مليشيا الانتقالي تهدد بالسيطرة على حضرموت والمهرة بعد شبوة وأبين..

إلى أين يتجه الوضع؟ هل إلى التقسيم والانفصال؟

2022-08-25 01:09:45 أخبار اليوم - متابعات

 
  • تحت لافتة المجلس الرئاسي إزاحة وتصفية كل ما له علاقة بهوية الجمهورية اليمنية.
  • قرارات العليمي لم تجد أذانًا صاغية عند عيدروس الزبيدي...؟
 

لم تمض فترة قصيرة على إعلان نقل السلطة، حتى بدأ بتنفيذ المهمة التي خلق من أجلها، والمحددة في إعلان نقل السلطة؛ التفاوض مع الحوثيين، حيث وافق المجلس الرئاسي على منح الحوثي مزايا لم يستطع الحصول عليها طوال سلطة الرئيس هادي، حيث اعترف المجلس بحق المليشيا في إصدار جوازات سفر من صنعاء، وهو حق سيادي للدولة، كما أنه وافق على تشغيل الرحلات الجوية من مطار صنعاء، وتدفق المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، دون أي مقابل حقيقي، بل فشل المجلس الرئاسي في إدارة ملف المفاوضات حول الطرق؛ خصوصا طرق تعز.

  

إلا أن المجلس الرئاسي نجح في أداء مهمة أخرى غير معلنة؛ وهي موجهة وحدات الجيش والأمن التابعة للحكومة، والموالية فعليا لسلطة الدولة، والمؤمنة حقيقة بفكرة الجمهورية. فبعد شهور من حكاية مواجهة مليشيا الحوثي، نفذ المجلس الانتقالي عملية عسكرية واسعة ضد قوات الجيش والأمن في محافظة شبوة، بدعم من التحالف السعودي الإماراتي، وحظيت العملية بموافقة رئيس المجلس الرئاسي، الذي وصفها بـ"إنفاذ إرادة الدولة"، معيّنا قيادي في الانتقالي رئيسا لمحور عتق العسكري.

حاليا، وبعد أن أدت المرحلة الأولى إلى طرد القوات الحكومية من شبوة، أعلن المجلس الانتقالي إطلاق عملية عسكرية في أبين، أسماها "سهام الشرق"، ومع أنه لا وجود للحوثيين هناك، ولا يحق للانتقالي إطلاق عملية عسكرية، إلا أن الهدف واضح طرد ما تبقى من ألوية تدين بالولاء للجمهورية.

خطوة التصعيد هذه، تجاوز فيها الانتقالي الجنوبي قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي وجّه فيها بعدم الإقدام على أي عمل عسكري في أبين.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي قد أوصى أيضًا بإعادة تموضع القوات بحسب اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة من اللجنة الأمنية والعسكرية، والتوجيهات العليا للمجلس الرئاسي بوقف كل التحركات الأمنية والعسكرية.

بيد أن قرارات العليمي لم تجد أذانًا صاغية عند عيدروس الزبيدي، عضو المجلس الرئاسي والرئيس الانتقالي الجنوبي الذي يعتبره البعض صاحب القول الفصل في المجلس، ومن معه من قيادات أمنية وعسكرية.

لقد تبين بوضوح، أن المهمة الرئيسية للمجلس الرئاسي، هي تحقيق مهمة غير معلنة، وهذه المهمة تتمثل في إزاحة أو تصفية كل ما له علاقة بهوية الجمهورية اليمنية، ضمن مخطط تقسيم اليمن إلى مناطق عسكرية تدين بالولاء مباشرة للتحالف السعودي الإماراتي.

وبالنظر من زاوية أخرى إلى المشهد ذاته يرى السياسي المخضرم، رئيس الوزراء والبرلمان الأسبق، ياسين سعيد نعمان، في منشور له على حسابه الخاص بموقع فيسبوك "أن اليمنيين أمام خيار واحد إذا ما أرادوا استعادة دولتهم، وهو التخلص من ميراث استخدام القوة والعنف وسفك الدم في حل الخلافات السياسية".

ويضيف نعمان أن "السياسة التي تلجأ إلى رفع السكين.. لا تمتلك أي دليل على مشروعية استمرارها"

إلى ذلك هدد المجلس الانتقالي الجنوبي مساء أمس الأربعاء، المدعوم من التحالف السعودي - الإماراتي، باستمرار معاركه ضد القوات الحكومية في حضرموت والمهرة.

وقال رئيس ما يسمى الجمعية الوطنية في المجلس، أحمد بن بريك، إن التوجّه القادم بعد شبوة وأبين هو استعادة ما تبقى من محافظتي حضرموت والمهرة، بحسب تعبيره.

وتأتي تصريحات بن بريك عقب سيطرة الانتقالي المدعوم من التحالف على محافظة شبوة، بعد معارك عنيفة مع القوات الحكومية، وإعلانه السيطرة على محافظة أبين دون قتال.

يبدو ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي وكأنه في سباق مع الزمن لتوسيع رقعة سيطرته في المحافظات الجنوبية والشرقية بمساندة عسكرية من التحالف السعودي - الإماراتي، نتيجة للعديد من العوامل التي شجعته مؤخرا على المضي في هذا المسار، غير آبه بتداعيات أحداث شبوة التي لم ينقشع غبارها بعد، والتي كانت أشبه بزلزال سياسي حرك المياه الآسنة وألقى بتأثيره على مختلف الأطراف وقلص خياراتها، ولم يعد أمامها سوى المواجهة أو الاستسلام.

وبما أن المواجهة تبدو كخيار مؤجل حتى تحين اللحظة الحاسمة، أي لحظة الانفجار الشامل، فإن المجلس الانتقالي والتحالف السعودي - الإماراتي يرون ضرورة التعجيل بالمضي في مسار الانفصال، كون اللحظة الراهنة تعد الأنسب لذلك، بعد حالة التشتت والفراغ التي صنعها التحالف في رأس السلطة الشرعية من خلال تشكيل مجلس قيادة رئاسي لن ينجح التماسك الشكلي في ردم الفجوات والتنافر بين أعضائه، وهو تماسك محكوم باعتبارات أمنية وسياسية وشخصية أيضا، لكنه قد ينهار في أي لحظة.

تتعدد دوافع المجلس الانتقالي للتصعيد ومحاولة توسيع رقعة سيطرته التي ستتركز على المنشآت الحيوية والثروات السيادية ومراكز المحافظات والمدن الرئيسية في جنوب البلاد، ومن أهم تلك الدوافع أن سيطرته على مركز محافظة شبوة، مدينة عتق، من دون اندلاع معركة شاملة أو تكبد خسائر مؤلمة، ثم السيطرة على حقول النفط والغاز في المحافظة ذاتها، فتحت شهيته للتوسع في بقية المحافظات الجنوبية والشرقية التي لم يسيطر عليها، حيث أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس "الانتقالي"، عيدروس الزبيدي، عن عملية عسكرية جديدة للسيطرة على محافظة أبين، وهو ما تم من دون قتال، بذريعة تطهيرها من الإرهاب، حسب زعم بيان صادر عنه.

لكن الهدف الحقيقي هو السيطرة على المحافظة لتأمين تحرك مليشيا المجلس الانتقالي إلى محافظتي حضرموت والمهرة، وليكون "الانتقالي" بذلك قد تخلص من أهم عقبتين تعترضان توسع المليشيا التابعة له، أي شبوة وأبين، وبالتالي لم يبقَ أمامه سوى محافظتي حضرموت والمهرة، وهما لا تشكلان عقبة كبيرة أمام مليشيا "الانتقالي" كالعقبة التي كانت تشكلها شبوة وأبين، فمحافظة المهرة تسيطر قوات سعودية على مراكزها الحيوية، ومحافظة حضرموت تتواجد فيها مليشيا تابعة للمجلس الانتقالي تعرف بـ"النخبة الحضرمية" ستمهد الطريق لقدوم مليشيا من خارج المحافظة، كما أن الطيران الحربي للتحالف السعودي - الإماراتي كفيل بمساندة مليشيا المجلس الانتقالي وإبعاد القوات الحكومية من مواقعها إلى خارج المدن ومنح مليشيا "الانتقالي" نصرا مزيفا.

يضاف إلى ذلك أن المجلس الانتقالي استغل تشتت أعضاء مجلس القيادة الرئاسي وسفر رئيس المجلس إلى الإمارات ومنها إلى السعودية، لينفرد عيدروس الزبيدي بتمثيل ما تسمى سلطة شرعية تحت لافتة المجلس الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن، والتصرف كحاكم وحيد يصدر الأوامر والتوجيهات ويدير المشهد العسكري والأمني، رغم أن تواجد رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي في عدن لن يعرقل المجلس الانتقالي عن المضي في المسار الحالي، لكن حدوث التطورات الجارية في جنوبي البلاد، في ظل تواجد رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي في عدن، سيكون لها رد فعل شعبي ضاغط على المجلس الرئاسي ودفعه لاتخاذ إجراءات ما، ولو استقالة بعض أعضائه والانتقال إلى خطوة جديدة من المجابهة.

كما أن مخاوف المجلس الانتقالي ومخاوف داعميه، الإمارات والسعودية، من أن تؤدي التطورات الجارية إلى دفع الأطراف المتضررة إلى التكتل وإعادة تدوير حساباتها بشكل يؤثر على مسار الانفصال، فإن هذه المخاوف تدفع بالتعجيل في فرض الأمر الواقع، واستغلال حالة الصدمة بالنسبة للأطراف المتضررة للاستمرار في الوثوب عليها وعدم منحها الفرصة لتدارس خيارات المواجهة والتنسيق لها.

ولذلك فإن الخطوات المتسارعة لتوسيع رقعة السيطرة وتداعياتها كلها عوامل تنهك الأطراف المتضررة وتقلص من خياراتها، أي قوات الجيش والأمن الحكومية في المحافظات المستهدفة والقبائل الرافضة لقدوم مليشيا من خارج مناطقها للتحكم بمصيرها، خصوصا عندما تتم عملية السيطرة بتواطؤ من مجلس القيادة الرئاسي وبتدخل عسكري إماراتي وسعودي مباشر، حتى وإن كان ذلك لا يعني الحسم لصالح الانفصاليين في ظل توازنات ستحول الأرض إلى جحيم على مليشيا "الانتقالي" في المحافظات التي لا توجد فيها حاضنة شعبية لها، ويُنظر لها باعتبارها مليشيا غازية ومعتدية، وعامل المباغتة والإرباك عامل لحظي ولن يدوم طويلا، فهناك قوات تتواجد على الأرض، وهناك قبائل مسلحة وغاضبة تتحين لحظة الانفجار والحسم.

أيضا، يرى المجلس الانتقالي والتحالف السعودي - الإماراتي أن هذه اللحظة هي اللحظة المواتية لقطع أشواط كبيرة في مسار انفصال جنوب اليمن لاعتبارات أخرى، من بينها سيولة الأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية المنهكة للمواطنين، كونها تعطل صوتهم وتعيق أي طرف من تحريك ورقة الشارع المنهك الذي لم يعد يجد سلطة أو حاكم قوي يمثله أو يستحق منه المساندة، بينما الهدنة مع مليشيا الحوثيين أفسحت المجال للمضي في ترتيبات الانفصال.

كما برز عامل مهم جعل التحالف السعودي - الإماراتي يطمئن بأن ما بقي من الحكومة الشرعية وأبرز المكونات السياسية المساندة لها لم يعد لديها أي أوراق ضغط مثل البحث عن حليف أجنبي جديد يغير معادلة الصراع، كما حصل في ليبيا عندما تدخلت تركيا، فمخاوف الرياض وأبو ظبي السابقة من احتمال تدخل تركيا في اليمن تلاشت بعد المصالحات الإقليمية وتصفير الأزمات التي برزت بعد ثورات الربيع العربي، مثل تحسن العلاقات بين تركيا وكل من السعودية ومصر والإمارات، وانتهاء أزمة حصار قطر، وتراجع حدة التنافس على زعامة الإقليم بين القوى الرئيسية في المنطقة.

تمر الأزمة اليمنية في صيغتها الراهنة بتحولات هيكلية ومفصلية ستلقي بتأثيرها على مختلف أطراف الصراع المحلية والخارجية، وستدفع الأطراف المتضررة إلى إعادة تدوير حساباتها، وربما تؤدي لفك وإعادة تركيب التحالفات القائمة وفقا للحسابات التي ستفرزها التطورات الراهنة.

ومجمل القول إن تحولات الأزمة اليمنية والحرب داخل الحرب وتباين الرؤى والأهداف، كلها أمور سترتب خيارات وسيناريوهات متعددة، وتؤكد ذلك الاضطرابات والفوضى المتزايدة كل يوم ومساراتها وأنماطها، واستمرار حالة عدم الاستقرار، وطموحات النفوذ والهيمنة لأطراف أوجدها التحالف من العدم.

                      

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد