;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

مشعل لا ينطفئ — 26 سبتمبر ونارُ الكرامة !! 317

2025-09-27 01:10:38

حين ينهض هذا الصباح على جسدِ وطنٍ جريح، تتوهّج ذكرى 26 سبتمبر كمشعلٍ لا يبرح اليد. ليست ذكرى تُقرأ من تقويم فقط، بل نارٌ تسري في عروق الشعب، تذكّرنا أن القهر ليس حالة عابرة بل مرضٌ استشرى، وأن واجب المقاومة هو أن نُسقِط هذا المرض من جذوره.

نحن لا نُواجه مجرد جماعةٍ مسلحة، بل نواجه ظلًّا كهنوتيًّا اعتنقَ القداسة زورًا ليغطّي بها جشعًا وسيفًا ومؤامرة. تلك الجماعة التي تلبّست ثوبَ الدين واقترنت بعباءةٍ إقليمية لا وطنية، صنعت من قِيم الإيمان غلافًا لاحتلالٍ، ومن اسم الله غطاءً للقتل والاغتيال والخراب. هي امتدادٌ لعهدٍ بغيضٍ يريد أن يعيد البلاد إلى زمن الجمود والطغيان باسمِ القداسة المزيفة.

القهر الذي تزرعه هذه الأيدي لا يرحم: يقتلع الأب من بين أحضان أولاده، يخطف الناصحين، يسجن الأصوات الحرة، ويحوّل البيوت إلى سجونٍ مغلقة. القهر هنا له رائحةُ جوعٍ، وله صدى بكاءِ أمٍ تُبكي فقدان ابنها، وله أثرُ صمتٍ في الأفواه تُكتم الكلمات من رهبةٍ أو تهديد. هذا قهرٌ لا يقاس بعدد الأسلحة، بل بعمق الجراح التي يتركها في نفس المجتمع.

لكن في كل حارةٍ، في كل وادٍ، في كل جبل وسهل وساحل، هناك من جمعوا الجراح وعملوا منها وقودًا لضميرٍ لا يهرم. ثأرٌ لا يرتبط بالانتقام بل بالاسترداد: استرداد كرامةٍ سُلبت، واسترداد حقٍّ في أن يعيش الإنسان حراً، لا أسيرًا لطرفٍ يفرضُ عليه ولاءه بالقمع. لذلك فان النضال اليوم هو دفاع عن وجود، عن سماءٍ يمكن لكل طفلٍ أن ينظر إليها دون خوف.

ما صنعوه من طائفيةٍ وسلطةٍ مزوّرة لن يطول؛ لأن الزمن لا يرحم زيف الملامح، والتاريخ لا يرحم من بنى سلطته على جثث الناس. إنهم يَنحسرون، لا دفعةً واحدة ولا بسرعة، لكن الإجابة الشعبية آتية كمدٍّ لا يُدرَك توقيته—صبرٌ اكتسب قوة، ووجعٌ تحوّل إلى قرار، وضميرٌ أصبحت يدُه أقوى من سيفٍ أو لسانٍ مزيّف.

نحن لا نريد أن نكرّر لغة القتل، بل نذكر أن الكرامة تُستعاد بالحق والقانون والعمل المشترك، وأن نهاية هذا الاحتلال الفكري والفعلي تأتي بمساراتٍ حضارية: محاسبة للقاتل، استعادةٌ للمسروقات، بناءٌ للمؤسسات، وتعليمٌ يحرّر العقول من الغُلّ. هذا المسار يحتاج صبرًا منسيجًا بالإرادة، وإرادةً منفتحة على تحالف داخليٍ شرعي ومشروع، لا على عصبياتٍ وولاءاتٍ تُصلح الوجوه فقط.

في ذكرى 26 سبتمبر، لا نرفع الشعارات لنَنْسَى، بل لنَذكُر: لن نتركَ القهر يُسطر تاريخنا، ولا الكهنوت أن يعيد رسم خريطةٍ لا نريد العيش تحت سقفها. المشعل سيبقى، والوعيُ سيزيد، والشارع سيذكر لكل طاغٍ أن الشعب حيٌّ، وأن ساعة الحساب قريبةٌ لمن اعتقد أن الخيانة ستنجو من ذاكرة الأجيال.

هي دعوةٌ لا لقتالٍ عبثي، بل للاستنهاض: استنهاض ضمائر، ووحدةٍ سياسية، وبناء مؤسسات تردّ الحقوق، وتحقيق عدالةٍ تحفظ لنا وطنًا يكون ملجأ للكرامة لا ساحةً للجوع والظلم. فلتكن 26 سبتمبر منصةً تُعلِن أن الشعب ما عاد يقبل بالاحتلال ولا بالكهنوت المزيف، وأن الخلاص يَبدأ حين يرفض كل واحدٍ منا أن يكون جزءًا من آلةِ القهر أو أن يسكت أمامها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2025-11-15 02:53:46

جيش المدرسين!

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد