التقسيم والتمزيق... مساعي إماراتية لتكرار تجارب الجنوب في حضرموت

2022-10-17 22:01:10 أخبار اليوم – تقرير خاص

 

بعد تمكن مليشيا الانتقالي ومرتزقة الأجندات الإماراتية المدعوم من التحالف العربي رائد المشاريع التمزيقية في اليمن، من السيطرة على محافظة شبوة، اتجهت للبدء بمسلسل التصعيد والفوضى في محافظتي حضرموت والمهرة، ضمن مساعيها لتنفيذ مخططات التحالف الذي يهدف إلى تقسيم اليمن، والراعي الرسمي لمشاريع التمزيق وتفتيت الدولة والنسيج الاجتماعي في اليمن.

تشير السياسات المتبعة من قبل المملكة العربية السعودية إلى رغبتها الملحة في إعادة اليمن إلى عهد الدويلات، الصغيرة المتناحرة مناطقيًا، والرجوع بالبلاد إلى سبعينيات القرن الماضي الذي نزف بسببه اليمنيون ما يكفي من دمائهم لينبذوا واقعه المأساوي.

العصبة الحضرمية، وهي حركة تطالب بتقرير المصير لسكان محافظة حضرموت، دعت في بيان لها، خلال الشهر الماضي، بإخراج القوات الشمالية والجنوبية إلى خارج المحافظة، وهي تصريحات يراها مراقبون بأنها نتاج لسياسة التحالف التقسيمية، فيما يرى البعض الآخر بأنها تمثل الغالبية الصامتة من أبناء حضرموت التي ترفض المشاريع القادمة من الخارج.

سياسية التقسيم.

بعد ثمانية سنوات من التدخل السعودي الإماراتي في اليمن، والذي مارست خلالها دول التحالف العربي نموذجًا مشوهًا ولا يختلف كثير عن سياسة الاحتلال المباشر، وكلها ممارسات يبدو معها الوضع في المحافظات الجنوبية مرشحًا لمزيد من الانقسام بين خطابات مختلفة، تدفعها أبو ظبي والرياض للعودة إلى ما قبل ثورة أكتوبر، من الجنوب العربي إلى دولة حضرموت المستقلة.

حالة من الانقسامات الداخلية أوجدتها دولة الإمارات العربية المتحدة على مستوى المحافظة الواحدة، وكل ذلك يتنافى مع مفهوم الدولة حتى وإن كانت تلك التي ينشدها الانتقالي ويسعى لإقناع مختلف المكونات الجنوبية بجدواها، ففي الواقع لن ترغب أبو ظبي بأي شكل من أشكال الدولة في منطقة جل أحلامها أن تتمكن من احتلالها وإخضاعها لسيطرتها.

في هذا الواقع المتأزم، تحولت محافظة حضرموت جنوب اليمن، إلى ساحة للعديد من الفعاليات المتضادة، بين المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لانفصال المحافظات الجنوبية واستعادة ما يسميه بالجنوب العربي، وبين مكوّنات حضرمية ترى أن الوضع أصبح مناسبًا لأن تكون حضرموت كيانًا منفصلاً بعيداً عن صنعاء وعدن.

منذ فترة يعمل الانتقالي على محاولة السيطرة على حضرموت، ويرى أنصاره أن مشروع الجنوب العربي يبقى مجرد شعار ما لم يسيطر المجلس على المحافظة التي تعد أكبر محافظات البلاد وأكثرها ثروات، لتعيش محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة حراكًا متصاعدًا يمكن له أن يحسم مستقبلها.

فقد اليمنيون دولتهم بفعل التمرد الحوثي الانقلابي الذي عمد لإسقاط الحكومة وإدخال البلاد في مأزق اللا عودة، وهو الحال نفسه الذي وجد أبناء محافظة حضرموت أنفسهم عليه، ففي حين يتمسك الناس هناك بيمنيتهم، تأتي مساعي الأدوات الإماراتية لنشر مزيد من الفرقة والانقسام، غير أنه مهما بدا الوضع حرجًا فيها، فيظل الشعب هو صاحب القرار الأخير.

في السياق، يقول الصحفي منصور محمد: "لا شك أن هناك الكثير من المشاريع ومن الاستهدافات التي تتعرّض لها حضرموت مثل بقية المحافظات الأخرى التي نفذت بداخلها مشاريع مشبوهة هدفت لنسف النسيج الاجتماعي وترسيخ مبادئ الفرقة بين الناس".

وأضاف محمد في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن "في الحقيقة يجب أن نجعل مثل هذه الفعاليات وصوت الشعب وصوت الجماهير في الشارع بدون أي تأويلات ولا تزويرات سياسية تصب في مصالح حزبية ومصالح سياسية وحتى مصالح خارجية".

وتابع "فعاليات حضرموت اليوم تعتبر هي الأكبر، وفي تقديري أنها لا تمثل فقط تمسك أبناء حضرموت بعروتهم الوثقى الجنوبية، بل إنها رسالة لا تقبل التشكيك في وجه كل من يحاول تقزيم حضرموت ومحاولة بعض المؤدلجين جعلها رسالة مساومة بيد القوة التي تسعى لفرض نفسها كسلطة أمر واقع فوق إرادة أبناء المحافظة".

وقال: "لن يسمح أبناء حضرموت لأي قوة بسرقة حقهم في تحديد مصيرهم، وفي النهاية ستظل الكلمة الفصل والتي يجب أن تبقى حقًا للشعوب، ستظل أيضاً من حق أبناء حضرموت، لتكون للناس على الواقع لا للنخب السياسية، ولا للنخب الإعلامية".

مبرر الإصلاح.

السيناريو نفسه الذي استخدمته ووظفته في حربها ضد اليمنيين في عدن، ثم محافظة أبين وأخيراً في شبوة، هو ذاته بكل أدبياته تسعى الإمارات لتكريسه كثقافة سياسية مؤدلجة للنيل من مفهوم الدولة والسيادة اليمنية أرضًا وإنساناً، ففي حين مكنها هذا المبرر من السيطرة على شبوة، وغيرها من المحافظات الجنوبية، عادت الإمارات اليوم لتكرار التجربة ذاتها في محافظة حضرموت.

الإصلاح وحرب الإصلاح هي اللافتة ذاتها التي تلجأ دولة الإمارات العربية المتحدة لرفعها في كل مرة تشن فيها الحرب ضد الحكومة الشرعية وجيشها الوطني، وكذلك الحال في انقلاب عدن، وفي معركة شبوة التي جاءت بعد توافق القوى السياسية والخروج بقرار خليجي يقضي بتشكيل مجلس قيادة رئاسي.

يقول الباحث والناشط الحقوقي، أمير السقطري : "إن المجلس الانتقالي هدفه الأول هو السيطرة على المناطق الجنوبية التي حررت من مليشيا الحوثي الانقلابية تحت ذريعة إخراج الإصلاح منها، بينما الهدف الحقيقي له هو إخراج الشرعية، بدعم من التحالف السعودي - الإماراتي".

وأوضح لبرنامج المساء اليمني، الذي بثته قناة بلقيس يوم أمس، أن "المجلس الانتقالي يشتغل إعلاميًا وعسكريًا على شماعة أخونة الدولة، مع أنه من المستحيل أن تقبل السعودية والإمارات، منذ البداية، بأن يكون الإصلاح هو من يسيطر على الدولة".

وأشار إلى أن السعودية ترى أن "قيام دولة قوية في اليمن ليس من مصلحتها باعتبارها دولة لها موقعها وثرواتها وجميع الإمكانيات التي ستدفع بها، لأن تكون دولة كبرى تنافس السعودية، وغيرها من دول المنطقة".

وقال: "مشكلتنا ليست مع المليشيات، التي تقود المشاريع الصغيرة التي ظهرت، وإنما مشكلتنا مع التحالف السعودي - الإماراتي الذي يدعم هذه المشاريع وينمّيها ويكبرها، وهي صغيرة ليس لها حاضنة".

ويرى أن "أبناء المهرة وحضرموت يدركون اليوم بأن الدائرة تدور عليهم بعد سقطرى التي لا تعرف الحروب ولا الصراعات منذ عصور، إلا عندما أتى المجلس الانتقالي، وجاء بقوات من خارجها لتنفيذ أجندات خارجية فيها".

                    

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد