الأدب الأيرلندي.. هل سيغزو العالم؟

2023-09-20 01:19:27 أخبار اليوم/ متابعات

  

 على مدار الأعوام الماضية، ودائما ما تتصدر الروايات الأيرلندية، القوائم الطويلة والقصيرة في الجوائز العالمية، والتي من أبرزها وأشهرها جائزة البوكر العالمية، حتى جاء عام 2023، وبدا الأمر وكأن الأدب الأيرلندي يغزو العالم عبر بوابة هذه الجائزة التي دائما ما تكون محط أنظار المترجمين ودور النشر حول العالم، المتنافسين على حقوق الترجمة للتربح من ورائها بعد تقديمها لجمهور القراء.

هذا الأمر، لم يكن محض صدفة أو توقع، بل كان واقعا رصدته جائزة البوكر بنفسها، التي لفت أنظارها وصول أربعة روايات إلى القائمة الطويلة التي تضم 13 رواية في دورتها لعام 2023، وهو ما دفعها لأن تسأل أصحاب هذه الروايات، عن أسباب انتشارهم، وغزوهم للأدب العالمي.

بين الكتاب الذين وصلتهم روايتهم إلى القائمة الطويلة في هذه الدورة، الكاتب بول لينش، والذي رأى أن هذا الغزو لم يكن ممكنا لولا دعم الدولة الأيرلندية، التي تقدم لشباب الأدباء منحة من مجلس الفنون الأيرلندي.

وبحسب "لينش" لا يتوقف دعم الدولة الأيرلندية عند هذا الحد، فالدعم الأهم أيضا، بحسب رأيه يتمثل في إعفاء الأدباء والفنانين من ضريبة الدخل، وهو أمر يقلل من نفقاتهم، ويمنحهم القدرة على مواصلة التفرغ للعملية الأدبية، وهو أمر يجعله يعمل ككاتب بدوام كامل، يكتب يوما بعد يوم لينتج أفضل ما لديه.

أما الكاتبة إيلين فينى، مؤلفة رواية "كيف تصنع قاربا"، التي وصلت إلى القائمة الطويلة، فكان لها رأي آخر، يتمثل في التاريخ الأيرلندي، والتقاليد الشفهية لرواية القصص التي تعد جزءًا قويًا من ثقافة الشعب الأيرلندي، الذي تقول عنه: "نحن أمة من رواة القصص، ولدينا تاريخ من المقاومة".

 

تقول إيلين فينى: أنا من غرب أيرلندا حيث يوجد تقاليد غنية للقصة والعديد من الأشخاص يتحدثون لغة الغيليج، وهناك أيضًا تقليد عظيم للدراما أسسه أعظم كتاب المسرح، ففي معظم المدن الأيرلندية دائما ما يكون هناك كاتب يلهم الأجيال التالية.

وتوضح "فينى" أن التاريخ الأيرلندي غنى بالتقاليد الوثنية في مقابل التقاليد المسيحية؛ والثقافات الجديدة، ناهيك عن تأثير ما بعد الاستعمار على اللغة والهجرة.

أما الروائي الأيرلندي الكبير سيباستيان بارى، مؤلف رواية "زمن الإله القديم"، والحائز على جائزة الخيال الأيرلندي، فيرى أن الأدب الأيرلندي يعيش مرحلة العصر الذهبي للقراءة، فما يحدث الآن هو أن أيرلندا تتمتع بتاريخ متشابك وما يفعله الكتاب هو أنهم يحاولون حل هذه العقد، في المقابل يجدون القراء.

بينما يرى الكاتب الأيرلندي بول موراي مؤلف رواية "لدغة النحل" أن هناك مزيج من الأشياء أدت إلى هذا الغزو، تضافرت فيها العديد من العناصر، أهمها مجلس الفنون النشيط للغاية، والذي يمنح تمويلا للكتاب - سواء كانوا مؤسسين أو ناشئين - بهدف واضح وهو توفير الوقت للتفرغ من أجل الإبداع.

يقول بول موراى المعروف أن الكتابة ليست مهنة مجزية بشكل خاص، لذا فإن الدعم يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، وأيضًا، وربما الأهم من ذلك، هو أن المنح تدفع الكتاب للإيمان بمشاريعهم الأدبية التي يتفرغون من أجلها فيواصلون العمل عليها.

والأهم من ذلك، بحسب وصف "موراى" يتمثل في أن ثقافة القراءة، تعد لدى الشعب الأيرلندي بمثابة الماء والهواء، وذلك بفضل انتشار المكتبات العامة، التي تخلق أجيالا من الشباب يحلمون بأن يصبحوا كتابا في المستقبل، فيكتشفون أن الحلم ليس صعبا.

على الجانب الآخر، كشفت المترجمة المصرية هند عادل، خلال حديثها مع "اليوم السابع" أن أسباب انتشار الأدب الأيرلندي مؤخرا حول العالم، تعود لعدة أسباب، أهمها يتمثل في السمة الأساسية لأي أدب حول العالم، وهي قدرته على جذب شريحة كبيرة من القراء باختلاف أذواقهم، وهو ما يتميز به الأدب الأيرلندي، بالإضافة إلى سمات أخرى.

وترى هند عادل التي ترجمت عددا من الروايات الأيرلندية، وهي: "بقايا يوم صيفي" للكاتبة كريستين دوير هيكى، و"عميلة البنك الأيرلندي" للكاتب ريتشارد أوراو، و"مشعلو الحرائق" للكاتب جان كارسون، أن الأدب الأيرلندي المعاصر يتناول موضوعاتٍ متنوعة، منها اجتماعية أو بوليسية أو جريمة. وأن هذا التنوع قادر على جذب مختلف الأذواق. كما أنه متميز في تقديم الروايات المستمدة من أحداث واقعية أو خيالية على حد سواء، فيتميز بحبكة قوية مشوقة لجذب القارئ ودمجه مع القصة، مهما كانت دسامة الموضوع، بالإضافة إلى إجادته في تقديم الشخصيات وبنائها نفسيًا حتى يفهم القارئ دوافعها وسلوكها.

كما ترى "هند" أن الأدب الأيرلندي يتميز بلغة ثرية وتعبيرية وأسلوب كتابة غني، وقد يرجع هذا إلى تأثره بأدب الملاحم والأساطير في مراحله الأولى، ناهيك عن الطبيعة التي عنصرا فعالا في الأدب الأيرلندي، فهي تحتل مساحة كبيرة من البلاد، ومن المنطقي أن تؤثر على تفكير الأدباء. وهذا يعطي طابعًا مميزًا لكتاباتهم، وبخاصة أولئك الذين يجيدون تصوير الأحداث ونقل مشاعر الشخصيات.

الأمر الأهم أيضا من وجهة نظر "هند" أن العامل الأساسي الذي يساعد على انتشار الأدب الأيرلندي هو الاستعانة باللغة الإنجليزية كلغة وسيطة للترجمة، وذلك لعدم رواج اللغة الأيرلندية، وهو ما أدى لتأخر انتشار الأدب الأيرلندي في الوطن العربي بوجه خاص.

* اليوم السابع

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد