شرحت واقع اليمن بحلته القديمة والحديثة وكيف أصبحت مليشيا الحوثي والانتقالي إلى سلطة أمر واقع في اليمن..

دراسة تحليلية تلخص مسار تمكين وشرعنة الجماعات المسلحة المتمردة على الدولة ومؤسساتها الشرعية ومصالـح الشعب..

2023-12-12 08:16:52 أخبار اليوم/ متابعات خاصة

   

لخصت ورقة تحليلية، جديدة عن أهم مرتكزات لواقع التمرد في اليمن وكيفية إنشاء وتحويل الجماعات المسلحة إلى سلطة أمر واقع في اليمن، مع بقاء تهديد هذه الجماعات للنظام السياسي، والسيادة الوطنية، ووحدة الدولة اليمنية.

وتناولت الورقة التي أعدها الباحث اليمني، أنور الخضري، تحت عنوان «تمكين التمرّد في اليمن.. مليشيات الحوثي والانتقالي نموذجاً»، مسار تمكين وشرعنة الجماعات المسلحة المتمردة على الدولة، والمنقلبة على السلطة في اليمن.

 

استحلال دماء وأموال المخالفين: عدا عن العنف واعتماد القوة لإرهاب الأطراف الأخرى، ينتهج الحوثيون والانتقاليون سبيل استحلال دماء وأموال المخالفين، من خلال عمليات القتل والتصفية والاغتيال، ونهب الممتلكات والأموال، دون الرجوع إلى القضاء وأحكام الشريعة الإسلامية أو الأعراف الاجتماعية، وهو ما أجبر الكثير من المعارضين لهما بالفرار من مناطق سلطتهم.

تحويل اليمن إلى بلد تابع: في حين يوظف الحوثيون اليمن لصالح سياسات نظام إيران في المنطقة، جاعلين من أجنداته مرجعًا لسياساتهم المحلية، ورافعين شعار (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) كتعبير عن الانخراط في معركة طهران «ولو صوريا»، يوظف الانتقاليون اليمن لصالح سياسات نظام الإمارات في المنطقة، جاعلين من أجنداته مرجعًا لسياساتهم المحلية، ومتخذين من التطبيع مع إسرائيل والتنسيق مع الولايات المتحدة شعارًا لهم. هذا كله بعيدًا عن سيادة الدولة اليمنية، ودستورها ومؤسساتها الشرعية ومصالح الشعب الوطنية.

المسار المستقبلي:

مما سبق يتضح أن مليشيات الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي، واللذين تأسسا خارج الإطار الدستوري والقانوني، وتمردا على الدولة بقوة السلاح، وانقلبا على السلطة الشرعية، وهددا الأمن والسلم الاجتماعي، والإقليمي والدولي، وارتكبا جرائم حرب، تحولا بفعل عوامل داخلية وإقليمية إلى قوى فاعلة وسلطة أمر واقع في كل من صنعاء وعدن.كما يتضح أن كلا الفريقين -الحوثي والانتقالي- جرى منحهم غطاء سياسيا لمنحهم الشرعية وتسكينهم في كيان الدولة.

 ففي 21 سبتمبر 2014م، وعقب اقتحام مليشيا الحوثي صنعاء بقوة السلاح، جرى توقيع «اتفاق السلم والشراكة» بين مليشيات الحوثي والحكومة اليمنية، برعاية أممية، ومنذ توقيع اتفاق السلم والشراكة الوطنية أظهر الحوثيون انتقائية في التزامهم ببنوده. وقد وفر لهم الاتفاق غطاء في مسعاهم من أجل السيطرة على مزيد من الأراضي. ورغم أن الحوثيين وقعوا على ملحق الاتفاق الذي يعالج الوضع الأمني وينص على حل المجموعات المسلحة إلا أن ميليشياتهم ظلت متمركزة في العاصمة صنعاء، وعززت من قوتها وانتشارها بعد الاتفاق. والأمر ذاته جرى مع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي وقع مع الحكومة اليمنية بعد التمرد عليها بقوة السلاح على «اتفاق الرياض»، في 5 نوفمبر 2019م، برعاية «التحالف العربي»، ومباركة أممية، فيما ظل المجلس محافظًا على قواته العسكرية رغم وجود ملحق للترتيبات العسكرية.

اليوم، وبعد أن هيمن الطرفان -الحوثي والانتقالي- على أجزاء واسعة من جغرافيا اليمن، شمالًا وجنوبًا، وتمكنا من بناء قدراتهم العسكرية والأمنية، على حساب الدولة والحكومة اليمنية والجيش والأمن التابعين لها، أصبح الحديث عن تسوية سياسية جديدة تستكمل مسار توطين الطرفين في الدولة بشكل نهائي، ودون القضاء على بذور الصراع الحقيقية، مؤكدًا، في ظل جهود حثيثة تبذلها السعودية، مع أطراف إقليمية ودولية، في هذا الشأن.

اليوم، اليمن أمام مسار تفاوضي يجري الإعداد له بعيدًا عن الإرادة الشعبية، في ظل تفاهمات إقليمية ودولية، دون اطلاع مجلس القيادة الرئاسي، ومجلس النواب اليمني، والحكومة اليمنية. وهو مسار يُفرض على القوى الوطنية من خلال خلق واقع جديد، باستخدام القوة المسلحة، وتغيير موازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. وإذا ما أُغفلت العدالة الانتقالية فإن الأطراف التي تمردت على الدولة، وارتكبت الانتهاكات والجرائم، ستنال بموجب هذه الاتفاقات شبه حصانة قانونية، كما جرى مع «صالح» عقب «المبادرة الخليجية»، وعليه فنحن أمام سيناريو ملغوم لا يمكن أن يحافظ على كيان الدولة ووحدة اليمن، ولا أن يحقق الأمن والسلام.

لهذا، وعلى خلفية المباحثات السعودية الجارية مع مليشيات الحوثي في الرياض، بعيدًا عن حضور ممثلين عن الشرعية، شددت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، في منتصف شهر سبتمبر الجاري، خلال اجتماع عقدته برئاسة رئيس المجلس، سلطان البركاني، عبر الاتصال المرئي، على ضرورة أن يكون الحل السياسي للصراع مبنيا على المرجعيات الثلاث المتمثلة بـ»المبادرة الخليجية»، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن الدولي (خاصة القرار 2216)؛ وأكدت أن أي حلول تتناقض مع هذه المرجعيات لن تكون «مقبولة شعبيا ورسميا»، وأن «الوصول إلى السلام يتطلب نوايا صادقة، وعملًا جادا من أجل استعادة الدولة وحقن دماء الشعب اليمني؛ وهو ما لم يظهر من جانب الحوثيين الذين يمارسون حتى اللحظة جرائمهم الممنهجة ضد الشعب اليمني، ويصادرون الحقوق والحريات، ويحاولون فرض ثقافة دخيلة على شعبنا اليمني». ودعت رئاسة المجلس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، وكافة القوى السياسية، إلى «رص الصفوف ودراسة كل الخيارات، بدءًا بخيار السلام، وانتهاءً بخيار استعادة الدولة بكل الوسائل الممكنة».

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد