غياب الأحزاب والقوى السياسية... فاتورة باهظة يدفعها الجميع.

2022-10-08 23:30:33 أخبار اليوم – تقرير خاص

  

تتزاحم المتغيرات السياسية على ساحة الأزمة اليمنية، ومعها تنحسر مساحة الحكومة الشرعية ويتنامى على إثر ذلك نفوذ مليشيا الحوثيين الانقلابية، وهو الطرف الذي كان على ما يبدو خلال العقدين الماضيين الأكثر كفرًا بالعمل السياسي ومفاهيم الشراكة السياسية في الحكم وفرضيات الوصول إلى السطلة

 

الحركة الحوثية ذات المعسكر ذا الطابع الملشاوي والذي يمثل أكثر التيارات السياسية ضبابية وانتماءً لأجندات الصراع الإقليمي في اليمن، والمرتبط بصورة مباشرة بطهران رائدة العمل التوسعي ووريثة الفكرة الإمبريالية المتطرفة، أصبحت هي الأقوى على الساحة، وهي من تضع شروط المرحلة وتقرر كيف يمكن رسم ملامح السلام في اليمن

 

في المقابل، تعيش الأحزاب والقوى السياسية اليمنية المكونة للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، والممثل الأول للمعسكر المناهض للتوسع الحوثي وذات السيادة الرسمية في البلاد، تعيش هذه المكونات حالة من الركود السياسي إزاء التطورات الأخيرة التي من شأنها فرض واقع المرحلة المقبلة من تاريخ الأزمة في اليمن

 

الدور سياسي

 

حالة من التراخي تعيشها الأطراف المكونة للحكومة الشرعية اليمنية والمعترف بها دوليًا، غياب شبه كلي إن لم يكن قد وصل بالفعل إلى حالة الركود المستدام، حالة أشبه بالشلل السياسي يبدو على الأحزاب اليمنية المناهض للانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، والفكرة السلالية التي ترفض إحلال مفهوم الدولة بسيادتها الرسمية

 

خلال السنوات العشر الأخيرة، مثلت الأحزاب السياسية ضامنًا قويًا لحلول الدولة وفرض وجودها السياسي في البلاد، لاسيما وأنها آخر ممثل حي لمفاهيم الديمقراطية التي نسفت فعليًا مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي عمد لسلب القيمة الشرعية للحكومة اليمنية

 

هي الأطراف السياسية ذاتها التي مثلت قوام الحكومة وتحكمت بمصير الدولة اليمنية منذ انقلاب جماعة الحوثيين في الـ21 من سبتمبر / أيلول 2014م، تصدرت المشهد وجسدت حضور الدولة والحكومة بعد طردها من أمانة العاصمة صنعاء، لتنتقل بفعل ذلك إلى آخر معسكرات المعركة الوطنية الساعية لنبذ الانقلاب وإنهاء التمرد

 

بعد إحكام مسلحي جماعة الحوثي الانقلابي سيطرتهم على أمانة العاصمة صنعاء، عاشت الأحزاب السياسية حالة ترقبية حذرة، لا سيما مرحلة فرض الإقامة الجبرية على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وشعور الأحزاب بخيبة أمل أفقدتهم ثقة التخلص من التمرد الحوثي، فتوزع الأحزاب بين المحافظات التي لم تصلها أيدي المليشيات، وبالأخص حزب الإصلاح الذي وجد نفسه المستهدف الأول من حرب مليشيا الحوثيين، وقد بدأت معاركه ضد الجماعة والانقلابيين في محافظة مأرب في وقت سابق

 

بعد سيطرة الانقلابيين على أمانة العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة لها، جاء الدور على محافظة تعز، وحينها كان حزب التجمع اليمني للإصلاح قد فر من صنعاء وتمركز فيها، ولم يكن قد جاء التحالف العربي بما عرف تباعًا لهذه الأحداث بـ "عاصفة الحزم"، غير أن الإصلاح عمد لجمع مختلف المكونات السياسية لتحديد مصير وجودي للعملية السياسية، التي أكدت وقوفها إلى جانب الحرب ضد مليشيا الحوثيين الانقلابيين وحماية باقي المحافظات، وجاء حينها قرار إطلاق "عاصفة الحزم" بقيادة الرياض وأبو ظبي لتمثل بريق أمل لكل من قرر الحرب ضد الانقلاب الحوثي

 

حينها جسدت الأحزاب السياسية آخر معسكرات الدولة والحكومة الشرعية التي فقدت قواها ووجدت نفسها واقفةً أمام فوهات مدافع من كانت تعتقد أنهم جيشها، لتمثل الأحزاب السياسية حينها آخر ضامن لعودة الحكومة وإنهاء الانقلاب، وهو ما يحدث في أية دولة تعرضت للانقلاب ورفضت ذلك الأحزاب والقوى السياسية اليمنية

 

ركود سياسي

 

بعد أن مثلت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية آخر معاقل الحكومة الشرعية، وأذكيت لديها أهمية المعركة الوطنية المناهضة للحوثيين، لعبت دورًا بارزًا في سياق الأزمة اليمنية، وهو ما دفع بالتحالف العربي ومراكز القوى العالمية لتعامل مع هذه الأحزاب كأطراف لها حضورها السياسي الغاية في الأهمية، وكذلك استمر الحال حتى تغير

 

ثمانية أعوام من الحرب والصرعات البينية، أفقدت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية دورهم السياسي في مجريات الأحداث باليمن، وعلى غرار تحولات كثيرة أصبحت مراكز القوى الإقليمية هي رائدة العمل السياسي في اليمن، وتبخر بشكل تدريجي دور الأحزاب السياسية وما لعبته خلال سنوات الحرب في اليمن

 

عملت مراكز القوى الإقليمية على إنشاء معسكرات تمثل أجندات خاصة بها، وفي المقابل ركزت جهودها على تقليص مساحة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، لتخسر الأحزاب دورها ومكانتها السياسية، بعد أن قبلت بالدور العسكري الخارجي أن يجسد نفسها كسلطة أمر واقع

 

التحولات المتتابعة لمجريات الأزمة اليمنية والتي فرضتها دول التحالف العربي خلال سنوات الحرب في اليمن، والتي تمثلت ببناء معسكرات خارجة عن إطار الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وتقديم الدعم العسكري لفصائل مسلحة فرختها بشكل ملشاوي داخل مناطق الحكومة، وقبول الأحزاب السياسية بهذا الواقع، دفعت اليمن تبعاته وفقدت على إثره سيادة الحكومة والدولة السيادية في اليمن

 

وإضافة للفاتورة باهظة الثمن التي تكبدتها الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا كدولة مركزية ذات سيادة سياسية مستقلة، كان لها تبعات كبيرة على مكانة الأحزاب ودورها السياسي الذي فقد قدرته على الحركة وشهدت على إثره حالة من التشظي وفقدان الثقة بالذات

 

وصاية خارجية

 

بعد أن جسدت الأحزاب والقوى السياسية اليمنية ضامنًا لبقاء الحكومة الشرعية وتماسكها السياسي والعسكري، كانت التنازلات الكبيرة والجوهرية التي قدمتها هذه الأحزاب على حساب الحكومة، كانت فاتورة بالضرورة دفعها من خلال تحجيم أدوارهم ومكانتهم السياسية على المشهد العام لملف الأزمة في اليمن

 

مليشيا الحوثيين الانقلابية والمسيطرة على الشطر الشمالي لليمن والتي تحظى بدعم طهران السياسي والعسكري، وجدت نفسها في حالة نمو والازدهار، لتبني بذلك سلطتها على أرض الواقع رغم أنوف جميع المكونات السياسية التي مثلت دورًا مناهضًا للجماعة الانقلابية

 

بعد أن نجحت دول التحالف العربي بتحييد الأحزاب وأدلجة معظمها للقبول بأجنداتها، تمكنت من تحييد دورهم السياسي كليًا، وأصبحت العملية السياسية ومخرجاتها في الداخل اليمني محض اجتهاد إقليمي دون أن يكون للقوى السياسية اليمنية دورًا يذكر، وذلك ما يترجمه قرار تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بعد أن توافقت عليه مراكز القوى الإقليمية .

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد