المرأة الساحلية ببريقة عدن..

فصول التهميش وخيبة الأمل

2015-03-05 12:45:07 تقرير/ علي الصبيحي

 توحدن في التشبث بحلمهن, إلا أن حظهن العاثر قادهن لأن تتكسر أحلامهن على جدران الخذلان، وأن تنتهي كل تلك الليالي التي سهرنها يتوهمن أنهن قد صرن وأحلامهن شيئاً، ليجدن أنفسهن في الواقع أمام كابوس أسود جعل منهن نساء محطمات الأحلام يقتسمن معا خيبة الأمل، تلكم هي حقيقة المرأة الساحلية بمديرية البريقة منطقة “فقم” والتي عاشت سنوات من التهميش والحرمان تتهاوى فيها أحلامها سنة تلو الأخرى وهي تبحث عن إثبات وجودها في واقع لم تجد لها فيه موضعا حتى للأمنيات والأحلام.


في وقت ليس بالبعيد البعيد، سمعت المرأة الساحلية بمنطقة “فقم” مديرية البريقة من يتمتم بتوجهات للاهتمام بها مدعيا تأهيلها وتنميتها, فراحت تلكم المسكينة تنسج أحلامها بخيوط الوعود تلك، دون أن تدرك أن تلك المزاعم أوهن من خيوط العنكبوت، لاسيما وقد تم افتتاح ما عرف بمركز المرأة الساحلية في منطقة “فقم” بهدف إيجاد وسيلة مدرة للدخل تتمثل في المشغولات والحرف اليدوية تمكن المرأة الساحلية من تحسين أوضاعها المعيشية للتخفيف من حالة الفقر التي تعيشها في منطقة ساحلية يعتمد سكانها على صيد الأسماك فقط.

إلا أن المركز والذي جرى إعادة تأهيله مؤخرا بتمويل من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي تعثر لسنوات ولم يسلم حتى بعد الانتهاء من إعادة تأهيله من قبل منفذ المشروع (مشروع الأسماك الخامس) وظل المركز جسدا بلا روح إلى أن قام مؤخرا وزير الثروة السمكية/ فهد سالم كفاين بتسليم المركز رسميا إلى جمعية “فقم” لتنمية المرأة الساحلية لتتولى إدارته وتشغيله ابتداء من الثامن يناير للعام 2015م إلا أن ذلك لم يكن ليغير من واقع المركز شيئا في ظل التحديات العراقيل أمام الجمعية التي تسلمت مركزا خاويا على عروشه ولم يتبق منه سوى أطلال مفرغة المحتوى والمضمون.

قاهر الأحلام

تواجه جمعية “فقم” لتنمية المرأة الساحلية, سياسة التهميش واللامبالاة، بسبب تعدد المشاكل التي تقف عقبة أمامها وتعيق نشاطاتها. ويعتبر نقص الدعم والتمويل الإشكالية الرئيسية أمام هذه الجمعية إضافة إلى مشاكل كثيرة حسب تعبير رئيس جمعية “فقم” لتمنية المرأة الساحلية/ ابتسام علي البيحاني, التي أكدت معاناة الجمعية من مشاكل كثيرة صعبت من أداء المهام لتشغيل المركز الذي قالت إن الجمعية تسلمته مبنى فقط دون معدات ودون ميزانية تشغيلية.

وأضافت البيحاني: نحن جمعية أهلية نسوية تنموية توعوية مستقلة تعمل منذ سنوات دون مقر وهذا المبنى الذي نحن فيه حاليا خصص للمرأة الساحلية في عام 2000م واشتغل إلى عام 205م ومن ثم حدثت خلافات بين (مسؤول المركز ممثل وزارة الثروة السمكية د عمر صبيح الذي لم يسلم المشروع وقتها) وبين إدارة المركز واليوم بعد أن تسلمناه بلا دعم ـ وبلا ميزانية تشغيلية وبلا معدات نحاول بمجهود شخصي ـ أن نمد أيدينا إلى التجار والجهات الداعمة لنفعل نشاط المركز الذي هو مخصص للأشغال اليدوية ي ـ خياطة ـ محو الأمية ـ دورات تأهيل ـ حياكة.

مخلفات الفساد 

تؤكد رئيس جمعية “فقم” لتنمية المرأة الساحلية أن المركز بحاجة إلى معدات ـ وصيانة ـ أصول ـ ترميم ـ ـ دورات المياه ـ التي هي اليوم في أسوأ حال لا يستطيع المرء حتى النظر إليها من شدة نتن الروائح والأوساخ حسب تعبير رئيس الجمعية التي استنكرت تردي أحوال المركز جملة واصفة ما حل به بالمأساة الحقيقية خلفتها يد الفساد متهمة المشرف الأول عن المركز حينها والمسؤول عن كل ما جرى فيه متسائلة عن قاعة الأفراح التي قالت إنها اليوم مساحة فارغة من أبسط العناصر وهي التي بلغت تكلفتها 12 مليون ريال ؟ لافتة إلى أنه لو تم تجهيز قاعة الأفراح ستكون مصدر دخل يعود ريعه لصالح الجمعية والمركز وسيتم تسخيره للاحتياجات.

وأردفت بيحاني: يتحمل المسؤولية المسؤول عن المشروع الرابع وهو الذي عرقل عمل المركز بعد أن أفرغه من المعدات وعمل على تهميشه.

في حديثها عن دور المجلس المحلي لمديرية البريقة قالت ـ رئيس جمعية “فقم” المجالس المحلية: لم تقدم لنا أي نوع من أنواع الدعم ولا حتى معنوي هي غير مهتمة بل هي لا تكاد تعرف عن وجود مركز لدينا عضو محلي ليس بيده شيء يبذل مجهود لكن دون جدوى لا يستجاب له أما عاقل الحارة “فقم” ـ وقف بشدة ضد عمل الجمعية وسعى لعرقلة دعم المنظمات لنا.

وناشدت بيحاني مكتب الشؤون الاجتماعية ـ قائلة: نتمنى من أ ـ أيوب أبوبكر أن يدعم جمعية “فقم” التي تسلمت مركز المرأة الساحلية وأن يساهم في تأهيل المركز ورفع قدرته الفنية والإدارية وأدائه الإنتاجي وإنشاء مشاريع مدرة للدخل كما هو شأن بقية الجمعية والمراكز التي تحظى باهتمام ودعم مكتب الشؤون.

هموم

رندا سعيدـ إحدى النساء المتدربات- عبرت عن جملة من الهموم والمصاعب التي تقف عائقا أمام تنمية المرأة الساحلية مبدية رغبتها في تطوير المرأة الساحلية حسب تعبير رندا التي أوضحت بقولها: نريد أن نتدرب على الخياطة والأشغال اليدوية كالحياكة- ملابس- خزف ـ أدوات فخارية ـ لكي تكون مهنة مدرة للدخل وقد كنا استبشرنا خيرا بافتتاح هذا المركز إلا أن آمالنا تحطمت على جدران الحسرة والخذلان ـ اليوم جمعية “فقم” تسلمت المركز وهي جادة في تفعيل نشاطه إلا أنها أتت على وضع معقد لا يوجد أدوات ولا مبنى مجهز عندنا مكائن خياطة نصفها لا تعمل أكل منها الدهر وشرب.

من جانبهن تحدثن نسوة متدربات في مركز المرأة الساحلية “فقم” عما يعانينه جراء تهميش المركز وتعطيل نشاطه وأضفن:عندنا مكائن كهرباء دون مدرب ـ مكينة ( تريكو) خاصة بالصوف متوقفة منذ العام 2000م ـ لم يتم تركيبها لأنها بحاجة إلى مهندس مختص ـ حسب المدربة التي أكدت أنه لا يمكن أن تكون هناك خياطة بغيرها إضافة إلى حاجة المدربات أنفسهن إلى دورات تدريبية .منوهة إلى أن المرأة الساحلية في “فقم” في أمس الحاجة للتأهيل ولديها استعداد ليس في “فقم” بل عمران وصلاح الدين.

بقايا حطام

في إحدى حجرات مركز المرأة الساحلية “فقم” ـ يلفت انتباهك مجموعة من أجهزة الحاسوب المتناثرة الأجزاء ممتلئة بالأتربة بجانبها مجموعة من الأخشاب والألواح أوضحت لنا إدارة الجمعية أن تلك هي ما تبقى من أجهزة الحاسوب ومعدات الحياكة والتي كانت مكتملة عند افتتاح المركز.

 وجع السنين

كان ينظر إلينا بنظرات حزينة يملؤها الشقاء تحكي تفاصيله ملامحه البائسة وثيابه الرثة البالية وشعره المبعثر وفراشه الممزق إنه الحاج علي فتيني ـ حارس مبنى مركز المرأة الساحلية ـ يتقاضى مرتب 10 آلاف ريال قال إنه كان يتسلمها شهر و5 شهور لا تصل إلا أنه سلم أمره لله ولم يثنه الحال الذي هو عليه من القيام بواجبه في حراسة مبنى المركز شاكرا إدارة جمعية “فقم” على إحسانها إليه.

ليست في الحسبان

المسؤول الإعلامي لجمعية “فقم” لتمنية المرأة الساحلية/ علي معروف, تحدث من جهته عن غياب شروط العمل الملائم لتشجيع ورفع مستوى نشاط المركز وأكد معروف أن الجمعية لا تتلقى من دعم السلطات المعنية شيئا ولا توجد لها ميزانية تشغيلية لافتا إلى أن بقاء هذه الجمعية واستمرارها راجع إلى إرادة إدارتها وعزيمة المرأة الساحلية التي قال إنها رغم الصعوبات والعراقيل إلا أنها متمسكة بحقها عازمة على تطوير نفسها.

مهيار علي محمد ـ متطوع بمركز المرأة الساحلية ـ تساءل مستنكرا عن أسباب تهميش منطقة “فقم” من قبل قيادة محافظة عدن؟ وقال: أتمنى من محافظ عدن أن يزور “فقم”- فكل المحافظين السابقين لم يسبق لأحدهم أن زار المنطقة فقط يكتفون بزيارة مركز المديرية وكأن “فقم” ليست من ضمنها مع إنها منطقة ساحلية ومهمة ومهمشة ويعاني سكانها من الحرمان في شتى الخدمات.

إعادة الاعتبار

من جهتها طالبت الأخت برهان علي محمد ممثل المرأة الساحلية في مجلس إدارة الهيئة العامة للمصائد السمكية في خليج عدن ـ طالبت السلطات المحلية والمعنية ضرورة إعادة الاعتبار لمثل هذه الجمعية التي تهتم بالمرأة الساحلية وأن تمنحها الدعم والمساعدات المالية والمادية، خاصة وأن هذه الجمعية أثبتت مكانتها من خلال مشاركتها الفعالة، رغم نقص الإمكانيات المالية والمادية المخصصة والمشاكل إلا أنها تسعى إلى تحقيق أهدافها المنشودة المتمثلة في خلق مجالات تتيح للمرأة استغلال وصقل مواهبها وإعطائها فرص لتنمية قدراتها، وبالتالي إنقاذها لنفسها من السقوط في الظواهر الاجتماعية الخطيرة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد