حقائق مفزعة عن التعليم والمياه والصحة في اليمن

2014-10-19 08:57:25 خاص/ الاقتصادي

قال تقرير خاص بوضع الأطفال في اليمن، أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ومنظمة اليونيسيف، ودُشن في 17 يونيو الماضي، إن التعليم في اليمن حق إلزامي، ومسؤولية الدولة ، مشيراً إلى أن هناك واجبات إضافية للدولة تتضمن أن يكون التعليم الابتدائي مجانياً، ويتم توفيره على أساس تكافؤ الفرص، والمساواة بين جميع المواطنين، ولفت إلى أن الحكومة اليمنية اعتمدت عدداً من الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة التي تسعى إلى تحسين مستوى تنفيذ الضمانات القانونية لتحقيق التعليم الأساسي للجميع، وسد الفجوة بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم، وتحسين جودته، إلى جانب اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار، وإعداد استراتيجية وطنية لتنمية الطفولة المبكرة.

وأوضح التقرير أنه لا يوجد لدى اليونسكو بيانات مماثلة حول الاتجاهات السنوية في ما يتعلق بنفقات التعليم. وتشير البيانات إلى أن اليمن تأتي فوق المعدلات المتوسطة بالنسبة للبلدان المماثلة لها في الناتج القومي الإجمالي، ولكن المعدلات تأتي أقل من المتوسط كنسبة من الإنفاق الحكومي. ونوه التقرير إلى أن ارتفاع حصة ميزانية التعليم من 13% عام 2008 إلى 19% في 2011، يرجع إلى قيام الحكومة بحماية ميزانية التعليم من التأثر بالانخفاضات في الإنفاق الحكومي الناتجة عن الانكماش الاقتصادي وانخفاض أموال المانحين الخارجيين. على أن المساعدات المباشرة للتعليم انخفضت بشكل حاد بين عامي 2009 و2010، من 107 ملايين دولار إلى 82 مليوناً، وقابلها انخفاض في تمويل التعليم الأساسي من 63 مليون دولار إلى 53 مليوناً.

وحسب التقرير على الرغم من أن اليمن تحقق مستويات مقبولة من الإنفاق على التعليم، فإن ذلك يترافق على بيئة مادية متدنية المستوى في المدارس، ومع مخرجات تعليم ضعيفة للغاية بالنسبة للأطفال، ما يشير إلى أن اليمن تستقطع عوائد منخفضة للغاية للاستثمار في التعليم، حسب التقرير الذي يلاحظ أن أحداث عام 2011 مثلت نكسة للتعليم الأساسي في اليمن، حيث بدأ العام الدراسي في سبتمبر وأكثر من 150 مدرسة محتلة؛ إما من القوات المسلحة (34 مدرسة في صنعاء)، أو استخدامها لإيواء النازحين داخلياً (76 مدرسة في عدن، و43 مدرسة في أبين)، وظل الوصول إلى بعض المدارس غير ممكن، حيث ظلت مغلقة بسبب المخاوف الأمنية، ما أثر على 100.000 طفل.

ولاحظ التقرير أن التعليم قبل الأساسي يغطي أقل من 1% من الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، ويكون مقابل دفع رسوم، ومقتصراً على المناطق الحضرية. وتفيد البيانات أن معدل الالتحاق الصافي في التعليم الأساسي لا يزال منخفضاً (78% لعام 2010/2011) على تدني المساواة بين الجنسين (0.81 نسبة الإناث للذكور)، مشيراً إلى أن 21% من الأطفال في الفئة العمرية 6-14 سنة، غير ملتحقين بالمدارس. وتمثل هذه النسبة نحو 1.14 مليون طفل، منهم 69% من الفتيات. وتعتبر اليمن -حسب التقرير- غير قادرة على تحقيق أي من أهداف التعليم للجميع، مع عدم المساواة، كونه عائقاً رئيسياً في تحسين الأداء. وتبلغ نسبة المعلمات 29.5% فقط، وتبلغ نسبتهن في المدارس الخاصة 77.3%.
المياه والصرف الصحي والنظافة

وقال التقرير: تعد المياه والصرف الصحي، أكثر التحديات الخطيرة التي تواجه التنمية في اليمن، ويقول التقرير إنه من غير المحتمل أن تتمكن اليمن من تحقيق أهدافها في مجال المياه والصرف الصحي في إطار الأهداف الإنمائية للألفية؛ حيث إن التقدم نحو تحقيق الأهداف المتعلقة بالصرف الصحي، غير كافٍ، كما تراجع التقدم نحو تحقيق الأهداف المتعلقة بالمياه.

وتقر الحكومة اليمنية بأنه خلال الفترة الانتقالية تعتبر إدارة المياه واحدة من 3 قضايا معقدة تتطلب استجابة فورية، إلى جانب النمو السكاني ومعضلة القات. وتتعرض موارد المياه للاستنزاف بسرعة، حيث أن الاستهلاك السنوي للمياه يتجاوز التغذية بـ0.9 مليار متر مكعب، خصوصاً أنه من مجموع 15 حوضاً للمياه الجوفية في البلاد، هناك 2 فقط مكتفيان ذاتياً.

ووفقاً للتقرير يشكل استخدام المياه للأغراض المنزلية حصة صغيرة، وربما متراجعة من إجمالي استخدامات المياه، مما يؤدي إلى تعرض الأطفال على نحو متزايد للأمراض التي تهدد الحياة، وتذهب فقط 8% من كمية استهلاك المياه في اليمن للأغراض الخدمية، وتتضمن الاستهلاك المنزلي، مقابل 48% من المياه تستهلك في إنتاج القات. وبلغ الوصول إلى مصادر محسنة لمياه الشرب 55% في 2011، متراجعاً من 66% عام 1990. ويبلغ معدل الاستهلاك اليومي للمياه 29 لتراً فقط للشخص الواحد، ما يشير إلى أن 1.5 مليون طفل على الأقل يبلغون أقل من الحد الأدنى لمعايير استهلاك المياه، فيما أقل من 8% من الأسر تقوم بمعالجة المياه بشكل صحيح، أكانت من مصدر محسن أو لم تكن.

وبيَّن التقرير أن مستوى الإمداد بالمياه إلى المنازل تحسن من 12% في 1990، إلى 26% عام 2011، وأن هناك 29% من الأسر تقضي على الأقل 30 دقيقة سيراً على الأقدام لجلب الماء، مرجحاً أن ذلك يفرض أعباء ثقيلة على ما لا يقل عن مليون فتاة وامرأة في جلب الماء.

يعاني الصرف الصحي من أوضاع صعبة، ويتضمن ذلك وجود فجوة مؤسسية خطيرة في مجال الصرف الصحي في المناطق الريفية، بما في ذلك المدارس.

وأشار التقرير إلى أن 53% من الأسر قامت بتحسين مرافق الصرف الصحي بحلول عام 2011، لكن لا يزال التغوط في العراء تمارسه 20% من الأسر، كما أن 47% من المدارس بنيت دون مرافق مياه وصرف صحي.

وقال: في ظل غياب قيادة سياسية وطنية قوية، تصاحبها تدابير متعلقة بالسياسات العامة، فإنه سيتم ممارسة اثنين من الضغوط الأولية عبر إحداث المزيد من التخفيض على حصة المياه المخصصة للاستهلاك البشري، ومواصلة الحد من استخدام المياه لأغراض النظافة مثل غسل اليدين, مضيفاً: أن الحاجة تستدعي زيادة حصص المياه المنزلية، لاسيما في ضوء انخفاض معدلات استهلاك الفرد من المياه.
التغذية

وفي جانب التغذية، ذكر التقرير أن اليمن تمتلك سجل متابعة ضعيفاً جداً، وهو ما يعد أحد مصادر القصور الرئيسة في وضع أولويات تغذية الأم والطفل ضمن التخطيط الصحي الوطني، ويعزو ذلك إلى آثار المشاكل الهيكلية المترسخة، مثل انعدام الأمن الغذائي، ونقص فرص الوصول إلى المياه النظيفة والمرافق الصحية الملائمة، والفقر، بالإضافة إلى ضرورة تغيير السلوكيات في بعض المجالات، مثل ممارسات تغذية الرضع والأطفال الصغار، وممارسة الرعاية الصحية.

وأكد التقرير أن الحالة التغذوية للسكان تعتبر أحد المؤشرات الأساسية للهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، الذي يسعى إلى خفض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع إلى النصف ما بين عامي 1990 و2015، والمؤشر الرئيس المحدد لذلك هو نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن إلى إجمالي الأطفال تحت سن الـ5. مبيناً أن البيانات العالمية الحالية تشير إلى أن "اليمن تمتلك ثاني أسوأ معدل للأطفال الذين يعانون من نقص الوزن المتوسط والشديد في العالم، وذلك بنسبة 43% من السكان تحت سن 5 سنوات، غير أن معدل نقص الوزن الشديد في اليمن يعتبر الأعلى في العالم، وهو 19%، ما يعني أن واحداً من كل 5 أطفال صغار السن في اليمن، يعاني من نقص الوزن الشديد".

وتشكل معدلات التقزم في اليمن التي تعتبر ثاني أكبر نسبة من الأطفال المصابين بالتقزم، ومقدارها 58% عام 2010؛ مصدر قلق بشكل خاص، حيث إن لها آثاراً طويلة الأجل خلال السنوات الدراسية، وحتى سن البلوغ.

وإحدى العقبات أمام معالجة وتحسين مستويات التغذية في اليمن، حسب التقرير، هي أن التغذية لم تؤخذ بعين الاعتبار ضمن مكونات الرعاية الصحية في الماضي، ولم تشر الاستراتيجية الوطنية للصحة (2010-2025)، ولا الخطة الاستراتيجية الثالثة للصحة، إلى تغذية الأطفال بشكل صريح وواضح.

ويشير التقرير إلى أنه من الممكن أن يسبب سوء التغذية الوفاة، وذلك باقترانه مع الأمراض المعدية، حيث إنه إن لم يكن هنا سوء في التغذية، فلن تكون هناك أية وفيات، حسب تعبيره. كما أنه من الممكن أن يتخذ سوء التغذية أشكالاً تتمثل في المدخلات الغذائية غير المتوازنة أو الناقصة أو الزائدة عن الحاجة.

وتمتلك اليمن أدنى المعدلات في ممارسات تغذية الرضع على مستوى المنطقة، حيث تبلغ نسبة بدء الرضاعة الطبيعية في وقت مبكر، 30%، وتبلغ نسبة الرضاعة الطبيعية الخالصة في الأشهر الـ6 الأولى، 10-12%. ويلاحظ التقرير أنه بين عامي 2009 و2011، زادت نسبة الأسر اليمنية التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، من 32% إلى 45%، وتقريباً تضاعفت نسبة انعدام الأمن الغذائي الشديد، إذ ارتفعت من 12% إلى 22%، وبلغت في المناطق الريفية 27%، وأن 5% من الأسر تستهلك الملح المدعم جيداً باليود. كما أن متوسط إنفاق الأسرة على الفواكه والخضروات والبقول ومنتجات الألبان، يبلغ نسبة 8%، وهو نفس المتوسط للقات.

ويوصي التقرير بأن عملية التخطيط في مجال التغذية تحتاج إلى نهج متعدد التخصصات للتخفيف من نقص التغذية، وأن جميع ممارسات تغذية الأطفال الرضع وصغار الأطفال، والبدء المبكر بالرضاعة، والاقتصار على الرضاعة الطبيعية، تحتاج إلى استجابات سريعة. كما أن هناك حاجة للتوسع المستدام في توفير المغذيات التكميلية الدقيقة، خصوصاً للسناء وصغار الأطفال.

ويقول إن الوضع السيئ للمواليد وبقاءهم على قيد الحياة والفرص الموجودة لضمان النتائج، بحاجة إلى أن يتم فهمها في السياق الخاص باليمن التي تأتي كعاشر بلد متلقٍّ للمساعدات في مجال توفير الرعاية للأطفال حديثي الولادة، التي تمثل 20% من المساعدة النقدية الرسمية لليمن، وبمتوسط 9 دولارات لكل مولود في البلد.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد