هل ينجح روني في مهمته الجديدة مع برمنغهام؟

2023-10-15 23:26:11 أخبار اليوم/ متابعات

 

كانت هناك بعض الأجزاء الممتازة في الفيلم الوثائقي لديفيد بيكهام، الذي كان ممتعاً حقاً على الرغم من الشعور في بعض الأحيان بأنه عبارة عن ساعتين من مقاطع جيدة حقاً لكرة القدم والموسيقى والأشخاص الرائعين من حقبة التسعينات من القرن الماضي، ممزوجتين بساعتين أخريين من اللقطات الكئيبة لتفكير بيكهام الحالي في الأشياء.

وكان هذا الفيلم الوثائقي يضم عدداً كبيراً من اللقطات التي يصب فيها ريو فرديناند «اللعنات» على الجميع، بالإضافة إلى جميع اللقطات المتوفرة لسنوات الذروة للمدير الفني التاريخي لمانشستر يونايتد، السير أليكس فيرغسون. لكن ربما كان الجزء الأكثر بروزاً وأهمية هو التذكير بما كان عليه بيكهام بوصفه لاعباً رائعاً يمتلك مهارات استثنائية في عالم كرة القدم. لقد كان بيكهام لاعباً رائعاً في وقت كانت فيه اللعبة أقل تعقيداً من الناحية التكتيكية، وأكثر اعتماداً على الأشياء المباشرة. ويمكن القول إن بيكهام قد اخترع طريقته الخاصة في اللعب، وطوّع اللعبة لإمكاناته ومهاراته الهائلة، وابتكر زوايا وخطوطاً ومسارات للتمرير، وصولاً حتى إلى الطريقة الأساسية لتسديد الكرة. لقد أخذته شهرته إلى ريال مدريد، وحملته موهبته للوصول إلى قمة كرة القدم العالمية.

وكان الأمر اللافت للنظر بالقدر نفسه يتمثل في عبثية رد الفعل العام على طرده أمام الأرجنتين، رغم أنه لم يكن أبداً من نوعية اللاعبين الذين يمكن تخيل حصولهم على بطاقات حمراء. في الحقيقة، يبدو من المدهش الآن أن الناس في أواخر التسعينات من القرن الماضي لم يكن لديهم أي شيء آخر يثير غضبهم، وبالتالي كانوا ينتظرون حصول لاعب مثل بيكهام على بطاقة حمراء لينتقدوه بهذا الشكل الغريب! بخلاف ذلك، كان مصدر الطاقة الرئيسي في الفيلم الوثائقي لبيكهام هو الشيء نفسه الذي ظلت هوية نجم مانشستر يونايتد السابق تعتمد عليه منذ ذلك الحين، وأعني بذلك أناقته وجاذبيته المذهلة وشخصيته المثالية، وهي الصفات التي جعلته معشوقاً للجماهير في كل مكان.

في الحقيقة، لا يوجد شيء صريح أو جديد يجب أن يقوله بيكهام على الشاشة في الوقت الحالي، فكل شيء واضح من المشاهد الأخيرة التي تشير إلى أنه يقضي معظم وقته الآن في مكان فاخر يستمتع بالطعام والشراب. بخلاف ذلك، فإن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام في الجزء الأخير من الفيلم الوثائقي لبيكهام يتمثل في حقيقة أنه قد تزامن مع حدث حقيقي أكثر أهمية بكثير، وهو عودة واين روني من الولايات المتحدة الأميركية ليتولى القيادة الفنية لنادي برمنغهام. في الحقيقة، يبدو أن الأمرين مرتبطان ببعضهما بشكل طبيعي تماماً، فلا يمكن لأحد أن يعرف ما إذا كان روني، وهو أصغر من بيكهام بعشر سنوات، سيقوم بعمل جيد مع برمنغهام أم لا، أو ما إذا كان روني يمتلك حقاً موهبة حقيقية في مجال التدريب أم لا، نظراً لأن السبب الرئيسي وراء تعيين روني على رأس القيادة الفنية لبرمنغهام يعود إلى اسمه الكبير بوصفه لاعباً، وليس أي شيء آخر، لكن تدريب برمنغهام يُعد فرصة عظيمة لروني، فهو نادٍ يمتلك طاقة هائلة، بالإضافة إلى أن مدينة برمنغهام بأكملها تبدو سعيدة للغاية بهذا المدير الفني الجديد، وإن كان ذلك لا يعتمد على أكثر من المشاعر تجاه روني بسبب اسمه الكبير بوصفه لاعباً. وعلى الرغم من أن روني لا يمتلك خبرات كبيرة بوصفه مديراً فنياً، فإنه يتمتع بحضور كبير على أي مستوى، كما يعرف هذه اللعبة جيداً، لأنه قضى حياته بالكامل داخلها.

وكان من الرائع حقاً رؤيته مرة أخرى على طاولة المؤتمرات الصحافية. إنه يبدو حكيماً جداً هذه الأيام، خصوصاً في ظل إطلاق لحيته! علاوة على ذلك، يظل روني شخصية فريدة من نوعها في كرة القدم الإنجليزية، ومتميزاً عن بيكهام في النقاط المشتركة جميعها. ويتمثل أحد الموضوعات المهمة في الفيلم الوثائقي لبيكهام في الشعور بأن الأضرار الجانبية للسنوات الأولى في مسيرته الكروية، التي تعرّض خلالها لهجمات لاذعة من الصحافة والغضب العام، لم تتم موازنتها أبداً، ولم تتم تسوية الحسابات!

ومن هذا المنطلق، يرتبط روني وبيكهام ببعضهما البعض بشكل فريد من نوعه: أول لاعبي كرة قدم إنجليز يتم التعامل معهما بشكل كامل من خلال الآلة الحديثة للمشاهير ووسائل الإعلام! لم يعد هذا يحدث بالطريقة نفسها الآن، حيث أصبح لاعبو كرة القدم يتحكمون بشكل أكبر في مسيرتهم الكروية، كما أصبحوا أكثر ثراء، وبالتالي أصبح يكفيهم العمل في مجال كرة القدم فقط. عندما كان بيكهام في قمة تألقه وعطائه الكروي مع مانشستر يونايتد كان يتقاضى ما يقرب من 100 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، أما الآن فإن كيفن دي بروين يحصل على 4 أضعاف هذا المبلغ دون أن يضطر إلى بيع رقائق البطاطس في اليابان أو الظهور دون قميص على غلاف إحدى المجلات!

والأهم من ذلك هو أن الشهرة في كرة القدم كانت تمثل عالماً جديداً قاسياً إلى حد كبير في حقبة بيكهام وروني. لقد كانت هذه الصناعة عبارة عن مطحنة جشعة للمواهب البشرية دون أن يكون هناك وقت أو إرادة لتقدم الدعم أو الحماية.

وبالنسبة لبيكهام على الأقل، كان هناك شعور بأن لديه مكاناً آخر يهرب إليه، خصوصاً أنه كان يريد حقاً أن يصبح من المشاهير. في المقابل، كان روني أصغر سناً وأكثر ضعفاً عندما تم تطبيق هذه القوى عليه، وقد عامله هذا العالم بقسوة شديدة، بدءاً من الهستيريا المبكرة عندما تم تصويره على أنه لاعب كرة قدم لقيط اكتُشف وهو يزحف خارجاً من سلة المهملات في كروكستيث، مروراً بالاستعجال دائماً في إعادته للملاعب بعد تعرضه للإصابات، ونشر صور ساخرة له ولعائلته في أثناء العطلات على الصفحات الرئيسية للصحف. لقد تُرك روني بمفرده للتعامل مع هذه الضغوط كلها.

ورغم كل ذلك كله، حافظ روني على موهبته الكبيرة، ونجا من كل هذه الضغوط والأهوال. لقد تكيف مع ذلك، وتطور من مراهق يركض بلا هدف، إلى لاعب كبير تألق بشكل لافت للأنظار في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2004، عندما كان، في تلك اللحظة، اللاعب الأكثر إثارة في العالم، واللاعب الأبرز في مانشستر يونايتد، إلى جانب رونالدو، وبالتالي كانت الأبواب كلها لا تزال مفتوحة أمامه.

لقد كان هدافاً بارعاً قبل أن تعصف به الإصابات. ورغم حملات التشهير كلها، فإن روني ظل معشوقاً للجماهير، سواء في مانشستر يونايتد، أو في المنتخب الإنجليزي. أشار المدير الفني الفرنسي أرسين فينغر أخيراً إلى أن هناك عدداً أكبر من اللاعبين ذوي المهارات العالية في الوقت الحالي، لكن من المؤكد أن هناك عدداً أقل من اللاعبين أصحاب المواهب الفذة الذين يمتعون الجمهور ويأخذونه في عالم من الخيال والإبداع، ومن المؤكد أن روني كان واحداً منهم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد