استضافة كأس العالم 2034 ذروة مشروع الانفتاح السعودي

2023-11-01 22:29:17 أخبار اليوم - متابعات

  

باتت المملكة العربية السعودية على أعتاب استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2034 وهو انتصار لا يمكن إنكاره للقوة النفطية الخليجية، فيما تسعى منذ سنوات قليلة إلى إعادة تشكيل اقتصادها وتلطيف صورتها بعد عقود من الانغلاق، على ما قال محلّلون.

ورغم أنّ الانتقادات المتعلقة بسجل حقوق الانسان في المملكة الصحراوية لم تنته، باتت السعودية تكتسب سمعة طيبة مع صفقاتها الرياضية الباهظة، مدعومة بثروتها النفطية التي لا نهاية لها على ما يبدو.

واصبحت السعودية البلد الوحيد المتقدم بملف لاستضافة كأس العالم 2034، بعد 27 يومًا فقط من الإعلان عن حملتها، وهو ما يتوج عامًا مذهلًا مع وصول بعض النجوم الكبار للدوري السعودي للمحترفين على رأسهم البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي ونيمار.

كما شقت السعودية، من لا مكان، طريقها إلى قمة لعبة الغولف الاحترافية بعد الضغط على اتحاد لاعبي الغولف المحترفين (بي جي ايه) الأميركي والجولات الأوروبية المرموقة من أجل الاندماج مع شركة "ليف غولف" الناشئة.

هذه النجاحات وغيرها ليست مجرد مشاريع تافهة: فهي تهدف إلى جذب الاهتمام والسياح والاستثمارات إلى بلد محافظ للغاية لم يفتح أبوابه أمام الزوار غير المسلمين إلا في أيلول/سبتمبر 2019. وبات الآن يمنح مواطني 63 دولة تأشيرات عند الوصول.

ومع ذلك، فمن المثير للدهشة أنه بعد أقل من عام من كون قطر أول بلد مسلم يستضيف كأس العالم، فإن الجارة الخليجية السعودية، التي يقودها فعليا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (38 عاما) تستعد لمحاكاة جارتها ومنافستها في كثير من الأحيان.

وقال مدير تحرير صحيفة "الرياضية" البارزة مقبل الزبني إنّ "استضافة كأس العالم يعد لحظة تاريخية وفارقة في تاريخ الوطن والمشروع السعودي" الذي أطلقه ولي العهد تحت اسم رؤية 2030.

وتابع أنّ الأمر "يحوّل السعودية من قوة اقتصادية عملاقة إلى قوة رياضية عملاقة".

مشاريع عملاقة

وقال سايمون تشادويك الأستاذ المحاضر في الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في كلية سكيما للأعمال في باريس "ستمثل استضافة كأس العالم 2034 ذروة برنامج التحول للمملكة العربية السعودية في عهد محمد بن سلمان، حيث تصعد البلاد من بلد منبوذ دوليا إلى عضو موثوق وشرعي في المجتمع العالمي".

وأفاد وكالة فرانس برس "ستكون هناك فوائد تتعلق بالصورة والسمعة والقوة الناعمة والعلامة التجارية الوطنية، بالإضافة إلى بعض الفوائد الاقتصادية التي يريد محمد بن سلمان أن تجنيها بلاده من الرياضة".

بحلول الوقت الذي تنطلق فيه بطولة كأس العالم لكرة القدم، ستكون العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة قيد الانتهاء، بما في ذلك مدينة نيوم الضخمة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تهدف إلى أن تضم ناطحات سحاب متوازية تمتد لمسافة 170 كيلومترا عبر التضاريس الجبلية والصحراوية، في مشروع مثير للجدل والإعجاب في آن واحد يعرف باسم "ذا لاين".

وتعد نيوم هي المشروع الرئيسي لرؤية الأمير محمد 2030، وهو مشروع طموح لتنويع اقتصاد أكبر مصدّر للنفط في العالم قبل أن تبدأ مصادر الطاقة الأخرى في الحلول محل النفط الخام.

وتشمل المشاريع الأخرى البحر الأحمر، وهي وجهة سياحية راقية، والقدية، وهي مدينة ترفيهية تضم حدائق ورياضات وغيرها من عوامل الجذب، والدرعية، وهي منطقة جذب سياحي ثقافي تضم أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.

وفي الوقت نفسه، تقوم العاصمة الرياض ببناء مطار دولي رئيسي جديد، يهدف إلى منافسة دبي والدوحة كمركز طيران إقليمي، وكشفت النقاب عن شركة طيران جديدة بموازنة ضخمة، طيران الرياض.

وقال كريستيان أولريشسن زميل شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للأبحاث إنّ كأس العالم يعد "فرصة لعرض مجموعة من المشاريع الضخمة المرتبطة برؤية 2030 والتي ينبغي أن تكون جاهزة للعمل بحلول ذلك الوقت، والتي تم تصميمها لوضع المملكة العربية السعودية كوجهة للشركات والمستثمرين والسياح".

"تدقيق شديد"

وأضاف أولريشسن أنه مع توقعات بارتفاع عدد السكان بنسبة 50 بالمئة إلى 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، واستقبال 150 مليون سائح سنويا، فإن "الطموحات كبيرة، وستكون هناك حاجة إلى تدفق مستمر من الأحداث الكبرى لتحقيق هذه الطموحات".

وتستضيف السعودية كأس أسيا 2027 ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية في 2029 ودورة الألعاب الأسيوية 2034.

وأضاف أنّ "الانخراط في الرياضة بشكل مكثف، كما فعل السعوديون مع كرة القدم والغولف مؤخرًا ولكن أيضًا في الرياضات الإلكترونية والألعاب أيضًا، هو وسيلة للوصول إلى جمهور كبير في جميع أنحاء العالم لرواية قصة السعودية المتغيرة".

ومع ذلك، تواجه السعودية، مع عدد قليل من الملاعب ذات المستوى العالمي وبنية تحتية غير مكتملة للنقل، تحديًا يتمثل في الاستعداد في الوقت المناسب لتصبح أول مضيف وحيد لكأس العالم الذي بات يضم 48 فريقًا.

كما أنها ستواجه بلا شك اتهامات بـ "التبييض الرياضي" واهتمامًا أكبر بسجلها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك القوانين ضد المثلية الجنسية، وعدم المساواة بين الجنسين، وواحد من أعلى أعداد عمليات الإعدام في جميع أنحاء العالم.

وقال المحلّل تشادويك "يترافق استضافة الأحداث الكبرى مع تدقيق مكثف، ولن تكون السعودية مختلفة عن ذلك".

وأضاف "في الوقت الحالي، البلاد غير قادرة على استضافة البطولة؛ على سبيل المثال، خطوط النقل ليست جيدة بما فيه الكفاية ووجهاتها غير كافية إلى حد كبير"، وتابع أنّ "يطلق استضافة كأس العالم دوران عقارب الساعة ... يجب أن تكون السعودية جاهزة بحلول نهاية عام 2033".

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد