;
أ.د منصور عزيز الزنداني
أ.د منصور عزيز الزنداني

التوجهات الانفصالية وتداعياتها الكارثية على الأمن القومي اليمني والعربي 700

2023-05-24 00:53:58

الدعوة والتوجه والعمل والمثابرة لتحقيق الانفصال هو عمل عدواني ضد الجمهورية اليمنية، وهو تخطيط لحرب مفتوحة وشاملة ضد الشعب اليمني شمالا وجنوبا وغربا وشرقا، وسينجر إليها حتما أطراف عربية وإقليمية ودولية؛ وذلك أمر لا لبس فيه وسيتحمل مسؤولية ذلك أمام الله أولا ثم أمام الشعب اليمني والأمة العربية والإسلامية ثانيا كل من عمل أو يعمل على ذلك من الداخل أو من الخارج أفرادا أو أحزابا أو دولا، وحتما ستتغير بحسب الأحداث القادمة في اليمن كافة التحالفات والتباينات على المستوى الوطني أو الخارجي وبحسب مواقفهم من الوحدة اليمنية.

والأهم من ذلك كله أن مثل هذه الحرب الشاملة التي يعد ويسعى لها أطراف خارجية وداخلية لن تكون هذه المرة محصورة في الأرض اليمنية فقد تصل إلى أبعد من ذلك برا وبحرا لأنها لن تكون حربا يمنية داخلية فقط، بل من المؤكد أن قوى إقليمية ودولية ستشارك فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.

إن السباق المفتعل من بعض دول الإقليم بهدف تبني تجزئة اليمن وإضعافه والسيطرة عليه، ليس إلا مجرد خيال في عقول من يظنون أنفسهم مخططين استراتيجيين وهم معتمدون في ذلك على مخططات المستعمر القديم الذي لا زال يعتقد أنه قادر على أن يعود إلى اليمن من جديد من خلال الدعم المساند له من قبل أدواته في الداخل وحلفائه في الخارج.

إن هذه الحرب التي نرى أنهم يعدون لها ستكون ذات أبعاد يمنية وإقليمية ودولية ولا شك أبدا أنها قادمة وملفاتها جاهزة وسلاحها جاهز من المال العربي، وكل ذلك بسبب جنون دعوات الانفصال المحلية وبسبب غرور الداعمين لهم.

shape3

غير أن الواقع اليمني يقول إن حروب السنوات الماضية كانت مجرد مناورات عسكرية قياسا ومقارنة بما هو قادم لأنها كانت حروب من أجل السيطرة على نظام الحكم وتطبيعه ويكفي أن نقول إن من شارك فيها لا يصل عددهم من جميع الأطراف المحلية إلى أكثر من نحو 5 % من سكان اليمن ال35 مليون نسمة.

إن من يخطط لهذا الخطر القادم على اليمن والإقليم هم أنفسهم من أوصلوا الوطن إلى ما هو عليه الآن، وهم يعتقدون أن اليمن قد أصبحت غنيمة جاهزة لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة فيها، والمتمثلة في تقسيمها أرضا وشعبا، وهذا هو حلمهم الخاسر لأن أعداء اليمن في منطقتنا العربية والمرتبطين بأطراف دولية لا يدركون أن حرب الثماني سنوات الماضية كانت حربا سياسية من الدرجة الأولى، وأن الصراع كان في حدود من يحكم اليمن وما هو شكل نظام الحكم فيه. أما مسألة الدفاع عن الوحدة فالأمر سيختلف كثيرا لأن الشعب اليمني بكل أطيافه هو من سيدافع عن الوحدة ويحميها وهو الذي لن يسمح أبدا بأن تمس من قبل أي طرف كان سواء من قبل البعض في الداخل اليمني أو من قبل البعض من الطامعين في الخارج الإقليمي وأصدقائهم الدوليين أو من حلفائهم الجدد في المنطقة.

إن أية خطوة تهدد الوحدة اليمنية يعني أن طبيعة الحرب والمعركة التي يعد لها ستتغير في أطرافها وحينها ستكون حماية الوحدة وسلامة أراضي الجمهورية اليمنية وسيادتها مسؤولية مشتركة ومباشرة بين الجيش والشعب وبمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والمجتمعية.

وما لا يعرفه الخارج العربي والأجنبي عن اليمنيين هو أنهم قد يتقاتلون مع بعضهم البعض إلا أنهم عندما يدركون أن الهدف هو الوطن، فالمراقب يجدهم أنهم ينسون خلافاتهم ويتسامحون بينهم بكرم نبيل ويتحدون جميعا من جديد لدفع ذلك الخطر عن بلادهم.

ولأن اليمنيين متمسكون بوحدتهم فهم يرون أن الانفصال ومن يدعمه هو أمر جلل يهدد حاضرهم ومستقبلهم وينذر بحروب مخيفة تهدد أمنهم القومي وكذلك تهدد الأمن القومي لأمتهم العربية والإسلامية ويعتبرون أن حماية الوحدة هي حماية للهوية اليمنية العربية الإسلامية ولذلك فهي شرعية ووطنية وقومية.

وعلاوة على ذلك سيعتبر العالم الحر أن الدعوة إلى الانفصال خارج سياق القوانين الدولية ودستور البلاد أمر مهدد للسلم والأمن الدوليين في المنطقة العربية كلها، نظرا لأهمية الموقع الاستراتيجي اليمنى لهم، خاصة وأن الحرب الباردة عالمي بين القوى الكبرى في الشرق والغرب قد أصبحت حقيقة ملموسة وهي مرشحة لتكون حربا ساخنة وواسعة وقد تشمل مناطق عديدة من العالم بما في ذلك الوطن العربي وستكون اليمن من أبرز المناطق المستهدفة برا وبحرا شمالا وجنوبا عند تصادم المصالح الدولية وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي الذي لا يغيب عن اهتمامات القوى والتكتلات الدولية وحلفائهم في الإقليم.

وقد يؤدي ذلك إلى المزيد من التدخلات الخارجية في الشؤون اليمنية والذي سينتج عنه العديد من المخاطر التي تهدد حاضر الوطن ومستقبله.

وهنا نؤكد أن ما يجب علينا كيمنيين هو أن نترك مفاهيم الترف السياسي الذي تعيشه النخب السياسية وأن ندرك أن تلك الاستنتاجات السابقة ليست خيالية وليست بعيدة عن حقائق السياسة وواقعها في المنطقة، لأن الجميع يعلم يقين طبيعة التحولات الإقليمية والعالمية والصراعات الدولية المعاصرة التي تمر في حالة كبيرة من التغيير سواء في الأهداف أو في السياسات والمصالح أو في التنافس والتحالفات بين الأمم في مواقع وميادين كثيرة والأمر ظاهر لكل من يريد أن يميز الحق من الباطل. وعلي من لا يزال يشك في ذلك عليه أن يراجع تطورات الحرب الروسية- الأوكرانية حيث تتضح وبشكل جلي معاني حروب المصالح الكبرى بين الدول المشاركة فيها.

وبالنسبة لليمن يكفي أن يعلم الجميع أن هناك قوى عسكرية دولية مشتركة تتكون من (36 دولة) من أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأستراليا والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية تتواجد أمام السواحل اليمنية من سنوات عديدة في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وفي بحر العرب ومهمتها حماية الملاحة البحرية الدولية بحسب زعمهم، وفي غرب اليمن هناك في القرن الأفريقي وبالتحديد في دولة جيبوتي تتوجد أكثر من (20 قاعدة عسكرية أجنبية) لمعظم الدول الكبرى في العالم.

وهناك أيضا قواعد عسكرية أخرى للكيان الصهيوني في جزر إريتريا في البحر الأحمر وقواعد عسكرية عربية في جزر يمنية مثل جزيرة ميون وباب المندب وجزر عبد الكوري ومحافظة سقطرة.

إن ما يجب علينا كيمنيين هو أن ندرك طبيعة المخاطر التي تقترب كثيرا منا تحت حجة الدعوة إلى الانفصال

وحتى لا نكون سببا رئيسا بأن نشارك في تمزيق وطننا بأيدينا ونكون أداة عبور لأعداء اليمن إلى تدمير وطننا ومصالحنا ومن خلالنا ويجب علينا أن نرتقي في تفكيرنا إلى المستوى الذي من خلاله نستطيع التفريق بين ما هو استراتيجي وطني وما هو تكتيكي لتحقيق مصالح ذاتية وآنية لأن القادم سيعصف بنا جميعا شمالا وجنوبا.

وعلينا أن نعمل سريعا على صناعة السلام بيننا ونوحد صفوفنا وأن نلتقي مع بعضنا البعض ونتنازل لبعضنا البعض وأن لا نسلم أمرنا لغيرنا فالوطن وطن كل اليمنيين والوحدة وحدة الجميع وفي صالح الجميع شعبا ودولة والأمن والاستقرار خيارنا ومطلبنا جميعا، وسيادة اليمن وأمنه واستقلال قراره وسلامة أراضيه خير لنا جميعا وإن لم نحمه كيمنيين فلن يحميه لنا غيرنا وتلك هي مصالحنا العليا التي يلزمنا الواجب الشرعي والوطني أن نحافظ عليها ونهتم بها، بل إن ذلك هو في مصلحة أمتنا العربية والإسلامية، وبشكل خاص في مصلحة الدول المجاورة لنا أيضا أن أعادوا النظر في سياساتهم تجاه الجمهورية اليمنية أرضا وشعبا.

وهنا لا بد من أن يدرك أبناء اليمن في شماله وفي جنوبه في شرقه وفي غربه ومن هم خارج الوطن أن الدفاع عن وحدة الأوطان وسلامة أراضيها واحترام سيادتها وأمنها واستقرارها هو أمر تقره دساتيرها في كل دول العالم وهو أمر ملزم لحكامها ولشعوبها. وبالمقابل نجد أن كافة القوانين الدولية وكذلك ميثاق الأمم المتحدة ترفض جملة وتفصيلا أية محاولة للمساس في سيادة الدول أو التدخل في شؤونها الداخلية وترفض الاعتراف في إي فصيل وطني يسعى إلى تقسيم دولته وخاصة أن كانت عضوا في الأمم المتحدة.

علما أن شعوب العالم تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير حيث إنها تشعل الثورات على الحكومات التي لا تدافع عن سيادة أوطانها ولا تتردد في إسقاط شرعيتها وإسقاط حكامها ومحاسبتهم أن قصروا في ذلك.

ونحن في اليمن جزء من هذا العالم إلا أننا ندمر مصالح يمننا بأيدينا ونعمل على تحقيق مصالح غيرنا على حساب وطننا رغم أن مراجعة سريعة لروح دستورنا النافذ نجد أنه وبكل وضوح يؤكد على الآتي:

* أن لا شرعية أبدا لمن يفرط بأمن واستقرار وسيادة الجمهورية اليمنية ولا شرعية لمن يفرط بأمن الشعب اليمني وسلامة أراضيه.

* ولا شرعية لمن يعلن الحرب على الوحدة اليمنية ونظامها الجمهوري سواء كان طرفا داخليا أو خارجيا أو لمن لا يدافع عنها وعن استقلال قراراتها السياسية والاقتصادية والسيادية.

* ولا شرعية أو احترام لمصالح متبادلة مع دول أخرى هي نفسها لا تحترم المصالح العليا للجمهورية اليمنية.

وأخيرا الشعب اليمني سيكون فقط مع حكومة وطنية تحمي مستقبله وتحرس أمنه وتحافظ على وحدته، وتدافع عن كرامته وتحمي حقوقه وتصون سيادته واستقراره.

والشعب اليمني اليوم يريد أن يصنع السلام الوطني الجامع لكل أبنائه والذي يضمن حماية مصالحه العليا وتحقيق المساواة والعدل وسيادة الشريعة والدستور والقانون والعيش الكريم في وطنه ويحمي هويته اليمنية والعربية والإسلامية ولا يريد مزيدا من الحروب والدمار والافتراق ويريد تفكيرا سليما يقودنا نحو الأمن والسلام والاستقرار والعزة والكرامة ولا يريد تفكيرا عدميا يقودنا نحو المزيد من الحروب والتشرذم والتشظي.

* أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد