;
سيف محمد الحاضري
سيف محمد الحاضري

"فرصة اللحظة: لحظة الانتصار المؤجلة أم الفرصة المسروقة؟" 288

2025-04-23 08:28:16

لا شيء مؤكد حدّ اليقين اليوم سوى أن مليشيات الحوثي تمرّ بوضعية تجعل هزيمتها أمرًا واقعًا ممكنًا – بل ومرجّحًا – من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية. فالمعطيات الإقليمية والدولية تشير إلى أنها تعيش لحظة انكشاف وضعف لا تتكرر كثيرًا، وفرصة نادرة تكاد تكون تاريخية لاجتثاثها من جذورها دون أن تترك لها منفذًا للعودة.

"فرصة اللحظة"، التي ظل اليمنيون يحلمون بها، يعيشها اليمن الآن بكل وضوح، لكن يتملك المواطن في الداخل والخارج شعور قلق، بل رعب حقيقي، من أن تتعرض هذه الفرصة للمصادرة أو السرقة، كما حدث في محطات سابقة خلال عقدين من الزمن، حين سُرقت فرص التحرر والخلاص بفعل التواطؤ والتخاذل وتغييب الإرادة الوطنية.

اليوم، فيما يترقّب اليمنيون ساعة اقتناص قيادة الشرعية ومكوناتها السياسية والعسكرية لهذه اللحظة، لإعلان نصر بات قاب قوسين أو أدنى، تتسرب الأنباء عن دعوات لتجميع مكونات الشرعية – من أحزاب ووجاهات اجتماعية وقادة مقاومة وأعضاء مجلسي النواب والشورى – للتشاور مجددًا في الرياض.

وهنا، يجب أن نتوقف طويلًا أمام مصطلح "التشاور"، وأن نضع تحته عشرات الخطوط. فقد شهدت العاصمة السعودية نفسها مشاورات مشابهة في 2022، انتهت بإقصاء الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي. تشاور لم يتم، ونتائج لم تُناقش مع أحد، بل صيغت في الكواليس وقُدّمت كمخرجات توافقية، أغرت البعض بالقبول مقابل وعود كبيرة... واهية.

حينها، وعدت الأطراف الراعية مكونات الشرعية بأن التغيير في شكل الرئاسة سيكون بوابة لتحرير صنعاء واستعادة الدولة، وبأن وحدة الصف والدعم الاقتصادي والإصلاحات ستحمل اليمن إلى برّ الأمان، ولو تطلّب الأمر التضحية بالرئيس المنتخب ونائبه.

لكن الحقيقة التي ظهرت سريعًا، أن تلك المكونات السياسية تم استدراجها إلى فخ محكم، ووجدت نفسها بعد عام واحد فقط أمام خيبة أمل وطنية عميقة، حيث لم تُنفذ أي من تلك الوعود، بل تآكلت مؤسسات الدولة، وازداد الانقسام، وتراجع الدعم، وتفاقمت الأزمات.

ثلاث سنوات مرت، كشفت خلالها المكونات السياسية – ومعها الشعب اليمني – فداحة الثمن المدفوع نتيجة الانزلاق وراء تلك الوعود، وسط حالة من "اللادولة" و"اللاحرب" و"اللاقرار"، وانهيار العملة، واتساع رقعة الفقر، وتضاعف معاناة الناس.

واليوم، في ظل اشتداد الحصار على المشروع الإيراني في المنطقة، ودخول مليشيات الحوثي في مواجهات مباشرة مع الولايات المتحدة، وانشغال طهران في ملفات إقليمية شائكة، تبرز "فرصة اللحظة" مجددًا، ويقف اليمن على عتبة تحول استثنائي، إن أُحسن استثماره، قد يُغير وجه التاريخ.

ثمة إجماع وطني غير مسبوق – شعبيًا وسياسيًا – على ضرورة خوض معركة الخلاص من مليشيات الحوثي، وهذا الإجماع يُمثّل ضغطًا حقيقيًا على مجلس القيادة الرئاسي، ويتطلب قرارًا تاريخيًا شجاعًا يترجم هذا التوافق إلى فعل وطني جامع.

لكن المفارقة الصادمة، أن هذه اللحظة التي ينتظرها الناس على أحر من الجمر، تُقابل مجددًا بمشاورات جديدة في الرياض، وسط أنباء عن إعادة هيكلة المجلس الرئاسي، وتغيير الحكومة، ومناقشة المستجدات الدولية.

shape3

وهنا يثور السؤال الحاسم:

هل نحن بحاجة إلى مشاورات جديدة لتغيير الأسماء والمناصب؟ أم أننا بحاجة إلى قرار سيادي لتغيير المصير وإنقاذ اليمن؟

هل باتت معركة استعادة الدولة مؤجلة حتى تُستكمل الترتيبات السياسية؟ أم أن الوقت قد حان لكسر الجمود والانطلاق نحو معركة الحسم؟

إن "فرصة اللحظة" لا تحتمل الانتظار حتى تشكيل حكومات جديدة أو إعادة ترتيب المجالس، ولا يمكن رهنها مجددًا بمسارات التشاور.

إنها لحظة وطنية خالصة، تحتاج إلى قرار صلب، إرادة موحّدة، وتضحية مؤقتة بالمصالح الذاتية، لصالح هدف أسمى هو استعادة اليمن، شعبًا ومؤسسات، أرضًا وقرارًا.

هذه المعركة ليست معركة فصيل، ولا حزب، ولا جهة، بل هي معركة وطنية شاملة، معركة شرف، وكرامة، وهوية، واستعادة لليمن الجامع، من صعدة حتى المهرة، ومن مأرب حتى عدن.

أيّها القادة، أيّها السياسيون، أيها المقاومون...

إن التاريخ يسجل اللحظات الفارقة، وسيحفظ أسماء من قرروا إنقاذ الوطن، كما لن ينسى من تردد أو ساهم في ضياع الفرصة.

"فرصة اللحظة" لن تتكرر، وقد لا تُمنح لنا مجددًا، فإما أن نغتنمها اليوم، أو نكون شهود زور على سرقتها.

الشعب اليمني ينتظر منكم قرارًا يرتقي إلى حجم التحدي، ويتجاوز الحسابات الضيقة، فهل أنتم مستعدون لارتداء عباءة التاريخ، أم ستتركونها للفراغ والمجهول؟

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد