في ظل الدعوات المشبوهة بعنوان (لا تشتغل سياسة) ساد الخمول في المخاض السياسي بين سلطة عسكرية وقبلية، ومجتمع مدني له حقوقه.

وسنشتغل سياسة حتى يعرف هؤلاء، أنه لا يمكن لأي سلطة الانتقال إلى شرعية الدولة الحديثة دون عدد من المفاهيم التي تجعل من مبدأ السيادة متمسكا ومنطقيا وفاعلا على الأرض، وفي مقدمة هذه المفاهيم هو العقد الاجتماعي، الذي يؤكد مبدأ حكم الشعب والمواطنة، وفصل بين السلطات، والإرادة الجامعة، التي تختار السلطة وتغيرها أن أخلت بالمهام، لا يمكن أن تحفظ سيادة البلد دون أن تكون الإرادة بيد الأمة، فالأفراد والجماعات يمكن أن يفرطوا بالسيادة من أجل الاستحواذ والاستفراد بالسلطة.
البعض يستهتر بالحديث عن السيادة ، وهو يجهل أن مبدأ السيادة سلاح حقوقي استراتيجي أي تعبوي وتحريضي، في بناء الدولة الحديثة، دولة المواطنة والتنمية، اليوم كل العالم ينزع الشرعية الملكية لصالح سلطة الأمة (ملكية دستورية)، وما زلنا نحن نقدس السلالات والجماعات والأصنام البشرية، ووصل لدى البعض قناعات عودت الإقطاع والملكية، وبرزت شرعية قدسية الحق الإلهي والحق التاريخي والحق الصفوي والحق القبلي، وغاب حق الأمة في عدد من القناعات الصغيرة التي تؤسس لجماعات حكم سلالي، كان أسلافنا قد رفضوه وتخلصوا منه، في تغيير هو سنة الحياة نحو الدولة الجامعة، فيها صاحب الحق هي الأمة، والإرادة هي إرادة الأمة، والسيادة هنا أن تعبر الأمة في تقرير مصيرها وفق إرادتها الحرة.
فأين هي إرادة الأمة اليوم ؟
ما نراه على الواقع هو صراع جماعات ومخاض سياسي لا يؤسس لدولة جامعة، بل يؤسس لدولة الجماعة، التي تواجه رفضا من قبل الجماعات الاخرى، سلطة عسكرها الخارج، وتشكلت من تحالف قبلي، صار يهدد القبائل الآخر، بل يهدد دولة الاجماع، وللأسف صار يقدم المزيد من التنازلات للخارج من أجل البقاء متمكن في تلك السلطة، ومع ارتهان قيادته لهذا المبدأ ارتهن للخارج وأصبح مجرد أداة لتدمير فكرة الدولة الجامعة، تدمير مبدأ السيادة والإرادة.
فالصراع اليوم هو صراع بين مشروع الأمة والسيادة، وبين مشروع الجماعة والتخلي عن السيادة.
فهبت القبائل الأصيلة باليمن لإنقاذ السيادة ، فشهدنا تجمعات قبلية ما زالت تعيش روح تاريخ اليمن وإرث سبأ وحمير، هذه القبائل هي الأرض اليمنية الأصيلة، هي الكرامة والعزة والشرف والحضارة اليمنية، لا يمكن أن تفرط بالسيادة، ولسان حالها يقول دولة بعقد اجتماعي ونحن شركاء، أو قبيلة ونحن قبائل على أرضنا، ولكم أرضكم، وافهي يا جارة، إن اليمن قبائل أشداء متمسكين بأرضهم وحضارتهم، وأن كنتم تتعاملون مع نسخ من القبائل، فهناك الأصل والفصل فحذروا من التمادي، فاليمن ليس الجنوب أو الشمال الشرق أو الغرب، اليمن تاريخ عريق، فأقرأوه بعقل حتى لا تغرقوا في شعابه وجباله الشماء ومع رجاله الأفياء وقبائله الأصيلة، وأمته العريقة، النصر لليمن والعار على كل من يحاول يبيع ويشتري في أرض اليمن الغناء.