خطة ترمب لوقف حرب غزة لاقت ترحيبًا واسعًا من الدول العربية والإسلامية المؤثرة؛ السعودية، مصر، الأردن، تركيا، قطر، وباكستان. والأنظار اليوم تتجه نحو خيارات حركة حماس، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل خياراتها، فهذا أمر يخصها وحدها، لكن ما يهم هنا هو المشهد الأوسع الذي رافق إعلان ترمب خطته.
أحد أبرز نتائج الخطة كان كسر العزلة العربية والإسلامية عن إسرائيل عبر إعادة فتح قنوات التواصل بينها وبين قطر. قد ترى الدوحة أن اعتذار نتنياهو عن انتهاك سيادة قطر كافٍ لإغلاق الملف، لكن بالنسبة لإسرائيل يُعد ذلك مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا، إذ نجحت بكلمة "نأسف" في استعادة قنوات دبلوماسية ورفع الحرج عن دول كانت مضطرة لتحديد موقف واضح حيال الاعتداء الإسرائيلي على قطر.
هكذا سيغادر نتنياهو واشنطن وقد أغلق ملفًا معقّدًا بكلمة عابرة، ليجني مكسبًا سياسيًا يعيد لإسرائيل شرعية الحضور في المنطقة.
غير أن حالة الانقسام الخليجي، وطبيعة التحالفات والحروب البينية التي تخوضها دول الخليج في اليمن وليبيا والسودان وسوريا، جعلتها تقبل بأدنى الحلول مقابل وعود بعدم تكرار الاعتداء. لكن يبقى هناك فارق جوهري بين "الوعود" وبين فرض توازن عسكري رادع يحمي السيادة. كان الاعتداء على قطر يجب أن يكون نقطة انطلاق لتحالف خليجي–مصري يضع أساسًا لتوازن ردع عسكري يُجبر إسرائيل على احترام سيادة المنطقة.
بالتالي، يمكن القول إن الواقع بعد خطة ترمب لم يعد كما كان قبلها. لكن السؤال الأهم: هل استفادت دول الخليج والدول العربية والإسلامية من هذه الأحداث والمتغيرات الكبرى في المنطقة، خاصة بعد أن أعادت الأمم المتحدة ومجلس الأمن تفعيل العقوبات الدولية على إيران، بما يعنيه ذلك من فرض عزلة خانقة وشبه كاملة عليها؟
اليوم تقف دول الخليج ومعها الدول العربية المؤثرة أمام فرصة تاريخية لصياغة توازن جديد في المنطقة. إما أن تتحول الخطة إلى مجرد محطة إضافية لكسر العزلة عن إسرائيل، أو تكون حافزًا لتأسيس مشروع عربي–إسلامي حقيقي يعيد الاعتبار للسيادة ويمنع الآخرين من العبث بالجغرافيا العربية. والتاريخ لا يرحم من يضيّع الفرص.