الملف اليمني... أرجحة ما بين الغرابة والريبة،. فماذا تريد الرياض؟!

2022-03-24 07:52:39 أخبار اليوم/خاص

 

 

ما بين مؤيد ومتحفظ ومعارض، يستقبل المجتمع اليمني الدعوة الخليجية لمشاورات مؤتمر الرياض الثاني المزمع عقده في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وذلك لما يعتقده كثيرون لعدم فاعلية هذه المشاورات لحل الأزمة في البلاد، لاسيما اذا ما تغيبت مليشيات الحوثي الإنقلابية عن طاولة المفاوضات.

وعلى غرار الترتيبات المكثفة لبدء المشاورات المرتقبة بين فرقاء الأزمة اليمنية، تطفو جملة من التساؤلات في الشارع اليمني، ليبرز في النهاية سؤال يحاول معرفة جدوى هذه المشاورات التي بدت بالنسبة لكثيرين غير واضحة، ومريبة للبعض الآخر.

ففي الوقت الذي يحاول فيه كثيرون فهم بل والتعرف على هوية هذه المشاورات، يحاول غالبية الناس التأكد ما إذا كانت هذه المشاورات جديرة بفرض السلام في اليمن، في وقت تتصدر قائمة أهدافها بحسب سياسيين، إعادة ترتيب المؤتمر الشعبي العام، وتفكيك مليشيات الحوثيين من خلال حضور بعض رموز الهاشمية ومؤتمر صنعاء، وايضا فرض اتفاق الرياض.

 

حديقة خلفية.

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي اليمني، مسعود أحمد زين في مقالة نشرها على صفحته بفيس بوك ورصدتها «أخبار اليوم» يعتقد أن «من أهداف مؤتمر الرياض القادم هو التأكيد السعودي على ملكيتها الإقليمية لملف اليمن في ظل التغييرات الدولية الكبيرة بسبب الصراع الروسي الغربي القائم الآن».

وأضاف زين «هناك احتمال وارد في تغيير معظم الأطراف الدولية من مقاربتها السياسية لملف اليمن بما يعني ربما تقليل الاهتمام بهذا الملف من بعض الأطراف نظرا لتغير أولوياتها الدولية، وبالمقابل زيادة الاهتمام والتدخل بملف اليمن من قبل أطراف دولية أخرى».

وأشار «هذا يستدعي من السعودية إعادة التموضع في حضورها وتأثيرها بملف اليمن بشكل ينسجم مع تغيير المواقف الدولية المحتملة من ذلك».

 وأوضح زين «تستعد السعودية من الآن في ملف اليمن لمرحلة ما بعد اللجنة الرباعية، التي سلم لها كل أعضاء مجلس الأمن منذ انعقاده في صنعاء (بزيارة فريدة في تاريخ المجلس) في أن تكون إدارة ملف اليمن في يد تلك الدول الأربع وبمباركة وتوافق من الجميع.. اليوم انتهى هذا التوافق في مجلس الأمن بما فيه التوافق الذي كان حول ملف اليمن».

وقال «النقطة الهامة الأخرى هي كنتيجة منطقية لانتهاء هذا التوافق الأممي بمجلس الأمن (حول اليمن وحول ملفات أخرى)، فإن كل المرجعيات المتوافق عليها سابقا كأساس للحل في اليمن ومنها المرجعيات الثلاث، سوف تصبح من الآن وصاعدا محل خلاف وليس محل توافق بين أعضاء مجلس الأمن».

«وسبق وأشارت روسيا إلى ذلك قبل عدة أشهر في أهمية تعديل بعض القرارات الأممية الخاصة باليمن».

وأردف قائلًا «السعودية تريد الخروج من المؤتمر القادم بوعاء سياسي جديد (وثيقة سياسية إطارية كمرجعية مستقبلية) وذلك عوضا عن أي مرجعيات سابقة ربما لم يعد لها حظوظ كبيرة بالبقاء كأدوات بيد المجتمع الدولي لأي مقاربات ومبادرات للحل».

وأشار إلى أن «هذا الهدف السعودي الكبير من المؤتمر غير معني بإيجاد حلول تفصيلية اليوم لأي طرف سوف يشارك بالمؤتمر ويحاول أن يثير الأجندة الخاصة به».

وتابع «السعودية لن تقدم لكل الأطراف التي ستشارك بالمؤتمر إلا المخصصات المالية لكل عضو مشارك (وأعتقد بكل حزن وأسف أن غالبية الذاهبين للمؤتمر من الشمال أو الجنوب هم ذاهبون لهذه الغاية فقط)».

«لن تقدم السعودية لأعضاء المؤتمر غير (الرشا) المالية وسوف تأخذ منهم الشرعية السياسية والقانونية للوثائق التي سيخرج بها المؤتمر وتكون مستقبلا هي مرجعية الحضور الإقليمي السعودي بملف اليمن والمتحكم فيه والمنسجم مع المتغيرات المتوقعة في العلاقات الدولية» حسب وصفه.

 

مناصفة سياسية

لأهداف غير واضحة، جاء انتقاء الأعضاء المشاركين في مؤتمر الرياض، والذي انتقاهم التحالف العربي بحسب استراتيجياته في إدارة الملف اليمني، جاء هذا الانتقاء بالمناصفة بين الشمال والجنوب على حد سواء، إلا أن أهداف هذه الانتقائية غير واضحة حتى الأن.

يرى الإعلامي والكاتب الصحفي محمد المياس، أن السبب وراء انتقائية التحالف العربي للمشاركين في مؤتمر الرياض، هو حرص السعودية على اختيار المشاركين وفقًا لاستراتيجية الموازنة السياسية التي اعتمدتها منذ بدء الأزمة اليمنية».

وفيما يتعلق بالهدف وراء ما بدى أشبه بالمناصفة المتساوية بين الشمال والجنوب، يقول المياس في حديثه لـ»أخبار اليوم»، «ربما يعود ذلك لمكانة اتفاق الرياض الذي جاء اساساً لإنهاء الصراع بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية، وهي الأزمة التي اعتمدت في خطابها الحديث عن المظلومية الجنوبية».

وأضاف «تحاول الرياض أن تبقى في الوقت الحالي على مسافة من جميع الأطراف المكونة للحكومة اليمنية، هنا تحاول ايضًا تجسيد نموذج اتفاق الرياض الذي يهدف هو الآخر لإيجاد هذه القسم المتساوية بين شمال اليمن وجنوبه».

 

التخمة والفقر

في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع اليمني من حرب طاحنة، وتعاني فيه كذلك معسكرات الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا من فقر مدقع، والتي كان يفترض بها أن تتلقى الدعم العسكري واللوجستي والمادي من قيادة التحالف العربي، الا أن شيئاً غير منطقي يُمارس بحق اليمن.

يتضور جرحى الجيش الوطني في اليمن أو حتى المتواجدين في مختلف بلدان العالم جوعا، بل تعفنت جراحهم، وتوقفت عملية علاجهم، فيما توقفت رواتب الجيش الوطني وجاعت أسرهم، لتظل القضية اليمنية رهينة سياسة المراوحة التي تفرضها دول التحالف العربي بمن فيها الرياض راعية هذه المشاورات.

ففي حين هذا حال الجيش الوطني، تنفق الرياض مبالغ طائلة وهي تنتقل من مؤتمر الى آخر، ومن مشاورات الى اخرى، فيما الأزمة اليمنية قائمة ومعسكرات الجيش الوطني خاوية، فهل تصدق أهداف مؤتمرات الرياض وقد كذبت بأهداف أكثر أهمية قبل الآن.

 

وحدة الصف.

تتحدث كثيرا أهداف مؤتمر الرياض عن مساعي ما يصفوه بوحدة الصف للقضاء على التمرد الحوثي، في وقت تحتضن فيه الرياض القيادة السياسية والعسكرية للحكومة اليمنية المغتربة هناك منذ بدء الأزمة.

فعن أي وحدة صف يتحدث هؤلاء في مشاوراتهم، في حين لا يجد اليمنيون قيادة وطنية لإدارة الحكومة، بل أحالوها الى فود تتقاسمها شخصيات نافذة، فيما يعيش المجتمع أسوأ محطاته التاريخية.

وفي سياق متصل، يقول الإعلامي خالد القاضي في حديثه لـ«أخبار اليوم»، «ما تحتاجه وحدة الصف اليمني هو قيادة حكيمة ووطنية لإدارة الملف اليمني، لترتيب أولوياتها وللخروج من هذا المأزق الذي وضعونا فيه دون أن يتركوا لنا مؤشرًا لانفراجة قريبة».

وأضاف القاضي «بات اليمنيون على وشك السقوط في مجاعة قاتلة، فيما الحكومة والقيادة السياسية تخلت عنهم وراحت لتنعم بحياة مترفة في فنادق الرياض والقاهرة، فهل نتحدث اليوم عن وحدة الصف، وأي صف هذا الذي يسعون لوحدته في ظل عدم وجود القيادة الوطنية في الميدان».

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد