لو لم يكن في الكرم إلا أنه صفة من صفات الله تعالى، تسمى بها فهو الكريم، لكان خليقاً بالناس أن يتخلقوا بهذا الخلق، ويتصفوا بهذه الصفة.

ومن جاد ساد، ومن بخِل رذل، ومنْعُ الجود ، سوءُ ظن بالمعبود.

قيل لعبد الله بن جعفر: لقد أسرفت في بذل المال.

فقال: إن الله عز وجل قد عودني بعادة، أن يتفضل علي، وعودته أن أتفضل على عباده، وأخاف أن أقطع العادة فيقطع عني .

وقيل لأحدهم: لا خير في السرف، فقال: لا سرف في الخير.

والذين انتهى إليهم الكرم والجود في الجاهلية:( حاتم الطائي، وهَرِمُ بن سنان ، وكعب الأيادي), وأما أجواد الإسلام فكثيرون جداً واشتهر منهم: عبيد الله بن عباس، وهو أول من وضع الموائد على الطرق، وسمي لذلك: معلم الجود..

أتاه يوماً رجل وهو بفناء داره، فقال يا ابن عباس: إن لي عندك يداً (معروفاً)، وإني قد احتجت إليها.

فنظر إليه فلم يعرفه، فقال له: ما يدُك عندنا؟.

قال الرجل: رأيتك واقفاً بزمزم وغلامك يستسقي لك من مائها، والشمس قد صهرتك، فظللتك بطرف ردائي حتى شربت.

قال: إني لأذكر ذلك, ثم قال لغلامه: ما عندك ؟ قال: مائتا درهم وعشرة آلاف درهم، قال: ادفعها إليه، وما أراها تفي بحق يده عندنا، فقال الرجل: والله لو لم يكن لإسماعيل عليه السلام ولد غيرك لكان فيه ما كفاه، فكيف وقد ولد سيد الأولين والآخرين محمد عليه الصلاة والسلام، ثم شفعه بك وبأبيك.