المرتب الفقير.... خصميات ومفقودات في ملف رواتب الجيش والأمن

2023-01-14 23:26:35 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

في الفترة الأولى من مرحلة ما بعد أحداث الثورة اليمنية، ثورة الـ 11 من فبراير 2011م الشبابية، بلغ راتب الجندي في الجيش الوطني وكذلك في هيكل منتسبي وزارة الداخلية اليمنية، قرابة 150 دولارا أمريكيا، أي ما يقارب 35 ألف ريال يمني، وذلك خلال الفترة 2012م وحتى عام 2015م وتحديدا مع بداية التدخل السعودي الإماراتي في الحرب اليمنية بين حكومة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي وميليشيا الحوثيين الانقلابية.

فمع حلول العام 2015م، قدمت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى الأراضي اليمنية بما عرف حينها بعاصفة الحزم، وكان ذلك تحت يافطة التحالف العربي، وهو الحلف العسكري المكون من عدة دول عربية، والذي تزعمت الرياض أولا وأبو ظبي قيادته بدعوى إنهاء تمرد ميليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، والتي افتعلت انقلابا مسلحًا ضد الحكومة الشرعية اليمنية سيطرة بموجبه على جميع مؤسسات الدولة وطردت الرئيس هادي وحكومته من العاصمة اليمنية صنعاء.

بعد عامين من الحرب اليمنية والتي رعتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضد ميليشيا الحوثيين التي مثلت المعسكر الإيراني في المنطقة، نجح التحالف وبصورة سريعة من استعادة محافظة عدن الجنوبية بعد عمليات عسكرية سريعة، لتصبح المحافظة المحررة حينها عاصمةً مؤقتة لليمن.

بعد ذلك النجاح، بدأت الحكومة الشرعية مساعيها في هيكلة الجيش الوطني وضم فصائل المقاومة الشعبية إلى قوام وزارة الدفاع والداخلية، وحينها أعلنت الحكومة رفع رواتب الجيش من 35 ألف ريال يمني، إلى 60 ألف ريال، إلا أن مبلغ الـ35 ألف التي كانت قبل تدخل التحالف العربي بقيادة الرياض وأبوظبي تعادل 150 دولار أمريكي، أصبح لا يتعدى الـ50 دولار أمريكي نظرًا لما حل باليمن من تدهور في الاقتصاد الوطني أفقد عملة البلاد قيمتها أمام العملات الأجنبية.

لكن المفارقة الآن، تظل حول خصميات غير قانونية تنتقص من مرتبات الجيش بصورة دائمة، إذ لم تسلم الـ50 دولار التي يتقاضاها الجيش من الخصميات الغير قانونية التي تجريها الحكومة من مرتبات الجنود المنتسبين للجيش الوطني ووزارة الداخلية.

خصم لترقيع الجراح

في حين يتم فرض هذه الخصميات على مرتبات منتسبي وزارة الداخلية والدفاع بدعوى تحويلها لصالح جرحى الجيش وكذلك نثريات ونفقات للمؤسسات الأمنية والعسكرية، ترقد الحكومة الشرعية فوق مسؤولياتها تجاه ملف الجرحى وكذلك دعم الجيش.

يظل ملف الجرحى في محور تعز خصوصًا هو العذر المطاطي لكل الجبايات والخصميات التي تفرض على مرتبات الجيش الوطني والأمن، وهو أيضًا المطية الهلامية التي تعمل الحكومة من خلاله على إرهاق كاهل الجيش من خلال تقديم مبررات زائفة هي نفسها لم تتقدم بمحاولة علاجها.

ففي الوقت الذي تعمد فيه الحكومة على خصم مبلغ 3 ألف ريال يمني من راتب كل جندي في الجيش والأمن بدعوى دعم الجرحى، يقول أحد جرحى الجيش الوطني في محور تعز: "قدمنا الدماء واستكثرتم علينا ثمن العلاج" لتلخص العبارة معاناتهم الشديدة والمستمرة من جراء الإهمال الذي يتعرضون له منذ اندلاع الحرب في العام 2015.

بعكاكيزهم وجراحهم التي ما تزال مفتوحة يخرج العشرات من جرحى الجيش الوطني من وقت لآخر، في محاولة لإيصال صوتهم للجهات المعنية والحكومة الشرعية النائمة على جراحهم وأوجاعهم، لكن لا شيء يحدث، سوى أنهم يعانون وحدهم من كل تلك الآلام.

يستمر جرحى الجيش الوطني بتعز بالأنين والتوجع يوميًا، ويرسلون مناشداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ويتكرر ذات المشهد مرارًا.

أدى استمرار الوضع على ما هو عليه، إلى محاولة جرحى الجيش الوطني في محور تعز للتصعيد، إذ وقاموا في وقت سابق بإغلاق أبواب مبنى السلطة المحلية بالمحافظة، لتنفيذ طلباتهم، إلا أنها محاولات لا تتعدى أكثر من كونها يائسة.

وينفذ جرحى الجيش الوطني وأهلهم بتعز، وقفات متكررة واحتجاجات مستمرة، أمام مقر السلطة المحلية واللجنة الطبية للجرحى وسط المدينة، للمطالبة بوضع حد لمعاناتهم، مستنكرين خذلان القيادة الشرعية لهم وعدم الوفاء بالتزاماتها تجاههم.

وقال الجريح تميم السامعي إنهم: "يعانون من إهمال متعمد، وقيام لوبيهات الفساد في وزارة المالية والبنك المركزي بعرقلة وصول المخصصات المطلوبة لعلاجهم، فضلًا عن عدم قيام السلطة المحلية بالمحافظ بواجباتها".

وتطالب رابطة الجرحى بشكل متواصل بحل جميع إشكالات ملف جرحى بمحور تعز وصرف مخصصاتهم المالية، والعمل بشكل عاجل من أجل تسفير الجرحى الذين يحتاجون إلى سفر، فضلًا عن صرف مخصصات جرحى، واستكمال التحقيق في ملفات فساد اللجنة الطبية السابقة، وترقيم الجرحى الذين لم يتم ترقيمهم.

معاناة الجرحى داخل تعز لا تختلف عن ما يقاسيه من هم خارج البلاد في الهند أو مصر وغيرها، فهم لا يحصلون على مخصصاتهم المالية ويتعرضون للتهديد بالطرد من السكن.

رواتب منهوبة

لا تتوقف مشكلة مرتبات الجيش الوطني عند خصم مبلغ الـ3 آلاف ريال فحسب، بل أن الحكومة الشرعية ابتلعت من مرتبات الجيش الوطني أكثر من 10 أشهر، وهي الأشهر المتأخرة خلال الفترات السابقة.

ظلت الحكومة الشرعية تمارس الضغط على الجيش الوطني بمختلف أشكاله، وعمدت إلى تسيير سياسة التحالف العربي بصورة ممنهجة، إذ أوقفت رواتب الجيش والأمن لعدة أشهر، غير أنه قانونيًا تظل ضمن مستحقات الجيش إلى أن يتم تسديدها من قبل الحكومة.

اللافت في ذلك، أن الدولة اليمنية، تتعمد التغاضي عن ما ابتلعته من رواتب الجيش في الأشهر التي أوقفت فيها، وعلى الرغم من تسريب معلومات كثيرة حيال أن الحكومة ستعمل على صرف رواتب الأشهر المتأخرة، إلا أن سياسة ما تعمدت تغييب هذا الملف وعرقلته.

وفي الوقت الراهن يتقاضى الجندي اليمني 57 ألف ريال يمني من أصل 60 ألف ريال، فأين تذهب الـ3 ألف ريال التي تقوم بخصمها الحكومة من رواتب جنود وزارة الدفاع والداخلية بصورة مستمرة، وما المبرر القانوني لهذه الإجراءات التي تنتقص من المرتب الجائع أصلا، وإن كانت هذه الخصميات تذهب لصالح الجرحى فعلًا، فما دور الحكومة الشرعية تجاه ملف الجرحى.

         

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد