النفط والاقتصاد... خيارات الحكومة وبدائلها أمام توقف عملية تصدير النفط اليمني

2023-01-31 22:47:04 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

بعد تعرض سفن وموانئ تصدير النفط اليمني، لضربات إرهابية نفذتها ميليشيا الحوثي الانقلابية، توقفت اليمن عن تصدير النفط الذي يجسد أهم رافد اقتصادي للبلاد، إضافة لتوقف بعض الشركات العاملة في القطاع النفطي عن العمل، كما غادرت شركات أخرى، وذلك نظرًا لملء الخزانات النفطية مع استمرار توقف التصدير.

وخلال الفترة الماضية، أعلنت شركات نفطية مغادرة طاقمها اليمن، وذلك بفعل استمرار خروج هذا القطاع عن العمل، في الوقت الذي ترفض فيه الشركات النفطية القدوم إلى الموانئ اليمنية لاستيراد النفط، نتيجة لاستمرار التهديدات الحوثية للسفن التابعة لها.

تداعيات خطيرة

ما لم تتخذ إجراءات جادة وإصلاحات شاملة وطارئة في مجالي الإيرادات والنفقات، فإن تأثيرات اقتصادية غاية في الخطورة ستترتب على استمرار توقف تصدير النفط، أبرزها إمكانية فقدان سيفقد الحكومة الشرعية السيطرة على الاستقرار النسبي لسعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، وهو ما سينعكس على أسعار السلع، إضافة لعجزها- الحكومة- عن الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها أمام المواطنين.

وفي السياق، قال الصحفي عبدالله جبوان إن: "استهداف ميليشيا الحوثي لسفن وموانئ تصدير للنفط اليمني، أدى إلى غرق المضخة في ميناء الضبة، والذي كلف إصلاحها ما يقارب 50 مليون دولار تقريبًا، إلى جانب توقف شركات عاملة في الحقل النفطي عن العمل، فيما أعلنت أخريات مغادرة طاقمها البلاد بسبب ملء الخزانات الناتج عن إيقاف التصدير والبعض منها توقفت بدواعٍ أمنية.

وأضاف جبوان في حديثه لـ" أخبار اليوم ": سيترتب على كل ذلك مشاكل اقتصادية، وذلك نظرًا لانخفاض مستوى الدخل الذي تحصل عليه الحكومة الشرعية المعترف بها دولِيًّا، خصوصًا من العملات الأجنبية الذي يمثل تصدير النفط المورد أحد أهم موارده الأساسية.

وتابع:" تقوم الحكومة من خلال تصدير النفط بالإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها أمام مواطنيها، وهو الأمر الذي قد يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي في قدرتها على التعاطي مع هذه التحديات خصوصًا أمام خصمها الحوثي الذي يتعمد إفشالها.

خيارات بديلة

يمكن لمواقف الحكومة الشرعية أن تكون أكثر تناسبا مع المرحلة الراهنة، ومع التبعات المتوقع حدوثها في حال انتهجت عددا من الخيارات والإجراءات للبحث عن الحلول البديلة لإيرادات النفط والغاز الذي توقفت صادراته.

يشكك بعض خبراء الاقتصاد في أن إيرادات النفط خلال السنوات الأخيرة التي عاشتها اليمن في ظل الحرب المستمرة، كانت تذهب في مصارف المرتبات، فيما يوجهون أصابع الاتهام لرجالات الدولة العليا من القادة القبليين والعسكريين بالاستيلاء على عائدات التصدير النفطي، وأن مصير هذه الإيرادات مجهول، حد تعبيرهم.

ومن جهة أخرى، يهاجم خبراء الصرفيات الضخمة التي تخصصها الحكومة اليمنية لمسؤولي الدولة في المناصب رفيعة المستوى، وهم الذين يتقاضون مرتبات مبالغ فيها بالدولار الأمريكي أو بصرفيات أخرى وسفريات ونثريات خاصة بمؤسسات الدولة وسفاراتها وقنصلياتها في الخارج.

لهذا يقترح خبراء أن تستغني الحكومة عن تلكم الصرفيات التي تثقل كاهلها، بهدف تعويض توقف إيرادات الصادرات النفطية، كأحد المواقف والحلول البديلة لمواجهة الواقع الجديد بعد تعثر تصدير النفط والغاز.

وفي سياق آخر، كانت الحكومة الشرعية، خلال اجتماع لها مع المجلس الاقتصادي الأعلى، قد أقرت حزمة من القرارات الجديدة، بهدف ترشيد النفقات، لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن توقف هذا القطاع، نتيجة الهجمات الحوثية التي استهدفت الموانئ والمنشآت النفطية، بمحافظتي شبوة، وحضرموت، شرقي البلاد.

وأقر الاجتماع عددا من السياسات الخاصة باتجاه تعزيز الإيرادات، وتنويعها وتوسيع أوعيتها وضمان وصولها إلى الحساب الحكومي العام، وضبط وترشيد النفقات بحيث تقتصر على الإنفاق الحتمي والضروري، وبما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.

وخلال فترة ما قبل توقف التصدير النفط، بذلت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا جهودًا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، الأمر الذي تمكنت تبعا له من رفع صادراتها النفطية إلى ما يزيد عن 100 ألف برميل يوميًا، الأمر الذي انعكس إيجابيًا في تحسن الاستقرار النسبي، في سعر الصرف العملة الوطنية، وكذلك استقرار أسعار السلع إلا أن الهجمات الحوثية على هذا القطاع أوقف كل تلك الجهود.

في الوقت الحالي، تقف الحكومة الشرعية أمام تحديات الحفاظ على توازنات الاقتصاد في ظل توقف تصدير النفط، وهو ما سيترتب عليها العمل على اتخاذ إجراءات سريعة وطارئة، مثل زيادة الإرادات المحلية من خلال ضبط التحصيل الإيرادي، وحل الإشكالات المتعلقة بضرائب كبار المكلفين، إضافة لمحاربة التهرب الضريبي، وإغلاق كافة الحسابات الحكومية خارج إطار البنك المركزي.

ضبط عملية تحصيل الإيرادات، وتوظيفها التوظيف الصحيح على رأسها الضرائب، والجمارك والتي تعد المورد الثاني للدولة بعد صادرات النفط، سيساهم بشكل كبير في زيادة الدخل للدولة وسد هذه الفجوة الاقتصادية، حسب وصفه.

وفي سياق متواصل، أشار المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، إلى مجموعة من الإجراءات المطلوبة من الحكومة والمجلس الرئاسي ،القيام بها في إطار وضع المعالجات الاقتصادية ومواكبة التطورات الاقتصادية الحاصلة الناجمة نتيجة الهجمات والتهديدات الحوثية لأهم الموارد الاقتصادية للشرعية اليمنية.

وقال العوبلي: على الحكومة إن تتخذ عدة إجراءات في محورين رئيسين: الأول يتمثل في محور الإيرادات، والأخر في محور النفقات، ففي محور الإيرادات على الحكومة أن تشتغل على تفعيل الإيرادات الأخرى المعطلة، مثل الموانئ والمطارات والجمارك والرسوم والإيرادات التي تذهب لميليشيا الحوثي مثل الاتصالات وكذلك توريد المساعدات الإنسانية للبنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.

وأضاف: "يجب على الحكومة في جانب النفقات أن توقف ثقب النفقات الحاصلة غير المبررة، مثل نفقات، ورواتب، المسؤولين الذين لم يشتغلوا ونفقات أولاد المسؤولين ونفقات المنح لأولاد المسؤولين ونفقات السفارات التي ليس لها أي داع وليس لها أي علاقات تربطها مع اليمن، كل هذه النفقات كفيلة بأن تسد هذه الثغرة إذا توفرت الإرادة، وحضر الضمير الوطني لدى الحكومة والمسؤولين في الدولة، حد قوله.

وأشار إلى أن:" النفط ليس المورد الوحيد كما أنه ليس نهاية العالم فهناك موارد ممكن أن تقوم مقام النفط، بل ربما قد تفوقه، في دعم ميزانية الدولة، لكن المشكلة تكمن في الفساد المستشري لدى المسؤولين داخل الحكومة، فيما يتعلق بالتلاعب بالإيرادات، والإسراف في النفقات، التي ربما لم تكن حتى في الدول الغنية فما بالك باليمن التي تمر بحرب طاحنة وتعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وأردف: هناك مسؤولون في الحكومة نفقات ومرتبات الواحد منهم كفيلة بدفع رواتب عشرات الموظفين، ناهيك عن فساد السفارات والملحقيات وما يرتبط بهما من مسميات وظيفية مصطنعة، والتي لم تجني سوى نهب واستنزاف لأموال الدولة.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد