لقد تم زراعة إسرائيل والثورة الإسلامية في قلب الأمة العربية، كي يتخلصوا من فسلطين، إسرائيل تحتلها وإيران تتحدث باسمها، فشعارات تحرير فلسطين منحت إيران القدرة على أن تخوض صراعها المفتعل مع إسرائيل على الأرض العربية، فمنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران والحرب الإعلامية تجري بينها وبين إسرائيل، إنها حرب الشعارات ولم تتحول إلى حرب حقيقية ولو كانت الضربات الأخيرة المتبادلة بين البلدين حقيقية لاندلعت حرب مثل كل الحروب..
ما سأرصده اليوم ليس تحليلا، وإنما رصد لوقائع مثبتة بين الطرفين، اعتبرت الحرب الإيرانية- العراقية ١٩٨٠- ١٩٨٨ من أكثر الحروب دموية بعد الحرب العالمية الثانية، كانت إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تمد إيران بالسلاح، ففي أبريل ١٩٨١ زودت إسرائيل إيران بالصواريخ والصور الجوية التي مكنت إيران من تدمير ٤٠ طائرة حربية عراقية في قاعدة H3 ..
في العام ١٩٨٠ كان بعض الحجاج الإيرانيين يتظاهرون في مكة ضد أمريكا وإسرائيل، لكن الله فضحهم وكشف عن صفقة أسلحة وقطاع غيار تم شحنها من أمريكا عبر إسرائيل إلى طهران..

في عام ١٩٨٢ اعترف مناحيم بيجن أن إسرائيل كانت تمد إيران بالسلاح مقابل النفط الإيراني، وفي ١٩٨٤ ذكرت مجلة الأويذ يفر أن صفقات سلاح لإيران بلغت قيمتها ٤ مليار دولار أمريكي، فإذا كانت إيران تشكل خطرا على الكيان الصهيوني هل كانت أمريكا ستصدر لها السلاح وعن طريق إسرائيل نفسها؟!.
والأهم من هذا كله فضيحة إيران- جيت، تلك الصفقة التي هزت العالم والتي كان مقدارها ثلاثة آلاف صاروخ تم شحنها إلى طهران عن طريق تل أبيب، خطابات الكراهية بين أمريكا وإسرائيل من ناحية وإيران من ناحية أخرى كانت شكلية..
قبل مؤتمر مدريد للسلام قالت إيران إنها تقبل بما يقبل به الفلسطينيون أنفسهم، لكنها غيرت موقفها ووجهت اتهامات لياسر عرفات بالخيانة وتوجهت لدعم حماس وهنا تم طمس القضية الفلسطينية وأصبح الحديث عن الضفة وغزة وكان ذلك إنقاذا لإسحاق رابين الذي كان يواجه معارضة شرسة من قبل الإسرائيليين ..
أما ما يتعلق بالهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل لم يكن سوى حرف مسار أنظار العالم التي كانت مسلطة على التدمير والمحارق التي ترتكبها إسرائيل في غزة لتقدم إسرائيل نفسها إلى العالم بأنها ضحية وإيران استخدمت تلك المسرحية لتأجيج المشاعر الوطنية داخل إيران ولدى الشعوب العربية، ليمد نتنياهو وخامنئي طوق النجاة لبعضهما..
نأتي إلى أصحاب الذاكرة المفقودة من اليمنيين الذين ينامون ويحلمون بأن يصبحوا وقد أسقطت أمريكا الحوثيين ليجلسوا مكانهم في الحكم، ولم يلتفتوا إلى الوفد الإيراني والأمريكي اللذان يلتقيان على مقربة منهم في عمان، ولم يلتفتوا إلى تصريحات المسؤولين الأمريكيين بأن استهدافهم للحوثيين ليس له علاقة بالحرب الأهلية اليمنية، ولأن ذاكرتهم مفقودة نسوا أن السعودية بإيعاز من أمريكا أوقفت الحرب نهائيا في عام ٢٠٢٢ وأنها لن تعود إليها مجددا، في الأخير لا يمكن إسقاط الحوثي إلا بإرادة يمنية خالصة مؤمنة بمصلحة اليمن واليمنيين وغير مرتهنة للخارج، هذا الكيان في طور التشكل وسيفرض نفسه على الجميع..