البيضاء.. حيث يحضر الموت!!

2014-11-18 13:56:36 تقرير خاص/ وليد عبد الواسع

خليط من الرعب والأسى تشهده مناطق كثيرة من محافظة البيضاء جراء المعارك المستعرة.. دون أن تدع لكثيرين من السكان أية خيارات للهروب من الموت المحقق, ممن فقدوا الأمل, بينما يبحثون عن ملاذ آمن لهم ولا يجدون طريقاً إليه وسط أزيز السلاح..

في ظل استمرار القصف والاشتباكات التي تشيع في نفوس الأبرياء الرعب وشهقات الموت لأرواح ليست رخيصة عكس ما يراها بيادق حرب لا يجيدون سوى النظر إلى منطق الحياة إلا من فوهة بندقية.. ولا يكتفون بإيقاد حرائقهم في كل بقعة يحيلونها إلى مناطق ملتهبة.



وجع الإنسانية

هنا في البيضاء لا شيء ينطق غير لغة السلاح التي تحدد مصير مئات الآلاف من السكان المطوقة حياتهم بين قذيفة ورصاصة.. أوضاع إنسانية موجعة ومأساوية تعيشها مناطق كثيرة من محافظة البيضاء على وقع لعلعات الرصاص ودوي الانفجارات وهزات القذائف المتهاوية بجنون وقصف الطيران الأميركي بطائرات بدون طيار..

تشير المعلومات إلى أن تمترس أطراف الصراع داخل مدينة رداع وفي التجمعات السكينة ترك أثره السيئ على تهديد الأسر الريفية التي تأبى ترك مبانيها رغم المواجهات وبالتالي يتعرض للقتل في أي لحظة..

ويشكو مواطنين تأثر حياتهم لاسيما الوافدين من الريف لشراء حاجياتهم من المدينة التي تعتبر السوق الرئيس لسبع مديريات, فالصراع والمواجهات يزيد الوضع تعقيداً وبالتالي يصعب توفير احتياجات مواطني هذه المديريات.

وفي ظل أجواء الانفجارات والمواجهات التي خلفت أثار نفسية سيئة لدى الأطفال والأسر كان لحديث طفلة مع أمها وقعاً موجعاً حسب رواية رب الأسرة, بينما تقول لها" يا أمي قولي لهؤلاء المتصارعين يأتوا إلى هنا ويقتلونا أرحم من بقاءنا ننتظر الموت".

مآسي الوضع الإنساني لم تدع لحياة البياضنة طعماً فقد توفت امرأتان بسبب تعسر ولادتهما داخل مناطق المواجهات العنيفة التي لم تستمع لصراخهما هذا فقط نموذج من الموت الذي تعرض له نساء البيضاء في بعض قراها وما خفي كان أكثر من مأساة وأقل ما تتعرض المرأة في ظل المواجهات أنها تظل حبيسة البيت وانتظار الموت .

الطفولة في البيضاء هي الأخرى تتعرض إلى ضياع حتمي في ظل توسع المواجهات التي باتت تشمل كل مديريات المحافظة..

ويؤكد مختصون أن المواجهات بالضرورة ستترك آثاراً سيئة على الطفل في صحته وفي مستقبله القادم خاصة وأن الحروب لا يمكن أن تمر دون أن تترك انعكاسات نفسية على الطفل على المدى البعيد والقريب.. فضلاً عن استخدامهم في النزاعات المسلحة الدائرة في رداع وهذه مشكلة أكبر تواجهها الطفولة.

وبحسب المصادر فإن الوضع التعليمي متوقف تماماً فقد أعلنت جامعة البيضاء تعليق الدراسة في كليات رداع فيما بعض المدارس أغلقت أبوابها خوفاً على الطلاب..

كما أن بعض المدارس يتمترس فيها المسلحون الحوثيون مثل مدرسة ٧ يوليو الأساسية للبنين ومدرسة الثورة للبنات بعض أطراف النزاع المسلح في رداع ويقومون بتخزينها بالأسلحة.

وتعيش رداع وضعاً صحياً مأساوياً, فالمديريات السبع تكاد تعتمد على المرفقات الصحية الحكومية والخاصة في المدينة التي تتواجد فيها الاشتباكات المسلحة.

حيث أن 250ألف مواطن في هذه المنطقة يعتمدون على المستشفى المركزي برداع وبسبب الأحداث فهو شبه مغلق, ولم يستطع يستقبل إلا حالات قليلة.. كما أن المستشفيات الخاصة تمتنع عن استقبال ضحايا الأحداث خوفاً على ممتلكاتها من الأطراف المتصارعة.

وفي مديرية قيفة تزداد الخطورة اكبر على المواطنين حيث لا يوجد فيها خدمة صحية تستطيع استيعاب ضحايا الأحداث وتلك المتوقعة خلال الأيام القادمة حيث لا يتواجد بها سوى مستشفى خاص صغير و مراكز صحية حكومية تفتقد إلى كل شيء من الدواء إلى الكادر و التجهيز..

وأكد شهود عيان بمناطق قيفة رداع سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين معظمهم نساء وأطفال جراء القصف العشوائي للطيران الأمريكي والطيران اليمني وراجمات الصواريخ ومدافع الهون على قرى المناسح وحمة صرار, وسيلة الجراح والصبول وما جاورها منذ صباح السبت. جثث النساء والأطفال ملقاة في الشوارع والطرقات.

واطلق العديد من النشطاء والحقوقيين في مدينة رداع بمحافظة البيضاء نداءات استغاثة للمنظمات الإنسانية والحقوقية المحلية والدولية والجمعيات الخيرية لإغاثة النازحين وإنقاذ الضحايا نتيجة الضربات الجوية من الطيران الأميركي واليمني.

وأفادت مصادر محلية أن عشرات المدنيين بينهم أطفال ونساء سقطوا ضحايا في الغارات التي شنها الطيران الأميركي واليمني على عدة مناطق في قيفة وقصف المدافع والدبابات والصواريخ من الحوثيين وقوات الجيش وأن عشرات الجثث للمدنيين بينهم أطفال ونساء لا تزال متناثرة في الجبال والوديان ولم يتمكن احد من انتشالها أو إنقاذ الجرحى.

حياة بين رصاصتين

إنهم لا يستدعون النوم ليريحهم, بقدر ما ينتظرون الموت أن يتخطف أرواحهم في أية لحظة.. هذا هو حال سكان محافظة البيضاء.. حيث أجواء المواجهات والاقتتال يصبغ الحياة بطعم الدم ورائحة البارود.. كوصف للمشهد الذي تعيشه مناطق الصراع على وقع لعلعات الرصاص ودوي القذائف والانفجارات, التي تحول هدوء الليل إلى فوضى وكابوس مزعج..

يعيش نازحو مناطق الاشتباكات بقيفة/رداع بمحافظة البيضاء ظروفاً إنسانية صعبة بسبب غياب المساعدات، سواءً من قِبل الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية، وتجاهل وسائل الإعلام لهذه القضية.

يؤكد الشيخ علي صالح أبو صريمة- رئيس تحالف قبائل إقليم سبأ- أن مسلحي جماعة الحوثي يقومون بقصف المناطق التي حاولوا دخولها بالمدافع الثقيلة والسلاح المتطور مستهدفين المنازل والأسر والنساء والأطفال في قرية خبزة .

وقال: هناك قوة تابعة للدولة تشارك الحوثيين بالفعل وبالرضى، من المعسكرات والحرس الجمهوري يشاركهم والدولة راضيةً لهم بهذه الأفعال غير الإنسانية والإجرامية، بقصف المنازل والنساء والأطفال ممَّا جعل الأسر تنزح إلى الشِّعاب والكهوف.

مؤكداً أنه أمام هذا القصف العنيف والإجرامي والعشوائي اُضطرت جميع أُسَر قرية خبزة كلها نساؤها وأطفالها إلى النزوح؛ حيث نزحت أكثر من "150" أسرة، نزحوا إلى الشعاب والكهوف في هذا البرد.. داعياً الدولة إلى أن تكُفَّ أذاهم عن أبناء قرية خبزة فقط لا أن تتحمل مسؤوليتها في حماية أبناء قيفة وقرية خبزة من إجرام الحوثيين.

ووصف ما تقوم به مليشيات الحوثي عمل إجرامي وغير إنساني، أين المنظمات الحقوقية؟ هل يعتبرون هذا عملاً إنسانياً؟، هل تدمير المنازل وقصف النساء والأطفال وتشريدهم، هذا العمل سيجعل أو سيضطر القبائل لأن يكونوا في غير ما يريدونه؟.

واضطرت عشرات الأسر إلى النزوح من منازلها وقراها في مناطق "قيفه" بالمحافظة إثر المواجهات الدائرة منذ أكثر من شهر بين تنظيم القاعدة والقبائل من جهة، والحوثيين من جهة أخرى.

وتشير مصادر محلية إن ما بين سبعمائة وألف أسرة على الأقل نزحت من مناطق المواجهات في قرى العقلة والسلامنة وبني علي والمناسح السفلى والجراح، بعد أن تعرضت منازلها للتدمير الكلي أو الجزئي إثر قصف الطيران اليمني والأميركي ومعسكرات الجيش للقرى.

وأفادت أن أغلب هذه الأسر تقيم لدى أقاربها في قرى مجاورة، مثل الحميضة وجبرة دار النجد، والبعض يسكن في كهوف الجبال، وجميعها تفتقر إلى المواد الغذائية والملابس الشتوية والخيام.

ويشكو السكان من غياب التدخل الحكومي وتجاهل معاناة النازحين في ظل تزايد أعدادهم مع استمرار المواجهات وعدم تناول قضيتهم في وسائل الإعلام المحلية.

وفي إحصاء لمتطوعين عن أحدث دفعة للنازحين من قرية خبزة فقط -تدور فيها مواجهات عنيفة بلغ عددهم مائة أسرة تضم 147 من الذكور و163 من الإناث و460 طفلا..

وتبين أن هؤلاء النازحين توزعوا على مناطق متفرقة منها "الأجروف والشقيق والنجد وصرار ودار النجد وجوار مدينة رداع"، مؤكداً حاجتهم للأغطية والملابس الشتوية بسبب البرد القارس، خاصة لمن يسكنون كهوف الجبال، إلى جانب حليب الأطفال والمواد الغذائية عموماً.

ويدعو ناشطون الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية إلى سرعة التحرك لتقديم الاحتياجات اللازمة من المواد الغذائية والمستلزمات الخاصة بمواجهة فصل الشتاء للنازحين.

ويفيد مواطنون أن السلطات الرسمية تتجاهل هؤلاء النازحين، فهي لم تكلف أياً من مسؤوليها بزيارة أماكنهم بخلاف حروب سابقة تدخلت خلالها بشكل محدود.

وناشدت أسرة أحد الأطفال بمدينة رداع وسط اليمن منظمات المجتمع الإنساني الطبية بسرعة مساعدتها لنقل أحد أبنائه المصاب بشظية في الرأس.

وأشارت إلى أن الطفل البالغ من العمر 15 عاماً أصيب بشظية هاون في الرأس أصيب بها أثناء قصف الحوثيين لقرية خبزة وأنه يرقد حالياً في منزله لعدم استطاعة الأسرة نقله خوفاً من تدهور حالته.

وتعيش منطقة رداع حالة إنسانية صعبة خاصة مع تزايد نزوح أهالي القرى بسبب الاشتباكات الدائرة في المنطقة بعد محاولات مليشيات الحوثي السيطرة على القرى. وكشفت تقارير إعلامية عن معاناة النازحين في ظل غياب واضح للمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية في الصراع الدائر بالمنطقة.

وقالت جهات معنية "إن الوضع الإنساني يزداد تعقيدا مع مرور الوقت في ظل احتدام المواجهات وطول أمدها وارتفاع أعداد النازحين المقدرين بمئات الأسر". وإن تعقيد المشكلة يكمن في عدم وجود أي مساعدات من الحكومة أو المنظمات الإنسانية وغياب مخيمات للإيواء عدا كهوف الجبال أو البقاء لدى الأقارب.

في المقابل، عزّا مسؤول بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالعاصمة صنعاء، عدم تدخلهم في رداع, إلى المخاوف من الأوضاع الأمنية التي تحول دون تحركهم بسهولة. وتمنى المسؤول -الذي فضّل عدم ذكر اسمه- تعاون الجهات المحلية اليمنية معهم لمساعدة النازحين في مناطق الصراعات.

وجع التشرد في الكهوف

صورة لوجع يمني آخر تسببت به حروب جماعات العنف والإرهاب في قيفة رداع , إلى الكهوف في الجبال تلجأ الأسر هرباً من جحيم الحرب علها تجد فيها ملاذاً آمناً ,لكنها لم تجد قطرة ماء تروي بها عطشها.. هنا أمٌ تبحث عن كسرة خبز وكهف يأويها من بطش مدافع الحوثي ومعسكرات الجيش وقصف الطيران الأمريكي.

امرأة وحيدة، نزحت من منزلها في مناطق المواجهات بين الحوثيين والقاعدة في "رداع".، وسكنت في كهف.

وهناك عشرات الأسر في رداع نزحت، بل هناك قرى بأكملها، غادر أطفالها ونساؤها منازلهم، والمنظمات الإنسانية تخشى "رداع" بسبب انعدام الأمن فيها. لذلك لا تصلها أي مساعدات، بما في ذلك الطبية.

يقول أحد السكان إن الحالة الإنسانية بائسة بل حرجة للغاية، مبدياً استعداده للمنظمات التي يمكنها أن تقدم مساعدات بتأمين حماية قبلية "محايدة" لها، أو القيام بما يلزم نيابة عنها لإيصال المساعدات.

يصرخ ناشطون: يا عبدالملك الحوثي هؤلاء مشردون بين الجبال والوديان في رداع والسبب أنت، بعد أن أصبحت وكيلاً حصرياً للأمريكان ودول الإقليم لقتل أبناء شعبك وتشريدهم.

في ظل العدوان الحوثي المستمر على محافظة البيضاء شُردت الكثير من الُأسر والبعض كان ضحية للقصف الأمريكي الحوثي المشترك.

وتداول ناشطون وحقوقيون، صوراً تظهر مدى المعاناة التي يلاقيها النازحون من أبناء رداع بمحافظة البيضاء, أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ.

وتظهر الصور نساءً وأطفالاً في كهوف بإحدى جبال المديرية، أصبحت مأوى لهم، بعد أن شرّدتهم الحرب التي يخوضها رجال القبائل مع جماعة الحوثي المسلحة.

ويثير الوضع المأساوي للنازحين المشردين تساؤلات عن دور المنظمات الدولية والمحلية، وما يمكن أن تقوم به لهؤلاء، في الوقت الذي تخلى كل شيء عنهم.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد