حروب الطاقة ومستقبل الأمن بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

2022-11-06 08:42:18 أخبار اليوم/ متابعات خاصة

 

مقدمة

شنت جماعة الحوثي المسلحة ثلاث هجمات على الأقل خلال أكتوبر/تشرين الأول ) 2022 (على موانئ تصدير النفط الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، في أبرز تصعيد متعلق بالحرب منذ سيطرة الجماعة المسلحة على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 واشتداد القِتال عقب تدخل التحالف الذي تقوده السعودية دعماً للحكومة المعترف بها دولياً ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
عادة ما تم تحييد موانئ النفط والغاز عن استهداف الحوثيين خلال سنوات الحرب إذ سيعتبر خرقاً كبيراً لاتفاقيات وقوانين دولية حيث تقع اليمن على جغرافيامهمة للملاحة الدولية.
ورداً على ذلك أعلن مجلس الدفاع الوطني تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية» في سابقة لم تحدث منذ نشوء الجماعة وقِتالها القوات الحكومية عام 2004 م. ما يغير من ديناميكيات الحرب والسلم في اليمن، والوصول إلى نهاية للحرب في البلاد.
تفترض هذه الورقة أن متغيّرات محلية ودولية دفعت الحوثيين إلى شن هجمات على سفن المشتقات النفطية، وتناقش الآثار الاقتصادية لهذه الهجمات على اليمنيين، كما تناقش انعكاس تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية على الأوضاع الإنسانية والسياسية والعسكرية، وكذلك على ديناميكيات الحرب في اليمن، وسياسات الإقليم تجاه الصراع اليمني.

أولًا، هجمات الحوثيين على الموانئ
استهدف الحوثيون الناقلة «نيسوس كيا» التابعة لشركة شحن يونانية ترفع علم جزر مارشال، في 22 أكتوبر/تشرين الأول، كما استهدفوا ميناء الضبة في مديرية الشحر بمحافظة
حضرموت، قبل ذلك بأيام 18 و 19 أكتوبر/تشرين الثاني استهدف الحوثيون ميناء النشيمة)الرضوم ( النفطي. وقالت شركة يونانية تمتلك الناقلة التي ترفع علم جزر مارشال، إنها لم تتكبد أي أضرار في الهجوم بطائرات مسيرة محملة بالمتفجرات
 . جاءت الهجمات بعد أسابيع فقط من تهديد المجموعة بمهاجمة البنية التحتية للطاقة في اليمن والمنطقة الأوسع بعد انتهاء الهدنة.
حروب الطاقة ومستقبل الأمن بعد تصنيف الحوثيين « منظمة إرهابية « تقرير حالة وذكرت الحكومة اليمنية، قبل عام، استئناف خمس شركات ضمن شركات النفط العالمية لأعمالها بالبلاد. قبل الحرب كانت اليمن تحصل على إيراد سنوي يتجاوز 2.2 مليار دولار من تصدير النفط الخام. وكانت تشكل حصة صادرات الخام التي تحصل عليها الحكومة اليمنية
من تقاسم الإنتاج مع شركات النفط الأجنبية نحو % 70 من موارد الموازنة العامة للدولة
و% 63 من إجمالي صادرات البلاد و% 30 من الناتج المحلي الإجمالي.
تنتج اليمن منذ بداية العام في المتوسط 55 ألف برميل يومياً عبر مينائي الضبة
والنشيمة وهو ارتفاع عن 51 ألف برميل يومياً عام 2021 . وصدرت اليمن 20.5 مليون
برميل نفط في 2021 ، حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية 2 .
يعتبر الهجوم أول عمل عسكري معلن منذ انتهاء الهدنة بين الحوثيين والحكومة المعترف
بها دولياً، والتي استمرت ستة أشهر وانتهت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول؛ كما أنها
المرة الأولى التي يقصف فيها الحوثيون موانئ تصدير النفط.
كان الحوثيون قد وجهوا رسائل قبل وبعد انتهاء الهدنة أنهم سيقصفون موانئ تصدير النفط إذا لم تدفع الحكومة المعترف بها دوليا رواتب الموظفين الحكوميين والجنود في مناطق سيطرتهم والتي يصل عددهم إلى 1.2 مليون موظف، وتفتح الموانئ ومطار صنعاء بشكل كامل دون وجود آليات تفتيش الأمم المتحدة في موانئ الحديدة، أو وجهات محددة من مطار صنعاء مع قَبول دول العالم بجوازات السفر الصادرة من الجماعة.
بعث الحوثيون برسائل لشركات الشحن والسفن وخارجيات الدول بشأن منع وصول الناقلات إلى موانئ النفط اليمنية، وبعث الحوثيون برسائل أخرى لشركات النفط العاملة في اليمن لوقف إنتاج النفط، يريد الحوثيون أن يشاركوا الحكومة المعترف بها دوليا في
إيرادات النفط والغاز؛ لكنه أيضاً محاولة من الحوثيين لفرض صورة أن صنعاء هي مصدر السيادة على البلاد والموانئ الوطنية وأن القرار في يدها 3 ، لإلغاء شرعية المجلس الرئاسي والاعتراف الدولي بسيادة على البلاد.
وهناك عدة أمور شجعت الحوثيين على شن الهجمات: أ( فتح ميناء الحديدة دون قيود
الحوثيين خال الهدنة، ب( على الرغم من فشل الحوثيين في الوصول إلى محافظة مأرب
للوصول إلى النفط والغاز في المحافظة 4 والمحافظات المجاورة إلا أن ضعف الردع من
التحالف والحكومة المعترف بها دولياً والمجتمع الدولي شجعهم على استهداف موانئ تصدير النفط للحصول على مصادر دخل بديلة عن تلك التي خسرتها خططهم في محافظة مأرب. ج( تابع الحوثيون باهتمام وحذر سلوك المجلس الرئاسي، ومع فشله في تسيير أمور وإنهاء التباين بين أعضاءه، وطرد القوات الحكومية من محافظة شبوة واستبدالها بقوات شبه عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وفشل توحيد
القوات والتي كانت المهدد الرئيس لأي تحركات للجماعة مستقبلًا، أدت ذلك مجتمعة لحصول الحوثيين على فرصة شن تلك الهجمات لانشغال خصومهم بخلافاتهم الداخلية.
الموقف الدولي المتباين بشأن اليمن والمشاورات الخلفية التي تجري في سلطنة عُمان مع المسؤولين السعوديين برعاية بريطانية وأمريكية وتيسير عُماني، اعتبرت أن جماعة الحوثي لها اليد الطولى في تهديد أمنهم واحتياجاتهم النفطية القادمة من الخليج، ولأن من الصعب ضرب المنشآت الخليجية في تلك المشاورات والمشاورات الأخرى بين السعوديين والإيرانيين فإن ضرب الموانئ اليمنية رسالة مفهومة للجميع.
وأياً كانت الأسباب التي شجعت الحوثيين إلا أن تهديدهم الجديد بشن هجمات على
موانئ ومنشآت النفط ينعكس على مستويين: الأول، محلياً على اقتصاد اليمنيين والثاني،
إقليمياً، على المنطقة والعالم.
تؤدي هجمات الحوثيين إلى تحويل المياه اليمنية إلى جمرة ملتهبة من المخاطر، يدفع
السفن إلى تجنب الرسو في الموانئ اليمنية والتعامل معها؛ وهذا بطبيعة الحال سيؤدي
إلى عديد من الأمور الكارثية.
1 - تضرر احتياطي النقد الأجنبي للباد: إن دفع شركات الشحن لمنع إرسال ناقات
النفط والغاز إلى موانئ التصدير يَفقد الحكومة اليمنية مصدر الموازنة الوحيد المتبقي
الذي يُدر عمله صعبة للباد، يؤدي ذلك إلى تراجع قيمة العملة الوطنية التي انهارت
بالفعل خال سنوات الحرب وفقدت ثلثي قيمتها.
كان التهديد المباشر الذي واجهته الناقلة اليونانية بإسقاط الطائرة المسيّرة بجوارها تأكيد أن من الصعب قبول درجة عالية من المخاطر ليس فقط شركات الشحن الدولية ولكن حتى على مستوى البحارة. إن عدم حصول الحكومة اليمنية على النقد الأجنبي يمنعها من تقديم مزادات بيع العملة الوطنية لدعم شراء المواد الغذائية الأساسية والتي كانت الوديعة السعودية 2 مليار دولار ومبيعات النفط تساهم في تعزيز عملية الشراء؛ سيرفع ذلك قيمة السلع الأساسية لمستوى قياسي ما يزيد من الجوع في البلاد.
2 - السفن التجارية ومخاطر التأمين: إن التهديدات الحوثية لن تقتصر على موانئ النفط في البلاد بل إنها ستمتد إلى فقدان الثقة التجارية مع اليمن لفترة أطول في حال تكرر
هذا التهديد، يشمل التهديد وصول السفن التجارية إلى الموانئ اليمنية التجارية بما فيها الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، يرسل الحوثيون رسالة مفادها أن المياه والموانئ
اليمنية معرضة للقصف والاستهداف يهدد ذلك الشركات العالمية في تجنب إرسال
البضائع إلى اليمن بما فيها المواد الأساسية؛ على عكس ما يعتقد كثيرون فمعظم
الشركات التجارية الخارجية ترى الحوثيين باعتبارهم «متمردين» أو «جماعة» غير رسمية تهدد المصالح والتجارة البينية مع اليمن.

انعكاس هجمات الحوثيين على اليمنيين
كما أن ذلك يزيد من تكاليف التأمين للسفن التي تصل إلى اليمن أو تمر بجوار المياه
اليمنية، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، ويهدد إمكانية التجارة
البينية بين اليمن والأسواق خارجها.
3 - تهديد صناعة النفط: إن تهديد منشآت النفط العاملة في اليمن ومعظمها أجنبية
فعاً بالاستهداف، أو تهديد إمكانيتها لتصدير النفط سيؤدي بنتائج عكسية على الثقة
بصناعة النفط في البلاد. سيؤدي ذلك إلى مغادرتها وتصفية أملاكها ولن تكون هناك
شركة أخرى خارجية قادرة على الاستثمار في اليمن.حسب المعلومات فإن تخزين النفط وصل حده الأقصى في «المسيلة» بحضرموت،
وسيتوقف الإنتاج بالفعل، لعدم تصدير النفط ونقله إلى الموانئ؛ كما أن مصافي عدن
غير قادرة على تكرير النفط للاستخدام المحلي. سيؤدي ذلك إلى تبعات سيئة في صناعة
النفط في البلاد.
تتذكر أسواق النفط بالتأكيد يوم 14 سبتمبر/أيلول 2019 ، عندما شن الحوثيون هجوماً
بطائرة بدون طيار على منشآت نفط أرامكو في شرق المملكة العربية السعودية، مما أدى إلى خفض إنتاج النفط السعودي، وأدى الهجوم إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية
العالمية، حتى ولو لفترة وجيزة.. الآن نرى شبح الحوثيين مجدداً يعود لتهديد منشآت النفط السعودية بعد التهديدات والهجمات على موانئ النفط اليمنية التي سرعان ما ستتحول باتجاه دول الخليج العربي إذا فشل في تمديد الهدنة والوصول إلى اتفاق مع الحوثيين.
ليس ذلك فقط بل إن الهجمات الحوثية على ناقات النفط في الموانئ الوطنية تهديد
مباشر للأمن البحري والقوانين الدولية المتعلقة به، إنه يهدد إمدادات النفط العالمية
التي تبحر في المياه الدولية قُبالة اليمن، وهدد قادة حوثيون بعد الهجمات على الموانئ
باستهداف هذه السفن ووقف الملاحة الدولية حتى تنفيذ طلباتهم.
نقلا عن مركز أبعاد للدراسات

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد