ما بين ديوان الملك وبلاط كسرى... هل تقسم تركة الرجل المريض.

2022-04-26 03:09:11 اخبار اليوم/ تقرير خاص

  

 

في ظل هدنة أممية تصب في تغذية المعسكرات الحوثية، نجحت الرياض ومعها دول مجلس التعاون الخليجي في تشكيل مجلس قيادة رئاسي لإدارة الحكومة اليمنية، وهو نجاح سياسي تمكنت معه إنشاء مجلس تكون قوامه من مختلف الأطراف المكونة للحكومة الشرعية، لتنهي بذلك حالة الصراع الداخلي في صف الحكومة اليمنية.

 

وعلى غرار ذلك، فان الأطراف التي كونت هذا المجلس، هي عينها، التي مثلت أجندات الرياض وأبو ظبي في وقت سابق، لتبدأ اليوم المملكة العربية السعودية دورتها الخامسة من مشاوراتها مع طهران.

 

بدت مرحلة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي مثيرة للريبة في معظم محطاتها، لا سيما وقد بدت الإجراءات أشبه بعملية موازنة سياسية بين مختلف الأطراف التي مثلت التحدي الأبرز في تأريخ نشأة الحكومة الشرعية منذ بداية أحداث تمرد الجماعة الحوثية على الدولة في سبتمبر /أيلول 2014 م.

 

غالبًا ما يحمل تشكيل المجالس الرئاسية لإدارة البلدان التي تعاني من الأزمات وتشتد حدة الصراع بين فرقائها الذين يحظون برعاة إقليميون، تحمل دلالات لمدى حجم حالة الانسداد السياسي فيما بينهم، فيلجأ اللاعب الإقليمي لتشكيل مجلس قيادة لإدارة البلاد، بعد نجاحه في ترسيخ بقائه من خلال أطراف وكيانات تمثل أجندته ونفوذه في الداخل المحلي.

 

لكن المثير للريبة أكثر في هذا التوقيت، هو استئناف المشاورات الإيرانية السعودية في بغداد.. فهل عملت الرياض وأبو ظبي من خلال مجلس القيادة الرئاسي على بناء كيان مواز لجماعة الحوثي المدعومة من إيران؟

 

هل تسعى الرياض من خلال هذه المشاورات الى إنهاء سجال الحرب في تسوية مع الراعي الإقليمي لجماعة الحوثيين، تتقاسم معها تركة الرجل المريض؟ أم أن ثمة مساع أخرى تسعى الرياض لتحقيقها بهذه المشاورات التي سترتبط بالملف اليمني دون أدنى شك؟

 

إستراتيجية الخيبة.

 

منذ بداية أحداث الأزمة اليمنية، ومع إعلان قرار عاصفة الحزم في عام 2015م، كانت جماعة الحوثيين الطرف الأضعف، متكومة على مخاوفها من خسارة نفوذها داخل العاصمة اليمنية صنعاء.

 

ففي وقت تشكيل تحالف دولي عسكري لإعادة الحكومة اليمنية الى دار الرئاسة في أمانة العاصمة صنعاء، وإنهاء التمرد الحوثي، كان ما يزال علي عبدالله صالح شريكًا في الأزمة ومنافسًا ميدانيًا لنفوذ جماعة الحوثيين شمال البلاد.

 

حينها كانت الحركة الحوثية تعتمد على ترسيخ بقائها على امكانيات محدودة ومعسكرات متشضية، وفي المقابل كانت الحكومة الشرعية تحظى بدعم دولي سياسي وعسكري، أو لعل ذلك ما بدت عليه مع تواجد التحالف العربي الى جانبها.

 

مثل التواجد العسكري لدول التحالف العربي في جانب الحكومة اليمنية تحد كبير لدى جماعة الحوثيين، لاسيما وأنها ماتزال مهددة بخطر نفوذ الرئيس السابق والعدو الأول لمشروع العودة التي تحلم به الجماعة رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء علي عبدالله صالح.

 

وعلى غرار ذلك، فإن التواجد العسكري الي حظيت به حكومة هادي، والذي عرف حينها بالتحالف العربي، بدا في أوقات كثيرة تواجد صوري يسعى لتحقيق نفوذه الخاص، وبناء اجندته المشبوهة في الداخل اليمني وإن كان على حساب الحكومة الشرعية التي تعتقد بدعم الأشقاء.

 

أخذ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مسار مختلف عن أهدافه، حيث بدأ بتشكيل كيانات متناحرة تختلف هوياتها داخل الحكومة الشرعية التي آمنت بدعمهم، ثم عملت من خلال هذه الكيانات على تنفيذ أجندتها الخاصة، الأمر الذي أدخل الشرعية اليمنية في حالة من الصراع الداخلي.

 

ساعدت هذه العوامل التي أنشأتها دول التحالف العربي بتنمية المعسكرات الحوثية التي نجحت في وقت ما من عمر الأزمة اليمنية في القضاء على شريكها في النفوذ في المناطق الشمالية لليمن، لتتفرد في قيادة ملفها وقد أصبحت قوة أمر واقع.

 

الخذلان السياسي والعسكري الذي تعرضت له الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، واجهتها طهران بدعم متواصل للحركة الحوثية اما سياسيًا أو عسكريًا لوجستيًا منذ بداية الازمة ومع نشوب أولى المعارك.

 

عمل خبراء حزب الله اللبناني على بناء نظام بوليسي قمعي من طراز رفيع يؤمن بقاء الجماعة ويجتث كل من يقف أمامها، فيما ساهم خبراء آخرين من طهران وحزب الله اللبناني في تطوير معسكرات الحوثيين وبناء قدرات صاروخية عرضت الرياض وأبو ظبي لخطر الإرهاب الحوثي.

 

في النهاية وجد التحالف العربي نفسه بصدد رعاية حكومة مكونة من أطراف متصارعة أنشأتها سياسة التحالف نفسه، وحينها كان الملف اليمني قد تقزم، وبدأت تفقد سيطرتها على مجريات الأزمة، وهنا كان أمنها القومي قد عرض لخطر الإزدهار العسكري لجماعة الحوثيين الذي اعتمد خلال تطويره على ما شهدته الحكومة الشرعية من موت سرير وصراع متواصل بين أطرافها.

 

وفي لحظة ما وجدت الرياض وأبو ظبي نفسيهما أمام توسع حوثي بات يشكل خطر على الأراضي السعودية ويطرق أبواب محافظة مأرب الغنية بالثروات الطبيعية، وفي المقابل حكومة خائرة القوى انهكتها الصراعات البينية وقتل حلمها في البقاء، ليتعرض التحالف العربي لخيبة سياسية واستراتيجية كبيرة وضعته بقياداته في وقف محرج أمام المجتمع الدولي، لاسيما مع انقضاء ثمانية أعوام من الحرب الذي لم تصل معه الرياض الى نهاية مرضية.

 

وفي نهاية المطاف يظل الشارع المراقب لتطورات الأحداث يبحث عن مجابة مرضية وغائبة، عما اذا كانت الرياض قد أكدت في الوقت الحالي من عجزها واعلنت استسلامها لإيران وأجندتها في اليمن لتعمل على انشاء مجلس رئاسي لإدارة البلاد، كحكومة مركزية تدير الأزمة وتمثل الكيان الموازي لجماعة الحوثيين وتنصرف هي لتقاسم اليمن مع طهران.

 

تكهنات حول البيعة .

 

تخوض الرياض بصراعها ضد إيران منذ وقت طويل، وهو الصراع الذي بدا في معظم محطاته أزلي لغياب ملامح تشي بنهاية الأزمة بين البلدين، كيف لا والحال أن الصراع في حقيقتها صراع وجودي بين قوة تسعى لابتلاع أخرى بدعاوى سماوية.

 

تمكنت إيران من ابتلاع عواصم عربية فشلت الرياض في ابقائها آمنة، وهو توسع يهدد الأمن القومي لمختلف دول مجلس التعاون الخليجي، ففي لبنان نجحت طهران وكذلك في سوريا والعراق واليمن، لتصل بذلك الى حدود المملكة الجنوبية ولتصبح بذلك خطر يتهدد الأمن القومي للرياض.

 

استعصت جماعة الحوثيين بطبيعتها الهلامية على بوادر السلام، فتحولت الى معسكر يدار بالوكالة، وهنا توجهت الرياض وهي الداعم الأول لكل خطوة أمريكية تستهدف البرنامج النووي الإيراني للتخاطب مع طهران الراعي الإقليمي لجماعة الحوثيين.

 

تحتاج إيران لإنجاح برنامجها النووي والتخلص من العقوبات الأمريكية التي تدعمها السعودية بكامل ثقلها، فتعمل على الضغط على الرياض من خلال معسكراتها اما في اليمن أو في غيرها، واليوم بات الزواج علني وباتت المشاورات بين طهران والرياض في مشوارها الخامس.

 

فهل تذهب الرياض لتقاسم اليمن مع طهران، ولتنهي حربها التي استغرقت من عمر اليمنيين من يربوا على الثمانية أعوام، بعد أن خيبت رجاء الناس وصبت حربها في صالح الحوثيين لتمزق بذلك مركزية الحكومة اليمنية وتنهك قواها.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد