إعلان مليشيات إيران دخولها المعركة إلى جانب النظام الإيراني، وتهديدها اليوم بضرب السفن والمصالح الأمريكية في المنطقة والبحر الأحمر، أمرٌ طبيعي؛ فهذه هي قدرية التابع للمتبوع.

لكن غير الطبيعي، بل والمشين، أن تكون اليمن اليوم مكشوفة بلا راعٍ، ولا قيادة، ولا جهةٍ تتصدى للدفاع عن مصالحها وسيادتها، وتدرأ عنها الكوارث التي تجلبها هذه المليشيات. ويبدو أن قيادة الشرعية – التي باتت منزوعة الشرعية فعلًا – لا تدرك حجم وخطورة انزلاق اليمن إلى ساحة حرب ليست لها فيها ناقة ولا جمل.
الجرم الحقيقي الذي ترتكبه هذه القيادة هو صمتها المُهين، وتخليها الفاضح عن مسؤوليتها في حماية اليمن وشعبه، بصورة لا يصدقها عقل، لولا أننا نعيش تراجيديتها المؤلمة يومًا بعد آخر.
ما قيمة مجلس القيادة والحكومة وهما عاجزان حتى عن تأمين صهريج وقود يتحرك من شبوة إلى عدن؟ ما جدوى سلطات لا تملك من أمرها سوى التبرير أو التفرج؟ انهيار اقتصادي مروع، وانعدام تام للدور السياسي في الدفاع عن اليمن، وسكوت مخزٍ في لحظة تتطلب أعلى درجات الحسم.
أما على المستوى العسكري، فلا وجود فعلي لها يُذكر في دعم الجيش أو المقاومة؛ بل كل ما يظهر هو تجويع وإذلال ممنهج للجنود والضباط من خلال تأخير صرف مستحقاتهم وإهانة كرامتهم.
اليوم، اليمن تقف على فوهة مدفع، ووسط حقل ألغام إقليمي ودولي، جراء الحرب الإيرانية الإسرائيلية التي تزداد ضراوة. ومهما كانت نتائج هذه الحرب، فإن تداعياتها ستكون مدمرة على اليمن إن لم تتحمل هذه القيادة مسؤوليتها، وتنهض لتمثل إرادة اليمنيين وتدافع عن مصالحهم.
وليذهب المتحاربون وأذيالهم إلى الجحيم، فهذه ليست معركتنا.
أما إذا استمر هذا الفراغ والانكشاف المذل، فإن العار سيلتصق بكل القوى الوطنية في الداخل التي تصر على التمسك بما يُسمّى "الصبر الاستراتيجي" الذي لم يكن يومًا إلا غطاءً للخذلان والتقاعس، دفع اليمنيون ثمنه دمًا وجوعًا ودمارًا.. فماذا أنتم فاعلون اليوم والوطن يُساق إلى المذبحة.؟!!