مسرح الربيع في اليمن.. عن كتاب "مسرح شباب الربيع وما بعده في اليمن"

2015-02-03 14:31:04 للكاتب هايل المذابي

تبرز أهمية هذا الكتاب في أن مؤلفه هو الكاتب والناقد هايل المذابي وهو باحث رصين له إسهامات كثيرة في الكتابة عن المسرح توثيقا و نقدا و دراسة.. والكتاب- الذي بين أيدينا- هو آخر نتاجاته في هذا الشأن.. كتاب "مسرح شباب الربيع وما بعده في اليمن" دراسة نقدية بين فعل التثوير والتغيير ومسرح شباب الربيع وما بعده في اليمن " لهايل المذابي يقع في 74 صفحة الكترونية وصدر عن سلسلة حروف منثورة للنشر الإلكتروني , يناير 2015.

 يقوم الكتاب على عرض نظري ومن ثم التطبيق النقدي على نص مسرحي مطبوع يتناول الثورة والتغيير وهو مسرحية "ملامح شظايا" الفائزة بجائزة دبي الثقافية للعام 2011 للكاتب عبدالخالق سيف الجبري و النص – بحسب المذابي – أول عمل مسرحي يمني تعاطى دراميا مع موضوع الثورات العربية.

عبر الفصول العشرة للكتاب, يقدم المؤلف استعراضا فكريا للاتجاهات الأساسية في المسرح كفن ورؤية وإبداع, وهي تصورات صميمية تبلورت حول المسرح عبر تاريخه الطويل.

المسرح كونه فعل تطهير أم فعل تثوير وتغيير, بهذا التساؤل يتناول الكتاب المسرح الدرامي عند أرسطو والمسرح الملحمي عند بريخت بوصفها أطرا نظرية يقوم عليها فن المسرح. المسرح باعتباره فعلا والفعل يعني القدرة على تغيير أوضاع تؤثر في عالم الموجودات كون المسرح ليس إلا فعلا تغييريا يسعى إلى إثبات الذات وتحقيق الوجود.. ثم يطرح الكتاب سؤالا ما هي غاية الفعل, هل هي التطهير أم التثوير والتغيير؟ .. وللإجابة على هذا السؤال الصميمي في فلسفة الفنون المسرحية يطرح الكتاب كل مفهوم على حدة " التطهير " و " التثوير " و " التغيير " فأرسطو قدم نظرية " الكاترزيس" – التطهير - في كتابه " فن الشعر " والتي تفترض أن على المسرح أن يجعل المتلقي بالضرورة يتطهر من مخاوفه الحقيقية على الواقع بطريقة مقبولة فنيا وجميعها صور ومشاهد غير مقبولة البتة واقعيا, لكن المسرح يعالجها فنيا ويظهر المتلقي منها فنيا ولا يتحقق التطهر إلا بالمشاركة الإدراكية والوجدانية والحركية بين العمل المسرحي والمتلقي, فحين يعرض العمل المسرحي لا أخلاقيات وخطايا النفس البشرية فإنه يساعدنا على تجاوزها والتطهر منها على الواقع وتلك هي غاية المسرح بحسب نظرية " الكاترزيس " لأرسطو.

النظرية الثانية هي أطروحة المسرح الملحمي عند برشت, وهذه النظرية تستفيد من فكرة البطل الملحمي, حيث التغير مستمر في أفعال الشخصية الملحمية على غير البطل الدرامي الثابت الطباع وذلك ما يشكل فارقا واضحا في المعالجة المسرحية للأحداث والشخصيات وهكذا تختلف أسس ومنطلقات المسرح الدرامي عن نظيره الملحمي واللذان يستندان فلسفيا على فكرتين نقيضتين هما المثالية عند هيجل والتي تقول إن الفكر سابق للوجود وذلك ما يتبناه المسرح الدرامي وفي المقابل المادية عند ماركس التي تقول إن الوجود سابق للفكر وذلك اساس المسرح الملحمي.

بعد عرض نظريتي المسرح الدرامي التطهري والمسرح الملحمي التغييري واللتان تختلفان كثيرا فيما بينهما و تتفقان على فكرة أن المسرح فعل وليس مجرد سلوك, يصل الكاتب عبر طرح جدلي تركيبي إلى حقيقة أن التطهر والتغيير هما وجهان لعملة واحدة طالما انهما يحققان الارتقاء بالإنسان و تخليصه مما يخيفه أو يعيقه ويرى الكاتب أن النظريتين التقتا في المسرحية قيد الدراسة وأن الملحمي ما هو إلا امتداد للدرامي.

بعد وضع الاطار النظري, ينتقل الكاتب إلى قراءة مسرحية "ملامح شظايا" ليستقريها مضمونا وفنيا , فيعرض لجوانب من الحوار والشخصيات .ابتداء مع رمزية أسماء الشخصيات داخل المسرحية " رجل السلة " , "كاتلوج السيد الكبير " ليكشف ما وراءها من دلالات , فرجل السلة يحيل إلى كل ما يقولب المجتمع و يضعه في نمطية جامدة , " السيد الكبير " هو رمز لرجل الدين او للحاكم المستبد أما الشخصيات المغطاة فترمز للطليعة من المجتمع الذين يؤمنون بالحقوق و الحريات و كما يشير المذابي في دراسته فإن الأسماء داخل المسرحية ارتبطت جوهريا و موضوعيا بفكرة الثورة و التمرد و الرفض.

المسرحية ذات الخمسة مشاهد والتي يتناولها الكتاب كمثال تطبيقي لمسرح شباب الربيع العربي تقدم معالجة رمزية للواقع العربي و تدور أحداثها حول قصة "رجل السلة " وهو مؤلف مسرحي يسعى لإرضاء سيده الغامض عن طريق تقديم نصوص تقدمها مسرحيا شخصيات كثيرة تنتظر دورها في الظهور وهي تحت أغطية من القماش, والتي سرعان ما تثور على رجل السلة كاتب المسرحيات و مخرجها اذ تبدا الشخصيات بالخروج عن النص تحقيقا لذاتها و انتصارا لإنسانيتها المسلوبة ومع الوقت يتضح لرجل السلة أن كاتب الخاتمة لنصوصه المسرحية هو ضميره الذي خانه ليقف مع الشخصيات و تنتهي المسرحية بإحراق رجل السلة و سيده.

فكرة الكتالوج داخل المسرحية تشير إلى المرجعيات والتعميمات السابقة التي وجدنا انفسنا عليها في مختلف جوانب الحياة . انها تمثل مؤسسات الدين والدولة و التربية و الأسرة و العمل التي جعلت من الفرد عبدا خاضعا لها فأصابته بالاغتراب عن نفسه و عن واقعه و فرضت عليه نسقا مسبقا في السلوك و التفكير و الفعل و استفحلت هذه الحالة الاغترابية لتقود إلى التفكك الاجتماعي و اختلال القيم والتبعية و الطبقية و سلطوية الأنظمة و غياب الديمقراطية . و فكرة رفض التقليد أو الاتباع و الثورة عليها هي فكرة أصيلة في المسرحية فالثورة على القيم هي السبيل الوحيد لتغييرها .

الكتاب إضافة نوعية لمكتبة المسرح اليمني الذي لا يزال بحاجة إلى إثراء نقدي وبحثي يكشف عن الجماليات ويؤصل للرؤى والمعالجات الخلاقة.

///////////////////////////////////////////////

9 اسكتشات مسرحية خلال شهر 1 من عام 2015 تقدمها فرقة "طج" الفنية

أخبار اليوم/ متابعات

بعد أن تصدرت فرقة "طج" الفنية مقدمة الفرق الفنية لعام 2014م في اليمن وذلك حسب ما نشر في منتدى مجلة الفنون المسرحية والصحف المحلية .. تواصل عروضها الفنية للعام 2015 وتقدم خلال الشهر الأول من العام الجديد تسعة أسكتشات مسرحية في صنعاء وإب، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد إلا أنهم لم يتوقفوا عن نشاطاتهم الفنية. وقد ناقشت هذه العروض البسيطة الكثير من الأمور المهمة وخاصة أوضاع البلد وحالة التوهان والتخبط التي تمر بها، وحملت رسائل هادفة تدعوا كل الأطراف لتحكيم العقل والمنطق والتفكير ونبذ العنف والتطرف والطائفية والمناطقية ، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، كما تطرقت بعض الرسائل إلى التعليم وأهميته كون الجهل سبب رئيسي فيما يحدث .

تسعة أسكتشات- خلال الشهر الأول من العام 2015م- أهم من شاركوا في التمثيل فيها هم: طاهر الزهيري وجلال الدعري ومحمد أبوبكر وزيد الخير اليافعي وعبد الملك البشاري وتوفيق الجبلين وأحمد عبد السلام وعمرو علي ومفضل علوه وهارون فؤاد ونايف علي ناجي ومحمد عبسي وزياد اليحيري ومحمد غوبر ومحمد الحكمي وأحمد نصر ومحمد اليافعي، وكلها كانت من أفكار ونصوص الفنان: طاهر الزهيري رئيس الفرقة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد