حروب الطاقة ومستقبل الأمن بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية (2)

2022-11-07 08:46:52 أخبار اليوم/ متابعات خاصة



شنت جماعة الحوثي المسلحة ثلاث هجمات على الأقل خلال أكتوبر/تشرين الأول ) 2022 (على موانئ تصدير النفط الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، في أبرز تصعيد متعلق بالحرب منذ سيطرة الجماعة المسلحة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 واشتداد القِتال عقب تدخل التحالف الذي تقوده السعودية دعماً للحكومة المعترف بها دولياً ضد الحوثيين المدعومين من إيران.


انعكاس هجمات الحوثيين على المنطقة والعالم:
وتأتي الهجمات في وقت يدخل فصل الشتاء حيث تعيش أوروبا حاجة ماسة للنفط والغاز، وتضخم غير مسبوق يغزو الاتحاد الأوروبي يكاد لا يحتمل هذه التهديدات.
استخدم الحوثيون هذا التهديد المثقل بخيبات التعامل الدولي معهم خلال السنوات الماضية لصالحهم، عادة ما يحاول الحوثيون قراءة المحيط الإقليمي والدولي لتحقيق أهدافهم المحلية، وأهداف الحليف إيران التي تخشى التحولات السريعة في المنطقة في وقت تواجه فيه ضغوط الاحتجاجات في الداخل.
يدفع بذلك المجتمع الدولي إلى تحييد الملف اليمني حتى لا يتحول إلى ملف مقايضة دولية، ما سيبقى أمام دول الإقليم خيارين رئيسيين: الأول، متعلق بالرضوخ للحوثيين ومطالبهم وثمن ذلك سيكون باهظاً في مستقبل أمنهم القومي وبشأن الحل في اليمن الذي يفترض خسارتهم. والثاني، المواجهة وتحقيق تقدم عسكري على الأرض يدفع الحوثيين إلى حلول وسط تضمن تحولهم من جماعة مسلحة إلى حزب سياسي وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة؛ لكن يبدو أن الغرب والمسؤولين الأمنيين في الخليج
العربي سيضغطون من أجل تحقيق الخيار الأول بعد أن فشل التحالف في تحقيق الهدف
في الخيار الثاني خلال سنوات الحرب، إضافة إلى طبيعة المجلس الرئاسي المتباين بداخله
وفشله حتى الآن في إقرار قواعده المنظمة وتوحيد القوات تحت وزارتي الدفاع والداخلية،وهو أمرٌ يستخدمه الحوثيون بحذر لتحقيق مطالبهم.
لقد انعكست ردود الفعل على هجمات الحوثيين ضد الموانئ النفطية على الأوضاع التي تعيشها أوروبا والولايات المتحدة، تبنت الأخيرة نبرة قلقة من أن تقوم الحكومة اليمنية بالتصعيد باعتبار اقتراب الانتخابات الأمريكية النصفية.
 وفيما أشار الاتحاد الأوروبي إلى مخاوف بشأن انتهاك قوانين أمن البحار وهو قلق مرتبط بنقل النفط والغاز إلى القارة.

في اليوم التالي لهجمات الحوثيين على مينائي الضبة والنشيمة ) الرضوم( ، أعلن مجلس
الدفاع الوطني اليمني عن تصنيف جماعة الحوثي «منظمة إرهابية»، وهي المرة الأولى
التي يصنف فيها اليمن الجماعة المسلحة «منظمة إرهابية».

ثانيا: تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
«. ولا يوجد قانون معلوم حول إعلان التنظيمات الإرهابية في اليمن، بما في ذلك
«تنظيم القاعدة» أو تنظيم الدولة الإسامية «داعش».
ويشير قرار مجلس الدفاع الوطني إلى اعتبار الحوثيين منظمة إرهابية إلى «قانون الجرائم
والعقوبات ) 1994 (، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية والاقليمية المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية». بالنظر إلى الأساس المبني عليه القرار فإنه يعاني من إشكاليات قانونية عديدة وجدل متزايد يفقد التصنيف قيمته والذي يبدو أنه القرار الوحيد الذي يمتلكه المجلس الرئاسي اليمني بعد تصعيد الحوثيين إذ أن الميناءين «الرضوم « و»الضبة» لا يخضعان لسيطرة مباشرة من قِبل الحكومة اليمنية،حيث يفترض أنها تحت حماية قوات إماراتية أو تابعة لأبوظبي والتي فشلت كما يبدو في تأمينها.
لكن القرار بحد ذاته يعتبر سابقة في مسار علاقة الحكومة اليمنية مع الحوثيين منذ
إعلانهم التمرد عام 2004 م، والجماعة بالتأكيد تستحق هذا التصنيف المحلي بناءً على الجرائم المتعددة التي ارتكبتها. وما لفت الانتباه لهذا القرار أن جاء من الرئيس «رشاد العليمي» الشخصية التي عملت في مجال مكافحة الإرهاب إذ كان وزيراً للداخلية منذ العام 2001 وحتى العام الى عام 2008 وهي ذروة مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن.
الأول، أن القرار يحيي مجلس الدفاع الوطني في مجلس رئاسي % 80 من أعضائه قادة
عسكريين. تأسس مجلس الدفاع بقانون رقم ) 62 ( عام 1991 ويتكون من: رئيس مجلس
الرئاسة القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيساً. وعضوية: نائب رئيس مجلس الرئاسة
وأعضاء مجلس الرئاسة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير
الخارجية، ووزير الداخلية، ووزير الإعلام، ووزير المالية، ورئيس هيئة الأركان، ومستشار مجلس الرئاسة. ضم اجتماع 22 أكتوبر/تشرين الأول إضافة إلى هؤلاء محافظا حضرموت
وشبوه حيث الموانئ التي هاجمها الحوثيون.
ويلفت القرار إلى عدة أمور متعلقة بالحكومة المعترف بها دولياً:
وحسب نص القانون «عند إعلان التعبئة أو قيام حرب يباشر مجلس الدفاع الوطني
جميع مسائل التعبئة ويشرف على تنفيذها ويتولى إدارة الحرب عند نشوبها وفقاً للقوانين المنظمة» )المادة/ 7- 3(، و»إعادة النظر في مشاريع الاتفاقيات الحربية والتحالفات العسكرية
واتفاقيات الهدنة ومعاهدات الصلح واتخاذ التوصيات المناسبة بشأنها» )المادة 5(.
وهو ما يضع تساؤل محوري: هل يعني ذلك مرحلة جديدة للرئيس «رشاد العليمي»
بتفعيل مؤسسات الدولة مثل مجلس الدفاع الوطني لتمرير القرارات التي تحتاج جدية
وحزم، منعا لأي عرقلة لها عبر التوافق في إطار المجلس الرئاسي، خاصة في ظل تأخر
الوصول إلى توافق بشأن إقرار القواعد المنظمة لعمل المجلس الرئاسي.
كما أنه يشير إلى أن مجلس الدفاع الوطني بإمكانه إعادة النظر في التحالفات العسكرية
ومعاهدات الصلح في وقت تشير المعلومات إلى تقارب بين الحوثيين والمسؤولين
السعوديين في مسقط بشأن ملفات متعددة متعلقة بمستقبل المرحلة الانتقالية. وهو ما يشير إليه عدم الحماس الخليجي لقرار الحكومة اليمنية اعتبار الحوثيين منظمة إرهابية.
رد رئيس البرلمان اليمني على تصريحات خليجية تدعو للحل السياسي معتبراً هذه البيانات
الخليجية: تتصدق على اليمن بحل سياسي هي تعلم أن الحوثي أبعد مايكون عن الحل 7 .
ثانياً، القرار يتعدي إعلان نقل السلطة «الإعلان الرئاسي» الذي نقل السلطة من الرئيس عبدربه منصور هادي إلى المجلس الرئاسي في السابع من ابريل/نيسان 2022 ، ينص الإعلان بوضوح إلى أن مهمة المجلس الرئاسي هي التفاوض مع الحوثيين. وأطلق الإعلان الرئاسي على الحوثيين «أنصار الله» وهي التسمية التي يحبها الحوثيون، وهي المرة الأولى منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء تطلق عليهم هذه التسمية. بعد ستة أشهر من الهدنة
التي نفذتها الحكومة من طرف واحد ورفض الحوثيون تنفيذ ما عليهم إضافة إلى الشروط
التي فرضها الحوثيون لتمديدها واعتبرت غير مقبولة على نطاق واسع. يبدو أن تصعيد الحوثيين بقصف الموانئ، دفع المجلس الرئاسي للاعتقاد أن جماعة الحوثي المسلحة تراه ضعيفاً وتريد التفاوض معه من منطق القوة، وأنه لن يذهب لأي إجراءات جديدة للمواجهة العسكرية حيث تستمر حالة الركود والهدنة غير الرسمية منذ نهايتها مطلع أكتوبر/تشرين الأول.
برؤية منطقية فإن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية يبقي خيار الحرب وحده مع الجماعة،
لا يمكن العودة للتفاوض مع «جماعة إرهابية»، ويهدم أي جسور ممكنة لإحداث مصالحة؛
يلغي أي اتفاقات سابقة بما في ذلك ستوكهولم، ويفترض أنه يفقد أي أمل لجهود الأمم المتحدة للعودة لتجديد الهدنة التي تريدها للوصول إلى سام كما يرى خبراؤها، لكن يرى مسؤولون في الحكومة إن المفاوضات مع الحوثيين لن تتوقف حتى مع تصنيفهم: تصنف السعودية الحوثيين ضمن المنظمات الإرهابية لكنها تفاوضهم. في كل الحالات فإن وضع الحوثيين في القائمة السوداء يضيف تعقيداً جديداً للحرب اليمنية عادة ما تسبب الحوثيون  في معظم هذه التعقيدات.
أ . التحدي القانوني: لا توجد مادة في قانون الجرائم والعقوبات-الذي استند إليه مجلس الدفاع الوطني- يشير إلى تصنيف الجماعات كمنظمات إرهابية، هناك تشريع متعلق بالانضمام إلى عصابة مسلحة، حيث تشير المادة ) 133 (، يعاقب بالحبس مدة تزيد على عشر سنوات: )
1 كل من اشترك في عصابة مسلحة بقصد اغتصاب أراضي او نهب أموال مملوكة للدولة او لجماعة من الناس او لمقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجرائم. )
2 كل من اشترك في عصابة مسلحة هاجمت جماعة من الناس أو قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة المكلفين بتنفيذ القوانين، وإذا نتج عن أي من افعال الجناة المذكورة في الفقرتين السابقتين موت انسان تكون العقوبة الإعدام حدا ولا يخل ذلك بحق ولي الدم في الدية إذا كان المجني عليه من غير المقصودين بالجريمة.
يقوم القرار بناءً على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب ) 1998 م( وعلى الرغم من أن
اليمن تشير إليه في أدبياتها بشأن تعريفها للإرهاب، إلا أن الاتفاقية غامضة بشأن عدة أمور: وردت عبارة «عدم تقديم الدول لأية تسهيلات للجماعات الإرهابية على أرضيها»
فا تذكر ما هي التصرفات التي يمكن اعتبارها تسهيلات للجماعات الإرهابية، وهل فتح
مكتب للحوثيين على سبيل المثال في سلطنة عُمان يعتبر نوعاً من التسهيلات؛ أو تفاوض دول عربية مع الحوثيين والتواصل معهم يعتبر نوعاً من التسهيل.
وهناك تحديات أمام الحكومة المعترف بها دولياً للمضي قُدماً في هذا القرار نشير إلى بعضها:
كما لم توضح الاتفاقية ما هي صور التعاون والتنسيق التي يجب على الدول المتجاورة
التي تعاني من الجرائم الإرهابية أن تقوم بها. كما تشير الاتفاقية إلى «تعزيز نظم تأمين وحماية الشخصيات والمنشآت الحيوية ووسائل النقل العام». ولم تشر إلى نوعية المنشآت الحيوية التي يجب حمايتها، هل تتضمن موانئ النفط وما الخطوات المتعلقة بنوعية نظُم التأمين وحجم المساعدة العربية.
يمكن أن تستفيد الحكومة من «تبادل المعلومات» التي تلزم حكومات الدول العربية بتقديم المعلومات حول الجماعات الإرهابية وقيادتها والأسلحة التي تصل إليها وتحركاتها،
وباستثناء العراق ولبنان يعتقد أن معظم الدول العربية تستطيع تقديم هذه المعلومات،
إذا ما استطاعت الحكومة اليمنية الخروج من المعضلة فيمن تعتبره إرهابياً. كما أن ذلك ينسجم مع موقف وزراء الداخلية العرب الذين أعلنوا في مارس/آذار 2022 اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية؛ فلا يعتقد أن يقدم الأمر أكثر من تطور أكبر في تبادل المعلومات.
أما فيما يتعلق بالاتفاقيات والبرتوكولات الدولية فإن اليمن طرف في اتفاقية من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية لمكافحة الإرهاب. البروتكولات ليست ملزمة في الغالب، لكن يمكن للدبلوماسية اليمنية بناءً عليها أن تحدث تأثيراً في مواقف الدُول من الحوثيين، ومراقبة تسلح الجماعة ومصادر تمويلها الخارجية؛ وفرض ضغوط على الحد من توسيع التعامل والاعتراف بالحوثيين.
ب. تحدي تقديم المساعدة: حسب قرار مجلس الدفاع الوطني فإنه حذر من وصفها ب»الكيانات والأفراد الذين يقدمون الدعم والمساعدة، أو التسهيلات أو أي شكل من أشكال التعاون والتعامل مع هذه الجماعة الإرهابية )الحوثيين(، بأنه سيتم اتخاذ اجراءات وعقوبات صارمة تجاههم».

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد