إب.. منكوبة بعضات الكلاب

2013-09-02 17:27:54 • تقرير خاص


منذ يونيو الماضي ووحدة مكافحة داء الكلب بمحافطة إب تفتقر للقاحات والأمصال الخاصة بالداء، الأمر الذي يجعل الوحدة عاجزة عن القيام بعملها تجاه الوافدين إليها وقد طالتهم عضات الكلاب، عدا تقديم الإسعافات الأولية، فيما تواجه إب وقوع كارثة بسبب انتشار الكلاب الضالة وافتقار وحدات المكافحة للقاحات، مالم تتدارك وزارة الصحة والجهات الصحية الأمر.

تقول خديجة البعداني وهي اختصاصية في وحدة داء الكلب بإب في اتصال هاتفي لـ "أخبار اليوم" إن الوحدة تستقبل كل يوم من 20 إلى 30 حالة عض, لكن افتقار الوحدة للقاحات والأمصال يجعلها تشعر بخيبة امل تجاه الحالات خصوصاً الحالات التي ترى انه من أعراضها الأولى قد أصيبت بالسعار.
" أشعر كثيراً بألم تجاه المرضى واعجز عن تقديم المساعدة لهم".. قالت خديجة مؤكدة أن الوحدة منذ يناير مطلع العام الجاري تلقت فقط 224 أنبولة لقاح و100 مصل ما يمثل 2100 جرعة، لكنها لم تفِ بالغرض وتغطي فقط قرابة 10% من المشكلة حيث نفدت مع مطلع يونيو الماضي.
وتداوم البعداني في وحدة المكافحة على مدار الأسبوع حتى في الإجازات، وتقول:" لا استطيع أن ابقى في البيت والحالات تتوافد إلى الوحدة بهذا الشكل؛ صحيح إنني لا استطيع تقديم اللازم لهم بسبب اللقاحات غير المتوفرة وهذا يجعلني أحزن، لكنه جزء من عملي الإنساني".
وأوضحت أن الكثير من المرضى يتوجهون إلى الصيدليات لشراء اللقاح لكنه للأسف لا يتوفر أيضاً حتى في الصيدليات إلا في النادر وغالبا ما يكون مهرباً وغير ذا جدوى منه، والكثير أيضاً بسبب الظروف المادية الصعبة لا يستطيعون شراء اللقاح من الصيدلية وهو الأمر الذي يجعل مخاطر الحالات في تفاقم مستمر، مشيرة إلى أنه خلال الأيام الماضية وصلت إلى الوحدة خمس حالات من أسرة واحدة أصابتها عضة حمار مسعور لأنه توفى, أن عائلهم لم يستطع توفير اللقاح من الصيدلية بسبب حالته المادية, ناهيك عن عدم توفر اللقاحات في الوحدة.
وفيما تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن هناك قرابة 3000 حالة طالتها عضات الكلاب في محافظة اب خلال الفترة الماضية، تؤكد اختصاصية داء الكلب أن هناك 1500 وصلت للوحدة طالتها عضات الكلاب خلال الفترة الماضية من العام الجاري 2013 بينها 15 حالات مصابة بداء الكلب "السعار"، مشيرة إلى أن هناك 12 حالة وفاة بنفس الداء.
وتنتشر الكلاب الضالة بمحافظة بشكل كبير يثير الخوف والفزع لمجرد المرور في الشوارع ناهيك عن الأحياء والأزقة ويزداد الأمر سوءاً خصوصا في الأرياف, حيث لا يدرك المواطنون هناك مخاطر وعواقب عضات الكلاب أو أي من الحيوانات الأليفة التي قد تطالها عضات الكلاب كالحمير والقطط وبالتالي تصبح مخاطرها في تزايد مستمر، الأمر الذي يحد من وصول العديد من الحالات إلى وحدات المكافحة لتلقي اللقاحات.
تقول البعداني إن الجهل وعدم الوعي في القرى احد أسباب انتشار الكلاب الضالة وعدم التنبه لخطورة عضاتها، مشيرة إلى انه ربما تكون العديد من حالات الوفاة بسبب هذا الداء لكنها لم تصل إلى الوحدة، وانه اذا حدث وان وصلت حالات عض فإنها تصل إلى الوحدة بعد فوات الأوان حيث لا يجدي اللقاح وحينها يكون الفيروس قد أصاب الدماغ والجهاز العصبي الأمر الذي يجعل امر السيطرة عليه بالغ الصعوبة وأصبحت الحالة "ميؤوس منها".
وحملت البعداني وزارة الصحة المسؤولية وهو الأمر الذي يجعل البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب وزارة الصحة يقف في الواجهة في تحمل المسؤولية بسبب عدم توفيره اللقاحات اللازمة للداء في كافة وحدات المكافحة خصوصا الوحدات التي تقع في محافظات موبوءة بالكلاب الضالة.
كما حمّلت أيضا المحافظ والمجلس المحلي وصندوق النظافة ومكتب الأشغال ووزارة الصحة ارتفاع أعداد المصابين بسبب إهمالها تنفيذ حملات مكافحة الكلاب الضالة.
إب ليست وحدها
وبحسب التقارير الرسمية، ليست إب وحدها التي تعاني من انتشار الكلاب الضالة لكنها تتصدر غيرها من المحافظات، حيث تتواجد الكلاب الضالة أيضاً بكثافة في: "أمانة العاصمة ثم ذمار وإب وتعز وعمران ومحافظة الحديدة".
فمثلاً خلال العامين الماضيين تزايد أعداد الكلاب بصورة مهولة في الشوارع والأزقة والطرق الخلفية في العاصمة صنعاء، ناهيك عن بقية المحافظات دون أن يكون هناك توجه جاد للمكافحة ما عدا محاولات خجولة يقوم بها مشروع النظافة بأمانة العاصمة، وهو ما أصبح مصدر قلق وخوف لدى الناس من هجوم تلك الكلاب المنتشرة بشكل جماعات منظمة.
يقول محمد الذي يصل إلى منزله في وقت متأخر من كل ليلة بعد أن ينتهي من عمله أن أكثر ما يقلقه وهو عائد هو انتشار الكلاب بشكل مخيف فجوار بيته يتجمع أكثر من عشرة كلاب واحياناً اكثر بشكل يومي.
وأردف: "أشوف رعب عندما أراهم واسمع نباحهم الجماعي"..
حملة بلا جدوى
وفي مايو الماضي جهزت أمانة العاصمة 80 عاملا تم توزيعهم على عشرين فرقة عمل وتزويدهم بكافة المعدات الوقائية والتجهيزات الفنية لمواجهة الكلاب ضالة التي تؤرق السكان وبثت المخاوف لديهم, لا سيما طلاب المدارس الذين يغادرون باكراً ويجدون انفسهم بمواجهة غير عادلة مع حيوانات شرسة، وبحسب تصريحات رسمية فإنه تم اعتماد 20 مليون ريال لهذه المعركة مهمتها القضاء على الكلاب الضالة.
إلا انه وبعد الانتهاء من هذه الحملة لم يتم الإعلان عن أي رقم محدد حول الكلاب الذي تم إبادتهم والتخلص منهم، فيما يؤكد محمد أن الكلاب في حيه ما يزالون هم نفسهم ولم يتغيروا, لكن أعدادهم ازدادت قليلاً.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن هناك ما يربو عن 40 ألف كلب ضال متشرد يتجولون في العاصمة فقط، فيما يؤكد مراقبون أن هذا الرقم غير دقيق وان عدد الكلاب اكثر من ذلك.
فيما تشير إحصاءات سابقة لوزارة الصحة اليمنية إلى أن هناك ما يزيد عن مليون كلب ضال منتشرة في عموم محافظات الجمهورية وإن نسبة من 10 ـ 20% فقط من هذا الرقم المهول هي نسبة الكلاب المملوكة في المنازل.
وتظهر هذه الأرقام مدى تزايد حجم المخاطر التي تهدد المواطنين، خصوصاً الأطفال وهم يلعبون في الحواري والأزقة، حيث ما تزال تلك المجاميع للكلاب الشاردة تؤكد تواجدها بكل عزيمة.
يقول المواطن محمد حسام القدسي الذي يسكن حارة المطرحية بحي مذبح بصنعاء بأنه يعاني الكثير جراء استمرار تكاثر الكلاب وانتشارها في حيه، خصوصاً وقت الفجر أثناء ذهابه للصلاة في المسجد.
"أصبحت أخشى على أبنائي من نهش هذه الكلاب لهم"، قال القدسي مبدياً استياءه من صمت الجهات الرسمية، وأردف: "عضة كلب ربما تؤدي إلى الوفاة".
تعقب بالرصاص
وفي مارس الماضي أثارت قوات الأمن والشرطة الرعب أوساط المواطنين في محافظة عدن بأحياء عدة بمديرية المنصورة حيث قاموا بمطاردة عشرات الكلاب والقطط واطلقوا النار بكثافة على كل كلب يصادفهم، وهو الأمر الذي عده مراقبون طريقة خاطئة لقتل الكلاب والتخلص منها حيث أن هذه العملية يجب أن تتم بأسلوب صحي وغير ضار بالبيئة عن طريق الضرب بمسدسات الحقن المخدرة واخذ الكلاب إلى مكان خاص للتخلص منها.

55 ألف شخص يموتون سنوياً
تقول منظمة الصحة العالمية إن 55 ألف شخص يموتون سنوياً بداء الكلب والسعار بمعدل شخص واحد يتوفى كل عشر دقائق، في الوقت الذي تشير برنامج مكافحة داء الكلب بوزارة الصحة إلى أن عدد المصابين الذين أعطيت لهم اللقاحات منذ بداية العام الجاري 2013 هم 20 ألف مواطن مقابل 25 ألف مواطن أصيب بهذا الداء خلال العام 2012م و 23 ألف إصابة خلال 2011م .
إلا أن هذا الرقم يبدو غير دقيق إلى حد ما، فهناك العديد من الحالات لم تصل إلى وحدات المكافحة وربما توفت خارج إطار الرصد الرسمي، بسبب عدم الاهتمام بالتوعية ونشر الوعي بين الناس، خصوصاً في الأرياف بمخاطر هذا الداء وضرورة متابعة الكلاب المنزلية والشاردة.

ندوه بلال لم تتجاوز السابعة من العمر من أبناء مديرية المخادر بإب مصابة بداء الكلب


مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب بوزارة الصحة:
ما نزال في انتظار7 آلاف جرعة لكنها لن تفِ بالغرض


كشف مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب بوزارة الصحة العامة الدكتور أحمد الورد عن انتهاء اللقاحات الخاصة بداء الكلب وأن البرنامج يعاني منذ أيام من عدم وجود الجرعات مقابل ارتفاع البلاغات الواردة عن انتشار هذا الفيروس القاتل من جميع المحافظات.
وبحسب بلاغ لمؤسسة التوعية والإعلام الصحي تلقت الصحيفة نسخة منه، قال الورد: " إن البرنامج لايزال بانتظار وصول قرابة (7) ألف جرعة ولكنها لا تكفي للحد من هذه المشكلة".
وأضاف أن عدد المصابين الذين أعطيت لهم اللقاحات منذ بداية العام الجاري (20 ) ألف مواطن مقابل (25) ألف مواطن أصيب بهذا الداء خلال العام 2012م و(23) ألف إصابة خلال 2011م .
وحمّل مدير البرنامج وزارتي الأشغال العامة والزراعة أسباب ارتفاع أعداد المصابين سنوياَ بهذا المرض نظراَ لعدم تنفيذ حملات دورية ومستمرة للحد من انتشار الكلاب الضالة وترك القمامة التي تتغذى عليها الكلاب التي تتوالد كل (3) أشهر، إضافة إلى عدم توفير اللقاحات الخاصة بالكلاب المملوكة و كلاب الحراسة من قبّل وزارة الزراعة.
وأشار "الورد" إلى أن عدد المصابين يفوق الإحصائيات التي يعدها البرنامج نظراَ لضعف الوعي عند المواطنين في الأرياف وعدم الإبلاغ عن الإصابة أو الذهاب إلى الوحدات لتلقي الجرعات الخاصة بهذا الفيروس الذي ينتقل بعضة كلب ويؤدي حتماَ إلى موت الإنسان أو الحيوان المصاب.
وناشد مدير البرنامج وزير الصحة إلى التوجيه برفع الميزانية المخصصة منذ عشر سنوات لشراء اللقاحات والبالغة (56) مليون ريال سنوياَ والتي لا تغطي جزء من الاحتياجات لمواجهة هذه المشكلة الصحية.
وشدد مدير البرنامج الوطني التابع لوزارة الصحة على ضرورة مساهمة منظمات المجتمع المدني بنشر الوعي بأهمية أخذ اللقاحات ومواجهة هذا المرض بالتوجه إلى الوحدات الخاصة بمكافحة هذا الداء في العاصمة والمحافظات.
وتتمثل أعراض الإصابة بهذا المرض عند الإنسان بصداع وحمى وإحساس بألم وحكة شديدة مكان العضة وكذلك إحساس بالخوف من الماء وتشنج عضلات البلعوم وعدم القدرة على البلع وشلل ينتشر في الجسم ثم هذيان واختلالات تصيب الإنسان خلال (2-6) أيام وتحدث الوفاة عادة باختناق نتيجة شلل الجهاز التنفسي عند المصاب.
ومن جهتها دعت مؤسسة التوعية والإعلام الصحي وزارة الصحة العامة سرعة توفير اللقاحات الخاصة بمرض داء الكلب والعمل على مكافحة هذا الفيروس القاتل والذي ينتشر بكثرة في جميع المحافظات وفي مقدمتها محافظة إب.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد