يبدو أن الزبيدي يحيط نفسه بنخبة تدفعه في كل مرة إلى الوقوع في مواقف لا يُحسد عليها.
فالجميع يعلم أن قرارات عيدروس الزبيدي باطلة من أساسها، دون الحاجة حتى إلى رأي الفريق القانوني. الزبيدي نفسه ومستشاروه يدركون تمام الإدراك أنها مخالفة صريحة للدستور ولقرار نقل السلطة. ومع ذلك، يستمرّ في استخدام أوراقٍ سياسية محترقة تنمّ عن غباءٍ سياسيٍّ مستفحلٍ ومترهّلٍ بالصدأ.
قبل أيام، عقد الفريق القانوني اجتماعًا مطوّلًا، وبعد نقاشات مستفيضة أقرّ أن قرارات عيدروس باطلة، وأكد أن أي قرارات صادرة بشكل منفرد من أي عضو في مجلس القيادة تُعد باطلة. بل وأقرّ أن كل قرار لم يُعرض على المجلس للمصادقة يُعتبر لاغيًا.
كل تلك المسارات القانونية تقود إلى نتيجة واحدة: بطلان قرارات عيدروس الزبيدي.
ورغم أن هذه النتيجة تحصيل حاصل، فإن الفريق لم يملك سوى الاعتراف بما هو بديهي.
لكن المفارقة أن ممثلي المجلس الانتقالي، بناءً على توجيهات الزبيدي نفسه، طلبوا من الفريق عدم نشر نتائج الاجتماع.
وهو سلوك مرفوض قانونًا، إذ يُلزم مبدأ الشفافية مؤسسات الدولة بإطلاع الرأي العام على نتائج أعمالها.
علمت أخبار اليوم من مصادرها الخاصة بما أقرّه الفريق، ونشرت الخبر بكل أمانة ومسؤولية.
لكن المفاجأة جاءت من خارج اللجنة، إذ عبّرت شخصيات في الانتقالي عن استيائها من النشر.
وعندما سُئلوا عن السبب، كانت الإجابة الصادمة:
> "نشر الخبر يُحرج الرئيس الزبيدي أمام شعب الجنوب، كيف سنقول للناس إن الرئيس أصدر قرارات وطلعت باطلة؟!"
وطلبوا — بجدية مثيرة للشفقة — عدم نشر النتائج، وأن يظل القرار “سكّتة بيننا”، لا يسمع به “شعب الجنوب”!
أي منطق هذا؟ كيف يمكن إخفاء نتائج لجنة قانونية تم تكليفها رسميًا بقرار علني سمع به العالم كله؟
قالوا:
"المهم ما يسمع به شعب الجنوب، لأنه إحراج للرئيس عيدروس!"
ثم حاولوا الالتفاف على الحقيقة بعبارات مضحكة:
"الفريق لم يُبطل قرارات عيدروس، فقط قال إن القرارات المنفردة من أي عضو بالمجلس باطلة."
وكأنهم لا يدركون أن ذلك في جوهره بطلان لقرارات الزبيدي نفسها!
لكنهم يصرّون على تزيين الباطل بلغة المراوغة، خوفًا من “إحراج الرئيس أمام الشعب”.
وفي خضم هذا العبث، يعيش اليمنيون مأساة حقيقية.
بلد يدخل شهره السادس دون صرف رواتب موظفيه وجيشه، بينما تنشغل نخبه الغارقة في الفساد بإدارة معارك صغيرة لتكريس الزعامات الشخصية.
شعبٌ يفتّش عن رغيف الخبز، بينما قادته يتسابقون في صناعة الأصنام.
يا اعضاء المجلس الانتقالي، والله إن هذا الشعب لم يعد يعنيه من هو رئيس مجلس القيادة ولا من هو رئيس الانتقالي، ولا أيٍّ من “القادة” المتنازعين على بقايا وطن.
هذا الشعب يبحث عن لقمة العيش، عن راتبٍ غائب منذ نصف عام، عن أمنٍ ضائع بين كيانات مسلحة وولاءات متناحرة .. تاركين مليشيات ايران تتربص بالجميع
نصف أبناء الجنوب في أبوظبي، والنصف الآخر بين أحواش المؤسسات الحكومية والمنازل المغتصبة.
ذلك هو “شعب الجنوب” الذي تتحدثون باسمه،
أما الشعب الحقيقي، فـ شعبٌ يتجرّع المرارات اليومية على أيديكم، ويئن تحت وطأة خياناتكم.
فـ يحيا القائد عيدروس... ويحيا شعب الأحواش والمنازل المحتلة!
أما الجنوب الحقّ، فسيحيا يوم ينهض من تحت أقدامكم جميعًا !!