وضع إيران في اليوم الثالث للحرب مع اسرائيل، يزداد سوء.

معنا اليوم، تصريحان من داخل إيران في اليوم الثالث للحرب الدائرة بينها وبين اسرائيل: تصريح من وزير الخارجية وآخر من قائد الجيش الجديد.

سوف نستعمل التصريحين كمؤشرين لنهاية المرحلة الإيرانية.

ولدراسة معالم الوضع الجديد في المنطقة وربما نتلمس ما يمكن أن يحدث في اليمن.

أولا: وزير خارجية إيران

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الأحد):

١- إن نقل الصراع إلى منطقة الخليج هو "خطأ استراتيجي جسيم" من جانب إسرائيل يهدف لتوسيع رقعة الصراع.

(هذا تصريح كبير للغاية من مسؤول إيراني، لأننا كلنا نعرف هذا، ونحن في اليمن نعاني من هذا ولكن هذه هي أول مرة يصرح مسؤول إيراني علنا بهذا)

٢- وأضاف الوزير الإيراني: " أن الولايات المتحدة شريكة في الهجوم علينا وعليها تحمل مسؤولية أفعالها".

(هذا لا يحتاج تأكيد لأن الرئيس الأمريكي ترامب نفسه قد افتخر بعظمة أداء الأسلحة والطائرات والقنابل الأمريكية وبأن أمريكا قد علمت ودربت الإسرائيليين ليستعملوها بطريقة جيدة ضد إيران)

(أما بالنسبة لاستطاعة إيران بأن تجعل أمريكا تتحمل مسؤولية أفعالها بحسب قول الوزير فهو مجرد كلام بلا معنى)

ولكن يبقى معنا الكثير من التعليقات عن وضع إيران السيئ وباستعمال كلمات الوزير الإيراني نفسه.

وزير خارجية إيران، يعني أن الصراع بين إيران واسرائيل في الشرق الأوسط كان يجب أن يبقى في لبنان وسوريا واليمن.

… يعني بعيدا عن إيران والخليج.

ولكن اسرائيل نقلته للخليج.

{{هذه هزيمة واضحة لإيران}}

اسرائيل كانت تقول دائما أن اسرائيل وأمريكا يجب أن تهاجما إيران في عقر دارها.

وكانت تصف "وكلاء إيران" بأنهم ذيول الأفعى وأنه يجب القضاء على رأس الأفعى.

اسرائيل، مزقت ذيول الأفعى وانتقلت قبل ثلاثة أيام لقطع رأس الأفعى.

{{هذا انكسار كبير لإيران}}

إيران- بلسان خامنئي وكل القادة- كانوا دائما يقولون أن هدفهم الأكبر، هو إخراج أمريكا وقواتها وقواعدها من منطقة الشرق الأوسط.

وأن أمريكا يجب ألا تتدخل في شؤون المنطقة.

الذي يحدث- فعليا- هذه الأيام، هو أن اسرائيل قد أنهت عظمة إيران في ممارسة النفوذ والتأثير والدور الجيوسياسي من لبنان وسوريا واليمن.

وأن أمريكا في غاية الإمتنان والتقدير لما فعلته اسرائيل.

وأن اسرائيل سوف تأخذ المزيد من الجوائز والأثمان الغالية من أمريكا.

بدلا من أن تنجح إيران من طرد أمريكا فإن اسرائيل هي التي طردت إيران من المنطقة لصالحها ولصالح أمريكا.

{{هذا ارتفاع كبير لمكانة اسرائيل على حساب إيران}}

الذي حدث في الواقع أن اسرائيل قد قضت على وكلاء إيران في لبنان (حسن نصرالله) وفي سوريا (بشار الأسد) بنجاح ساحق.

وتجتهد اسرائيل حاليا للقضاء على وكيل إيران في اليمن (عبدالملك الحوثي)

ثانيا: قائد جيش إيران

قتلت اسرائيل أكثر من ٢٠ جنرالا وقائدا في الجيش والحرس الثوري وفيلق القدس.

الزعيم المرشد الأعلى خامنئي، عين الجنرال أمير حاتمي قائدا جديدا للجيش، وهو بدوره عبر عن ولائه قائلا:

"أتعهد بأن يقوم الجيش بتوجيه ضربات مؤثرة وحاسمة لإسرائيل"

فقدان عشرات الجنرالات والقادة الإيرانيين في أول أيام الحرب، يكفي لتوضيح الوضع السيئ لإيران.

ونحن لم نبدأ بعد بذكر الملامح الأخرى للوضع السيئ مثل الاختراق الجاسوسي، وتواجد طائرات درونز اسرائيلية وضعها متسللون داخل أراضي إيران، والفضاء الإيراني المفتوح بدون أي دفاعات جوية، وقصف مصافي البترول وحقل الغاز الإيراني العظيم، الخ…

{{هذا إنهاء لقدرة إيران على الحرب في أول أيام الحرب}}

لا يوجد مع قائد الجيش أمير حاتمي أي شيئ يمكن أن يعمله لتعديل هذا الوضع السيئ للغاية.

هناك عوامل قوة في إيران، ولكن قد تم حرمانها منها.

قائد جيش مخلوع الأنياب

هذه هي عوامل قوة إيران التي نزعوها منها:

١- حرب برية داخل إيران، كما حدث لأمريكا في أفغانستان والعراق.

… لكن لا يوجد أحد سوف يرسل حتى عسكري واحد لداخل إيران.

٢- حرب طويلة المدى

… لكن هذه الحرب سوف تنتهي خلال أيام بفعل تدمير منشآت إيران النفطية واقتصادها وبنيتها الهيكلية.

٣- تدمير آبار نفط السعودية والإمارات

… لكن إيران قد تلقت تهديدات أمريكية صارمة بأنها سوف تسحقها إذا قامت بهذا العمل.

٤- تلغيم مضيق هرمز وتخريب الاقتصاد العالمي

… لكن أمريكا قد أنذرت إيران بأنها سوف تسحقها إذا قامت بهذا العمل.

{{إيران بلا حول ولا قوة}}

{{لا يوجد الكثير أمام إيران لإنقاذ ماء الوجه والاحتفاظ بالكبرياء}}

{{انتهت المرحلة الإيرانية}}

ثالثا: دور السعودية في المرحلة المقبلة

١- السعودية دولة مهمة

السعودية، تعرف أنها أهم دولة الآن بعد اسرائيل.

لكن السعودية، تريد أن يستمر العالم بالقول بأنها دولة مهمة وبدون أن تبادر أو تتقدم الصفوف للقيام بالدور المهم الذي يخرج من دائرة دفع الفلوس وتعويض الغرامات وتقديم المساعدات.

٢- السعودية وإيران

سوف تساعد السعودية غريمتها المنكوبة إيران وتقدم لها الجمائل والإحسان والمعروف للقيام من عثرتها وكبوتها، كنوع من الإستثمار للمستقبل ولإخماد أي أحقاد أو ضغائن مكبوتة داخل صدور الإيرانيين.

الإيرانيون، مشهورون بالأحقاد طويلة المدى ومازالوا لم يغفروا للعراقيين ما قاموا به أيام صدام حسين ومازالوا ينكبون العراق ويمزقونها حتى الآن.

٣- السعودية والشرق الأوسط

سوف تستثمر السعودية مكانتها مع الرئيس الأمريكي ترامب وسوف تحدث تخريجات وترتيبات لعلاقة مع اسرائيل وتلفيقات بشأن حقوق الفلسطينيين.

٤- السعودية واليمن

لن يحدث أي شيء في اليمن بدون رغبة وموافقة السعودية.

أعرف أن اليمنيين لا يعجبهم هذا.

وأعرف أن السعودية لن تتخلى عن هذا.

والمطلوب هو أن نتوصل مع السعودية لطريقة مناسبة للتعامل مع هذا.

إذا أرادت السعودية أن تنجح في اليمن فلا بد أن نرضى نحن أيضا عما تقوم به.

٥- السعودية والحوثيين

وسيبقى معنا الغموض الأكبر: علاقة السعودية مع الحوثيين.

قد تقلبت أحوال السعودية مع الحوثيين عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية.

تستطيع السعودية أن تسير في أي اتجاه من تقلباتها المختلفة بدون الإقرار بأن ما تقوم به هو مثير للدهشة.

سوف يكون هناك دائما التبرير السعودي المناسب.

وسوف يكون هناك بين اليمنيين "المختارين بعناية من السعوديين " من يقول أن ما تفعله السعودية هو الشيء المناسب.

وسوف نتألم نحن ونصيح بأن هذا لا يناسبنا على الإطلاق.

٦- نحن والسعودية

لا يناسب السعودية أن تكون جارة شابعة وفي مأمن من الخوف بينما نحن تحت الخوف والتشرد والجوع.

تحتاج السعودية لأن تتكلم معنا نحن ولأن تتفهم مخاوفنا.

وتحتاج السعودية لأن تقول لنا نحن عما يخيفها منا. ونبحث معا كيف نؤمنها من خوفها.

ونحتاج كلنا أن نثق بها وأن تثق بنا.

هذه أيام تسمح لأن نتفاهم فيها مع السعودية بهدوء.

وربما إذا نجحت السعودية معنا- نحن اليمنيون- سوف نكون معا- الشعبين والبلدين- من معالم المرحلة الجديدة التي تتولد في الشرق الأوسط.

هذه فرصة نادرة كي نخلق شرق أوسط لا يُدار عبر غموض النوايا أو استنزاف الجيران، بل عبر وضوح المصالح وثقة الشركاء.