التصريحات الرسمية لرئيس الحكومة لا علاقة لها بالواقع، ولا تنسجم مع التوجهات التي تُفرض على الأرض. إحداث إصلاحات اقتصادية حقيقية لا يحتاج إلى أخذ الإذن من الرياض أو من أبوظبي، بل يحتاج إلى رئيس حكومة بالمعنى الكامل للكلمة؛ يتخذ القرارات بشجاعة ويواجه، وحينها سيجد الشعب كله إلى جانبه. أما الارتهان للرياض وأبوظبي، فمعناه ببساطة أنه لا إصلاحات اقتصادية قادمة ولا استعادة لمكانة الحكومة.
قبل كل ذلك، عليك يا بن بريك أن تُقنع نفسك أولًا بأنك رئيس الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، فهذه هي الخطوة الأولى. قوتك الحقيقية ليست في السفرات الخارجية، بل في تعزيز عودة مؤسسات الدولة وجيشها وأمنها. أمّا الرياض وأبوظبي، فلو كانتا صادقتين مع الشرعية لكان الوضع قد تحسن منذ أيام حكومة بن دغر أو حكومة معين أو حتى حكومة بن مبارك. من خذل بن دغر ومعين وبن مبارك وقبلهم الرئيس هادي، لن يصدق معك، ولن يفي لك بأي عهود.
طريقك الوحيد هو أن تصدق مع الله أولًا، ومع نفسك ثانيًا، ومع الوطن والشعب ثالثًا. عندها فقط ستجد الآخرين يصدقون في تعاملهم معك. نحن اليوم في زمنٍ الكاسب فيه من يشتري نفسه، لا من يبيعها.
شخصيًا، لا أتفاءل بزيارتك للرياض ولا لأبوظبي. المحطة الوحيدة التي يمكن أن تمنحنا شيئًا من التفاؤل هي زيارتك لمحافظات الشرعية المحررة، زيارتك للجيش، زيارتك لموانئ تصدير النفط، زيارتك للجرحى. دون ذلك، لن يكون الأمر إلا تكرارًا لمسلسل الكذب والخديعة وتسويق الوهم.
وختاما نقولها بكل وضوح
"من راهن على زيارات الرياض وأبوظبي سابقا خسر الدولة، ومن يراهن عليها اليوم يخسر ما تبقّى منها."