الزمان ٢٠٠٦.. الساعة الثانية بعد منتصف الليل.. التلفون يرن.. هوية المتصل (خاص).. تكررت الاتصالات،، كان النوم كابساً عليّ بعد عناء سفر من عدن إلى صنعاء.. صحيت متثاقلاً.. أخذت التلفون.. رديت على المتصل.. أنا: الوو نعم. المتصل: الأخ سيف الحاضري. أنا" نعم معك.. المتصل: لحظة معك تحويلة الأستاذ/ عبده بورجي، يريدك.. أنا: طيب منتظر.. بعد دقيقة انتظار- سارعت خلالها- إلى إضاءة أنوار الغرفة وإلى شرب كأس من الماء، فأنا متعود أن لا تأتيني اتصالات من مكتب حاشية الرئيس السابق/ صالح، إلا وفيها أمر بالذهاب إلى المعتقل أو الحجز.. وضعت الكأس من يدي وإذا بي أسمع صوت الأستاذ/ عبده بورجي. بورجي: أستاذ سيف.. السلام عليكم.. وينك بنتصل بك من الساعة العاشرة.. أنا: وعليكم السلام.. أنا كنت مسافراً من عدن إلى صنعاء ووصلت- قبل ساعة ونصف- مرهقاً وتلفوني كان بلاشحن وفتحته بعد أن تم شحنة في البيت.. بورجي: الحمد لله على السلامة.. أنا: الله يسلمك.. خير يا أستاذ.. أيش فيه؟ بورجي: الأخ الرئيس- حفظه الله- طلب مني أبلغك ثلاث رسائل.. وهنا- قبل أن أرد- ذهب إلى مخيلتي أنني سأسمع كلمات شكر وأكيد أمر في أرضية.. لكن سارعت بالرد.. أنا: خير أستاذ عبده.. هات أسمعك؛ وعيوني مفتوحة وبكامل قدرتي الذهنية والاستيعابية- ولا أدري كيف حصلت على قلم وورقة في لحظة كأنها غمضة عين.. بورجي: الرسالة الأولى يقول لك الأخ الرئيس/ إن اللواء على محسن وعبدالرحمن الأكوع ما عينفعوكش.. هنا كانت الرسالة صدمة.. حاولت استيعابها لأفوق من خيالي السابق.. أنا: (بعد أخذ نفس عميق) الأولى وصلت، هات الثانية يا أستاذ.. بورجي: الرسالة الثانية يقول لك الأخ الرئيس إنك تبطّل تثير الهاشميين ضده وتبطّل تسيئ للقيادة السياسية الإيرانية وأنك- بحملتك على ايران- تسيئ للعلاقات الإيرانية وقد سلّموا ملفاَ عن الصحف تبعك وخاصة الصور التي تسيئ للقيادة الإيرانية.. أنا: وهذه الثانية.. هات الثالثة يا أستاذ.. بورجي: الرسالة الثالثة يقول لك الرئيس.. تجهّز ملفا متكاملا عن ميزانية مؤسستك ومن أين تحصل الدعم، طواعية منك وتروح تسلمه- خلال يومين- للأمن القومي للعقيد/ عمار. أنا: كمّلت يا أستاذ عبده كلامك؟ بورجي: نعم.. أنا: الآن اسمع ردي على رسائل الأخ الرئيس الثلاث وبلغه أرجوك.. بورجي":تفضل أسمعك. أنا: الرد على الرسالة الأولي قل له.. لا اللواء علي محسن ينفعني ولا عبدالرحمن الأكوع ولا حتى الرئيس نفسه.. بورجي: -ضاحكاَ- لا تأخذ الأمر يا أخي سيف بحساسية.. أنا: والرد على رسالته الثانية قل له، معركتنا مع إيران وعملائها في اليمن نحن نخوضها من الثمانينات وهو آخر المنضمين فيها، والعلاقات مع إيران- بالنسبة لي- تخريبها عمل وطني. بورجي: هذا الكلام مش وقته. أنا: وقته ونص والجنود اللي بيضحوا بدمائهم من المسؤول عنهم.. وردي على الرسالة الثالثة قل له، بعد يومين أّسلّم لك ملفاً بميزانية المؤسسة ودخلها وإيراداتها وأرصدتها وديونها، ونسخة نسلمها للعقيد عمار، وطالما الأخ الرئيس قد طلب، فأنا واقع في ورطة ديون وعليه أن يسددها. بورجي: إذاً تصبح على خير أستاذ سيف الصباح.. أبلغ الأخ الرئيس ومتى ما ملف المؤسسة جاهز أنا منتظر اتصالك.. أنا : وأنت من أهل الخير والعافية.. أغلقت السماعة وجدت من البيت قد فاقوا من النوم.. سألتني الزوجة: مالك تصيح أيش فيه؟ أنا: كالعادة بكرة ولا بعده يمكن أتوقف أسبوعاً أو عشرة أيام.. عودوا لنومكم؟؟؟ (ويبدو أنني لم أستوعب رسالة صالح الأولى إلا هذه الأيام ) انتهى
سيف محمد الحاضري
رسائل "صالح" الثلاث 1902