صرختها تعلو فوق كل الفيتوهات.. فالتحرير فرض لا خيار
حين تعلو صرخات النساء والأطفال من قلب صنعاء، ممزوجة بالدموع والخوف والقهر،
تسقط كل الذرائع، وتبطل كل الاعتبارات السياسية التي أجلت قرار التحرير، وتنهار كل الأعذار التي اتخذها البعض شماعة لتبرير التردد والعجز.

صنعاء اليوم لا تصرخ فقط تحت وقع القصف أو جور المليشيات،
بل تصرخ باسم اليمن كله، باسم الكرامة المهدورة، والطفولة المسحوقة، والأمهات الثكالى، والمهجرين قسرًا، والمشردين في أصقاع الأرض.
تلك الصرخات، التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي،
ليست نداءً عابرًا، ولا لحظة عاطفية سرعان ما تُنسى،
بل هي صرخة استغاثة وطنية، تخترق جدران القصور ومكاتب المسؤولين وقاعات المؤتمرات المغلقة،
وتضع الجميع، من مجلس القيادة والحكومة، إلى الجيش والمقاومة والأحزاب، أمام سؤال واحد لا يحتمل التأجيل:
هل بقي في الضمائر حياة؟ هل بقي في النخوة بقية؟
لم تعد صرخات الأطفال والنساء تنتظر موافقة السفير هذا أو الفيتو ذاك،
ولم تعد تخضع لمعادلات الربح والخسارة التي ترسمها التحالفات الخارجية.
إنها تفرض معركة التحرير فرضًا،
معركة لا تقبل التأجيل ولا التسويف، معركة لا تحتاج إلا إلى إرادة صلبة، وقرار حر، وعزيمة تستحضر كل دماء الشهداء والجرحى والمشردين في المخيمات.
اليوم، كل لحظة تأخير، كل يوم صمت، هو خيانة لهذه الأرواح المستغيثة، وخيانة لعهد الوطن.
آن الأوان أن يرتفع صوت الحق فوق صوت الحسابات السياسية.
آن أوان الزحف نحو صنعاء...
آن أوان تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني الطائفي وأدواته الحوثية.
صراخ النساء والأطفال تحت القصف الأمريكي الذي استهدف مواقع مليشيات الحوثي في مديرية السبعين، ليس مجرد مشهد عابر، بل هو صرخة استنجاد واستغاثة تصل إلى كل حر في مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، ومجلسي النواب ،والشورى.
فهل من ضمير حيٍّ يتحرك؟
هل من قائد يدرك أن كل يوم تأخير عن تحرير صنعاء، وكل شبر من أرض اليمن، تدفع ثمنه النساء والأطفال دمًا وعذابًا باهظًا؟
تلك الصرخات وحدها، كانت كفيلة أن تهز أركان كل مؤسسة مسؤولة،
أن تدفع مجلس القيادة الرئاسي لعقد اجتماع طارئ.
وأن تفرض على الحكومة ومجلسي النواب والشورى أن ينتفضوا لإعادة ترتيب الأولويات.
أن تكون حافزًا لاستنهاض الضمائر قبل أن تتآكل مؤسسات الشرعية تحت وطأة التردد والتقاعس.
إن صرخات الأطفال والنساء، التي احتلت المرتبة الأولى في تداولات اليمنيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، لا تعنيها حسابات السياسة ولا اعتبارات التحالفات الإقليمية،
ولا تقيم وزنًا لحق "الفيتو" المرفوع في وجه قرار التحرير،
ولا تعبأ بخلافات مجلس القيادة ولا دسائس بعض المنتسبين إليه ضد بعضهم البعض.
تلك الصرخات تتجاوز كل مؤامرات السفراء وخططهم،
وتعلن بكل وضوح أن المشروع الأول والوحيد أمام الشرعية – قيادة وجيشًا ومقاومة وأحزابًا –
هو تحرير اليمن من الاحتلال الإيراني ومليشياته الحوثية، ولا شيء سواه.
من منكم، أيها القادة، يستطيع أن ينام بعد سماع تلك الصرخات؟
من هو ذلك السياسي أو القائد، أيًا كان منصبه، الذي لم يهتز ضميره أمام استغاثات الأطفال والنساء من قلب صنعاء؟
ألف "وامعتصماه" تخرج اليوم من صنعاء،
مستغيثة بمجلس القيادة الرئاسي، بالحكومة، بمجلسي النواب والشورى، بقادة الأحزاب،
وقبل كل أولئك، مستغيثة بالجيش الوطني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل الأحرار.
من يخرج صارخًا في وجه الخطوط الحمراء المصطنعة؟
من يصرخ: "لبيكِ يا أماه، لبيكِ يا أختاه، لبيكِ يا ولدي، لبيكِ يا ابني"،
معلنًا الدعوة لحمل السلاح، والنفير العام، وخوض معركة الخلاص لإنقاذ اليمن، وشعبه، وكرامته؟
إن معركة التحرير تفرض نفسها على الجميع:
مجلس القيادة الرئاسي
الحكومة
الأحزاب والنخب السياسية
الجيش الوطني
المقاومة الشعبية
رجال القبائل الأحرار
هي معركة الخلاص الوطني،
تفرض على كل يمني حر أن يستنفر نفسه، وأن يكون جاهزًا لمؤازرة الجيش والمقاومة في كل شارع، وكل قرية، وكل مديرية، وكل مدينة ومحافظة تحت سطوة الاحتلال الإيراني الحوثي.
اجعلوها لحظة الخلاص،
اجعلوها انطلاقة العهد الجديد،
عهد الوفاء لدماء الشهداء والجرحى، وللملايين من النازحين.
اجعلوها ثورة صادقة في وجه طغيان الاحتلال،
واجعلوها انتصارًا لإرادة العودة،
عودة النازحين إلى ديارهم،
عودة الأمل إلى القرى،
عودة الحياة إلى الحارات،
عودة العائلات الممزقة إلى حضن الوطن.
لقد آن أوان العودة،
آن وقت استرداد الكرامة،
آن وقت تحرير اليمن.
اليوم، لم يعد هناك وقت للانتظار، ولا مجال للمراهنة على أوهام التسويات المسمومة أو الضغوطات الخارجية المذلة.
اليوم، كل صرخة صدحت بها امرأة من صنعاء، وكل دمعة انسابت من عين طفل مذعور،
هي أمر مباشر لكل مسؤول حر، ولكل مقاتل شريف، ولكل قلب ينبض بالكرامة، أن يتحرك... أن يثور... أن يستعيد الأرض والعرض والكرامة.
إن صرخات الأطفال والنساء التي هزت ضمائر الأحرار،
تضع مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، ومجلسي النواب والشورى، وكل القيادات السياسية والعسكرية، أمام مسؤولية لا مهرب منها:
أن تعلنوا معركة التحرير الكبرى، اليوم قبل الغد.
لا مجال بعد اليوم للذرائع ولا للمهادنة.
لا سلام مع مليشيات زرعت الموت والكراهية في كل بيت.
لا استقرار مع احتلال طائفي زرع الخراب في قلب اليمن.
التحرير اليوم أصبح فريضة وطنية، وأم المعارك، ومفتاح الكرامة، والبقاء.
وصنعاء تنادي أبناءها: لبيكِ يا صنعاء... لبيكِ يا يمن.
من صنعاء تبدأ الصرخة،
ومنها يبدأ الخلاص،
وإليها يعود النصر بإذن الله،
ليعود النازحون، وتزهر الحارات، وتعود راية اليمن عالية فوق سماء الحرية.
موعدنا صنعاء...
موعدنا النصر...
موعدنا مع التاريخ.