كيف يستقبل اليمنيون رمضان؟
الموضوع: استطلاعات

في ظرف ليست بأحسن حال من العام الماضي بل أشد وطأة منه في حياة المواطن اليمني ومعيشته يعود شهر رمضان,وأكُف ضراعة اليمنيين لم ترد بعد,ومبسوطة تدعوا بارئها:أن يرفع عنها الضر,وما يعانوه من ظُلم المتسلطين,وجشع التُجار وفساد السياسة,وجور النافذين, وأن يدحنهم تبعات ومصائب السلع المنتهية الصلاحية؟.. غير متناسين:اللهم جنبنا طبائع صائمين بعد الظهر؟؟.. ونحن على مقربة من حلول الشهر الكريم.. فكيف يستقبل اليمنيون ضيفهم الكريم وما يعدونه للتعامل مع الركن الرابع من أركان الإسلام؟، ذلك ما تجيب عنه "أخبار اليوم" من خلال الاستطلاع التالي:

يقول سبحانه:(يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).. وفي الحديث القدسي الذي رواه النبي الكريم عن ربه:(كل عمل أبن أدم له إلا الصوم,فأنه لي وأنا أُجزي به....)..ويقول عليه السلام:(إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث,ولا يفسق,فأن سآبه أحد أو شاتمه..فليقل:اللهم أني صائم)..
ثقافة
 الثقافة الاستهلاكية لليمنيين والمرتبطة بشهر رمضان تُعد الثقافة الأكثر سلبية، حيث تجدهم يستهلكون من السلع والمواد الغذائية خلال شهر رمضان وحده ما لا يستخدمونه طوال 11شهراً وتلاحظ أن موازنة نفقات شهر رمضان يتم الإعداد لها منذ 3أو4أشهر تسبقه لدى بعض الأسر,فيما أُسر أُخرى تقترض من جمعيات أو تستدين من تجار أو أقارب مبالغ مالية باهظة لمواجهة متطلبات شهر رمضان ـ ويظل رب الأسرة أشهراً قد تتجاوز نصف عام منشغلاً بسداد ديون رمضان ـ وهذه الثقافة ليست سلبية فحسب بل منبوذة ومنهي عنها في الدين الإسلامي ؛كونها تتنافى ومقاصد الصوم وغاياته..فالله سبحانه فرض الصوم ليؤدي المسلم من خلاله عبادات عدة ومنها:الامتناع عن الأكل والشراب طوال نهار رمضان..وفي ذلك تقليص لحجم وكم الوجبات الغذائية؛ليحس الأغنياء بمعاناة الفقراء..ليظل دفع الزكاة والصدقات من أغنياء المسلمين وتوزيعها على فقرائهم ركناً من أركان الإسلام ,وليتحقق بذلك حق الحياة للناس جميعا ,ونوع من أنواع العدل..ولم يمنع المسلم من الأكل والشرب في نهار رمضان ليحتسي جميع المأكولات والمشروبات طوال ليل رمضان وحتى السحور ـ ففي ليل رمضان قيام من صلاة,ودعاء, وقراءة قرآن واستغفار كما روي عن النبي عليه السلام والصحابة رضوان الله عليهم من بعده ـ فثقافتنا الاستهلاكية المصاحبة لشهر رمضان متنافية كلياً ومقاصد الصوم وتعاليم الإسلام.. وخطورة ذلك التنافي تكمن في مخالفة العبادة التي أرد الله سبحانه أن يؤديها ويلتزم بآدابها وشروطها المسلمون..والمولى جل شأنه لم يفرض علينا عبادة إلا ليعلمنا قيماً ومبادئ تصب في تأصيل ورسوخ المبادئ العامة للدين الإسلامي ..ومنها المساواة ,والعدل,التراحم,مكارم الأخلاق..,و...وهوالقائل سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها..), والقائل:(ما جعل عليكم في الدين من حرج..) ,                                         
     ولكننا في اليمن تحديداً في المجتمع المدني وبتتبع ممارسات وثقافة الناس خلال هذا الشهر وعام بعد أخر يلمس بجلاء، علاوة على ما أسلفنا ذكره أنه يتحول إلى شهر للمباهاة في الاستهلاك والصرفيات بين الجار وجاره والأخ,وأخيه.. شهر طوال ليله مسلسلات,وجلسات للأكل أو القات لدى الغالبية,ونهاره نوم..كل ذلك وغيره من الممارسات التي هي ثقافة سلبية للمجتمع اليمني حلت محل العبادة.. وانعكس ذلك بجلاء في هموم وتصرفات الغالبية..فمنذ شعبان,وطوال أيام رمضان ترى الجميع يهتم بحشد السلع والمواد الغذائية وأحاديث الكل عن المعاناة وارتفاع الأسعار والديون..فليس همهم كيف يستعدون على العبادات والطاعات ولا كم سيقرأون المصحف خلال رمضان,ولا كيف سيستفيدون من الدروس الدينية,ولا كم سيعتكفون وفي أي جامع..ـ وبذا حلت الملذات والشهوات النفسية محل العبادة فما الفائدة من هذا الشهر في ثقافة كهذه؟ـ ..ووفق ما نلاحظه في ثقافة المجتمع المدني ولسنوات متتالية فإن رمضان هو شهر:الشفوت,والسمبوسة, وبنت الصحن, واللحوم, شهرالتمر,وألجيلي والفيمتو, والفتة,والدقة,وألسحاوق ألفح, شهر المحلبية, والشربة, و... شهر يا نفس ما تشتهي؟؟..نهاره نوم,وعصره سب,وحوادث,.. وليله مسلسلات وأكل وشُرب؟؟؟واللــــــــه المستعان على ما نصنعه؟، فهل هذا هو رمضان العبادة؟ رمضان التقوى،؟ رمضان الذي قال عنه سبحانه:(شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هُدى للناس وبينات من الهُدى والفرقان..)؟ رمضان أحد دعائم الإسلام وأركانه التي تتحقق من خلالها مقاصد الشريعة الإسلامية؟؟  
استغلال وغش
المؤسف أن التجار اليمنيين يستقبلون شهر رمضان من منتصف شعبان أو قبل المنتصف برفع أسعار السلع الاستهلاكية التي يكثر إقبال اليمنيين عليها في رمضان مثل:السكر,الدقيق,المكرونات بأنواعها, الزبادي, العسل, التمور, الحليب, و..وغيرها من السلع التي يزيد طلب المواطنين عليها خلال أيام شهر رمضان؛ويتمكن التجار نتيجة لزيادة الطلب على السلع الاستهلاكية سالفة الذكر من رفع أسعار السلع ذات الصلاحية للاستخدام وبالنِسب التي يريدون دونما رقيب أو حسيب..,كما يمكنهم ذلك من عرض وبيع السلع منتهية الصلاحية ـ الضارة بالمستهلك اليمني والمتسببة في غالبية حالات التسمم الغذائي ـ وبيعها بأسعار جنونية..وبالمخالفة للقوانين واللوائح,وللقيم الدينية والإنسانية..وحُجتهم في ذلك هو الطلب المتزايد والجنوني على السلع الاستهلاكية,ولكنها أن كانت حُجة مع السلع الصالحة للاستخدام ..فإنها جريمة,وخيانة أمانة وغش مع السلع منتهية الصلاحية..وهنا نذكر المواطن اليمني بما أسلفنا ذكره:أن الثقافة الاستهلاكية الجنونية والسلبية التي تمارسها مع رمضان أعطت مبرراً للتجار برفع أسعار السلع كما يريدون ـ وارتفاع قد لا ينخفض بانتهاء رمضان، فتظل تعاني منه طوال العام؟ـ فهل تعقلون؟.
هموم
وكشواهد عن استقبال اليمنيين لشهر رمضان تحدث الأخ/سعد صالح الحجال بقوله:نحن منذ بداية العام الحالي نعيش هماً أكبر من رمضان..هم استقرار وطن ونرقب كل خطوة لحكومة الوفاق الوطني ورئيس الجمهورية,موضحاً أن الخطوات والقرارات التي اتخذها الرئيس هادي حتى الآن خطوات هامة ومسئولة تعكس حكمته وحنكته,ونيته الصادقة في خدمة الوطن والعمل من أجل الارتقاء به وشأن أبناءه,وأن الآمال والطموحات التي تراود كل اليمنيين وهم يستقبلون رمضان أو غيره من الشهور هي:أن يعيشوا في وطنهم بأمن واستقرار ,وأن تصدق الحكومة معهم في حل المشاكل والقضايا التي تعرقل تطلعاتهم وتنغص عيشهم..مشيراً إلى أن رمضان بتفاصيله يُعد عبادة,وجزئية في إطار هموم وأعمال اليمنيين,سيمر أياً كانت الأوضاع والظروف,وسيضطر الجميع للتأقلم على استقباله بالصبر وإخلاص النيات لله بدلاً من معاناة وهموم الجري وراء السلع الاستهلاكية.
إجباري
من جانبه يرى الأخ/راشد عبد الله دحوان.. أن استقبال رمضان هو استقبال إجباري ـ وفق العادات والتقاليد في بلادنا ـ ويتمثل ذلك في عدد من الممارسات المليئة بالمعاناة والإرهاق الذهني والجسدي,والإنهاك المادي ..موضحاً:أن رب الأُسرة وفق العادات والتقاليد اليمنية التي تسبق رمضان مُلزم بالمطاردة من سوق لأخر,ومن سوبر ماركت لأخرى لشراء سلع استهلاكية جنونية السعر والكم,حيث لا تقل السلع الاستهلاكية التي يجب أن يمتلئ بها المنزل عن 30صنفاً من السلع المختلفة,وبكميات كبيرة لكل صنف..مشيراً إلى أن شراء كل الأصناف لا يتم في يوم واحد ويحتاج رب الأسرة للتسوق أسبوعاً أو أسبوعين ,وبشكل يومي,وإلى استئجار وسيلة نقل يومياً تقله وربة منزله وما تم شراؤه من سلع,ويحتاج إلى أصحاب كُثر من التجار أو ممن لديهم مال يحرج نفسه معهم ويستدين كل يوم من واحد..وبعد أن يأتي رمضان يظل مشغولاً بهموم ديون الناس وكيفية سدادها..ليشغله ذلك الهم عن العبادة والغاية الحقيقية من رمضان ولتصرفه عنها تماماً هموم صرفيات ومتطلبات العيد بعد رمضان...وفي ختام حديثه يكرر التأوه:آه,أُف,..لا زاد جاء رمضان تعبنا يا أخي..؟؟
واقع
أما في المناطق الساحلية وفي ظل الفصل الحالي المعروف بدرجة حرارته المرتفعة.. فإن الهموم والمخاوف التي يستقبل بها سكان هذه المحافظات والمناطق تزيد عن غيرها من المحافظات، عن ذلك تحدث الأخ/ثابت محمد الفؤاد بقوله:نحن من سكان المحافظات الساحلية والمعروف بأنها خلال هذه الأشهر بما فيها شهر رمضان تصل فيها درجة الحرارة إلى ذروتها، مستشهداً بعشرات من حالات الوفاة التي شهدتها المحافظات الساحلية والحديدة تحديداً خلال شهري يونيو,ويوليو من العام الجاري نتيجة لشدة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي..متسائلاً:إذا كانت عشرات الحالات توفت خلال شهرين وهو متاح لجميعها أن تأكل وتشرب فكيف سيكون الحال مع شهر رمضان وكم ستكون حالات الوفاة، لاسيما أن استمر انقطاع التيار الكهربائي؟ومع العلم بأن رمضان يصادف ذروة الحرارة وأقصاها...مؤكداً بأن هذا التساؤل الواقعي يمثل الهم الرئيس,ومصدر الخوف الأبرز كحقائق,وواقع يستقبل به سكان المحافظات الساحلية شهر القرآن..شهر رمضان؟؟.  
معتمرون
  معتمرون قصدوا بيت الله الحرام منذ أشهر يرتدون احراماتهم يستقبلون رمضان بمقربة من سفارة المملكة بصنعاء وقنصليتها في عدن بانتظار فتح أبواب حالت بينهم وما قصدوه ونذروه..وينقضي موسم العمرة وهم على ذات الحال.
قمامة
كما لا يفوت أي مار في شارع أو حي من أحياء العاصمة صنعاء أو غيرها من المدن اليمنية ذلك المنظر الغير إنساني ولا حضاري منظر القمامة التي تملأ كل مكان ..منظر يتنافى وتعاليم الدين الإسلامي التي جعلت من النظافة جزءاً من الإيمان.. يستقبل اليمنيون رمضان وهم يسدون أنوفهم مارين وقاعدين من رائحة القمامة ونتنها الذي ينذر إلى جانب إزعاجه للحياة العامة للمواطن,بكارثة صحية وأوبئة تضاعف معاناة اليمنيين مع شهر الصوم..لكنهم مدعوون للصبر على البلاء ومن البلاء القمامة..ورمضان شهر صوم وصبر.   
خلاصة
من خلال الاستطلاع يتضح بجلاء أن ثمة سمات يجتمع فيها كل اليمنيين ويشتركون فيها عند استقبالهم لشهر رمضان وأن بنسب متفاوتة...كما أن هناك هموماً، أو قضايا تطغى على اهتمامات,وأولويات فئة أو شريحة معينة وفق ظروف ما أو بسبب أحداث معينة كما ورد في الاستطلاع الذي أوردنا من خلاله بعض النماذج والشواهد فقط ..لكنك في الواقع تدرك أن غالبية الشواهد والنماذج:هي إجمالاً هموم مادية دنيوية في غالبيتها.. ويجدر بالجميع إزاء شهر كرمضان أن يكون استقباله بترويض النفس على العبادات والطاعات,وإخلاص النيات للقيام بهذه العبادة على أكمل وجه..والتفقه في مقاصد هذا الفرض وغاياته,والبُعد عن شبهات النيل منه من ممارسات,أو عادات, أو افكار...وفقنا الله جميعاً لعبادته,ولصيام نهار رمضان وقيام ليله وإدراك فضله.. وأعاده الله ونحن والأمة الإسلامية كافة في خير ووئام وعِزة,ونصر..اللهم آمين.       
استطلاع/ماجد البكالي
الأحد 15 يوليو-تموز 2012
أتى هذا الخبر من صحيفة أخبار اليوم:
https://www.akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://www.akhbaralyom.net/news_details.php?sid=56560