قال معهد أمريكي إن هجمات ميليشيا الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر جزء من مشروع سياسي أوسع يعود إلى عقود مضت بدعم وتمويل من دولة إيران.

وأضاف "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" -في تحليل للباحث جريجوري د. جونسن ترجمه للعربية "الموقع بوست"- أن "النهج الأمريكي الحالي للردع والإضعاف من غير المرجح أن ينجح".

وتابع "على مدار الشهر الماضي، نفذت الولايات المتحدة، وفي بعض الأحيان، المملكة المتحدة، سلسلة مستمرة من الضربات ضد أهداف المتمردين الحوثيين في اليمن. هذه الضربات لها هدفان. أولاً، تريد الولايات المتحدة ردع المتمردين الحوثيين عن تنفيذ هجمات مستقبلية على السفن التجارية في البحر الأحمر. ثانياً، وعلى نحو متصل، تسعى الولايات المتحدة إلى إجبار المتمردين الحوثيين على وقف هجماتهم من خلال إلحاق الألم بالجماعة - مما يؤدي إلى إضعاف القدرة العسكرية للمتمردين الحوثيين إلى درجة أنهم إما غير راغبين أو غير قادرين على تنفيذ المزيد من الهجمات في البحر الأحمر".

وأردف المعهد أن المتمردين الحوثيين، كما قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ مؤخراً، لديهم خيار بسيط: "يمكن للمتمردين الحوثيين الاستمرار في القيام بذلك أو يمكنهم التوقف ويمكننا العودة إلى السلام".

واستدرك "لكن ليس من المستغرب أن المتمردين الحوثيين لا ينظرون إلى الصراع بنفس الطريقة، وبدلاً من النظر إلى ذلك على أنه مواجهة منفصلة مع الولايات المتحدة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، يرى المتمردون الحوثيون أن الهجمات في البحر الأحمر جزء من مشروع سياسي أوسع يعود إلى عقود مضت. وهذا يعني أن النهج الأمريكي الحالي للردع والإضعاف من غير المرجح أن ينجح".

وأورد الباحث جريجوري د. جونسن عدة نقاط تفند أن عدم قدرة واشنطن ردع وإضعاف المتمردين الحوثيين، أولها: لن يتم ردع المتمردين الحوثيين لأنهم يريدون هذه المواجهة مع الولايات المتحدة.

الحرب مفيدة للمتمردين الحوثيين لأسباب إقليمية ومحلية.

وقال "على الجانب الإقليمي، يسمح هذا الصراع للمتمردين الحوثيين بتلميع أوراق اعتمادهم المؤيدة للفلسطينيين، وهو ما يعزز بدوره شعبيتهم المحلية. ويظهر المتمردون الحوثيون أيضًا أهميتهم بالنسبة لإيران من خلال التصعيد مع الولايات المتحدة بطريقة تمنح إيران إمكانية الإنكار المعقول، وتحميها من الضربات الانتقامية المحتملة".

وزاد "على الجبهة الداخلية، لدى المتمردين الحوثيين سبب سياسي واقتصادي لمواصلة هذه الحرب مع الولايات المتحدة. ومن الناحية السياسية، يمكن للمتمردين الحوثيين استخدام هذا الصراع لتعزيز قاعدة دعمهم المحلية بثلاث طرق. أولاً، كما ذكرنا أعلاه، تحظى القضية الفلسطينية بشعبية كبيرة في اليمن، ومن خلال ربط أنفسهم بما يحدث في غزة، يكتسب المتمردون الحوثيون المزيد من المؤيدين.

وأفاد أن النقطة الثانية يسمح الصراع مع الولايات المتحدة للمتمردين الحوثيين بإسكات الانتقادات الداخلية المتزايدة من خصومهم السياسيين المحليين. ولا ترغب أي جماعة محلية في أن تظهر معارضة للمتمردين الحوثيين عندما يقاتلون ظاهريا نيابة عن الفلسطينيين ضد الولايات المتحدة.

وأضاف "ثالثاً، من خلال الانخراط في صراع عنيف مع الولايات المتحدة، يمكن للمتمردين الحوثيين الاستفادة من تأثير الالتفاف حول العلم، وتصوير أنفسهم كمدافعين عن اليمن، وهي خطوة استخدمتها الجماعة لصالحها خلال السنوات الأولى للحكم السعودي. - الحرب التي قادتها في اليمن".

واستطرد د. جونسن في تحليله "لكن ربما الأكثر أهمية في حسابات المتمردين الحوثيين هو الزاوية الاقتصادية. ويسيطر المتمردون الحوثيون على جزء كبير من المرتفعات اليمنية الشمالية، والتي تضم غالبية سكان اليمن. لكن ما لا يملكه المتمردون الحوثيون هو قاعدة اقتصادية تسمح لهم بالحكم لسنوات قادمة. يمتلك اليمن، بشكل أساسي، مصدرين رئيسيين: النفط والغاز. وتتركز حقول النفط والغاز هذه في مأرب وشبوة وحضرموت ــ "مثلث القوى" في اليمن ــ ولا يسيطر المتمردون الحوثيون على أي منها.

وأشار إلى أن المتمردين الحوثيين يحاولون الاستيلاء على مأرب منذ سنوات، وفي كل مرة يتم صدهم عن طريق مزيج من القوة الجوية السعودية والمقاومة القبلية المحلية. أحد أسباب تصميم المتمردين الحوثيين على الاستيلاء على مأرب هو أن الميليشيات تعلم أنها إذا فشلت في السيطرة على واحدة على الأقل، أو على الأرجح اثنتين، من هذه المحافظات، فإنها لن تتمكن من البقاء في اليمن. ولا يمكن للمتمردين الحوثيين أن يحكموا دون قاعدة دعم اقتصادية.

وقال "مع اقتراب الحرب السعودية الحوثية من نهايتها وعدم سيطرة المتمردين الحوثيين بعد على مأرب، كانت الجماعة بحاجة إلى صراع آخر لتحقيق أهدافها الاقتصادية. ويراهن المتمردون الحوثيون على أنه من خلال توسيع نطاق الصراع في اليمن، وهذه المرة ضد الولايات المتحدة، يمكنهم في نهاية المطاف الاستيلاء على مأرب أو شبوة، أو كليهما".

وأكد المعهد الأمريكي بأنه لا يمكن ردع المتمردين الحوثيين عن الصراع مع الولايات المتحدة لأنهم يرون أن الصراع مع الولايات المتحدة يصب في مصلحتهم. ويشكل المتمردون الحوثيون أيضًا مجموعة يصعب تفكيكها، على الأقل إلى درجة أنهم لم يعودوا قادرين على مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر. جزء من هذا هو تاريخ الجماعة وجزء آخر هو الدعم من إيران، التي استفادت من استثمار منخفض نسبيًا في المتمردين الحوثيين لتعظيم وصولها إلى الشرق الأوسط.

وأوضح أن المتمردين الحوثيين قد ظل في حالة حرب طوال معظم العقدين الماضيين. ومن نواحٍ عديدة، ترى الجماعة أن القتال مع الولايات المتحدة هو مجرد تكرار أحدث لصراع دائم التطور.

ولفت إلى أن المتمردين الحوثيين صمدوا أمام حملة قصف استمرت لسنوات، (منذ 2004 وحتى 2010 ومنذ أيضا 2014 وحتى اليوم) وتعلموا عدة دروس من هذه العملية. أولاً، تعلموا أنهم بحاجة إلى أن يكونوا متنقلين ومتفرقين، وأن ينشروا الأصول العسكرية في جميع أنحاء الشمال ويضعوا العديد منها في المناطق المدنية.

وذكر أن المتمردين الحوثيين تعلموا كيفية الارتجال، وأخذ ما كان في متناول أيديهم، وما يمكنهم طلبه من الرفوف، وما يمكن أن تقدمه إيران لإنشاء مزيج معقد من الأسلحة التي يمكن أن تشكل تحدياً للجيوش الأكثر تقدماً.

يقول المعهد الأمريكي إن إيران واصلت إمداد المتمردين الحوثيين بالأسلحة في السنوات الأخيرة، مما أتاح لهم الوصول إلى التكنولوجيا والوصول إلى ما لم يكونوا ليحصلوا عليه لولا ذلك.

يضيف "إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على وقف تدفق الأسلحة الإيرانية إلى اليمن - وهو أمر حاول المجتمع الدولي القيام به وفشل في القيام به على مدى العقد الماضي - فلن تتمكن من إضعاف المتمردين الحوثيين إلى درجة لم يعد بإمكانهم فيها تهديد الشحن في اليمن عبر البحر الأحمر".

وزاد "من وجهة نظر المتمردين الحوثيين للتاريخ، فإن الجماعة لم تُهزم. لقد هزمت الحكومة اليمنية في عام 2010، وسيطرت على صنعاء في عام 2014، وحققت النصر في الحرب المحلية. ثم تفوقت على السعودية والإمارات في حرب إقليمية استمرت عقدا من الزمن. وهي الآن منخرطة في صراع دولي مفتوح مع الولايات المتحدة".

وختم الباحث جريجوري د. جونسن تحليله بالقول "كما هو الحال في حربهم مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا يتعين على المتمردين الحوثيين هزيمة الولايات المتحدة لإعلان النصر. وبدلاً من ذلك، فإن الشيء الوحيد الذي يتعين على المتمردين الحوثيين القيام به هو الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات دون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو ما أظهروا أنهم أكثر من قادرين على القيام به في المستقبل المنظور".