الذين خذلوا غزة اليوم وتآمروا عليها هم أنفسهم الذين خذلوا جمال عبدالناصر وتآمروا عليه قبل وبعد نكسة 1967
القضايا هي القضايا ذاتها والعرب هم العرب وفلسطين هي فلسطين وغزة هي غزة والأشقاء هم أشقاء الشقاء والشقاق والانشقاق!

وعندما أقول العرب فأنا أقصد تحديداً أنظمة الحكم العربية!
حاربوا عبدالناصر في اليمن وتواطأ بعضهم مع أعدائه حتى تم ضربه في يونيو 1967
وتم احتلال سيناء
فسحب جمال عبدالناصر جيشه من اليمن .. وتحقق الهدف الأول من ضرب مصر!
اشتعلت حرب الاستنزاف ضد العدو حتى 8 أغسطس 1970
كانت مواكب الفدائيين الأبطال تخرج فجر كل يوم من بيت جمال عبدالناصر إلى جبهات القتال وهو يودّعهم واحداً واحداً
وكانت سماء مصر مفتوحة بلا حماية من طيران العدو بعد ضرب الجيش في يونيو 1967 .. وقتل العدو آلاف المدنيين حتى أطفال المدارس!
وشمّرت مصر لبناء حائط الصواريخ الضخم لحماية سماء مصر من طائرات العدو
لكنّ الحرب مشتعلة والعمل مستمر وقد استُشهِد أثناء بناء حائط الصواريخ أكثر من 4000 جندي مصري!
سأل جمال عبدالناصر وزير الدفاع المصري الفريق محمد فوزي: كم هو الوقت الذي تريده لاستكمال حائط الصواريخ فأجابه: 60 يوماً فقال له جمال عبدالناصر سأعطيك 90 يوماً
ولذلك قبِل عبدالناصر مبادرة روجرز وزير الخارجية الأمريكي حينها لوقف إطلاق النار لمدة 90 يوماً في 8 أغسطس 1970
وقامت قيامة فصائل اليسار الفلسطينية ودول عربية واتهمت جمال عبدالناصر بالخيانة!
كانت جراح عبدالناصر لم تلتئم بعد من تواطؤ بعض العرب مع إسرائيل وخسارته جزيرة سيناء ليفاجأ بطعناتٍ جديدة باتهامه بخيانة القضية!
بينما الرجل منهمكٌ بإعجاز بإعادة بناء قوة الجيش وحائط الصواريخ استعداداً للمعركة
ولم تحتمل حساسية قلبه النبيل تلك الأصوات الناعقة
وانفجر قلب جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970
توقف قلبه حتى قبل نهاية الـ 90 يوماً من وقف إطلاق النار
في هذه الأجواء حدثت المحادثة الغاضبة العاتبة الساخرة بين عبدالناصر والقذافي والتي تم نشرها قبل أيام رغم اقتطاعها من سياقها وظروفها
محادثة عادية جداً .. يقول عبدالناصر للمزايدين تعالوا قاتلوا وسأكون معكم!
ويقول المعركة عاوزة سلاح والعرب يتفرجون!
ثم يضيف عبدالناصر للقذافي بسخرية شديدة المرارة: احنا بقينا بتوع سلام واستسلام!
ولم يكن واثقاً من العرب حتى يخبرهم بأنه قبِل وقف إطلاق النار مؤقتاً حتى يكمل حائط الصواريخ وبناء الجيش والتخطيط لمعركة تحرير سيناء!
مات عبدالناصر في الخمسين من عمره وهو يعد للمعركة..
فاض بقلبه النبيل من تآمر الأشقاء وشقاقهم ومزايداتهم حتى انفجر!
تأمّل مواقف العرب اليوم من إبادة غزة ستجد أنها في النهاية نفس المواقف سنة 1970 رغم اختلاف الوقائع والأقنعة والظروف والوجوه!
وللأسف .. اليوم، لا عبدالناصر آخَر يشعر بما يحدث درجةَ انفجار قلبه وجعاً وحرقةً وحسرة! .. لا أحد!