الانقلابيين، في حال مضت بهذا القرار، ومنع دخول البضائع المستوردة عبر مناطق سيطرة الحكومة، لا سيما أن التجار أبلغوها بوضوح أنهم لا يستطيعون الاستيراد عبر ميناء الحديدة، نظراً لأن الشركات الملاحية ترفض التعامل مع الميناء، وحذروا من أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مشرفي الميليشيا ومتنفذيها لابتزاز التجار والدخول كشركاء معهم، مقابل السماح لبضائعهم المستوردة عبر مواني الحكومة بالدخول إلى مناطق سيطرتهم، والسماح لهم بالتحكم في أسعارها، نتيجة انعدام المواد الغذائية والبضائع بفعل ذلك القرار.

إجراءات مشبوهة

 

وفي سياق متصل يقول رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر أن: "هذا التوجيه يبدو غريبا في المرحلة الراهنة قبل الإعلان عن أي اتفاق يتعلق بفتح ميناء الحديدة، لأنه كما هو معروف بأن السلع السائلة هي تصل حاليا إلى ميناء الحديدة سواء كانت مواد أساسية أو غيرها".

وأوضح أن: "الحاويات غير مسموح بدخولها من قبل التحالف إلى ميناء الحديدة خلال المرحلة الراهنة، لذا هي تذهب إلى موان للتفتيش كميناء جيبوتي أو ميناء جده، ومن ثم تذهب إلى ميناء عدن".

وأضاف: "أن يتم السماح بفتح الاستيراد إلى ميناء الحديدة أمام كافة البضائع على ألا تكون البضائع مجبرة على التفتيش سواء في جيبوتي أو في جده، أو الذهاب إلى ميناء عدن ومن ثم النقل إلى صنعاء، وهذا أحد مطالب ميليشيا الحوثي في المفاوضات الجارية الحوثية مع السعودية التي لم يعلن عنها رسميا حتى الآن".

وتابع: "نحن نستغرب من وجود مثل هذه التوجيهات في ظل عدم القدرة على الدخول إلى هذا الميناء إلا في حال هناك تفاهمات معينة بالسماح للحاويات بالدخول إلى ميناء الحديدة، ولا أعتقد أن التجار سيمانعون من هذه المرحلة لأنها ستخفف عليهم الازدواج".

وفيما يخص التجار أشار نصر إلى أنه: "لن يكون لديهم إشكالية كبيرة بل ستخفف عنهم كلفة الدفع المزدوجة، وسيدفعون الجمارك والضرائب، لجهة واحدة وهي سلطات ميليشيا الحوثي".

وقال إن: "التأثير السلبي من هذا القرار سيكون على الحكومة الشرعية، والتي خسرت خلال الفترة الماضية تقريبا 280 مليار ريال، ما كانت تدفع ضرائب وجمار المشتقات التي تصل إلى المليشيات، وتحويلها عبر ميناء الحديدة".

وأوضح أن: "كافة الرسوم الضريبية والجمركية التي تدفع في عدن هي تدفع مرة أخرى لميليشيا الحوثي، لذا لصالح التجار أن تدفع مرة واحدة فقط".

واختتم بالقول: "لا أعتقد أن يغامر القطاع التجاري دون أن يكون هناك إجراءات واتفاق بالسماح بمرور هذه السفن باتجاه ميناء الحديد، وفي حالة التصعيد بالتأكيد لن يتمكن التجار من الاستيراد".

تداعيات خطيرة

من جهته يقول رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، د. محمد صالح الكسادي: "إن مثل هذه القرارات الحوثية، ستعمل على ارتفاع أسعار السلع في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، وزيادة أضرار التهريب نتيجة التهرب من الضرائب".

وأضاف: "سترتفع أسعار السلع أضعافا، بسبب النقل الذي سيتضاعف أجوره، كما أن مشكلة ميليشيا الحوثي إنها لا تستطيع الاستيراد عبر ميناء الحديدة كون ليس هناك أي اتفاق سلام حقيقي، حتى الآن".

وتابع: "في حال فتح ميناء الحديدة، سيكون الضرر الكبير سيكون بالنسبة لمواطن الشرعية، لأن 90 % من البضائع التي تصل إلى مواني الحكومة يتم نقلها إلى مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، ما يعني أن 90 % من البضائع ستتجه إلى ميناء الحديدة".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد