رقص الأبقار الجياع على قبور المعاهدات الأممية في اليمن.

العروض العسكرية لمليشيا الحوثي... الدلالات والرسائل.

2022-09-06 13:32:46 أخبار اليوم – تقرير خاص


 


في ظل هدنة أممية طولية الأمد، وسلام شكلي لا يرقى لمفهوم السلام، تحولت معركة مليشيات الحوثي في اليمن من مرحلة الصراع المحتدم، إلى مرحلة التبجح أمام المجتمع والدولي في عروض عسكرية تعسى من خلالها إلى إيصال رسالة مفادها "سأكون رغمًا عنكم".

تتزامن العروض العسكرية لمليشيا الحوثي، مع حالة الركود العسكري الذي يعيشه الجانب الحكومي، إضافة لتجدد الصراعات البينة التي ترعاها دولة الإمارات العربية المتحدة في جنوب البلاد، وتحت مسمى التوافق السياسي الذي لم يلبث حتى أجهض كما لو كان قد خلق ميتًا.

فشل سياسي ذريع، هو خلاصة تجربة مجلس القيادة الرئاسي، الذي جاءت به دول التحالف العربي، بعد أن تمكنت من تمزيق مشروع الدولة، وقتل آخر أمل أمام اليمنيين، في استعادة دولتهم المدنية، والخروج مجددًا إلى بر الأمان.

استراتيجية التبجح

تهدف العروض العسكرية لمليشيا الحوثي للضغط على الأطراف المختلفة للحصول على مزيد من الامتيازات، لا سيما بالنظر لطبيعة المرحلة الراهنة والتي ترعاها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لدى اليمن، ففيها تريد مليشيا الحوثي فرض موازنة مختلفة أمام المجتمع الدولي.

في الحرب يظل البقاء للأقوى، والقوة هي من صاحبة الشرعية الوحيدة، وهي من تقرر لمن البقاء ومن لا يستحقه، وهي الفرضية التي سعت مليشيا الحوثي جاهدة لتحقيقها على نفسها.

خلال سنوات الأزمة اليمنية، شهدت المليشيا تطورًا كبيرًا في قدراتها العسكرية، وفر لها فشل التحالف العربي واعوجاج مشروعه في اليمن، مساحة مناسبة للتوسع عسكريا وتنمية وجودها على المستوى السياسي أيضا.

تدرك مليشيا الحوثي أهمية المرحلة الراهنة، كما تدرك دلالات الظهور المفرط لأقصى قدراتها العسكرية، وان اضطرت لتزوير الواقع، فإنها في الوقت ذاته ستعمل على إقناع العالم بقدرتها على البقاء كمعسكر غير متناهي.


المهرجان العسكري الحوثي، الذي أقيم لأول مرّة في الحديدة، تم بحضور قيادة ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع للمليشيات، وعرضت فيه مختلف أنواع الأسلحة الجوية والبرية والبحرية، في رسالة واضحة وجهها رئيس المجلس الحوثي مهدي المشاط، خلال المهرجان، قال فيها إن بمقدور جماعته أن تضرب أي نقطة في البحر من أي مكان في اليمن.

العرض العسكري للمليشيات في الحديدة لا يعد تحديا للتحالف السعودي - الإماراتي فحسب، بل أيضا للمجتمع الدولي الذي وضع الحديدة من ضمن المدن التي يحظر فيها تنفيذ أي أنشطة عسكرية، كما تنص بنود اتفاق ستوكهولم الموقّع عليها نهاية 2018م.

من جهته يقول الباحث والخبير في الشأن العسكري الدكتور علي الذهب إن: "العروض العسكرية الحوثية، تهدف للضغط على الأطراف المختلفة للحصول على المزيد من المكاسب، بما يخص فتح مطار صنعاء لوجهات جديدة، وصرف المرتبات".

وأوضح الدكتور الذهب في حديثه لـ"أخبار اليوم" أن: "العروض العسكرية لمليشيا الحوثي تهدف أيضاً لاستخدام استراتيجية التأثير بمعنويات الخصم، وهذا يمنحها قوة أكثر، فضلا عن كون هذا الاستعراض جاء في منطقة البحر الأحمر، وهي منطقة حساسة للتجارة الدولية وسلاسل الإمداد".

وأشار إلى أن: "العروض العسكرية، هي جزء من وسائل الضغط التي تستخدمها مليشيا الحوثي، في ظل مجموعة من التحولات الداخلية منها الهدنة، إضافة إلى التحولات الإقليمية والدولية".

رسائل

يحمل العرض العسكري لمليشيا الحوثي في الحديدة عدة رسائل استراتيجية خطيرة، فمن جهة هناك الأهمية الاستراتيجية لميناء الحديدة كمنفذ بحري له تأثير بالغ على خطوط الملاحة الدولية.

فيما يرى القيادي في مجلس تهامة، الدكتور عثمان العيدروس، أن العرض العسكر الذي نظّمته مليشيا الحوثي في مدينة الحديدة يعد من أكبر العروض مقارنة بالعروض التي أقيمت سابقا في المدينة.

وقال: "إن عرض المليشيا يحمل رسالة للداخل قبل الخارج، والتي تقول للداخل بأنها المنتصر والثابت، وهو الانتصار الذي جاء بفضل انسحاب القوات المشتركة من أطراف مدينة الحديدة، الذي تم في نوفمبر من العام 2021م، بتوجيه من دولة الإمارات الداعمة لتلك القوات، وهو ما حقق نصراً كبيراً للمليشيات".

وأشار إلى أن "تضحيات المقاومة التهامية والعمالقة والمقاومة الجنوبية ذهبت كلها في مهب الريح، لم يكن لها أي اعتبار لدى دولة الإمارات أو لدى المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات بقيادة طارق صالح".

واعتبر أن "المليشيات توجّه رسالة للخارج أيضا بأنها مستعدة للحرب، إذا ما استمرت عمليات المضايقات لسفنها، أو لم يتم تحقيق مطالبها، وأنها قادرة على ضرب كل الأهداف في البحر الأحمر، أو في مضيق باب المندب الذي تمر منه أكثر من 25% من الوقود والمحروقات".

من جهته، يقول أحد ضباط الجيش الوطني، سعيد القليصي: "إن التحركات التي تقوم بها مليشيا الحوثي -بلا شك- أنها تشكل نقطة فارقة وخطيرة في الصراع، فهي ضربت بكل التحذيرات عرض الحائط".

ويرى أن "بيان البعثة الأممية المعنية بمراقبة تنفيذ اتفاق ستوكهولم، بشأن التحشيدات الحوثية في مدينة الحديدة، لم يكن شديد اللهجة، وضعيفا وعلى استحياء"، داعيا المجلس الرئاسي إلى أن يستغل الخرق الحوثي للاتفاق بإعلان انتهاء اتفاق ستوكهولم.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد