الناس تتطلع للدولة المدنية دولة النظام والقانون، يتساوى الناس أمامه، دولة العدل والإنصاف والإنسانية، لوطن يستوعب كل الأطياف والمشارف الفكرية والأعراق، في مجتمع متعايش ومتنوع، فسيفساء الحياة وايقونتها الرائعة. شمالاً وجنوباً ضجرت الناس من الاستبداد والهيمنة والصراعات والحروب، بمختلف الأشكال والمبررات، أصابهم ملل المنصات وسحر الشعارات، والنتيجة خذلان، ومن الغباء أن يلدغ المرء من جحر مرتين، وترفض تجريب المجرب الفاشل. سنحت الفرصة لقوى جديدة لتبرز في الجنوب، لتقدم نفسها بصورة أفضل مما هي علية اليوم، لو استمالت الناس بسياسة حسنة، لكنها غرقت في وحل الصراعات الإقليمية والمحلية، وقدمت نفسها صورة طبق الأصل للنظام السابق في استخدام محاربة الإرهاب للحفاظ على عرشه بالترهيب والترغيب، وسقط غير مأسوف علية ملطخ بالانتهاكات، وها هي تطاردها اليوم شبح انتهاكاتها، في تقارير المجتمع الدولي والمحلي. كنت ككل الجنوبيين المراهنين على الكيان الجامع، لترسيخ الدولة الجامعة في الجنوب على أمل أن تعم الشمال، كيان خذلنا، قدم نفسه خادماً لأجندات خارجية، مستفيداً من دعمها للوصول السهل للسلطة، وتناسى تطلعات الناس، سقط رهاني في تشكيلته التي احتوت قوى، عما قريب لم تكن تؤمن بالقضية، إيمانها في مصالحها التي تضررت وتحالفاتها التي استدعت هذه التشكيلة، قوى تمرغت ذمتها بالسلطة، وتخاف من المحاسبة والعقاب، والنزاهة تقترن ببراءة الذمة والعهدة، ومن لم يبرئ ذمته وعهدته من السلطة يظل مثار شك وريبة، خاصة من لازال يحتفظ بأذنابه فيها، مهيمن على مؤسساتها، وإيراداتها، جعل منه مشكلة لا يمكن ان ينتج حلا، والخطاب السياسي والشطط واستعراض العضلات لهذا الكيان هو الانهيار الكلي لما تبقى من رهان، إعلان اجتثاث الآخر دون مصوغ قانوني وهو بعيدا عن السلطة، فكيف إذا امتلكها، مخطئ من يراهن على عطب الذاكرة الجمعية للمجتمع الذي فيه من العقول والكفاءات التي تعي وتستنبط المشكلات، وتقرأ نمط السلوكيات لتستنتج فكر العقلية التي تخاطب هذه المجتمع، عرف الناس حقيقتهم وعقليتهم، وعرف أنهم مسيرون وأدوات بيد من يغدق عليهم بالمال، فحول بعضهم للصوص ومرتزقة لمن يدفع، وهذا ما جعل الناس تنفرط من حولهم، وفقدت الرهان عليهم، وتراهم مشكلة لا حلًا. اليوم ينتفض الشعب ضد التحالف وأدواته، انتفاضة قهر وخذلان، والحقيقة واضحة للعيان، عندما لا ترى دعماً للدولة ككيان ومؤسسات وميزانية، وتعزيز مستوى الدخل القومي، بضبط إيرادات الدولة وحمايتها من اللصوص والفاسدين، بتعزيز المؤسسات الإرادية وتصدير النفط والغاز، وتمكين الدولة من المنافذ، ليستقيم عودها كدولة تستطيع الإيفاء بالتزاماتها للمواطن والخدمات والاستحقاقات، حتى سقط الريال وغرق الناس في الحاجة والفقر والعوز، وانتفضوا ولن يقبلوا بمن هو مشكلة وشريك في الأزمة يريد أن يقدم نفسه كحل. ما يتم اليوم من محاولات يأسه من قبل هذا المكون الهجين ليقدم نفسه كمنقذ وحل للأزمة وممثل للجنوب لن تنفع بعد أن نبطح وانتهك واستخدم، وانتهت صلاحياته، مهما استخدم من قوة لترهيب الناس واستمالتهم بالعنف، لن تنفع بل تعمل على تضخيم حجم سجله من الانتهاكات التي ستهلكه وتنهيه، انتهاكات تورط بها مع التحالف، وبكل بساطة يستطيع التحالف أخلى ذمته منها كعادته ليتحول هذا الكيان لكبش فداء، انتهاكات لن تسقط بالتقادم، رصدتها منظمات دولية ومحلية، ولازال الرصد قائما وتدون وتقدم للمحاكم الدولية، حينها لن ينفع الندم ولنا في التاريخ عبر ودروس يا أولي الألباب.
أحمد ناصر حميدان
من كان مشكلة لا يكون حلاً 1237