من حقّ المملكة العربية السعودية، كدولةٍ محوريةٍ في الإقليم، أن تعمل بما تراه يحقق مصالحها العليا ويحافظ على أمنها القومي واستقرارها، فذلك حقّ سيادي لا يُنكره أحد.
لكن من حقّ الجمهورية اليمنية أيضاً، وشعبها، أن يدافعوا عن وجود دولتهم، وعن سيادتهم واستقلال قرارهم الوطني، وألا يقبلوا بأيّ سياساتٍ تجعل من مليشيات الحوثي ذراعًا إيرانية جاثمة على صدور اليمنيين تتحكم بمصيرهم ومستقبلهم.
إنّ استعادة مؤسسات الدولة وتحرير العاصمة صنعاء من قبضة المليشيات الحوثية ليس خيارًا سياسيًا فحسب، بل واجبٌ وطنيٌ وأخلاقي، إذ لا يمكن لأيّ استقرارٍ حقيقي في اليمن أو في الإقليم أن يتحقق بوجود كيانٍ طائفي مسلح يهدد الأمن الإقليمي والدولي معًا.
وفي هذا السياق، نؤكد أن من غير المقبول أن تُفرَض على اليمنيين حلولٌ جاهزة لا تنسجم مع مصالحهم الوطنية ولا تعبّر عن إرادتهم الحرة، بل تمسّ جوهر كيان الجمهورية اليمنية وتهدد وجودها.
إنّ محاولات فرض الوصاية على اليمن أو ابتزازه تحت أيّ مسمى، تمثل خروجًا عن مفهوم الشراكة الأخوية، وتحوّل الدعم المفترض إلى عبءٍ سياسيّ على إرادة شعبٍ لم يتخلَّ يومًا عن ثقته بأشقائه.
لقد وثق اليمنيون بالمملكة العربية السعودية وبالأشقاء جميعًا على أنهم سندٌ لاستعادة دولتهم وعاصمتهم، لا أداةً لتقسيم وطنهم أو تقاسم سيادتهم.
ومن هنا، فإنّ السياسات التي تسهم — بشكلٍ مباشر أو غير مباشر — في إطالة عمر هذا الانقلاب، تحت أي مبررٍ أو غطاء، إنما تُلحق الضرر باليمن أولًا، وبالأمن الإقليمي ثانيًا، لأنها تُبقي بؤرة التوتر قائمة وتُضعف شرعية الدولة اليمنية ومؤسساتها.
إنّ تعزيز أمن المنطقة يمر عبر يمنٍ قويٍ موحّد، تحكمه دولةٌ قادرةٌ على بسط نفوذها على كامل أراضيها، لا عبر إضعاف الشرعية أو تمكين المليشيات أو تعطيل مؤسسات الدولة.
ولذلك، من حقّنا كشعبٍ وحكومةٍ وطنيةٍ أن نرفض أيّ توجهٍ أو سياسةٍ تُهدد وجود الدولة اليمنية أو تُقايض سيادتها ضمن موازناتٍ إقليمية آنية.
الشراكة الحقيقية بين اليمن والمملكة، ومع الأشقاء جميعًا، ينبغي أن تقوم على قاعدة المصالح المشتركة لا على معادلة “الأمن مقابل الهيمنة”، لأنّ أمن السعودية يبدأ من استقرار اليمن، واستقرار اليمن لا يتحقق إلا بزوال المليشيات وبناء دولةٍ وطنيةٍ عادلةٍ تستوعب الجميع.
إنّ اليمنيين الذين قدّموا مئات الآلاف من الشهداء في معركة الدفاع عن جمهوريتهم، لن يقبلوا أن تتحول تضحياتهم إلى أوراق تفاوض أو أدوات توازنٍ إقليمي.
لقد آن الأوان لوقفةٍ صادقةٍ تُعيد تصحيح المسار، وتعيد الاعتبار للدولة اليمنية باعتبارها حجر الأساس للأمن الإقليمي والخليجي معًا.